سويسرا : لا لخفض التكاليف الصحية بأي ثمن !
رفض الناخبات والناخبون السويسريون بأغلبية %69 مقابل %31 البادرة المعروفة ببادرة دينّير (Denner ) للتقليل من النفقات الإجمالية للنظام الصحي في سويسرا .
هدفت هذه البادرة الشعبية التي نظمتها سلسلة متاجر دينّير، للتقليل في الدرجة الأولى من تكاليف الأدوية والعقاقير الطبية التي تقارب العشرة في المائه من تكاليف النظام الصحي السويسري وتقع حاليا بحدود 45 مليار فرنك سويسري سنويا.
رفض الناخبات والناخبون هذه البادرة ، تمشيا مع نصيحة المعكسر المعارض الذي أوحى للناس خلال حملته الدعائية الشعواء ضد مشروع دينيّر، بأن البادرة لا تضمن لكل مريض من المرضى أفضل العلاج وأنجع الدواء المتوفّر في الأسواق . ويأتي هذا الرفض الشديد للبادرة على الرغم من الرغبة العامّة في الحدّ من الإرتفاع اللولبي المتواصل في تكاليف النظام الصحي السويسري منذ سنوات . ويُفسّر المراقبون هذا الرفض، كرفض يعرب عن تمسّك المواطنات والمواطنين الشديد بكُل ما هنالك من أمن وحماية للمريض مهما بلغ الثَمن .
هدفت بادرة دينيّر للتقليل من فترات الإقامة في المستشفيات الى الحد الأدنى الضروري ، كما هدفت لفتح الأسواق لإستيراد الأدوية والعقاقير الطبية الأجنبية ولتَعميم إستخدام تلك الأدوية المُقلّدة أو المنسوخة عن الأدوية الأصلية التي فقدت الحماية التجارية، وهي غالبا أقل ثمنا من الأدوية الأصلية . لكن صناعات الأدوية ونقابات الصيادلة والأطباء والمستشفيات ، ومعها السلطات الصحية الفيديرالية، عارضت هذه البادرة بكل طاقاتها، ملوّحة بمخاطر نشوء نظام صحي طبقيّ ، يوفّر أفضل العلاج والدواء للأثرياء دون الفقراء في هذا البلد .
فقد وضعت جميع هذه الأوساط المعارضة كامل ثِقلها في الميزان، للبرهان على عدم جدوى البادرة ، لا بل وعلى مخاطرها على الصحة العامة ، خاصة إذا شرعت متاجر عادية كمتاجر دينيّر في تسويق بعض الأدوية والمستحضرات الطبية ، دون إشراف الصيدلي المتخصص على وجه الإحتمال. كما أشارت هذه الأوساط الى أن الصيادلة في سويسرا يستطيعون منذ مطلع العام الجاري ، تقديم الأدوية المقلدّة أو المنسوخة للزبائن، في حالة توفّرت هذه الأدوية الأرخص .
وقد لاحظت وزيرة الداخلية رووت دريفوس التي تعارض تحرير أسواق الأدوية والعقاقير الطبية تحريرا تاما في هذه المرحلة ، أن الناخبات والناخبين السويسريين على وعي بالإصلاحات الجارية على النظام الصحي في هذا البلد . وأضافت أن نتائج التصويت على بادرة دينّير، قد عكست الوعي العام بأنه لا مجال لإخضاع قطاع بالغ الأهمية والحيوية ، كقطاع الأدوية والخدمات الصحية ، لأحكام الاقتصاد وحرية الأسواق . هذا إضافة للوعي بأن حرية إختيار الطبيب أو المستشفى، وضمانَ أفضل معالجة وعلاج لأي مريض من المرضى وفقا للتأمينات الصحية الأساسية والإجبارية في هذا البلد ، هي شؤون يترتّب عليها الثَمن الذي يكلفه النظام الصحي السويسري .
هذا ولا تزال المفاوضات جارية منذ حين، بين المكتب الفيديرالي السويسري للتأمينات الإجتماعية والصناعات السويسرية للأدوية والعقاقير الطبية من أجل خفض الأسعار ، بعدما جاءت منظمات حماية المستهلكين بالدلائل على أن أسعار معظم هذه المنتوجات المحلية في سويسرا، تزيد كثيرا على أسعارها في الخارج .
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.