هل تُنقَذ الرومانشية، لغة سويسرا الرابعة، عن طريق الإقتراع؟
تواجه أقدم لغات سويسرا خطر الزوال. فهل يمكن للديمقراطية المباشرة إنقاذ الرومانشية؟ ومن يحق له الإقتراع؟
تم نشر هذا المحتوى على
7دقائق
حاصلة على شهادة الدكتوراه في القانون. مارست عملها في الصحافة بالكتابة في صحيفة "نويه تسورخَر تسايتونغ"، ومجلات K-Tipp، وSaldo، وPlädoyer لخدمات المستهلكين، وصحيفة "تسورخَر أوبرلاندَر" اليومية وغيرها.
لأول وهلة قد يعتقد المرء أن الديمقراطية المباشرة هي أفضل صديق للرومانشية. ففي عام 1938 اعترف الناخبون بموجب اقتراع فدرالي باللغة الرومانشية كلغة وطنية رابعة وجاءت الموافقة بنسبة 91،6%، وقلما تجيء النتيجة في صناديق الإنتخاب بمثل هذا الوضوح. وفي القرى الرومانشية قرعت أجراس الكنائس ابتهاجاً في ذلك اليوم.
عواقب نقص الديمقراطية التشاركية في سويسرا
يحتدم النزاع منذ عدة سنوات حول أيّ اللغات الرومانشية ينبغي استخدامها في الحياة العامة وأيها يُدرّس في المدارس: هل تُستخدم واحدة من اللهجات المحلية الخمسة؟ أم اللغة الوضعية “رومانش غريشون”؟
تستخدم الكنفدرالية والكانتون اللغة الوضعية. كذلك تؤيد المنظمة الرومانشية الجامعة (ليا رومانشا) لغة رومانش غريشون. وقد ساندت هذه المنظمة الكانتون حينما قرر عام 2003 طباعة المواد الدراسية بلغة رومانش غريشون فقط، توفيراً للنفقات.
في المقابل، لا تملك هذه المنظمة الجامعة سوى شرعية ديمقراطية ضعيفة: فالسكان المتحدثون للرومانشية غير مقتنعين بلغة رومانش غريشون الوضعية ويجابهونها بالمبادرات وبالقضايا المرفوعة إزائها.
وفيما تأسست جمعية “لأجل اللهجات Pro Idioms”، التي تقود الحركة المضادة، بدأت بعض المدارس في تدريس إحدى اللهجات مُجدداً.
وفي اقتراع وطني آخر أجري عام 1996 تم الإعتراف بالرومانشية كلغة رسمية مُشاَرِكة للكانتون وكان هذا بأغلبية نسبتها 76%. ويعني هذا: أن المواطنين المتحدثين بالرومانشية يمكنهم مراسلة الجهات الحكومية المحلية باللغة الرومانشية، كما أن النصوص الحكومية (مثل كتيب الإقتراع الذي يُرسل إلى جميع الناخبين قبل أي تصويت) يتم طباعتها بلغة رومانش غريشون (اللغة المكتوبة المستخدمة في كانتون غراوبوندن)، بينما كان التواصل مع السلطات الحكومية يتم قبل 1996 باللغات الفرنسية والألمانية والإيطالية.
ففي كانتون غراوبوندن المتحدث بثلاث لغات أصبحت الرومانشية لغة رسمية بجانب الألمانية والإيطالية منذ عام 1880. ويتم استدعاء الناخبين والناخبات بانتظام للإدلاء بأصواتهم حول أحد الموضوعات الخاصة بالرومانشية: ففي عام 2007 على سبيل المثال أعرب الناخبون عن موافقتهم على أحد القوانين، والذي أصبحت بموجبه الرومانشية هي اللغة الرسمية الوحيدة في تلك البلديات التي يشكل فيها الرومانشيون نسبة 40% على الأقل ـ حتى وإن كان 60% من السكان يتحدثون الألمانية. وقد أراد البرلمان المحلي بهذه القاعدة العبثية رياضياً الحد من المد الألماني المتسلل في المنطقة اللغوية الرومانشية.
