الحوار بين العِـلمانيين والإسلاميين في العالم العربي يتقدم.. ولكن ببطء
قبل بضعة أسابيع، وتحديدا يوم 12 ديسمبر 2009، عَـقد مُـلتقى الحريات الفلسطيني مؤتمره "الأكاديمي" الثالث بمدينة رام الله تحت عنوان (العِـلمانية والنظام السياسي الفلسطيني). وقد عكست النقاشات، حسب ما ذكر أحد المشاركين، إقرارا بأن العِـلمانية الفلسطينية تمُـر بأزمة وجود.
ومن مظاهر هذه الأزمة، التي دار نقاشٌ مُـستفيض حول أسبابِـها وتداعِـياتها “اتِّـساع نِـطاق الأسْـلمة داخِـل المجتمع الفلسطيني، حيثُ طغت مظاهِـر التدَيُّـن على كافّـة الأنشِـطة المجتمعية، الأهلية والرسمية، مقابِـل تراجُـع مظاهِـر العَـلمَـنة، حتى في المواقع التي كانت سابِـقاً حِـكراً على العِـلمانية وتعبيراتها المُـختلفة”، وهو ما جعل وزير العمل الفلسطيني أحـمد مجدلانـي “يتحـدّث (بمرارة) عن تهاوي قِـلاع العِـلمانية ووصول تأثير قِـيم الأسْـلمة، حتى داخل الحكومة الفلسطينية في رام الله”.
لكن في مقابل هذا الخوف من عودة اكتساح الدِّين للفضاء العام في المجتمعات العربية، اتّـجه علمانيون عَـرب آخرون نحْـو مُـراجعة مواقِـفهم من قضايا التُّـراث، ودخلوا في حِـوارات سياسية وفِـكرية مع إسلاميين، أدركوا بدَوْرهم أنّ مساهمَـتهم في تغيِـير مجتمعاتهم، لا يُـمكن أن تتِـم إلا من خلال المشاركة في إقامة أنظِـمة ديمقراطية بالمنطقة، ومن هنا، تكثّـفَـت تجارِب الحِـوار العلماني الإسلامي في المنطقة العربية على مدى العشرين سنة الماضية.
وقبل أربعة أعوام جاء في بيان تأسيسي صدر في العاصمة التونسية أن “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، وهي تكرِّس وِحدة العمل حوْل الحدّ الأدنى من الحريات وتفتَـح حِـوارا حول مُـقتضيات الوِفاق الديمقراطي، تبقى مفتوحة على كافّـة القِـوى المعنِـية بمعركة الحريات والتغيير، وتؤكِّـد احترامها لاستقلالية كلّ الأطراف المُـتشاركة وقَـبولها للاختلاف، ولا تُـلزم هذه الأطراف إلا بالاتفاقات والمواثيق المشتركة”.
حوارات ونصوص وفاقية غير مسبوقة
وبالرغم من أن انسِـداد أفُـق التحرّك السياسي أمام هذه الأطراف المشارِكة في هذه المبادرة، هو الذي دفعها إلى الالتِـقاء والتنسيق فيما بينها، إلا أن عُـمق التباينات الأيديولوجية القائمة بين حركة النهضة، ذات التوجُّـهات الإسلامية، وبين بقية الأطراف، ذات المُـنطلقات العلمانية – وبالأخص حزب العمال الشيوعي التونسي – قد دَفع بالمؤسسين إلى تنظيم سلسلة من الحِـوارات الفِـكرية والسياسية، كان الهدف منها “البحث عن نِـقاط التَّـقاطُـع والالتِـقاء بين مكوِّنات المُـعارضة التونسية، التي تستجِـيب للحدِّ الأدْنى من مُـتطلّـبات الانتِـقال إلى الديمقراطية وتفتح طريقا لاستقْـرارها وتطوُّرها في بلادنا، والتّـحضير من خلال هذا الحوار لصِـياغة عهْـد ديمقراطي، يتضمّـن مبادِئ وأسُـس النظام الجمهوري، التي يتقيَّـد بها جميع الفُـرقاء، وتشكِّـل مدوّنة سلوك للمواطنة في ظِـل نظام يقوم على الحرية والمساواة والتعدُّدية والتداوُل الديمقراطي على الحكم”.
