الأوضاع في سوريا: إدانة أممية صارمة وواشنطن تستقبل وفدا عن المعارضة
اتهمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان النظام السوري بـ "محاولة التعتيم على ما يجري في البلاد" وأعلنت "تضامنها مع المحتجِّـين المسالمين، المطالبين بوقف انتهاك حقوقهم".
يأتي ذلك في أعقاب التصعيد الذي شهدته الأوضاع في الأيام الأخيرة في سوريا، وفي الوقت الذي استقبلت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية لأول مرة وفدا عن المعارضة السورية، كما أفاد أحد أعضائه الدكتور رضوان زيادة في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch.
وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أصدرت يوم 2 أغسطس، وفي اعقاب مقتل أكثر من 145 شخصا في سوريا جراء تدخل الجيش وقوات الأمن في مدن حماة ودير الزور وريف دمشق، بيانا شديد اللهجة تحذِّر فيه السلطات السورية من أن “العالم شاهِـد على أعمال العنف الخطيرة التي تُـرتكب ضد الشعب السوري” وتناشدها فيه “وضع حد لذلك على الفور”.
وأشارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في البيان الصادر في جنيف، إلى أن السلطات السورية “ترغب في حجب أنظار العالم عمّـا يجري من أحداث مُـقلقة في البلاد، وذلك برفض السماح بدخول الصحافة الدولية ومجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان المستقلة، ورفض دخول لجنة تقصِّـي الحقائق، المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان”.
وترى المفوضة السامية في بيانها أن السلطات السورية ” لم تفلح في ذلك لأن العالم يتابع عن كثب ما يجري وان المجموعة الدولية قلقة جدا لما يحدث”.
تضامن وإدانة
وفي خطوة غير معتادة، عبّـرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان عن تضامنها مع الشعب السوري قائلة: “إنني أقف تضامنا مع المحتجين السِّـلميين الذين يطالبون بوقف فوري للإنتهاكات المستمرة لحقوقهم. وأقف تضامنا مع عائلات كل الضحايا الذين سقطوا منذ بداية عمليات القمع”. وأضافت المفوضة السامية “أدين بأشد العبارات العنف القمعي الذي ترتكبه هذه الحكومة ضد شعبها”.
وفي خطابها للسلطات السورية، ذكّـرت المفوضة السامية بأن “من مسؤوليات الحكومة حماية المواطنين وأن استخدام القوة لإقرار القانون والنظام، يجب أن يكون حلا يتم اللجوء إليه في آخر لحظة، لكن يبدو أنه تمّ اللجوء له كأول إجراء للرد على المتظاهرين في سوريا”، على حد قولها.
وانتهت المفوضة السامية إلى مناشدة السلطات السورية “السماح للجنة تقصِّـي الحقائق (التي سبق أن عينها مجلس حقوق الإنسان في جلسته الخاصة حول الأوضاع في سوريا)، بالدخول الى البلاد والتعرف على الأوضاع بنفسها”.
حان وقت المحاسبة
من جهة أخرى، نَـوّهت المفوضة السامية إلى أن المعلومات التي توصَّـل بها مكتبها، تشير إلى أنه “بالإضافة الى عمليات القتل، هناك عشرات المعتقلين بطريقة تعسُّـفية في مختلف أرجاء البلاد، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان..”.
وفيما اعتبرت السيدة نافي بيلاي أن “الوقت قد حان للعمل على محاسبة مرتكِـبي انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا خلال الأشهر الأخيرة”، أكدت وجود “ضرورة للقيام بتحقيق دولي شفّـاف ومستقِـل، وللتحقيق الفوري في أعمال العنف والقتل والإستخدام المفرط للقوة والإعتقال التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب، الذي يتعرض له الشعب السوري”، كما جاء في نصّ البيان.
تساؤلات أمريكية وردود المعارضة
وفي تطوّر متزامن، استقبلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للمرة الأولى وفدا عن المعارضة السورية يوم الثلاثاء 2 أغسطس في واشنطن. وكان من بين المشاركين في هذا اللقاء الدكتور رضوان زيادة، مؤسس مركز دراسات حقوق الإنسان في دمشق، الذي صرّح لـ swissinfo.ch أن “اللقاء تم في وقت حساس، خصوصا بعد المجازر التي حدثت في حماة ودير الزور. وقد استغرق اللقاء حوالي ساعة وبحث في كل المواضيع، خاصة المرحلة الإنتقالية”.
وأفاد الدكتور رضوان زيادة أن الوفد “حاول الإجابة على بعض الأسئلة التي لدى الإدارة الأمريكية تحفُّـظات بشأنها، خاصة الخوف من نشوب نزاعات أهلية بعد سقوط نظام الأسد وغير ذلك”.
