سوريا تعزز علاقاتها مع المغرب العربي
اختتم الرئيس السوري بشار الأسد يوم الخميس زيارة هي الأولى من نوعها إلى المغرب وتونس، تهدف ليس فقط إلى تعزيز العلاقات بين دمشق و البلدان المغاربية ولكن أيضا إلى الاستفادة من خبراتها في التعامل مع الاتحاد الأوروبي.
تكتسب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى كل من المغرب وتونس أهمية خاصة ، سواء من حيث التوقيت أو من حيث الدلالة السياسية.
فالزيارة تأتي في أعقاب القمة العربية الأخيرة التي عقدت في عمان، والتي مكنت الرئيس الشاب صاحب 38 عاما من مزيد التعرف على نادي الحكام العرب والاستمرار في توثيق علاقاته بهم ضمن سلسلة من الزيارات الرسمية . كما يعتبر الاهتمام السوري بمنطقة المغرب العربي تحولا لافتا في سياسة دمشق الخارجية ، خاصة فيما يتعلق بتونس .
كانت العلاقات السورية التونسية في عهد الرئيسين الحبيب بورقيبة وحافظ الأسد في أدنى مستوياتها نظرا للخلافات السياسية والأيديولوجية التي كانت قائمة بين النظامين والرجلين.
وكانت السلطة التونسية تتعامل مع حزب البعث والبعثيين بجناحيهم السوري والعراقي تعاملا أمنيا بدرجة أساية. ومع انطلاق مسار التسوية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين تباينت الرؤى ةالتقييمات بين دمشق وتونس حول كيفية التعاطي مع اتفاقيات أوسلو.
فبينما اتخذت سوريا موقفا رافضا لفلسفة أوسلو وآليات عملها، ساندتها الحكومة التونسية بكل قوة ن وشاركت بصفة مباشرة في بعض حلقاتها ومحطاتها. وبلغ الاختلاف بين الطرفين درجة من الحدة عندما اتقدت الصحف السورية شروع تونس في ربط علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل بفتح مكتبي اتصال بينهما، وهو ما اعتبره الإعلام السوري ” تطبيعا مضرا ” وغير مبرر.
لكن، ومنذ تولي بشار الأسد رئاسة سوريا، شهدت العلاقة مع المغرب العربي عموما ومع تونس خصوصا حركية ونسقا تصاعديا ملحوظا . ففي شهر يناير (كانون الثاني) من السنة الجارية اجتمعت في تونس اللجنة العليا المشتركة في دورتها الثالثة برئاسة الوزير الأول في كلا البلدين، وتم التوقيع على 15 اتفاقية وبرنامج تعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
كما قرر الطرفان تصعيد التبادل التجاري إلى حدود 73 مليون دولار بدل 11 مليون دولار خلال السنة الماضية. وهو نفس الشيء الحاصل مع المغرب حيث أن التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز في عام 1999 حوالي 155 مليون درهم ، وهو رقم هزيل جدا .
لا شك في أن الحفاوة الرسمية والشعبية التي حظي بها بشار الأسد في كل من الرباط وتونس ، وتأكيد الملك محمد السادس والرئيس زين العابدين بن علي وقوف بلديهما إلى جانب حق سوريا الشرعي في استرجاع هضبة الجولان ، ومساندتهم الجماعية في دعم نضال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس . كل ذلك بين أن التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط كانت – إلى جانب ملف العلاقات الثنائية – في مقدمة الملفات التي تناولتها محادثات الأسد في العاصمتين المغاربيتين .
يضاف إلى ذلك أن سوريا التي تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 1998 للتوصل إلى اتفاقية شراكة، تريد الاستفادة من خبرة تونس والمغرب في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بإدارة المفوضات حول المسائل الزراعية التي يتعامل معها الأوروبيون بطرق وقائية.
وقد صرح بذلك وزير الدولة للتخطيط عصام الزعيم عند افتتاحه الاجنماع الذي دعت إليه دمشق، وضم كلا من مصر وتونس والمغرب والأردن والجزائر ولبنان .بل إن سوريا عبرت عن رغبتها في إقامة كتلة تجارية تضم الدول العربية المتوسطية، لتشكل طرفا محاورا للإتحاد الأوروبي.
وهي رغبة يراها البعض غير ممكنة في الوقت الراهن . لكن بشار الأسد الذي عبر عن رغبة فعلية في ربط جسور قوية بين سوريا والمغرب العربي، تمثل ذلك في استحضار التاريخ البعيد وتذكر العلاقات القديمة التي كانت قائمة بين قرطاج وبلاد الشام .
صلاح الدين الجورشي – تونس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.