ريكيافيك، فيينا، سيول، لوس انجلوس وبرن: هذه هي المدن الرائدة للديمقراطية المباشرة. منذ عدة سنوات، تلتزم أعداد متزايدة من الحكومات المحلية والإقليمية بإشراك المواطنين في عملية صنع القرار. وفي المنتدى العالمي السادس للديمقراطية المباشرة الحديثة للعام 2016، الذي يعقد من 16 وحتى 19 نوفمبر الجاري في مدينة دونوستيا/ سان سيباستيان في إقليم الباسك شمال إسبانيا، يسعى قرابة 200 مشارك إلى الدفع باتجاه تقدّم أكبر في مجال الديمقراطية المحلية.
بعناء كبير أشق طريقي لأصل إلى مكان اللقاء المُتفق عليه. وكما أخبرني مسؤول الإتصال في سلطات المدينة فإن هذا المكان هو “مقهى باريس”. وها أنا الآن أجد نفسي وسط عاصفة ثلجية – في نهاية شهر أكتوبر- أمام هذا المقهى الواقع وسط ريكيافيك، العاصمة الآيسلندية الواقعة في أقصى شمال العالم.
يُنشر هذا المقال في إطار #DearDemocracy، المنصة التي تخصصهاswissinfo.ch لمتابعة قضايا وتطورات الديمقراطية المباشرة.
ريكيافيك أفضل”. هذا هو العنوان الذي يحمله الموقع الإلكتروني للعاصمة الآيسلندية، التي أختارت الممثل الكوميدي جون غنارّ عمدة لها منذ ستة أعوام خلت، في أعقاب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها الكبيرة حينئذٍ. بيد أن وعد غنارّ بـ “جعل كل شيء مختلف تماماً” لم يسفر عن الكثير، وبعد أربعة أعوام من توليه لهذا المنصب، أعلن الممثل والسياسي الآيسلندي عدم سعيه لفترة ولاية ثانية بعد إنتهاء ولايته الأولى.
مع ذلك، صمدت أفكار غنارّ بشأن “ديمقراطية أفضل”. وكما تقول أونّور ماغريترابط خارجي مُستهلّة حديثها معي في مقهى باريس: “بامكان جميع المواطنين اليوم لعب دورهم في السياسة المحلية عبر منصة جديدة على شبكة الإنترنترابط خارجي“. وماغريت هي المكلفة بشؤون الديمقراطية في مدينة ريكيافيك، التي يقطنها اليوم ما لا يقل عن 130,000 شخص من إجمالي سكان إيسلندا البالغ عددهم 320,000 نسمة.
وفي السياق نفسه، تعمل لجنة من برلمان البلدية في غضون ذلك على صياغة “دستور ديمقراطي” جديد للمدينة الواقعة في الدائرة القطبية الشمالية. وبحسب أونّور ماغريت :”سوف يؤدي ذلك إلى ترسيخ التفهم الجديد للمزيد من الديمقراطية المحلية القائمة على المشاركة على المدى الطويل أيضاَ”.
شبكة صغيرة تضم أسماك كبيرة
وعندما يتعلق الأمر ببداية ديمقراطية جديدة تضع المواطنين والمواطنات في مركز عملية صنع القرار بشكل متزايد، لا تقف العاصمة الآيسلندية وحدها. ففي جميع أنحاء العالم، عمدت العديد من المدن الكبيرة والصغيرة في العقد الماضي في أعقاب الأزمات وما نجم عنها من إضطرابات سياسية، إلى تولى زمام الأمور بشأن مسألة تنامي انعدام الثقة بين الناخبين والمنتخبين.
المنتدى العالمي للديمقراطية المباشرة الحديثة للعام 2016
سوف تعقد الدورة السادسة للمنتدى العالمي للديمقراطية المباشرة الحديثة من يوم 16 وحتى 19 نوفمبر الجاري في مدينة دونوستيا/سان سيباستيان في أسبانيا.
من المتوقع أن يحضر المنتدى نحو 200 مشارك ومشاركة من أكثر من 30 بلداً. وينتمي هؤلاء إلى قطاعات السياسة والإدارة ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية.
سوف يتم التطرق في هذه الدورة إلى المواضيع الثلاثة الرئيسية التالية: 1) المدن كـ “محركات” لتطوير الديمقراطية المحلية؛ 2) وظيفة وسائل الإعلام في الديمقراطية المباشرة؛ 3) الخلاف حول الديمقراطية المباشرة ومستقبلها بعد استفتاء “بريكسيت” وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
يتصدر موضوع الممارسة الديمقراطية الدورة السادسة للمنتدى العالمي للديمقراطية المباشرة الحديثة بشكل صريح؛ وتشكل الموائد المستديرة وورش العمل الجزء الرئيسي من برنامج المنتدى.
من خلال منصتها#DearDemocracy الخاصة بالديمقراطية والناطقة بعشرة لغات، سوف تقوم swissinfo.ch بدور الشريك الإعلامي لهذا الحدث، حيث سيتولى فريق من الصحفيين والصحفيات العاملين في منصة # DearDemocracy- مهمة إعداد التقارير عن المنتدى في المدونات، بالإضافة إلى مواقع فيسبوك وتويتر للتواصل الإجتماعي.