وبالرغم من أن هذه الهيئة قد عجَـزت عن تحقيق ما كانت تصبُـو إليه على صعيد الفِـعل السياسي لأسباب لا تتعلّـق فقط بالحِـصار المحكم الذي فرضته السلطة عليها، إلا أنها في المقابل تمكّـنت من التوصُّـل إلى إصدار ثلاث نُـصوص وِفاقية بين إسلاميين وعلمانيين غير مسبوقة فيما نعلم، لا فقط في تاريخ العمل السياسي التونسي، وإنما أيضا في تجارب العمل الجبهوي بالمنطقة العربية، بمشرقها ومغربها.
اللافت للنظر، أن النُّـصوص الثلاثة المتعلِّـقة بالمُـساواة بين الجِـنسيْـن وبحرية المُـعتقد وبعلاقة الدِّين والدّولة، لم تُـثر اهتِـماما كبيرا في الساحتيْـن، التونسية والعربية، باستِـثناء تعليقات محدودة صدَرت هنا وهناك.
لقد تعامل مَـن اطَّـلعوا على هذه النصوص، وكأنها مجرّد بيانات سياسية قد ينساها الناس بعدَ أن يجِـفّ حِـبرها. وليست هذه المرّة الأولى التي يتِـم التعامل بها مع عدد من النصوص ذات الطابع الاستِـثنائي، حيث سبق أن صدَر عن الإسلاميين التقدّميين في تونس نصٌّ يُـحدِّد عددا من المقدِّمات النظرية التي تلخِّـص مُـنطلقاتهم الفِـكرية. وبالرغم من أن ذلك النصّ كان ولا يزال متجاوِزا المرحلة التي وُلِـد في رحِـمها، إلا أن أغلَـب العِـلمانيين التونسيين لم يُـدركوا خُـطورة الأفكار التي أفصَـح عنها ذلك النصّ القصير ولم ينتبِـه له إلا عدد قليل مِـنهم. فالسياسة دائما تُـسيْـطر على الأذْهان ولا تسمح بالتِـقاط ما يمكِـن أن تُـحدثه بعض الأفكار.
قد تكون الحِـسابات السياسية لعِـبت دورا في تأسيس هذه الهيئة وفي إقناع جميع مكوِّناتها، بأن تَـقدُم على تنازُلات مُـتبادلة من أجل إنقاذ المبادرة من فشَـل قاتل، لكن ما تمّـت صياغته من أفكار بعد عرض المسودّات ومراجعة الفَـقرات وشطْـب بعض العِـبارات وممارسة الإلْـحاح من هذا الجانب وذاك، لا يُـمكن أن يتملّـص منها أصحابها فيما بعد، وحتى لو حصل ذلك، فإن جزءً من أنصارِ هذه الأطراف الموقِّـعة على تلك النُّـصوص، ستأخذ المسألة بجدِّية. فالتّـكتيك له حدود، وما تمّـت صياغته ستكون له تبِـعات فيما بعد.. حتى ولو جاء ذلك بعد حين.
“الإستبداد باسم الحداثة أو باسم الدين.. مرفوض”
فالأطراف العِـلمانية التَـزمت في النصّ الثالث بمواجهة “الإستِـبداد باسم الحدَاثة، الذي يعمَـل على إلغاء الدِّين من الحياة العامّـة بوسائل قهرية من داخل أجهزة الدولة وخارجها، ويدفع نحو التّـصادم بين الدولة والدِّين”. وأكّـدت على أن “مِـن واجِـب الدولة الديمقراطية المنشُـودة، إيلاء الإسْـلام مَـنزِلة خاصّـة، باعتِـباره دِين غالبية الشعب”.
