سويسرا: “الوضع الأمني في دارفور غير مُـرض”
"رغم التحسن الذي طرأ على أوضاع اللاجئين في إقليم دارفور، إلا أن الوضع الأمني في الإقليم يظل غير مرض".
هذه هي الخلاصة التي توصل إليها وفد سويسري زار مخيمات اللاجئين القريبة من الحدود التشادية والتقى بمسؤولين سودانيين.
“لازال هناك وضع إنساني لا يستطيع العالم القبول به”، هكذا عقب السيد هانز يورج أمبول مدير إدارة إفريقيا في وحدة المساعدات الإنسانية السويسرية بالوكالة السويسرية للتعاون والتنمية.
“هناك مسؤولية تقع على عاتق البرلمان في السودان وعلى المتمردين وعلى المجتمع الدولي للوصول إلى حل سياسي – وكلما حدث ذلك بصورة أسرع كان ذلك أفضل”. يكمل السيد أمبول في حديثه مع سويس إنفو.
كان الهدف من زيارة الوفد السويسري، الذي ترأسه السيد توني فريش مبعوث الحكومة السويسرية للقضايا الإنسانية، وضم السفير جوزيف بوخر الخبير في حل النزاعات إضافة إلى السيد يورج، تقييم الوضع كما هو على أرض الواقع ومواصلة الحوار مع الحكومة السودانية.
المساعدة وحدها لا تكفي!
وكانت وزيرة الخارجية السويسرية قد زارت السودان في شهر يونيو الماضي وصرحت بأن المساعدات وحدها لن تكفي لإنهاء النزاع بين المتمردين والميليشيات المدعومة من الحكومة.
طاف الوفد السويسري الأخير في عدد من مخيمات اللاجئين، التي تقع بالقرب من مدينة الجنينة الريفية، وتبعد نحو 30 كم عن الحدود التشادية، وتؤوي أكثر من 40 ألف مُرحل. كما اطلعت على عمليات الإغاثة التابعة للمنظمات السويسرية غير الحكومية، والتي تنشط في المنطقة منذ نحو ستة أشهر.
“وضع المساعدات تحسن كثيرا عما كان عليه في زيارتنا المرة الأخيرة، لكن هناك أعداد ضخمة من البشر لازالت في المخيمات، وليس لديها أمل في العودة إلى قراها الأصلية”، كما يشرح السيد أمبول.
ويضيف مدير إدارة إفريقيا في وحدة المساعدات الإنسانية السويسرية بالوكالة السويسرية للتعاون والتنمية إن الوضع الأمني في المخيمات لازال محل “قلق خاص”، لأن لا شئ تغير على أرض الواقع.
“الحكومة السودانية بدأت تعي الرسالة… ولكن”
وفيما يتصل بردة فعل الحكومة السودانية على استفسارات الوفد السويسري قال السيد أمبول في حديثه مع سويس إنفو: “لدينا انطباع الآن أن الحكومة السودانية بدأت تعي الرسالة الموجهة إليها بعد صدور قرارات الأمم المتحدة وممارسة المجموعة الدولية لبعض الضغوط، ولو أن الإجراءات التي اتخذتها إلى حد الآن لا تعكس من وجهة نظرنا اقتناعها”.
وفي الوقت الذي يلفت السيد أمبول إلى صعوبة إيجاد تسوية لصراع له دوافع وأبعاد معقدة ومتشابكة “ربما تخرج عن قدرة الحكومة في التحكم فيها” على حد تعبيره، إلا أنه يكمل قائلاً: “رغم ذلك يبدو لنا أن الحكومة لم تقم بما يكفي للتوصل إلى تسوية، ولهذا ننتظر منها أن تبذل مجهوداً للشروع في حوار مع المنشقين ومع زعماء القبائل وكل من هو مهتم بهذه المشكلة (…)”.
هذا وقد أعتبر السيد أمبول أن الموقف السوداني المتردد يعود إلى عنصرين أثنين: وقال إنه يعتقد أنه “ليست هناك إرادة سياسية كافية، ولو أننا شاهدنا في الآونة الأخيرة تحسناً في هذا المجال بسبب الضغوط الممارسة على الحكومة السودانية، ولكن طبيعة الصراع (نفسها) تفرض – بسبب تعقدها- طريقةً جديدة للتعامل من أجل حلها”.
الثقة غير متوافرة!
“نشرت الحكومة قوات الشرطة والأمن في القرى، لكن اللاجئين لا يثقون فيهم، وهم لا يجرؤون على مغادرة مخيماتهم”، يقول السيد أمبول. والأهم، كما يردف السيد أمبول، أنهم “لن يخرجوا من المخيمات لأنه في كل مرة تشن مليشيات الجنجويد هجمات، إذن الوضع يظل بصورة أساسية كما هو في المخيمات”.
وعلى صعيد أخر، أفاد السفير جوزيف بوخر الخبير في حل النزاعات وعضو الوفد السويسري، بأن الآمال في تحقيق السلام تعتمد على التوصل إلى اتفاق بين حكومة الخرطوم والمتمردين في جنوب البلاد. وأعتبر السيد بوخر أن مثل هذا الاتفاق يمكن أن يمثل مؤشراً لأطراف النزاع للوصول إلى تسوية سلمية.
هذا ومن المقرر أن تُستأنف جهود الوساطة، التي يتعهدها الاتحاد الإفريقي، يوم 23 أغسطس في العاصمة النيجيرية أبوجا.
وقد صرح السيد أمبول أن الدور السويسري في المحادثات يأخذ طابعاً غير مباشر “مثل توفير الخرائط الجغرافية المفصلة للمنطقة المتنازع عليها، والتي توضح تفاصيل المناطق الواقعة تحت رقابة أي من الأطراف (..)”.
يُشار إلى أن لدى سويسرا 12 خبيراً في دارفور والتشاد، يعملون مع منظمات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
مساعدات سويسرية
وكانت سويسرا تعهدت بتوفير نحو 10 مليون فرنك سويسري في شكل مساعدات إنسانية لإقليم دارفور في هذا العام. ويشرح السيد أمبول بأن هذا المبلغ “سيتم إيصاله إلى المنطقة عبر المنظمات الدولية والمنظمات السويسرية غير الحكومية المتواجدة فيها”.
ويقول: “لقد قدمنا ولازلنا نقدم خبراء مختصين من وحدة المساعدات الإنسانية السويسرية … مختصين في المياه والصحة العامة وفي الدعم اللوجيستي، على الجانب التشادي وجانب دارفور”.
الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة تقول إن نحو 50 ألف شخص قتلوا منذ اندلاع أزمة دارفور قبل 18 شهراً، وأن نحو مليون شخص أُجبروا على مغادرة منازلهم فيما وصفته المنظمة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم إلا أن حكومة الخرطوم تشكك في دقة هذه الأرقام.
سويس إنفو – أجرى الحوار مع السيد هانز يورج أمبول الزميلان روبرت بروكس ومحمد شريف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.