وفي العاصمة الكورية الجنوبية سيول، التي يقطنها 10مليون نسمة، قام عمدة المدينة بارك وون سون بتغيير دور الإدارة تماماً في غضون سنوات قليلة. وبدلاً من عَمَل هذه الإدارة لصالح الحكومة، فإنها “تعمل اليوم لصالح المواطنين” على حد قول بارك.
وخلال هذه العملية التحولية، يتعين على العديد من الحكومات المحلية الكفاح بداية للوصول إلى ما يبدو في مناطق أخرى من العالم – مثل كانتونات ومدن وبلديات سويسرا – مسألة طبيعية منذ زمن بعيد، ألا وهو حقوق المشاركة الديمقراطية المباشرة للسكان. وتوفر هذه الحقوق الفرصة للسكان لتقديم مقترحاتهم الخاصة عبر المبادرات إلى جدول أعمال السلطات أو للتصويت عليها حتى. بالإضافة إلى ذلك، تتوفر للناخبين إمكانية مساءَلة مقترحات الساسة المُنتَخَبين من خلال حق الاستفتاء، وجلبها إلى صناديق الإقتراع إذا اقتضت الضرورة لكي تكون الكلمة الفصل للشعب.
في مواجهة السلطات المركزية
على صعيد آخر، تؤدي المبادرات الداعية إلى ترسيخ المزيد من الديمقراطية على المستوى المحلي إلى صراعات مع المشرّعين الأصليين في العديد من الأماكن. وهذا ما يمكن لمسه أيضاً في مدينة دونوستيا / سان سيباستيان في إقليم الباسك، محل انعقاد المنتدى العالمي للديمقراطية الحديثة لهذا العام. وبهذا الصدد، كانت محكمة إسبانية مركزية قد أعلنت مؤخراً رفضها لتشريعات بلدية ذات صلة. ويعني هذا على وجه التحديد، إلغاءعملية تصويت على المستوى المحلي كان من المقرر إجراؤها في سان سيباستيان خلال شهر فبراير المقبل، بشأن مساهمات خزينة المدينة بـأنشطة مصارعة الثيران.
وانطلاقاً من الفكرة القائلة بضرورة بدء مستقبل الديمقراطية الحية على المستوى المحلي، تحاول السلطات المحلية في دونوستيا الآن الخروج من الغابة القانونية -السياسية، ودعت لذلك متخصصين من أكثر من 30 دولة لـلمشاركة في “المنتدى العالمي السادس للديمقراطية المباشرة الحديثة”. (أنظر الحاشية)
وفي هذا المؤتمر العالمي الذي يعقد في عاصمة الثقافة الأوروبية الثقافية لهذا العام، سوف يتحدث عدد من المشاركين السويسريين أيضاً حول التجارب والممارسات الغنية مع الديمقراطية المباشرة على الصعيد المحلي. ومن بين هؤلاء خبير العلوم السياسية أندرياس غروس، أحد أشهر المتخصصين في مجال الديمقراطية دوليا. وفي المجال نفسه، تستأثر حتى أصغر المؤسسات ذات العلاقة مثل المنتدى السياسي في ‘كيفيغتورم’” (أو برج السجن في برن) منذ سنوات بالإهتمام، وتجد الكثير من المقلدين لها حتى في آسيا.
دعم المشاريع الكبرى ديمقراطيا
في نفس الوقت، تم تطوير أنماط جديدة من المشاركة الشعبية في العديد من مدن العالم، التي كانت وسائل الديمقراطية المباشرة فيها أقل تطورا بكثير مما هي عليه في سويسرا. وهكذا مثلاً، إلتزمت الحكومة المحلية للعاصمة النمساوية فيينا بإجراء حوار مدني شاملرابط خارجي عند تنفيذ مشاريع بناء كبرى، وفقاً لـ ماريا فاسّيلاكو نائبة رئيس البلدية، والمسؤولة عن مشاركة المواطنين في حكومة مدينة فيينا. وبدورها، سوف تقدم فاسّيلاكو تقريراً عن تجربتها مع هذا الشكل الجديد من أشكال المشاركة الشعبية في المنتدى العالمي في دونوستيا.
علاوة على ذلك، سوف يستعرض ممثلون عن ولاية بادن فورتمبيرغ الألمانية إجراءاتهم في هذا المجال أيضاً. ويستهدف هؤلاء في عملهم تعزيز الإمكانيات المحلية للمشاركة “من الأسفل”. وكما يقول فابيان رايدينغَر، الموظف المسؤول في وزارة الدولة في شتوتغارت :”تتيح منصتنا الخاصة بالمشاركة الشعبيةرابط خارجي لممثلي المجتمع المحلي وفرادى المواطنين الإستعلام وتبادل المعلومات، وتمنحهم فرصة التعليق والمشاركة”. ورايدينغر هو أحد المشاركين في المنتدى العالمي السادس للديمقراطية المباشرة الحديثة أيضاً، حيث سيتحدث عن خبراته المكتسبة في مدينة شتوتغارت.