والتَـزمت أيضا بأن الهُـوِيّـة مسألة حيَـوية وإستراتيجية، وهو ما يقتضي منها “تجذير الشعب التونسي في حضارته العربية الإسلامية، بكل ما فيها من رصيد إيجابي”، وبهذه التّـأكيدات، تكون هذه الأطراف العِـلمانية الموقِّـعة قد قطَـعت مع الراديكالية اللائيكية، التي سيْـطرت في مراحِـل سابقة على جزءٍ هامٍّ من النُّـخبة الحديثة في تونس، سواء داخل أوساط الفِـئات الحاكمة أو في صفوف جزءٍ حيويٍ من المُـعارضة اليسارية وغيرها.
أما بالنسبة للإسلاميين الذين وقّـعوا على هذه النُّـصوص، فيُـفترض أن يكونوا واعِـين تماما بأنهم قد قطعوا بذلك الحبْـل السرّي الذي كان يربِـطهم بمُـجمل الرُّؤى والمفاهِـيم التي لا تزال الحركات الإسلامية العربية تتمسّـك بها وتُـعيد إنتاجها، وإن بأشكالٍ مختلفة. بمعنى آخر، لم يعُـد الإسلام هو الحلّ، وإنما التّـسليم بأنّ الأخْـذ بعيْـن الاعتبار، الإسلام هو جزءٌ من الحلّ.
إذا انتقلنا إلى العالم العربي، لاحظنا بأن العلاقة المتوتِّـرة بين العِـلمانيين والإسلاميين شهِـدت خلال الحِـقبة الأخيرة، لحَـظات من التّـهدئة والتّـقارب. وإذا كان العديد من هذه اللّـحظات محكوماً بظروف استِـثنائية جعلت الحِـوار بينهما لا يستمِـر طويلا، فإن مُـحاولات أخرى اكتَـسبت أهمِـية خاصة، حيث بذلت فيها جهود جدية وأدّت إلى نتائج إيجابية في مسار العلاقة بين الطّـرفيْـن.
ويمكن الإشارة هنا إلى بعض التّـجارب التي أثارت اهتِـمام المُـتابعين لجهود تقريب المسافة بين هاذيْـن التيّـارين الرئيسييْـن، بعضها تمّ على الصّـعيد الإقليمي، والأخرى أنجِـزت داخل بعض الأقطار العربية.
من تجارب الحوار الإقليمي
فعلى الصعيد الإقليمي، تجدُر الإشارة إلى الحوار القوْمي الإسلامي، الذي جرى في القاهرة قبل 20 عاما، وتحديدا في سنة 1989، بمبادرة من “مركز دراسات الوِحدة العربية”، بغرض تجاوُز حالة الصِّـراع والنّـفي المُـتبادَل بيْـن القوميِّـين والإسلاميِّـين. وبما أن التيّـار القومي يصنّـف ضِـمن التيارات العِـلمانية، فإن ندوة القاهرة قد اعتُـبرت من أهمّ المُـحاولات لتأسيس حِـوار جدّي بين العِـلمانيين والإسلاميين.
وممّـا زاد في أهمِـية تلك المحاولة، أنها اختارت أن يكون المدخَـل فكريا قبل أن ينتقِـل إلى المجال السياسي، بعد أن تمّ تأسيس هيْـكل تنسيقي بين التياريْـن، أطلقت عليه تسمية (المؤتمر القومي الإسلامي)، الذي انبثقت عنه سكرتارية قائِـمة على مبدإ التّـداول بين التياريْـن، وتصدر بيانات ومواقِـف من أبرز الأحداث الإقليمية التي تشغل التياريْـن. وإذ لا تزال الخلافات قائمة بين التياريْـن، وهي تطفُـو على السطح من حين إلى آخر، لكن الذي حافَـظ على استمرار الرّوابط بينهما، هو الانشِـغال بالدِّفاع عن القضايا السياسية المُـشتركة، وفي مقدِّمتها “القضية الفلسطينية والدِّفاع عن المقاومة”.
