الإنتخابات الإيرانية تُـخرج المعركة بين “الجمهورية” و”الإسلامية” إلى الشارع
لو علِـموا أنهم سيموتون وبهذه الطريقة الوحشية التي تبثّـها وسائل الإعلام، لَـمَـا شارك في الإنتخابات الرئاسية التي جرت في إيران يوم الجمعة 12 يونيو، أولئك الشبّـان الذين كانوا بعمر الورود وسقطوا صرعى في المظاهرات التي انطلقت احتجاجا على تزوير الانتخابات..
كذلك الأمر، ولو مع الفارق بالنسبة للصحفيين الذين دُعوا من الخارج لتغطية الانتخابات الرئاسية، فإن أيّـا منهم لم يكُـن يدرِ بخلده أن تغطيته ستحوّل عُـرس إيران الديمقراطي إلى مجالِـس عزاء، لم يتوقّـف نحيب أهلها حتى إذا نجح الحرس الثوري وقوات التعبئة وباقي أجهزة الأمن في قمع حركة الشعب الإيراني السلمية نحو الحرية والكرامة، فما تُـواجهه إيران هذه الأيام، هي أخطر أزمة في عمر نظام الجمهورية الإسلامية، بل إنها كشفت المستور وما لم يكن يجرُؤ أحد على النُّـطق به قبل هذه الانتخابات..
نعم… لقد انتهت الإنتخابات بعد يوم طويل، التأمت فيه صفوف طويلة من الإيرانيين، بدا منهم الشبان وهم يعزِفون للمجتمع سيمفونية التغيير. وبالفعل، شاهد العالم تصرفات هذا الشعب في انتخابات رسمت – كما في كل الانتخابات الإيرانية على مرّ العقود الثلاثة الماضية – حِـراكه وجديته في التعاطي مع القضايا التي تقرّر مصيره.
وعندما كان شبّـان هذا البلد، الضاربة جذوره في الحضارة الإنسانية، وهم يشكلِّـون ثلثي الـ 46 مليونا الذين يحِـق لهم حق الاقتراع، يتوجّـهون نحو المراكز الانتخابية، كان لِـزاما أن يرى العالم فرحهم وحبّـهم للحياة وهم يحتفلون بالعودة مجدّدا إلى ما يمكن اعتباره المُثل المؤسسة لنظام “الجمهورية الإسلامية” وأهداف دستورها، بعد أن عمِـلت فيهم سياسة الرئيس المنتهِـية ولايته محمود أحمدي نجاد، جُرحا يكاد يُـنهي صِـلتهم بالنظام القائم.
لقد فقد معظم الشبّـان في إيران ثقتهم بـ “الجمهورية الإسلامية” خلال السنوات الماضية التي أعقبت مجيء الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، خصوصا في ذِروة الصِّـراع بين “روحانيت مبارز” و”روحانيون مبارز”، عندما كان علماء الدِّين من هذا التيار أو ذاك يتراشقون بالتُّـهم وبالفضائح، لتضعف علاقة الشبان، وبشكل خاص الطلاّب في الجامعات، بطبقة علماء الدِّين بعد أن أعاد انتخاب خاتمي عام 1997 شيئا من الرّوح إلى هذه العلاقة المتوتِّـرة على الدّوام، اللّـهمّ إلا في فترة الثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي وحتى رحيل الإمام الخميني في يونيو 1989.
وليس سِـرا القول أن المناظرات الأخيرة التي بثها التلفزيون الإيراني، لأول مرة بين المرشحين الأربعة والأسلوب الذي استخدمه الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد “لإحراج منافسيه”، كان بالنسبة للكثير من الشباب الإيراني، بمثابة القشّـة التي قصمت ظهر البعير.