وأشار السيد زيادة إلى أن الوفد المعارض طالب “الرئيس باراك أوباما لكي يتوجه بخطاب إلى الشعب السوري يُـحيِّـيه فيه على النضال من أجل الديمقراطية، بالرغم من الثمن العالي الذي يدفعه” كما حثه على “فرض مزيد من العقوبات على نظام الأسد، خاصة على مستوى الأمم المتحدة ودعوته للرحيل فورا وإحالة ملف الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية”.
“تأكيدات أمريكية”
من جهة أخرى، قال السيد رضوان زيادة: “إن السيدة كلينتون وعدت بالعمل بكل ما في وسعها من أجل تمرير القرار الخاص بسوريا أمام مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء 3 أغسطس وأنها ستعمل على بذل الجهود للضغط على الدول المترددة من أجل تمرير مشروع القرار” (وهو ما حدث فعلا). كما أشار السيد زيادة إلى أن الناطق باسم الخارجية الأمريكية صرّح بأن “الولايات المتحدة تدرس إمكانية فرض مزيد من العقوبات على قطاعيْ النفط والغاز” السوريين.
ولدى سؤاله عما إذا كان وفد المعارضين مُقنعا في الإجابة على التساؤلات التي طرحتها الإدارة الأمريكية، أجاب السيد زيادة بأن “المقنع هو ما يجري على الأرض وأن استمرار عمليات القتل والمذابح، تجعل مواقف الدول المترددة في دعم الشعب السوري مواقف صعبة للغاية”، لكنه أضاف بأن الإدارة الأمريكية كانت لديها “بعض الأسئلة بخصوص المرحلة الانتقالية وكثير من الأسئلة بخصوص دور المعارضة. وقد أجبنا على تلك التساؤلات”.
وبخصوص الانطباع الذي خرج به من هذا الإجتماع العلني غير المسبوق بين واشنطن وممثلين عن المعارضة السورية، قال رضوان زيادة: “إن الإدارة الأمريكية ترغب، كما عبّـرت الوزيرة كلينتون، في أن تبدأ المرحلة الإنتقالية في سوريا بأسرع وقت، لأن ذلك سيحفظ الكثير من الدماء السورية”.
الامم المتحدة (رويترز) – أدان مجلس الامن التابع للامم المتحدة في بيان صدر يوم الاربعاء 3 أغسطس 2011 الحملة الدموية التي تشنها السلطات السورية على المحتجين المدنيين وذلك في أول اجراء ملموس يتخذه المجلس بشأن الانتفاضة في سوريا المستمرة منذ خمسة أشهر.
ولبنان هو العضو الوحيد الذي نأى بنفسه عن البيان الذي أيده اعضاء المجلس الاربعة عشر الاخرون الذين قالوا انه يساعد في فرض عزلة على القيادة السورية.
وقال مبعوث لبناني ان البيان الذي صاغته الدول الغربية لا يساعد في معالجة الوضع الحالي في سوريا. وتصدر بيانات مجلس الامن دون تصويت اذا لم يعترض عليها اي عضو وهو ما يعني ضمنيا صدورها بالاجماع الامر الذي يعني انه كان بمقدور لبنان عرقلة صدور البيان لكن باكتفائه بأن ينأى بنفسه سمح بصدوره.
ويحث البيان الذي تلاه السفير الهندي هارديب سينغ بوري رئيس المجلس للشهر الحالي دمشق على احترام حقوق الانسان بشكل كامل والتقيد بالتزاماتها بمقتضى القانون الدولي.
واتفق على البيان بعد ثلاثة ايام من المساومات الصعبة كبديل لقرار كامل لمجلس الامن كان يفضله الغرب وهو يحث دمشق أيضا على الاحترام الكامل لحقوق الانسان والتزاماتها بموجب القانون الدولي.
ويدعو البيان الي “وضع نهاية فورية لكل أعمال العنف ويحث جميع الاطراف على الالتزام بأعلى درجات ضبط النفس والامتناع عن الاعمال الانتقامية بما في ذلك الهجمات على مؤسسات الدولة”.
وتلك العبارة لفتة لاسترضاء روسيا ودول أخرى طالبت ببيان متوازن يحمل الجانبين المسؤولية عن العنف في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت قبل خمسة اشهر ضد حكم الرئيس بشار الاسد. وتقول سوريا انها تواجه معارضة من متطرفين مسلحين.
وتبنى المجلس البيان بينما شددت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما موقفها من الاسد. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض ان الزعيم السوري هو “سبب عدم الاستقرار” في سوريا.
وقالت سوزان رايس السفيرة الامريكية لدى الامم المتحدة “نظام الاسد كان يعول على حقيقة ان مجلس الامن لن يكون بمقدوره التحدث… وانه سيكون هناك من يحمونهم ويدافعون عنهم بما يجعل من المتعذر ان … تصدر ادانة. وبالتأكيد فانهم لا بد وانهم فوجئوا وشعروا بخيبة أمل للنتيجة.”
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان البيان “يظهر ان الرئيس الاسد في عزلة متزايدة”. ووصف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه البيان بانه “نقطة تحول في موقف المجتمع الدولي”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 أغسطس 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.