في سنة 2005، وبمبادرة من (مركز دراسة الإسلام والديمقراطية – مقره واشنطن)، تأسست في الدار البيضاء (شبكة الديمقراطيين في العالم العربي)، التي جمعت العشرات من الشخصيات ذات المُـيول الإسلامية والعِـلمانية، مثل د. صادق المهدي، زعيم حزب الأمة السوداني، ود. سعد الدين إبراهيم، مدير مركز بن خلدون وسعد الدين العثماني، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية في المغرب ومصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري ومحسن مرزوق والسفير التونسي السابق أحمد ونيس. ومن أهم ما توصل إليه المؤسّـسون، هو صياغة ميثاق جامِـع لهم يستنِـد إلى “العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتراث الإنساني، وما دعت إليه الأدْيان من قِـيم سامية، إلى جانِـب مبادِئ الإسلام وقيَـمِـه، وقِـيم التّـسامح والتّـعايش والعدالة في الثقافة العربية”، وهي صيغة توفيقية جمَـعت المؤسسين على أرضِـيَـة واحدة، رغم تبايُـن مرجعِـياتهم. كما أعلنوا عن تمسّـكهم “بقِـيَـم التعايُـش ورفض كل أشكال التّـمييز والإقصاء والإيمان بكرامة الإنسان وحُـرمته الجسدية والدفاع عن حقوقه الأساسية، كما وردت في المواثيق الدولية”.
كما شددوا على تمسُّـكهم “بالتغيير الديمقراطي والتداول السِّـلمي على السلطة، في ظل احتِـرام السِّـيادة الوطنية وما تُـجسِّـده دولة القانون والمؤسّـسات من احترام لحقوق المواطنة. ومَـهما اختلفت توجّـهاتنا السياسية والفِـكرية، إسلاميين وعِـلمانيين، ليبراليين أو مُـعتدلين، زعماء سياسيين أو نشطاء المجتمع المدني، طلبة ومثقفين، فإننا جميعا رجالا ونساءً، شباباً وشيوخاً، نُـؤمن بالعمل الديمقراطي كحلّ، للمُـضي قُـدما بشعوبنا والخروج من دوّامة التخلّـف”.
وبالرغم من حالة التعثّـر الذي تُـعاني منه هذه الشبكة، إلا أنها أبرَزت قُـدرة التياريْـن على إمكانية بناءِ وِفاق يسمَـح بالعمل المُـشترك.
مبادرات مماثلة.. من مصر إلى المغرب
أما على الأصعِـدة المحلية، فيُـمكن الوقوف عند أمثِـلة عديدة، من بينها (حركة كفاية)، التي برزت في مصر خلال سنة 2005، باعتبارها حركة اجتماعية احتجاجية مُـناهضة للسلطة. ولم تكُـن حزبا جديدا، وإنما كانت ترمي إلى إقامة تجمّـع لقِـوى وفعاليات تنتمي إلى تيارات مُـختلفة، بادَر بتأسيسها مثقفون مستقِـلّـون، معظمهم من العِـلمانيين، وقد أشركوا عناصِـر من الإسلاميين، مثل قياديِّـين في حزب الوسط، ذي التوجّـه الإسلامي المعتدِل، وكذلك شخصيات قيادية في حركة الإخوان المسلمين أو قريبة منها. وبالرغم من أن هذه المبادرة قد تراجَـع حجمُـها وحماسُـها، إلا أنها كشفت عن وجود أرضِـية مُـشتركة، يُـمكن أن تجمع بين العِـلمانيين والإسلاميين، خاصة وأن الحركة رفعت خلال تحرّكاتها شعارات ومطالِـب أيّـدتها جميع أطْـياف المعارضة المصرية، مثل إقامة النظام الديمقراطي ورفض توريث الحُـكم ومحاربة الفساد وإطلاق الحريات.
وفي لبنان تأسّـس تحالُـف 8 آذار، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من البلاد، جمع قِـوى سياسية مُـختلفة في عقيدتها وفي تاريخها السياسي، وبالأخصّ حزب الله وحركة أمل من جهة، والتيار الوطني الحُـرّ بقيادة الجنرال عون إلى جانب مجموعات أخرى، مثل تيار التوحيد والحزب السوري القومي الاجتماعي من جهة أخرى.