فاحمدي نجاد، الذي يوصف من قِـبل أنصاره أو من قِـبل المروِّجين له، بأنه استخدم خطابا “شعبويا” لملامسة قلوب فقراء إيران، لم يرَ فيه معظم الشباب الذي صوّت لصالح المرشح المنافس مير حسين موسوي، إلا واحدا من هذا الشارع الإيراني العريض المتجوّل في زقاق مروي (أو كوجة مروي باللغة الفارسية) وغيره من الأزقة التي تضجّ بالمُـدمنين على المخدرات، الذين لا يتورعون على التفوّه بأي كلام ضدّ مَـن يعتقدون أنه عدوّ لهم. بل لقد ذهب أحمدي نجاد إلى أبعد من “الليّـاقة الشعبوية”، حين أخذ يكيل الاتهامات يمنة ويسرة لأقطاب النظام وأركان الثورة، ولكل حقبة الإمام الخميني الرّاحل وما فيها من منجزات، أهمها أن الذين أتّـهمهم بالفساد، هم مَـن حفظ نظام الجمهورية من السّقوط في زمن الحرب العراقية الإيرانية وما رافقها من مؤامرات “شرقية وغربية”، خصوصا حين تعلّـق الأمر بزوجة مير حسين موسوي، السيدة زهراء رهنورد، ومحاولة إسقاط نظرة الشعب المفعمة بالإيجابية إلى رئيس وزراء زمن الحرب “موسوي” عن طريق توزيع صورة لزوجة موسوي من دون حجاب، وكانت مجرّد صبيّـة، قبل أن تلتزم بالدِّين وبالثورة التي انضمّـت إليها قبل انتصارها، حين كان خصومها في وادٍ آخر مشغولين بالدِّراسة… هذا ما يردِّده معظم الذين فقدوا الثّـقة بأحمدي نجاد ووصفوه في شعاراتهم بـ “الكذّاب”!.
وفيما أدت المناظرات التلفزيونية (غير المسبوقة في إيران) بين المرشحين للرئاسة إلى وضع جميع زعماء الثورة والنظام، من مُعمّـمين وغيرهم، في دائرة الشكّ، نجح مير حسين موسوي في لفت أنظار جيل الشباب، حتى أولئك الذين لم يسمعوا باسمه، أو لم يُولدوا بعدُ حين كان هو بعيدا عن دائرة الضوء لنحو عشرين عاما.. لماذا؟ لأن التاريخ لابُـد أن يترك صدَاه لدى جِـيل الثورة الثالث برأي البعض.. وقد فعل حسبما اتضح لاحقا.
رئيسان!
باختصار شديد، لقد تمّ تزوير نتائج الإنتخابات لصالح أحمدي نجاد. فالانتخابات كانت نتيجتها فوزا ساحقا لمير حسين موسوي، وأما كيف، فإن طوابير المقترعين من الموجة الخضراء وما لديهم من علامات تميِّـزهم، سواء في طهران أو في المُـدن الأخرى، وحتى في الكثير من قرى إيران، التي وزّع فيها أنصار أحمدي نجاد مبالغ تـراوحت ما بين 1000 و5000 ريال لكل من يصوِّت لرئيسهم، كانت تشكِّـل مجسات حدّدت حجم التأييد الذي حصل عليه موسوي.
قبل الاقتراع، وجّـهت الحملة الانتخابية لموسوي نداءً إلى الناخبين بأن يصطحِـبوا معهم أقلامهم لاستخدامها بدلا من الأقلام المتوفرة في مراكز الاقتراع بعد ورود معلومات “أيّـدها في وقت لاحق رئيس الرقابة في وزارة الداخلية”، بأن حِـبرها يُـمْـحـى بعد مرور عشر دقائق..
وكان واضحا تماما فوز موسوي بأغلبية الأصوات من مجرّد إلقاء نظرة على جموع المقترعين المليونية، التي تحمل أقلامها وتضع الشال الأخضر أو القيْـد الأخضر، وهذا الأمر هو الذي دفع بكلّ الصحفيين الذين يُـراسلون وسائل إعلام غير رسمية، إلى التأكيد بأن تزويرا حصل عندما أعلن عن فوز أحمدي نجاد الساحق، خصوصا في مسقط رأس منافسيه الثلاثة.
وبعد حصول هذا الخَـرق الواضح لكل معايير الديمقراطية الإنتخابية في إيران، أعلن موسوي نفسه رئيسا للشعب، بدلا من أحمدي نجاد، رئيس السلطة والقوة العسكرية والمال في إيران، وها هو اليوم يقود نهضة داخل النظام وملتزما بأسسه الدستورية وبكل تفاصيل نظام ولاية الفقيه، برغم كل القمع الوحشي الذي يتعرّض له الشبان من أنصاره، والصوَّر والتسجيلات الحية التي تُـظهر الاعتداء على الفتيات بالضّـرب حتى الموت.
أين صوتي؟
ومن نظرة أيضا إلى الشعارات في المظاهرات السلمية والتساؤلات المحيِّـرة التي يطرحها شبان إيران بحثا عن أصواتهم وأين ذهبت، وهم عندما اقترعوا كانوا يشاهدون فوق رؤوسهم يافطة عريضة مكتوب عليها بالفارسية “ميزان رأي.. ملت”، نقلا عن الإمام الخميني الراحل ومعناه حرفيا “المعيار هو صوت الشعب”، أن المحتجِّـين كانوا يريدون فقط التحقيق فيما جرى وما يجرّ البلاد إلى هاوية أخطر أزمات داخل نظام الجمهورية الإسلامية.
