استطلاع رأي: الشعب السويسري يتجه إلى رفض توسعة الطرق السريعة
قبل أقل من أسبوعين من موعد الاستفتاء الفدرالي في 24 نوفمبر المقبل، كشف استطلاع للرأي أن غالبية الناخبين والناخبات في سويسرا في الداخل والخارج يرفضون مشروع توسعة شبكة الطرق السريعة، ويواصل المعسكر المؤيد تراجعه في نوايا الاقتراع.
وبيّن استطلاع مجموعة مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن الثاني لصالح هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية الذي نشرت نتائجه يوم الأربعاء 13 نوفمبر، أنّ الأغلبية الضئيلة من سكان سويسرا التي كانت تؤيّد المشروع قبل شهر، أصبحت الآن تعارضه بنسبة 51%، ولا يؤيّده غير 47% فقط من المؤهلين للتصويت والمؤهّلات، في حين مازال 2% بين أخذ وردّ.
كما تراجع التأييد للمشروع بين رعايا سويسرا في الخارج. وكانت قد فاقت في الاستطلاع الأول، نسبة تأييد خطة الحكومة لتخفيف الازدحام المروري ضمن هذه الفئة من السكان بكثير نسبة التأييد لدى الشعب السويسري ككل. لكن انقسم هؤلاء الآن بين مؤيد ومعارض.
ويتماشى هذا الاتجاه أكثر مع سلوك التصويت الأكثر مراعاة للبيئة عموما، لدى السويسريين والسويسريات في الخارج. وتفسّر مارتينا موسون، الخبيرة السياسية في مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن (gfs.bern)، تراجع تأييد مشروع القانون في صفوف سويسرا الخامسة قائلة: ”ربما كان لديهم المزيد من الوقت للاطلاع على هذه القضية”.
ويشير خبراء وخبيرات السياسة في مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن إلى تحوّل واضح في الرأي العام نحو رفض المشروع، ولكنهم لا يزالون يشعرون بصعوبة التنبؤ بنتيجة التصويت النهائية بشكل حاسم. وتقول مارتينا موسون: ”سيعتمد الأمر إلى حد كبير على قدرة المعسكر المؤيد في الداخل على التعبئة في الوقت القليل المتبقي“.
في الاستطلاع الثاني قبل الاستفتاء الفدرالي في 24 نوفمبر2024، استطلعت مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن ( gfs.bern ) آراء 10,358 ناخبًا في الفترة ما بين 28 أكتوبر و7 نوفمبر. هامش الخطأ الإحصائي الخطأ الإحصائي هو +/- 2.8 نقطة مئوية.
لا تزال الأغلبية تؤيد التمويل الموحد للرعاية الصحية
وبلغت كذلك نسبة تراجع التصويت بـ”نعم” للتمويل الموحد لخدمات الرعاية الصحية (EFAS)7 نقاط مئوية، لكن لا تزال نسبة التأييد تشكل الأغلبية، وفقًا للاستطلاع الثاني الذي أجرته هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، إذ ظهر أن 54% من الأصوات لا تزال تؤيد خطة البرلمان والحكومة، بينما عبّر 37% من الكتلة الانتخابية عن الرفض لها. ولم تحسم نسبة كبيرة (9%) أمرها بعد، ربما بسبب تعقيدات المشروع.
وأبرزت نتائج هذا المسح اتساع الفجوة بين اليمين واليسار: فبدا أنصار الحزب الاشتراكي أكثر وضوحًا في معسكر “لا” مقارنةً باستطلاع الرأي الأول، بينما يؤيد نظرائهم.ن من الأحزاب اليمينية الإصلاح.
ويلاحظ لوكاس غولدر، الخبير السياسي من مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن، تمتّع ”معسكر “نعم” بأسبقية طفيفة”. ومع ذلك، لا يزال حذرًا بشأن نتيجة التصويت النهائية، مشيرًا إلى أن حجج النقابات ضد المشروع، يبدو أنها تخترق قطاعات معينة من السكان. ويلخص ذلك بقوله: ”إذا أراد المعسكر المعارض الفوز، فعليه إقناع المترددين والمتردّدات“.
عدم يقين يحيط بمشروع تشديد قواعد التأجير من الباطن
كما انهار تأييد التعديلين المقترح ادخالهما على قانون الإيجارات والمطروحيْن للتصويت في 24 نوفمبر مع تقدم الحملة.
