سويسرا تُـعلـّق مؤقتا صادراتها الحربية إلى باكستان
قررت الحكومة السويسرية خلال جلستها الأسبوعية يوم الأربعاء 14 نوفمبر الجاري في برن تعليقا مؤقتا لتصدير أنظمة الدفاع الجوي إلى باكستان.
وجاء في البيان الصادر عن وزارة الاقتصاد السويسرية أن هذا القرار يظل ساري المفعول إلى إشعار آخر، نظرا للوضع السائد حاليا في باكستان. وكان جزء من اليسار السويسري قد سلم للمستشارية الفدرالية في سبتمبر الماضي مبادرة شعبية تدعو إلى الحظر التام لتصدير العتاد الحربي السويسري.
قرّرت الحكومة السويسرية هذه المرة العمل بتوصيات اليسار الذي كان قد طالبها في ثلاث مناسبات في أقل من عام بعدم منح الترخيص لشركة “أورليكون كونتراف” (Oerlikon Contraves) لبيع 21 من المدافع المضادة للصواريخ الجوية وذخيرتها للجيش الباكستاني.
فخلال جلستها الأسبوعية يوم الأربعاء 14 نوفمبر في العاصمة الفدرالية برن، قررت الحكومة تعليقا مؤقتا لهذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 136 مليون فرنك سويسري.
وجاء في البيان الصادر عن وزارة الاقتصاد السويسرية بهذا الشأن أن “المادة 19 من القانون حول معدات الحرب ينص على إلغاء أو تعليق تراخيص التصدير إذا اقتضت ذلك ظروف استثنائية”، في إشارة إلى تفاقم الوضع في باكستان منذ أن أعلن رئيسها، الجنرال برويز مشرف، عن حالة الطوارئ في 3 نوفمبر الجاري، وما صاحب ذلك من عمليات اعتقال واسعة لآلاف المعارضين.
جوزيف لانغ، نائب حزب الخضر السويسري، كان قد دعا رفقة نواب آخرين من اليسار، الحكومة إلى وقف صادراتها من الإمدادات العسكرية إلى باكستان.
ويعتقد السيد لانغ أن هذه القضية تـُظهر أن القانون الفدرالي الخاص بتصدير العتاد الحربي ليس تقييديا بما فيه الكفاية. لذلك، يدعو جزء من منظمات اليسار إلى حظر تام على صادرات الأسلحة المصنعة في سويسرا. ويعد هذا الحظر هدفَ المبادرة الشعبية التي سلموها في سبتمبر الماضي للمستشارية الفدرالي في برن لتُعرض لاحقا على تصويت الناخبين.
التصدير يخضع لشروط
وفي كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية (الجهاز المكلف من قبل وزارة الخارجية السويسرية بتقييم طلبات تصدير الأسلحة) شدد السيد جويل لانفرانكوني على أن “المادة 22 من القانون المتعلق بالمعدات الحربية ينص على أنه يُسمح بالتصدير في حال عدم تعارضه مع القانون الدولي، والسياسة الخارجية السويسرية والتزاماتها الدولية”.
وهذا المبدأ العام تُكمله سلسلة من المعايير، كما هي مدرجة في إطار المادة 5 من القانون المتعلق بالمعدات الحربية، مثل “الحفاظ على السلام والأمن الدولي، والوضع السائد في بلد المقصد، واحترامه لحقوق الإنسان وموقفه من المجتمع الدولي”.
ويقرّ السيد لانفرانكوني في هذا السياق بأن “الطريقة التي يتم بها وزن المعايير المختلفة قد تؤدي إلى تفسيرات مختلفة”، مضيفا أن “التجربة توضح أنه في الحالات الحرجة سياسيا، يمكن أن تُصدر المكاتب الفدرالية المعنية تقييمات مختلفة. من جهة أخرى، يمكن أن تتخذ المعايير التي تؤخذ في الاعتبار أشكالا مختلفة تجعل من الصعب وضع قواعد دقيقة قابلة للتطبيق على جميع الحالات”.