هذه التساؤلات المشروعة جُـوبهت بردود أفعال غير مشروعة، فضحتها الصُّـوَّر التي تدفّـقت وكشفت عن حِـقد دفين يتأجّـج في صدور الذين خسِـروا الانتخابات، ليس فقط تُـجاه المعارضين وهم من بني وطنهم، وإنما تُـجاه كل قِـيم الثورة الإسلامية، بل والقانون الأساسي وما تضمنته المادة 27 منه، التي تسمح للمواطنين بالتعبير عن الرأي والتظاهر بطُـرق سلمية.
ثورة “داخل الثورة”
ليست هي “ثورة ناعمة” أو كما عبّـر عنها قبل يوم الانتخابات يد الله جواني، رئيس المكتب السياسي في الحرس الثوري، مهدِّدا وبوضوح بقوله “أي نوع للثورة المخملية، لن يكون ناجحا في إيران”، وهي أيضا ليست “انقلابا” على النظام، مثلما وصف المرجع آية الله صافي كلبيكاني، ردّا على رسائل وجّـهها الرئيس الفائز في الانتخابات – كما عبّـر عن نفسه – مير حسن موسوي، بل هي مثلما يؤكد العارفون بدهاليز وأروقة وتضاريس السياسة في إيران، ثورة داخل الثورة الإسلامية نفسها وصراع بين أنصار “الجمهورية الإسلامية” بكل ما تحويه من مؤسسات وآلية انتخاب، وبين دُعاة تحويلها إلى “حكومة إسلامية”، وهو ما قاله وبكل وضوح يوم الثلاثاء 16 يونيو المرجع الدِّيني في قُـم آية الله أسد الله بيات في رسالته الجوابية إلى موسوي، الذي دعا المَـراجِـع الدينية إلى “التدخّـل لإعادة الإنتخابات وإنقاذ البلاد من خطر محدق يهدِّد أسُـس النظام، الذي أرساه الإمام الخميني”.
هنا يجدر التذكير بأن آية الله الخميني هو من أيّـد فكرة الإستفتاء على “الجمهورية الإسلامية” في 12 أبريل 1980 ورفض إضافة أو حذف أي كلمة أخرى لاسم النظام وشكله السياسي بقوله المعروف “نه كمتر نه بيشتر”، أي لا أقل ولا أكثر، وأنه أكّـد طوال ولايته الفقهية المراقبة للنظام على حقّ الشعب في الإنتخاب وفي تأسيس مؤسسات دستورية تتلاءم مع العصر ومتطلّـباته. وحصل في ذلك الوقت خلاف بين مدرستين، الأولى قادها السيد الخميني، والثانية رافضة تماما لفكرة قيام “حكومة إسلامية” في زمن غيبة الإمام المهدي الغائب، مرجّـحين الإنتظار “لكي يظهر ويملأ الأرض قِـسطا وعدلا، بعدما ملئت ظُـلما وجورا”.
وظهرت في تلك الفترة أيضا منظمة “فرقان” تشكلت من مجموعة من المعمِّـمين، نفّـذت اغتيالات لرموز مدرسة الخميني، سقط فيها منظِّـرون كبار، مثل آية الله محمد مفتح وآية الله مرتضى مطهري، وكان اسم هاشمي رفسنجاني على القائمة، حيث جرت أيضا محاولة لاغتياله داخل منزله، نجا منها بسبب اندفاع زوجته لإنقاذه.
وكان واضحا أن الذين آمنوا بتلك الفكرة من رجال الحوْزة الدِّينية، من أمثال أكبر گودرزی الذي قاد منظمة الفرقان بتوجيه من شخصيات فكرية، لم يُكشف النقاب عنها رسميا، حفاظا على اسم وسُـمعة علماء الدِّين، باقون في البلاد حتى بعد إعدام أكبر گودرزی.. وبعضهم لا يعتقد بأن اكبر گودرزی مات بالفعل، ولديهم تنظيم سرّي باسم “أصحاب الكهْـف”، وهم يعملون على تفكيك المؤسسة الدِّينية بأي طريقة ويعتقدون أنها أساس باطل، ويخدمهم جدّا الصِّـراع بين تياري “الجمهورية” و”الحكومية”، داخل هذه المؤسسة العريقة في قُـم..