فقد أظهر الاستطلاع أن أغلبية نسبية من الناخبين (50%)، لا تزال تؤيد تشديد شروط الإيجار من الباطن، في حين يعارضه 47%، ولم يحسم 3% الرأي فيه بعد.
ويرى الصوت المعارض أن الإصلاح يقوّض حماية المستأجرين والمستأجرات ويعتبر القيود الحالية على التأجير من الباطن كافية. ومع ذلك، تسجّل الأصوات المؤيدة نقاطاً بسبب المشاكل التي يطرحها التأجير من الباطن عبر المنصات الإلكترونية.
وكسب المعسكر الرافض 9 نقاط مئوية، بينما خسر المعسكر الموافق 14 نقطة مئوية. وتعكس هذه النتيجة اتجاها واضحا نحو التصويت بـ ”لا“، وفقًا لعلماء السياسة في مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن. وفي هذا السياق، تتشابه اتجاهات التصويت بين سكان سويسرا في الداخل والخارج، رغم قبول المشروع في الخارج أكثر.
ورغم تقدم المعسكر المعارض، ترى مؤسسة البحوث الاجتماعية ببرن أن نتيجة التصويت لا تزال غير مؤكدة وستتوقف على قدرة كل طرف على التعبئة، وعلى نسبة المشاركة النهائية.
نحو التصويت بالرفض على تسهيل إنهاء عقد الإيجار
تبدو الصورة أكثر وضوحًا عندما يتعلق الأمر بالتغيير الآخر في قانون الإيجار، والذي من شأنه أن يسهل على المالك إنهاء عقد الإيجار للمستأجر إذا أراد استخدام العقار لأغراضه الخاصة.
ويعتزم 53% من الكتلة الناخبة بحسب الاستطلاع رفض هذا التعديل، في حين يؤيّده 44% منها، بينما لم يحسم 3% الرأي بعد. وتعززت المعارضة للتعديل بوضوح، كما هو حال النص الأوّل، سواء بين رعايا سويسرا في الخارج، أو أولئك الذين يعيشون في سويسرا.
وهنا أيضًا، أوضحت مؤسسة البحوث الاجتماعية أنّ المشروع يُنظر إليه على أنه هجوم على حقوق المستأجرين والمستأجرات، ما لا يمكن أن يُقبل في بلد تشكل فيه كتلة الاستئجار حوالي 60% من السكان. ولذلك، يتوقع معهد استطلاعات الرأي رفضه في صناديق الاقتراع، في 24 نوفمبر.
الثقة في السلطات في أدنى مستوياتها على الإطلاق
عموما، لقد ازدادت نسبة التصويت بـ”لا“ خلال الحملة الانتخابية، في القضايا الأربع التي ستُطرح للتصويت في 24 نوفمبر. ولا يتّفق هذا الاتجاه مع النمط الطبيعي لتكوين الرأي العام للمشاريع المنبثقة عن السلطات.
ويرى لوكاس غولدر، ذلك دليلا على فقدان الشعب الثقة في الحكومة والبرلمان. ويقول العالم السياسي: ”لم يسبق أن تدنّت الثقة إلى هذا الحد منذ عام 2018“.
ويُرجع هذا الخبير اهتزاز الثقة في السلطات إلى أسباب مختلفة. ويشير إلى أن “الهزائم العديدة في الاستفتاءات الفدرالية هذا العام، ربما لا تساعد في ذلك”.
كما تشير مارتينا موسون إلى عدم مشاركة وزراء الحكومة الفدرالية ووزيراتها في الدفاع عن القضايا المطروحة على الشعب إلا بشكل خفي. وتضرب مثلا بوزير الاقتصاد غي بارملان، الذي لم يهتم بإصلاح قانون الإيجارات إلا بالكلام فقط، بينما يكرر أن الحكومة الفدرالية لم ترَ أي سبب لتغيير القانون في المقام الأول. وتقول: ”يغذّي الانطباع بوجود الكثير من المشاكل دون حلّ عدم الثقة، وكذلك الحرب في أوكرانيا”.
تحرير: سامويل جابيرغ
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
مراجعة: مي المهدي
التدقق اللغوي: لمياء الواد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.