المركزية تغتال للغات الأقليات
تُظهر نتائج الإقتراعات الفدرالية والمحلية أن الشعب السويسري لديه نوايا طيبة تجاه اللغة الرومانشية، وهذا بصفة عامة، حتى في تلك المناطق التي لا يتحدث أهلها بالرومانشية. وتمثل المناطق المتحدثة الألمانية والتابعة إدراياً لمناطق رومانشية استثناءاً لهذه القاعدة. فعلى سبيل المثال رفض الناخبون في بلديات فالس وسامناون في أواخر تسعينات القرن العشرين تدريس اللغة الرومانشية كلغة أجنبية في مدارسهم.
وفي البلاد التي يسود فيها الحكم المركزي وتنعدم فيها الديمقراطية المباشرة، مثل فرنسا، تم تنحية لغات الأقليات المحلية بقوة. فهل تمثل الديمقراطية المباشرة طوق النجاة للرومانشية؟ يرد كورسين بيساز من مركز الديمقراطية بآراو رافضاً: “لا يمكن إنقاذ لغة بأي وسيلة، ولا حتى بالديمقراطية المباشرة”. ولكن يمكن عن طريق الديمقراطية المباشرة إيضاح مسائل أساسية، مثل مسألة اللغة الوضعية المثيرة للجدل رومانتش غريشون (أنظر الإطار).
لا يحق التصويت إلا للمعنيين بالأمر
طبقاً لتصريحات بيساز فإن الديمقراطية المباشرة قد تكون في حالة الرومانشية مضرة، ذلك لإن السكان المتحدثين بالرومانشية في كانتون غراوبوندن يمثلون الأقلية. “إن السويسريين المتحدثين الألمانية في كانتون غراوبوندن يؤيدون اللغة الوضعية المكتوبة رومانش غريشون، بينما الرومانشيون أنفسهم يرغبون في المحافظة على لهجاتهم”. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل الإقتراع الشعبي المحلي يعد أمراً مشروعاً.
يُذكّر بيساز بالإقتراع الذي أجري عام 2001، حينما طرحت مسألة، ما إذا كانت لغة رومانش غريشون الوضعية ستحل محل اللهجتين المستخدمتين حتى ذاك الحين في وثائق الإقتراع. “ولقد حظيت هذه المبادرة على مستوى الكانتون بأسره بموافقة واضحة، إلا أن البلديات التي يسكنها سكان رومانشيون بنسبة لا تقل عن 30% قد رفضتها”.
ويرى بيساز أنه من الأفضل ترك السكان الرومانشيون في جميع أنحاء سويسرا يقترعون بشأن هذه المسألة، مثلاً بواسطة الإقتراع الإلكتروني. فلقد كانت إحدى نقاط القوة في سويسرا دائماً تكمن في إعطاء المجال للمعنيين بالأمر مباشرة ليتخذوا القرار. أما أن يصبح محل السكن ليس هو الفيصل وإنما الإنتماء اللغوي، فإن ذلك سيكون شيئاً جديداً في سويسرا، ويقر بيساز: “لكن من الناحية الدستورية فإن مقترحي هذا يعد خيالياً”.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الرومانش.. لغة وطنية رابعة تحت الضغط
تم نشر هذا المحتوى على
ويشير تقرير نشرته الحكومة أخيرا، إلى أن “المنطقة المستخدمة للغة الرومانشية ليست قوية ومتماسكة بما فيه الكفاية، لدمج الناطقين بلغات أخرى – أمر ليس بالجديد للأسف، وهو وضع لا يزال متواصلا”. ويشير المكتب الفدرالي للإحصاء في تحليله لوضع اللغات في سويسرا بعد التعداد السكاني لعام 2000، إلى تناقض صارخ، إذ بينما ارتفعت نسبة الناطقين باللغات الألمانية والفرنسية…
تعليم اللغة العربية في سويسرا في حاجة إلى مؤسسة تشرف عليه وتنميه
تم نشر هذا المحتوى على
هكذا شقت اللغة العربية طريقها في البلدان الغربية برغم المشاعر السلبية التي سادت الرأي العام الغربي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تجاه كل ما هو عربي. وبعد فترة قصيرة من الارتباك، أدى تسليط وسائل الإعلام العالمية الضوء على الوجود العربي في الغرب إلى إشعار أفراد هذه الجالية بأنهم يمثلون كيانا متميّزا وجزءً مهما من أطياف…
