رحلة بالأبيض والأسود في شرق وديع ومتقلب
أصدرت لورانس ديونا، الكاتبة والصحفية السويسرية أصيلة جنيف، كتابا جديدا يحمل عنوان "من شهرزاد إلى الثورة" يضم 126 صورة بالأسود والأبيض.
وتُـعتَـبر هذه الصور، وثائق ترسم مسار أربعين عاما من الترحال في شرق يحظى بإعجاب وخشية الكاتبة في نفس الوقت.
تقول لورانس ديونا (Laurence Deonna) في كتابها الجديد “يُـرجى من المصورين المراسلين ترك انفعالاتهم (وأحاسيسهم) في قاعة الملابس”. هل يمكن تصديق الكاتبة عندما تقول هذا مثل هذا الكلام؟ وهل هناك من إمكانية لإخفاء المخاوف أو الفرح الداخلي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بصور فوتوغرافية؟ وهل هناك سبيل لعدم الإفصاح عن المشاعر الذاتية عندما تسلّـط العدسة على جسم مزّقته قذيفة أو على عينين ضاحكتين مشدودتين بحجاب إسلامي؟
مادة حياة
مائة وست وعشرون صورة بالأسود والأبيض مصحوبة بتعليقات قصيرة جدا تكشف للقارئ مسار 40 عاما من الحل والترحال في الشرق الأدنى والأقصى، وهي مناطق محبّـبة إلى قلب لورانس ديونا، التي تنشر هذه الأيام كتابها بعنوان يمزج بين الحلم والمواجهة: “من شهرزاد إلى الثورة”.
لورانس ديونا، وعلى غرار العديد من السويسريين الذين سبقوها، مثل نيكولا بوفيي وآن ماري شفارزينباخ وإيلاّ مايار (التي كتبت مقدمة الكتاب)، جعلت من السفر والتجوال مادة لحياتها، والمقصود هنا، حياتها الفنية والأدبية.
فهذه السيدة، المولودة في جنيف، كاتبة ومراسلة صحفية كثيرة الترحال، وقد كتبت لحدّ الآن 10 كتب وعرضت العديد من الصور التي التقطتها في شتى أنحاء الشرق، في أوروبا وكندا والولايات المتحدة.
الصور الـ 126 التي يتشكّـل منها كتابها الجديد “من شهرزاد إلى الثورة”، التقطت ما بين عامي 1967 و2004 في بلدان الشرق الأوسط وفي عدد من الجمهوريات الإسلامية (السوفياتية سابقا) في وسط آسيا.
حصّـة الأسد
من سباسب كازاخستان المغطّـاة بالثلوج إلى مرتفعات أثيوبيا الجبلية إلى صحون مساجد سوريا الهادئة والمستغرقة.. نجد في الكتاب صورا لشرق هادئ وديع، رغم ما يندلع فيه من حين لآخر من حروب ومظاهر تعصب ديني.
الحروب والحجاب يشكلان فصلين موضوعيين من هذا الكتاب الذي يشتمل على 16 فصلا، تحمل أغلبها إسم البلد الذي التقطت فيه صوره: اليمن، ليبيا، مصر، سوريا وأوزباكستان… أما حصة الأسد، فتعود إلى إيران، حيث نكتشف في الفصل المخصص لهذا البلد رؤية نقدية حقيقية سلّـطتها لورانس ديونا على بلد جرفته الثورة الإسلامية.
هزل وجدّ
في الفصل المخصص لإيران، امتزجت الصور، التي التقطتها الكاتبة بأسلوب هزلي، يحاول أن يُـطيح بالقلق والضيق الذي تشعُـر لورانس ديونا بأنه يحيط بها.
ففي إحدى الصور الإيرانية لشابة بلباس التشادور الأسود، يُـشاهَـد فمها وأنفها وعيناها، أما جبينها، فهو مخفي جُـزئيا بحجاب أبيض يحيط بالوجه وينزل إلى الرقبة، وتُـمسك في يدها صورا شخصية صغيرة موضوعة على شكل صليب.. إنها صور إخوانها وأبناء عمومتها، الذين قُـتلوا خلال الحرب ضد العراق (1980 – 1988).
وعلى الفور، تستدعي الذاكرة صورة القديسة تيريز دافيلا، مثلما تُـرسم في بعض الأيقونات، وهنا تعلّـق الكاتبة إلى جانب هذه الصورة بما يلي: “قولي أنت أيتها الصحفية، هل تعتقدين أن ما يروُون لنا بحكاياتهم عن الشهداء وما شابه، صحيح”؟
يا له من تعليق رهيب بما يستبطنه من صدق وسخرية. لكن بقية صور الكتاب لا تتضمن، مع الأسف، نفس الجرعة من القوة النقدية!
سويس انفو – غانيا أدامو
(نقله من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)
من مؤلّـفات لورانس ديونا:
الحرب بصوتين، 1986
إبني أغلى من نفطهم، 1992
سوريون، سوريات، 1995
تحقيقات في إيران الملالي، 1998
كازاخستان، تجوال في آسيا الوسطى ما بعد الشيوعية، 2001
ولدت لورانس ديونا في مدينة جنيف بسويسرا.
كاتبة ومراسلة صحفية تجولت طولا وعرضا على مدى 40 عاما في الشرق الأوسط وفي اليمن وفي إيران وفي الجمهوريات الإسلامية السوفييتية سابقا في آسيا الوسطى.
بلغت مؤلفاتها 10 وتشمل كتبا وتحقيقات وتأملات.
عرضت صورها في أوروبا (في معهد العالم العربي في باريس، مثلا) وفي الولايات المتحدة وفي كندا.
تعمل لعدد كبير من الصحف ووكالات الأنباء والمجلات، إضافة للقناة التلفزيونية البريطانية Frontline TV.
حصلت في عام 1987 على جائزة اليونيسكو للتربية من أجل السلم على كتابها “حرب بصوتين”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.