سعد الحريري يعد بالمشاركة في الاستحقاقات اللبنانية المقبلة في الذكرى العشرين لاغتيال والده
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2025/02/543bead1b8f03ce245ff4eb0e644aebc-88873982.jpg?ver=a4c6cffd)
وعد رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري في الذكرى العشرين لاغتيال والده رفيق الحريري، بأن يكون تياره السياسي الغائب منذ ثلاث سنوات، حاضرا في كل الاستحقاقات المقبلة في لبنان، على وقع التغيرات الداخلية والإقليمية التي أضعفت حزب الله وداعميه.
وقتل رفيق الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء لفترات طويلة اعتبارا من العام 1992 وحتى استقالته في تشرين الأول/أكتوبر 2004، في 14 شباط/فبراير 2005 بتفجير استهدف موكبه في بيروت، ما خلّف 22 قتيلا و226 جريحا.
وحكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في العام 2022 على اثنين من أعضاء حزب الله غيابيا بالسجن مدى الحياة بجرم “التآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل المتعمد”.
وأتى إحياء ذكرى اغتيال الحريري، قبل أيام من انتهاء مهلة لتطبيق وقف إطلاق نار بين حزب الله واسرائيل، أعقب مواجهة مدمرة بينهما، أضعفت حزب الله. وأعقب تبلّغ لبنان من الأميركيين الخميس عزم إسرائيل إبقاء قواتها في خمس نقاط في جنوب البلاد، بعد انتهاء مهلة انسحابها في 18 شباط/فبراير، وهو ما يرفضه المسؤولون اللبنانيون بالمطلق.
في كلمة ألقاها أمام الآلاف من مناصريه، قال سعد الحريري الذي نادرا ما عبّر عن مواقف سياسية منذ تعليقه نشاطه السياسي وعمل تياره منذ العام 2022، “هذا التيار، تيار المستقبل.. باق هنا وباق معكم، وسيكون صوتكم في كل الاستحقاقات الوطنية وفي كل المحطات المقبلة”، من دون أن يذكر تفاصيل إضافية.
ومنذ ساعات الصباح، تجمّع مناصرو الحريري قرب ضريح والده ورفاقه في وسط بيروت، رافعين الأعلام اللبنانية ورايات تيار المستقبل الزرقاء، ورددوا الهتافات المؤيدة له، بينما كان يلوّح من على منصة لمناصريه ويصافح عددا منهم.
وسط الحشود، قال معين الدسوقي (25 عاما) الذي جاء من البقاع (شرق) “جئنا لنقف الى جانب الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده”، مضيفا “سنبقى معه الى آخر نفس ونريد عودته الى الساحة السياسية لأنه رمز وطني”.
– “بداية العدالة” –
ووصل الحريري المقيم في الإمارات العربية المتحدة، مساء الثلاثاء الى بيروت، بعد أسابيع من انتخاب جوزاف عون رئيسا ومن ثم تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، بضغط دولي خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية، على وقع تغيّر موازين القوى في الداخل بعد نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع اسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وبرز الحريري سياسيا بعد جريمة اغتيال والده التي أغرقت لبنان في أزمة كبرى، مع اتهام حزب الله وحليفته سوريا بالوقوف خلفها.
وقال الحريري في كلمته إنه بعد عشرين سنة على اغتيال والده “طرد الشعب السوري البطل، المجرم من سوريا”، مضيفا “ربما هذه هي بداية العدالة، وربما هذه نهايتها. في الحالتين، رأيتم كيف أنه إن لم تنصفنا عدالة الارض فعدالة رب العالمين لا يهرب منها أحد”.
وكان رفيق الحريري الملياردير الذي ربطته علاقات وثيقة بدول الخليج والغرب، بمثابة مهندس إعادة الاعمار في فترة ما بعد الحرب في لبنان (1975- 1990). وتولى رئاسة الوزراء مرتين، قبل ان ينتقل في 2004 الى صفوف المعارضة إثر اعتراضه على تمديد ولاية الرئيس السابق اميل لحود بضغط سوري.