في سويسرا أيضا.. لغة فصحى رسمية ولهجات عامية شعبية
تم نشر هذا المحتوى على
وتوجد في سويسرا أربع لغات وطنية، هي الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش، ولكل واحدة منها معجم أكاديمي خاص يتم إثراؤه باستمرار. ومع ذلك، تظل اللغة الألمانية اللغة الأهم في البلاد، لكونها اللغة الأصلية لما يناهز ثلثيْ السكان. لكن اللهجة الألمانية، لغة التداول اليومي في سويسرا، لا تختلف عن اللغة الفصحى أو اللغة المعتمدة في ألمانيا…
تم نشر هذا المحتوى على
لكن هذا لا ينفي أن هذه اللغة المنشقة من اللاتينية القديمة، والتي قاومت الزوال على مدى القرون في أودية غراوبوندن أقصى شرقي البلاد، تواجه حاليا تهميشا متزايدا. فتغييرات المجتمع، وخاصة هيمنة الألمانية، قللت من عدد المتحدثين بالرومانشية. بينما كانت نسبةُ سكان سويسرا المتحدثين بالرومانشية 1,1% في عام 1910، تراجعت اليوم إلى 0,5%، أي ما يناهز…
تم نشر هذا المحتوى على
النص المعروض في هذه الدورة الصيفية للبرلمان الفدرالي، يسعى إلى إضفاء قيمة أكبر على التراث اللغوي السويسري وتعزيز التفاهم المشترك بين المكونات الثقافية للكنفدرالية، لكن العديد من النقاط الواردة فيه، تتعرض للانتقاد. في بادئ الأمر، وضعته الحكومة الفدرالية على الرفّ، ثم قام مجلس النواب بإعادته مجددا على طاولة النقاش، واليوم، وبعد أن تأجل الموعد مرتين،…
بحثا عن احترام التعددية اللغوية والتعايش بين الأقليات
تم نشر هذا المحتوى على
يوم 17 يونيو 2007، سيصوت الناخبون في هذا الكانتون، جنوب شرق سويسرا، على قانون حول اللغات أثار جدلا واسعا في صفوف الرأي العام. القانون المعروض على تصويت الناخبين، تمّـت الموافقة عليه بدون معارضة في البرلمان المحلي لكانتون غراوبوندن، ومع أنه يرمي إلى تقديم دعم للّـغات المحدودة الانتشار، وخاصة للرومانش (وهي اللغة الوطنية الرابعة في الكنفدارلية)،…
ما هي نسبة السويسريين الذين يستخدمون أربع لغات على الأقل؟
تم نشر هذا المحتوى على
بعد الألمانية والألمانية السويسرية والفرنسية، تحتل الإنجليزية المرتبة الرابعة ضمن اللغات المستخدمة بشكل منتظم طبقا لاستطلاع أجري في عام 2014 حول استخدام اللغات من طرف المكتب الفدرالي للإحصاء ونُشرت نتائجه يوم الأربعاء 5 أكتوبر الجاري. الدراسة اهتمت بالسويسريين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما وتوصلت إلى أن الأشخاص الذين يُحتمل أن يستخدموا أكثر من لغة…
تم نشر هذا المحتوى على
سويسرا بلد متعدد اللغات، لكن عدد اللغات الأجنبية المتحدث بها يزداد مع الوقت. فمنذ عام 2000 وعدد الأشخاص الذين لا يتحدثون أي لغة من اللغات الرسمية في سويسرا كلغة أساسية آخذ في الارتفاع حتى تجاوز الضعف. وحسب المكتب الاحصائي الفدرالي فإن هذا العدد قد ازداد ثلاثة أضعاف منذ عام 1990.
تم نشر هذا المحتوى على
وفي صورة موافقة الناخبين، فإن هذه المبادرة تـنذر بإثارة توترات لا يُـستهان بها في كافة أرجاء سويسرا. ينتظر كثيرون بفارغ الصبر نتائج تصويت الأحد القادم في زيورخ. فإذا ما وافق الشعب على المبادرة المعروضة عليه، فإنه من المحتمل جدا أن تنسُـج كانتونات أخرى في الأنحاء الناطقة بالألمانية من البلاد على نفس المنوال. في الواقع، يُـعتبر…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.