أوباما ورومني يتصيّدان الدولارات في الخارج
يحل جورج كلوني، نجم هوليود الشهير، وسفير باراك أوباما الساحر يوم الاثنين 27 أغسطس 2012 بجنيف لتنظيم حفل خاص بكبار الشخصيات والمشاهير لجمع التبرعات لتمويل حملة ترشحّ باراك أوباما لدورة رئاسية ثانية.
ويخوض أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني منافسة قويّة لكسب تعاطف الأمريكيين المقيمين بالخارج. ومن المنتظر أن تسلّط أضواء وسائل الإعلام على الحي القديم بمدينة جنيف مع وصول كلوني إلى المكان لإحياء عشاء كلفته 14.500 فرنك سويسري، في محلّ لم يكشف عنه بعدُ. وقد وصف الديمقراطيون في الخارج التظاهرة بأنها “أهمّ محطة في حملة جمع التبرعات لصالح أوباما، المرشّح للرئاسة في صفوف الأمريكيين في الخارج”.
هذه ليست أوّل مشاركة لكلوني لجمع تبرعات من جنيف. لقد كان ضيف الشرف لحفل مماثل في عام 2008. وبعد ما أكل ورقص المتبرّعون حتى الخامسة صباحا، جمعوا 800.000 دولار بحسب ما تناقله وسائل الإعلام آنذاك، وهذا الممثّل هو من أبرز نجوم حملة باراك أوباما: فقد أحيى في شهر مايو الماضي حفلا في لوس أنجلس، مقرّ إقامته، انتهى بجمع ما يزيد عن 15 مليون دولار.
ويلتزم تشارلز أدامز، المحامي الأمريكي المقيم بجنيف، والذي يشرف على حملة جمع التبرعات بسويسرا، الصمت حول الحفل القادم وحول حملة الديمقراطيين بشكل عام. ولكنّه يؤكّد بأنّ عشاء كلوني لن يكون “النشاط الوحيد”.
كذلك، استضافت جنيف في شهر أكتوبر الماضي مدير حملة جمع التبرّعات بداخل الولايات المتحدة جيم ميسّيني. كما أحيي حفل استقبال لمستشار البيت الأبيض السابق بوب باور في فبراير 2012، وفي يونيو من نفس السنة، استقبلت مونا سوتيفن، نائبة رئيس قسم الموظّفين بالبيت الأبيض سابقا، ومديرة تنفيذية باتحاد المصارف السويسرية حاليا، ضيوفا في زيورخ. ومن المؤكّد ان يرافق كلوني في زيارته القريبة إلى جنيف ماثيو بارزون، رئيس “صندوق فوز أوباما”.
وتقول مايا سامارا، التي ترأس الفرع السويسري من الحزب الديمقراطي بالخارج، والذي يشمل في عضويته عديد الآلاف من المنخرطين: “كانت جنيف دوما نقطة عبور الحملات الإنتخابية الأمريكية إلى القارة الاوروبية. وخلال السنوات الست الماضية، قامت جنيف ولندن وباريس بدور مهمّ على هذا المستوى”.
اهتمام المقيمين بالخارج
في اللحظة التي تشتدّ فيها حملات جمع التبرّعات على المستوى الوطني، تتحوّل الأنظار بشكل متزايد نحو المانحين بالخارج. ووفقا لمؤسسة “مركز الاستجابة للحملات السياسية”، التي تختص بتحليل تقارير تمويلات الحملات الإنتخابية، نجح باراك أوباما في جمع 600.000 دولار من المتبرعين الأمريكيين بالخارج، في حين لم ينجح رومني في الحصول إلا على 325.000 دولار. ولكن هذه الأرقام لا تشتمل على المبالغ التي جمعها الحزبان الديمقراطي والجمهوري منذ نهاية شهر يوليو، وخاصة بعد الزيارة التي أداها المرشّح الجمهوري إلى لندن وإسرائيل بغرض جمع تمويلات.