حتى مطلع 2022، كان سعد الحريري الزعيم السني الأبرز في لبنان حيث يقوم النظام السياسي على المحاصصة الطائفية. لكنّ توتّر علاقته مع السعودية، داعمته الرئيسية، شكّل منعطفا في مسيرته السياسية. فأعلن في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 استقالته من رئاسة الحكومة من الرياض، منددا بتدخل حزب الله في النزاعات الإقليمية. واعتبر خصومه حينها قرار استقالته “سعوديا”، قبل أن يعود الى لبنان بعد أيام بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويتراجع عن الاستقالة.
في تشرين الأول/أكتوبر 2019، قدّم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة إثر اندلاع احتجاجات شعبية طالبت برحيل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والتي شكل أحد أركانها.
وعزا البعض تراجع شعبيته الى تنازلات سياسية قدمها لحزب الله، لكنه قال لاحقا إن هدفه كان الحفاظ على السلم الأهلي. وجاء ابتعاده من العمل السياسي حينها بعدما مُني بانتكاسات، ماليا وسياسيا.
وعلى وقع التغير في موازين القوى في لبنان، عادت السعودية في الآونة الأخيرة إلى المشهد السياسي في لبنان، بعد انكفاء طويل اعتراضا على تحكّم الحزب بالقرار اللبناني.
وأعرب أستاذ العلوم السياسية عماد سلامة عن اعتقاده بأن السعودية “تسعى إلى قيادة سنية قوية ومنظمة، وإذا تمكن الحريري من تقديم نفسه بهذه الصورة، فمن شأن عودته أن تخدم مصالحه ومصالحها”.
وأضاف “نظرا لقدرته غير المسبوقة على توحيد الناخبين السنة، فإنه يبقى الزعيم الوحيد القادر على تأمين كتلة برلمانية قوية” في الانتخابات المقررة العام المقبل.
– “الدولة تحمي” –
وخرج حزب الله من مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، أضعف في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت بمفاصل الحياة السياسية.
ورأى الحريري أن لدى لبنان بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة “فرصة ذهبية”. وخاطب أهالي الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، معاقل حزب الله، بالقول “أنتم شركاء في هذه الفرصة ومن دونكم لا يمكن أن تتحقق. لكن يجب أن تكسروا أي انطباع من السابق بأنكم قوة تعطيل واستقواء وسلاح” مضيفا “أنتم شركاء بقوة في إعادة الاعتبار للدولة.. التي تحمي كل اللبنانيين”.
ورغم النكسات التي مُني بها، ما زال الحزب يحظى بشعبية واسعة بين مناصريه. وقطع العشرات منهم ليل الخميس الطريق المؤدي الى المطار، احتجاجا على امتناع السلطات عن منح إذن بالهبوط لرحلتين تابعتين لخطوط ماهان الإيرانية، ما حال دون عودة عشرات المسافرين اللبنانيين من طهران.
وجاء القرار اللبناني غداة تحذير اسرائيل من استخدام الحزب الرحلات المدنية لنقل أموال من داعمته طهران.
وقال مصدر في طيران الشرق الأوسط الجمعة لفرانس برس إن طهران لم تمنح طائرتين تابعتين للشركة اللبنانية إذنا للهبوط من أجل نقل المسافرين العالقين هناك.
وفي وقت لاحق، أكد سفير إيران في بيروت أماني مجتبى طلب لبنان. وقال للتلفزيون الإيراني الرسمي “ستتم الموافقة بالتأكيد على الطلب اللبناني بشرط عدم منعهم الرحلات الإيرانية” من الهبوط في بيروت.
ونفى حزب الله ومسؤولون لبنانيون مرارا اتهامات باستخدام الحزب المطار من أجل نقل وتخزين سلاح من طهران. وعززت الأجهزة الأمنية بإشراف الجيش اللبناني خلال المواجهة الأخيرة بين الحزب وإسرائيل إجراءات الرقابة والتفتيش في المطار لضمان عدم استهدافه.
بور-لار/غ ر