هناك أيضا “الحجتية”، التي حظيت بدعم بعض المراجِـع الدِّينيين في النجف وفي قُـم (الخوئي والبروجردي)، لأنها أُسِّـست لمواجهة “البهائية”، ولكنها كانت على غير توافق مع السيد الخميني، لكن رجال هذا التيار من تلاميذ محمود حلبي، وخصوصا من مقلِّـدي الإمام الخوئي، نجحوا في التسلّـل “في وضح النهار إلى نظام الجمهورية الإسلامية وحصل الكثير منهم على مواقع قيادية في النظام” مثلما يؤكد كثيرون..
ومن هنا، فإن أصل الخلاف بين مدرستَـيْ السيد الخميني وأولئك الذين تسلّـقوا جدار الثورة والنظام بعد عام 1980، أكثر من بَـيّن من واقع أن اليمين الدِّيني المتشدِّد الذي يمثله اليوم “حزب المؤتلفة الإسلامي”، وهو من أكبر الدّاعمين لأحمدي نجاد، بحث بعد انتخاب محمد خاتمي عام 1997، فكرة إلغاء منصب الرئيس بل اقترح أن تُـلغى الانتخابات الرئاسية أصلا وأن يعيِّـن الولي الفقيه (أي مرشد الثورة آية الله علي خامنئي) رئيسا للوزراء، الذي يُطرح على مجلس الشورى للحصول على ثقته..
ليسوا إصلاحيين وليسوا محافظين!
وفي هذا السياق، يجب التمييز هنا في المصطلحات التي صارت تُـطلق بين إصلاحيين ومحافظين. فالصراع هو بين من يُـسمُّـون أنفسهم أتباع نهج الإمام الخميني (الإصلاحيين)، والمبدئِـيين الأصوليين، كما يسمُّـون أنفسهم، وهم أنصار المحافظ محمود أحمدي نجاد.
ولعل أهمّ ما يُفاقم الأزمة، أن قوات الأمن تظهر تشدّداً واضحاً على طريقة (طالبان شيعية)، إزاء من كانوا إلى وقت قريب يحكُـمون البلاد، بعضهم كان أقرب إلى الإمام الخميني الراحل وكان له دور بارز في مُـجمل التطورات في إيران، قبل اندلاع الثورة الإسلامية وبعد انتصارها.
وقد تجاوز الصِّـراع بين المعسكريْـن كل الأطُـر السابقة التي كانت تدور داخل المؤسسة الرسمية، وكان واضحاً أن الحرس الثوري، وهو متَّـهم أساساً بالعمل لصالح أحمدي نجاد، خلافاً للدستور وتوصيات خامنئي، هو مَـن يدير معسكر أحمدي نجاد.
إنه صراع متجذر ينتظر حلاّ، ربّـما بعصا موسى إذا ما وصلت الجهود التي يبذلها البعض (وخاصة هاشمي رفسنجاني) من أجل التوصل إلى تسوية سلمية بين طرفي النزاع إلى طريق مسدود أو أن يُـفتح الباب على مصراعيْـه في أزمة، أخطر ما فيها أنها وضعت كلاّ من رفسنجاني والولي الفقيه آية الله علي خامنئي على طرفيْ معادلة صعبة بعد أن سارع خامنئي إلى تأييد نتائج الانتخابات، حتى قبل أن يبتّ فيها مجلس صيانة الدستور، وتجاهل خامنئي رسالة رفسنجاني، التي ذكره فيها بالكثير من رفَـقة الدّرب الطويل، قبل الثورة الإسلامية وبعدها، مع ملاحظة أن رفسنجاني ومعه مير حسين موسوي ومحمد خاتمي والكثير من مراجع قُـم، كانوا تلامذة الخُـميني المقرّبين.. وكذلك كان خامنئي ،الذي لم يكُـن يستسيغ موسوي كثيرا، عندما كان هو رئيسا للبلاد، وكان مير حسين رئيس وزرائه..
ومع محاولة خامنئي في تصريحاته الأخيرة تبرئة أنصار موسوي، مما يسميها “حوادث الشّـغب” والإعتداء على الأموال العامة، وهي أعمال تؤكِّـد الصوَّر الملتقطة أن “ذوي الملابس المدنية” – وهم “البسيج”، أي عناصر التعبئة المُـنتشرين بهراواتهم والسكاكين والأسلحة الخفيفة – يقومون بها لتشويه المظاهرات السلمية، فإن قتل المتظاهرين والإعتداء على الفتيات أيضا في “الجمهورية الإسلامية” لن يتوقف قريبا حسبما يبدو، والحجّـة المقدمة دائما: “حفظ النظام”، أي “الحكومة الإسلامية” ولو بسرقة أصوات الناخبين!