هذه التبرعات الجديدة قد تبلغ 300 مليون دولار لفائدة باراك أوباما، و153 مليون لرومني، ولكن، أي سنتيم أو دولار يحسب له حساب في هذه الانتخابات المرشّحة لان تكون الاكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وكلا المرشّحيْن قد رفضا التمويلات الفدرالية، مما يعني أنهما لن يحترما أي حدود للإنفاق على هذه الحملة.
وتنبأ أنتوني كورّادو، الاأستاذ والخبير في تمويل الحملات الإنتخابية بمعهد كولباي بفاترفيل، في ولاية مين، أخيرا في حديث إلى صحيفة Boston Globe بأننا “سوف نشهد المزيد من حملات جمع التبرعات في الخارج أكثر من أي وقت مضى”.
اتجاه جديد
كشف بحث أنجزه أستاذ بجامعة ليفربول سنة 2010 حول التبرّعات التي حصل عليها مترشحون أمريكيون في الخارج من 1992 إلى 2008 أن أغلبية المبالغ المتحصّل عليها – ما يزيد عن 70% – جاءت من القارة الأوروبية، على الرغم من أن المترشحين قد جابوا أماكن كثيرة للبحث عن التمويل، وقد نجح الديمقراطيون في تلك الفترة في الحصول على ضعفيْ ما جمعه الجمهوريون.
وبالنسبة لإدوارد كير، الرئيس المشارك للفرع السويسري للجمهوريين بالخارج، والذي كان يتحدث لـ swissinfo.ch: “رومني اليوم يبذل جهدا للخروج من الوضع الخاص، وجمع التمويلات تشبه إلى حد كبير العملية العسكرية، تشمل وول ستريت، والأفراد الخواص، ورجال الأعمال، وهو ما ينتهي إلى تدفّق الكثير من الاموال”.
ولكن سويسرا لا يبدو أنها مقصدا رئيسيا في حملة جمع التبرّعات بالنسبة للديمقراطيين، حيث تتركّز الجهود فيها أكثر على تسجيل الناخبين. وكان معسكر أوباما في الخارج مشغولا. فالرئيس لم يحضر بنفسه في أي تظاهرة لجمع الأموال في الخارج، ولكنه يعتمد بدلا من ذلك على شخصيات أخرى مرموقة مثل زوجته ميشيل، أو مستشاريه السياسيين، الذين كانوا نشطين في شنغهاي، وباريس، ولندن.
وتشير بعض المصادر إلى أن 9 مغتربين أمريكيين ممن يطلق عليهم (bundlers)، من أنصار أوباما الذين ظهروا في آخر قائمة أعلن عنها، هم الذين يقومون بجمع التبرّعات من الأصدقاء ومن الزملاء، وقد نجحوا في جمع مليونيْ دولار.
تمويلات أجنبية غامضة؟
يحظر القانون في الولايات المتحدة التمويلات الأجنبية للحملات الانتخابية، ولكن يحق للمواطنين الامريكيين وحاملي البطاقات الخضراء المساهمة في ذلك بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، بشرط ألاّ تتجاوز تلك المساهمة 2500 دولار لكلّ شخص، وينطبق ذلك أيضا على المقيمين في الولايات المتحدة. كما يحق للافراد كذلك تقديم مساهمة إضافية إلى لجنة أحد الأحزاب الوطنية في حدود 30.800 دولار.
وعلى القائمين على الحملات، والأحزاب، واللّجان السياسية أن ينتبهوا لمصدر التمويلات، وأن يُرفض ما كان منها مخالفا للقانون. ومع ذلك، هناك قلق من أن يؤدي وجود هيئات فوق لجان العمل السياسي المنبثقة عن الأحزاب إلى صعوبة وربما استحالة التأكّد من أن الأموال الاجنبية لم تتدفّق إلى الحملات الإنتخابية.
تنفق المجموعات غير الربحية أموالا طائلة في سباق 2012، وليست هذه الأخيرة مجبرة على كشف حجم تبرعاتها بشرط بقاء أنشطتها السياسية في حدود معيّنة.