وكانت الحكومة السويسرية قد كَلّفت في مارس 2006 مجموعة عمل وزارية لتحديد تلك المعايير واقتراح تكييفات للتشريع السائر المفعول أينما يُمكن إجراء تحسينات عليه. ومازال هذا الانتداب قائما.
“اختيار سياسي”
لكن “المجموعة من أجل سويسرا بدون جيش”، التي كانت وراء مبادرة فرض حظر شامل على صادرات الأسلحة السويسرية لا يثق في مثل تلك التحسينات.
لكن مؤسس المجموعة، النائب الاشتراكي أندرياس غروس، يقول إن موافقة أو رفض الحكومة الفدرالية لترخيص البيع هو قرار سياسي في المقام الأول وليس تقني فقط. فطالما يتم احترام روح القانون، يسمح التشريع الحالي بتجنب بيع الأسلحة إلى مناطق الأزمات.
بيد ان هذا ليس هو الحال دائما، ويأسف لذلك نواب اليسار الذين أدانوا مؤخرا في البرلمان تسليم أسلحة ليس فقط لباكستان، لكن للمملكة العربية السعودية أيضا.
الحفاظ على القدرة التنافسية
على أية حال، يعتقد السيد غروس بان الشركات السويسرية النشطة في صناعة الاسلحة – التي يُعتبر بقاؤها أحد أهداف القانون حول تصدير المعدات العسكرية – يجب أن تغير نشاطاتها وتتخلى عن هذه السوق.
وقال في هذا الصدد “لا يمكن للاقتصاد السويسري أن ينافس دولا مثل الصين وفرنسا أو الولايات المتحدة، هذه السوق تفتقر للشفافية تماما”.
لكن الشركات المعنية لها رأي آخر تماما بطبيعة الحال، إذ ينوه جيوفاني جيونتا، الأمين العام للمجموعة الروماندية لصانعي معدات الدفاع والأمن والمتعاقدين الفرعيين في هذا المجال إلى إن “معظم الشركات العاملة في هذا القطاع من المتعاقدين الفرعيين الذين لا يعملون فقط في مجال الأسلحة”.
ويضيف “غالبا ما تكون الأبحاث أكثر دقة في مجالات الأمن والأمن. وبإبقاء الاتصال مع هذه السوق، تظل شركاتنا قادرة على المنافسة في قطاعات أخرى أيضا”.
سويس انفو – فريديريك بورنون – جنيف
(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)
في عام 2006، سمحت الحكومة الفدرالية لكتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية بتسليم تراخيص للصفقات التالية:
– 106 بندقية هجومية للقوات البحرية السعودية.
– 20 نظاما للدفاع الجوي لوزراة الدفاع والطيران السعودية.
– 21 نظاما للدفاع الجوي للقوات الجوية الباكستانية.
– 140 بندقية هجومية للحرس الوطني الهندي.
وسبق أن قررت الحكومة السويسرية رفض تصدير العتاد الحربي إلى بعض الدول، إذ امتنعت، على سبيل المثال، في عام 1995 من تصدير طائرات من طراز بيلاتوس إلى المكسيك.
وفي حالات أخرى، قررت الحكومة تجميد صادراتها، مثلما حدث في عام 1998، على إثر الاختبارات النووية التي أجرتها كل من الهند وباكستان، قبل أن تُستأنف في عام 2005.
بلغت قيمة الصادرات السويسرية من العتاد الحربي إلى 62 بلدا 397,6 مليون فرنك (مقابل 258,7 مليون في عام 2005). وهذا يعادل 0,21% (مقابل 0,17%) من إجمالي صادرات التجارة الخارجية السويسرية.
يعود الارتفاع المُسجل بين 2005 و2006 أساسا إلى تسليم حوالي 60 عربة مدرعة لنقل الوحدات و8 عربات استكشاف بقيمة 92 مليون فرنك للجيش الدنمركي، و24 قاذفة مصفحة (بقيمة 20 مليون فرنك) لجيش شيلي.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار مكونات نظام التسلح المنتجة في سويسرا، ترتفع قيمة الصادرات إلى زهاء 1,6 مليار فرنك.
ويقفز هذا المبلغ إلى 3 مليار فرنك تقريبا لدى احتساب مبيعات الأسلحة إلى الجيش السويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.