وإذ اعتبر البعض أن هذا التّـحالف غيْـر طبيعي، بحُـجة أنه جمَـع بين حِـزب ماروني وآخر يُـؤمن بولاية الفقيه، إلا أن ذلك قد كشف على صعيد آخر، حجم المرونة أو البرغماتية السياسية، التي يُـمكن أن يتمتّـع بها العِـلمانيون والإسلاميون، عندما يجمعهم برنامج سياسي مُـوحّـد.
وفي الجزائر، دخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد انتخابه رئيسا في دورة أولى، في حوار معمّـق مع حركة مجتمع السِّـلم، ذات التوجّـه الإسلامي التي أسّـسها الراحل الشيخ محفوظ نحناح، وقد أدّى ذلك إلى انخراط الحركة الإخوانية التوجه في تحالف مع حزب التجمّـع الوطني الديمقراطي، وكذلك جبهة التحرير الجزائرية.
وبالرغم من الانتِـقادات التي وجّـهت لهذا التّـحالف، وبالأخص للطّـرف الإسلامي فيه، إلا أن الأحزاب الثلاثة لا تزال تشكِّـل الكُـتلة الحاكمة في الجزائر. وتدُل هذه التّـجربة الجزائرية على إمكانية أن يرتقي الحوار بين العِـلمانيين والإسلاميين إلى درجةٍ تسمَـح بإشراك حركةٍ إسلامية في السّـلطة، دون أن يُـغيِّـر ذلك من موازين القِـوى القائمة.
وفي اليمن، تأسس عام 2003 تحالُـف أطلق عليه اسم “أحزاب اللِّـقاء المُـشترك”، جمع هو أيضا بعض خصوم الأمْـس، الحزب الاشتراكي من جهة وحزب الإصلاح، ذي التوجه الإسلامي، من جهة أخرى، عِـلما وأن هذا الأخير دعا إلى الجِـهاد ضدّ الاشتراكيين في الحرب التي اندلعت باسم حماية الوِحدة عام 1994، لكن الأيام دارت فيما بعد لتجعَـل منهما خصوما مُـوحَّـدين ضدّ السلطة الحاكمة.
أما في المغرب، فقد تم إطلاق سلسلة من الحوارات بين العِـلمانيين والإسلاميين، استمرّت لمدة سنة، وذلك بمبادرة من الفرْع المغربي لمجلس المواطنين بالشرق الأوسط المعروف باسم (Meca)، وبدعمٍ من مجلس السلام الهولندي (IKV)، إلى جانب عدد من الجمعيات المغربية. وقد استمر هذا الحِـوار ما بين مارس 2007 إلى شهر يونيو 2008، كما شارك فيه حواليْ 600 شخص وواكبتْـه الصحف المحلية والدولية. وقد نجح هذا الحوار في إتاحة الفرصة لتيارات معادِية لبعضها البعض للتلاقي وتبادَل الرأي.
وفي مداخلة له، وصف عمر أحرشان، رئيس شبيبة العدل والإحسان سابقا وعضو الدائرة السياسية لهذه الجماعة، الرِّهان المطروح على اليسارِيين المغاربة بقوله: “هناك ما يجمعنا وهناك ما يفرِّقنا، وبما أن المصلحة العامة تقتضي الإقرار بما يجمعنا والديمقراطية تقتضي الإقرار بما يفرِّقنا، فلنتعاوَن فيما يجمعنا ولنتنافس فيما يفرِّقنا”.
ألا يدُلّ هذا الكلام على أن الكثير من الإسلاميين والعِـلمانيين في العالم العربي قد تعلّـموا من دُروس الماضي؟
صلاح الدين الجورشي – تونس – swissinfo.ch
عقدت لجنة المتابعة للمؤتمر القومي – الإسلامي إجتماعها السنوي في فندق البريستول في بيروت يوم السبت في الثاني عشر من ديسمبر 2009، الموافق 25 ذي الحجة 1430.