رفسنجاني.. إلى متى؟
مير حسين موسوي الذي وصفه المرجع آية الله يوسف صانعي بأنه “ابن مؤسس الجمهورية الاسلامية البار”، حظي بدعم كبير من طرف رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفسنجاني، ومن مرجعيات دينية معروفة اعتبرت ما جرى “انحرافا خطيرا عن نهج آية الله الخميني، والقواعد الأساسية لنظام الجمهورية الاسلامية”..
وبدا واضحا أن موسوي أخذ يتعاطى هذه الأزمة بروح قيادية حيث أنه يتوجه بالخطاب إلى الشعب الايراني وليس إلى أنصاره فقط، بل إنه سمىّ قتلى المواجهات من الشبان، بالشهداء داعيا الشعب الايراني الى التضامن مع أسرهم وأسر المصابين بأي طريقة كانت في يوم حداد وطني دعا إلى تنظيمه يوم الخميس 18 يونيو.
وبات واضحا من التطورات الأخيرة أن غلاة المحافظين ما عادوا يتحملون رفسنجاني أيضا، وهو الذي كان تعرض في الإنتخابات الرئاسية قبل الأخيرة (2005) إلى حملة دعاية مضادة قوية قادها ضده نافذون في الحرس الثوري وفي قوات التعبئة، لتمهيد الطريق أمام أحمدي نجاد.. وقد تكرر شن هذه الحملة في انتخابات 12 يونيو، ولم تتوقف حتى بعد أن أصبح أحمدي نجاد رئيسا لولاية ثانية..
ويرى عارفون أن بامكان رفسنجاني أن يفعل الكثير لمواجهة أحمدي نجاد والجهات التي تؤيده ولكن من الواضح أنه – مع الرئيس السابق محمد خاتمي ومير حسين موسوي وكل رموز وفعاليات تيار نهج الخميني – يظلون يعملون داخل أطر الشرعية الاسلامية، ولايخرجون عنها ولايفكرون إلا بالنظام الذي شاركوا في تأسيسه..
فرفسنجاني وهو أيضا رئيس مجلس الخبراء، مسؤول عن تعيين المرشد الأعلى للثورة الإسلامية (الولي الفقيه)، وله أيضا (أي للمجلس) أن يُقيل المرشد إذا فقد واحدة من الشروط …ولكن إلى متى؟ يتساءل العارفون..
نجاح محمد علي – دبي – swissinfo.ch
ماذا جرى بين رفسنجاني والمراجع الدينية في قم؟
مصادر إيرانية تحدثت عن لقاءات رئيس مجلس خبراء القيادة الشيخ هاشمي رفسنجاني بعدد من مراجع قم وبأعضاء بارزين في مجلس الخبراء، وأيضا مع السيد جواد الشهرستاني ممثل المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني في قم، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها خلف الكواليس لحل أزمة الانتخابات الرئاسية والمظاهرات التي تعم إيران وقمعها من قبل ذوي الملابس المدنية والحرس الثوري والشرطة وعناصر التعبئة “البسيج”.
المصادر قالت إن رفسنجاني أعاد إلى الذاكرة كيف كان قائد الثورة الإسلامية آية الله الإمام الخميني يدير البلاد ويحل الأزمات الخطيرة التي كانت تعصف بالجمهورية الإسلامية الفتية، وطلب الدعم من المراجع لإيجاد مخرج للأزمة المستعصية والتي “تهدد بتفكيك النظام وتكريس الانقسامات داخل المجتمع الإيراني”.
وتشير نفس المصادر إلى أن العديد من أعضاء مجلس الخبراء المعني أصلا بتعيين أو عزل الولي الفقيه، وهم من كبار مرجعيات قم الذين التقاهم رفسنجاني يميلون إلى تشكيل “مجلس قيادة جماعي” يدير البلاد بدلا من ولي فقيه واحد، في ضوء ما يقولون من انحياز الولي الفقيه آية السيد علي خامنئي لصالح الرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد، وأنه “فقد بعض شروط القيادة التي نص عليها الدستور” بحسب رأيهم.
كما بحث رفسنجاني مع المراجع الدينيين أن استقالة أحمدي نجاد ستكون حلا منطقيا يخرج إيران من عنق الزجاجة بعد أن تدخلت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية لصالح حقوق الإنسان في إيران بسبب القمع الذي يتعرض له المتظاهرون العزل، وإصرار المرشح مير حسين موسوي على المضي في طريق الإعتراض على نتائج الانتخابات مفضلا القتل على التسليم لما أراده منه خامنئي في خطبة يوم الجمعة 19 يونيو 2009.
ونقلت المصادر عن رفسنجاني قوله للمراجع في قم “إن القائد يجب أن يكون أبا للجميع وقائدا لكل الشعب وليس فقط لجماعة معينة خاصة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.