وتوفّر مجموعات غير ربحية (أنظر السياق على اليسار) مسالك ممكنة لتدفق التمويلات الأجنبية في الماكينة الإنتخابية، و”سيكون من المستحيل تقريبا لأي وكالة لكشف أي أموال أجنبية تسرّبت إلى بحر الأموال السرية”، على حدّ قول أدام ليوز، خبير قانوني، ومؤلّف تقرير حول تمويل الحملة الانتخابية لصالح منظمة Demos الامريكية.
ويقول لويز في حديث إلى swissinfo.ch: “واحدة من العديد من المشاكل التي نتجت عن القرار الذي اتخذته المحكمة الفدرالية العليا في نزاعها مع اللجنة الفدرالية للإنتخابات في عام 2010 هو أنها قد تركت الباب مفتوحا على مصراعيْه أمام الشركات المملوكة للأجانب أو التي يديرها أجانب للتأثير في مجريات الانتخابات الأمريكية. ومادامت معظم الشركات تقدّم تبرعاتها بشكل سري، وعبر مجموعات تجارية أو مجموعات غير ربحية، فإنه ليس من السهل الوقوف على حقيقة تأثير ذلك على مجريات عملية السباق نحو البيت الأبيض”.
هناك حوالي 1.2 مليون سويسري – أمريكي أو أمريكي من أصل سويسري.
ما يقارب عن 74.000 سويسري مسجّلين في الولايات المتحدة في موفى 2007 بالإضافة إلى 55.000 نسمة من مزدوجي الجنسية.
من جملة ما يُقارب 6 مليون أمريكي موزّعين على 160 بلدا، نجد 30.000 نسمة تقريبا مسجّلين في سويسرا.
كانت حملة الإنتخابات الرئاسية لعام 2008 الأكثر كلفة في تاريخ البلاد. وأنفق المترشحون والأحزاب السياسية ومجموعات المصالح في سباقات الكونغرس والرئاسيات ما يعادل 5.3 مليار دولار.
هذا المبلغ يعادل زيادة بنسبة 27% بالمقارنة مع الـ 4.2 مليار دولار التي انفقت على حملة 2004، وذلك بحسب مصادر مركز Responsive Politics الذي يتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا لها.
المبلغ الذي أنفق على الإنتخابات الرئاسية لوحدها وصل إلى 2.4 مليار دولار، ويشمل ذلك نفقات كافة المترشّحين.
نجح المترشّحان عن الحزبيْن الرئيسيين باراك أوباما وجون ماكيّن في جمع تبرّعات بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار، انفقا منها مليار دولار.
يسمح القانون الأمريكي بمقتضى المادة 501 (س) (4) من قانون الإيرادات الداخلية والأعمال التجارية وعضوية الجمعيات التي تؤطرها المادة 501 (س) (6) بإنفاق الأموال من أجل التأثير في الإنتخابات على المستويات الإتحادية والولائية والمحلية، ولكنها غير ملزمة بالكشف عن هويات المتبرّعين أو حجم مساهماتهم.
وفي سويسرا، لا توجد إجراءات أو قوانين تضمن الشفافية في تمويل الأحزاب والحملات الانتخابية لا على المستوى الفدرالي ولا على المستوى الكانتوني.
وفقا لدراسة حديثة صادرة عن جامعة زيورخ، أنفق حزب الشعب بمفرده 40% من إجمالي النفقات على حملة الإنتخابات البرلمانية 2007 – 2011. ويأتي في المرتبة الثانية الحزب الراديكالي بنسبة 25% والحزب الديمقراطي المسيحي 16%، والحزب الإشتراكي 13%، والبقية المتبقية (6%) موزّعة على بقية الأحزاب.
طالبت مبادرة شعبية أطلقت من طرف لجنة مشتركة من عدة أحزاب بمزيد من الشفافية. وتدعو هذه المبادرة إلى تسليط الضوء على موارد السياسيين.
(نقله من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.