وبعد نقاشات ومشاورات مستفيضة خلصت اللجنة الى المواقف والتوصيات التالية:
1- تدعو اللجنة الى التعبئة وحشد طاقات الأمة،الشعبية والرسمية،لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تتعرض لها مدينة القدس ومقدساتها، ولاسيما المسجد الأقصى المبارك الذي تتهدده الحفريات تحته بالإنهيار.
2- تدعو اللجنة حركتي فتح وحماس وبمشاركة كل الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة للدخول في حوار جاد لإنهاء الإنقسام، وتحقيق وحدة وطنية على أساس مقاومة الإحتلال، وكسر الحصار عن قطاع غزة،والعمل على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة المقاومة وحفظ الثوابت الفلسطينية.
وتطالب اللجنة الجامعة العربية والدول العربية بإعادة تقويم سياساتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتخلي عن مبادرة السلام العربية وإستراتيجية التسوية والمفاوضات، مع العودة إلى دعم المقاومة والإلتزام بالقضية الفلسطينية قضية مركزية للأمة ورفض كل أشكال التطبيع مع إسرائيل.
3- تعتبر اللجنة العملية السياسية في العراق في ظل الإحتلال غير شرعية، كما تعتبر كل ما يترتب عنها من إتفاقات سياسية وعسكرية وإقتصادية مع أمريكا وشركائها باطلة. وتحيي اللجنة قوى المقاومة العراقية وتدعوها إلى توحيد صفوفها، وتحذر من المناورات السياسية الأمريكية الرامية إلى تمييع المقاومة وزرع الفتن بين مكونات الشعب العراقي،كما تدعو لمواصلة الدعم الشعبي للمقاومة العراقية.
4- تحيي اللجنة المقاومة اللبنانية على إنجازها في التحرير والصمود، وتدعو لبنان، حكومة وشعباً، إلى رفع مستوى اليقظة والإعداد لمواجهة أي عدوان صهيوني محتمل.وتدعو اللجنة الدولة اللبنانية لإصدار تشريعات تكفل الحياة الكريمة للاجئيين الفلسطينيين وتحسن أحوالهم المعيشية، مع التأكيد على حق العودة ورفض مشاريع التوطين.
5- توصي اللجنة بوقف الإقتتال الدائر في صعدة ومنطقتها الحدودية مع السعودية فوراً،مع فتح الطرقات لإغاثة الجرحى واللاجئين، وتدعو جميع الأطراف اليمنية إلى الحوار والتوافق ونبذ كل دعوة للإنفصال والإحتراب الداخلي، حفاظاً على وحدة اليمن وصونه من الفتنة والفرقة ونبذ العداوات.
6- تدعو اللجنة حكومة السودان وجميع الأطراف السودانية إلى الدخول في حوار أخوي للحيلولة دون تفاقم الخلافات والإنقسامات، وتؤكد على وحدة السودان، أرضاً وشعباً ومؤسسات.
7- تعبر اللجنة عن قلقها الشديد تجاه ما يجري في الصومال من إقتتال وانقسامات داخلية،وتدعوالحكومة وكل الأطراف الصومالية إلى وقف فوري لإطلاق النار والعمل على إنجاز الإستقلال التام للبلد وحمايته من كل أشكال التدخلات الأجنبية.
8- تدين اللجنة ما أقره مجلس النواب الأميركي من استهداف الإعلام المقاوم، وتحذر من خطورة استجابة الحكومات العربية لهذه القرارات المناهضة للحرية والداعية لتصفية الإعلام الحر والموضوعي والمهني تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
9- تؤكد اللجنة على مواقف المؤتمر القومي – الاسلامي بضرورة إحداث إصلاح سياسي حقيقي، وإزالة الإستبداد، ومراعاة حقوق الإنسان والتأكيد على التوجه الوحدوي العربي ومناهضة دعوات التحريض الطائفي والإنقسامات الجهوية والصراعات القطرية-القطرية.
(المصدر: المؤتمر القومي الإسلامي بتاريخ 13 ديسبمر 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.