ومن المتوقع أن تكون هذه المدينة كمكان “للمزيد من الديمقراطية” موضعاً للموائد المستديرة وحلقات النقاش وورش العمل في هذا المؤتمر الذي يستمر أربعة ايام. كما سيتم التطرق إلى المحاولات الوليدة للديمقراطية في مدن مثل برشلونةرابط خارجي ومدريدرابط خارجي ولوس أنجلوسرابط خارجي، حيث يتم في ظل هذه الحواضر الكبرى اختبار أشكال جديدة من التقارب ومساعدة الجار واتخاذ القرارات المتعلقة بالميزانية.
وحيث لا تلقى هذه المبادرات الحكومية المحلية ترحيباً وقبولاً من قبل الحكومات المركزية الوطنية لكل منها لأسباب تتعلق بالهيمنة السياسية – كما يظهر في مثال المدينة المضيفة – تسعى هذه المدن الديمقراطية الآن إلى تعزيز التواصل بينها عبر الحدود، والتعلم من بعضها البعض بالإستناد على “أفضل الممارسات”. وكان أول البادئين بتحقيق ذلك هو مجلس أوروبا في ستراسبورغ، من خلال تأسيسه لـ “التحالف من أجل مشاركة المواطنينرابط خارجي” الذي يضم في عضويته 16 مدينة و13 بلداً حتى اليوم.
الأكثر قراءة السويسريون في الخارج
المزيد
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
كيف يمكننا منع احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل الدول والشركات الكبرى؟
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على حل العديد من مشكلات العالم، لكن قد تسعى الدول الأغنى والشركات التكنولوجية الكبرى إلى احتكار هذه الفوائد لمصلحتها الخاصة.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
التونسيون يتآلفون مع مفاهيم وآليات الحوكمة المحلية
تم نشر هذا المحتوى على
إذا أردنا أن نقيس مدى هذا التقدّم وندرك عمق التغيير على هذا المستوى، علينا أن نعود إلى وقائع منتدى الديمقراطية المباشرة الذي أقيم في شهر ماي من العام الماضي في تونس، باعتبارها شجرة ديمقراطية يافعة وسط غابة من الأنظمة الإستبدادية. فقد شارك في تلك التظاهرة عشرات النشطاء وأعضاء منظمات المجتمع المدني، إلى جانب موظفين في…
سويسرا تتبوأ المرتبة الأولى لكنها تتعرّض إلى نقد لاذع
تم نشر هذا المحتوى على
قامت دراسة جديدة بوضع سويسرا في المرتبة الأولى بلا منازع فيما يتعلق بحق المشاركة في صنع القرار السياسي. إلا أن البحث الذي قامت به مؤسسة بيرتلسمان الألمانية يضع يده بلا هوادة على معضلة تواجه سويسرا ـ ألا وهي الإفتقار إلى الشفافية المالية وهذه الظاهرة يوجه إليها النقد منذ عقود. تعد هذه هي المرة الأولى التي…
تم نشر هذا المحتوى على
على عكس بلدان الربيع العربي الأخرى، نجحت تونس في تجاوز المرحلة الإنتقالية التي تلت الإطاحة بنظام بن علي. ويؤكِّـد الخبير القانوني عياض بن عاشور، الذي لعب دورا مهمّـا في عملية الإعداد للإصلاحات السياسية، أن تاريخ البلد وتجربته السابقة في البحث عن الوفاق وممارسة "الديمقراطية التشاركية"، تفسِّـر هذا النجاح الذي لا زال هشّـا.
تم نشر هذا المحتوى على
تجسيد سويسرا لقيم الديمقراطية والسلام يحملها مسؤولية الإسهام بفعالية في رفع التحديات التي تواجه الإنسانية مثل العنف والفقر والإستبداد والفساد. كجزء من فعاليات قسم "الابواب المفتوحة" بالدورة الحالية لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، أطلق الرئيس السويسري ديدييه بوركهالتر يوم الاحد 10 أغسطس الجاري مبادرة "ديمقراطية بلا حدود". والهدف منها تعزيز الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان في العالم من خلال بعث ودعم مشاريع ملموسة في العديد من المناطق في العالم.
وأوضح بوركهالتر في خطاب ألقاه بالمناسبة أن "تجسيد سويسرا لهذه القيم، يحمّلها مسؤولية الإسهام الفعال في رفع التحديات التي تواجه الإنسانية، وحلّ أزمات العالم المتفاقمة"، وفقا للبيان الصادر عن وزارة الخارجية السويسرية.
وبالنسبة للرئيس السويسري دائما "تتأثّر سويسرا مباشرة من الأوضاع السائدة في العالم". وحتى الأزمات التي تحدث بعيدا عن حدودها، "تكون لها تداعيات في داخلها على مستوى الهجرة والامن والاقتصاد"... ومن مصلحة سويسرا يضيف المسؤول السويسري: "الإسهام في تحقيق الإستقرار في العالم".
لكن ليس هذا فحسب، فالكنفدرالية، وفقا لديدييه بوركهالتر "تحصل على الكثير من ثرواتها من التبادل التجاري مع الخارج، ومن انفتاحها على المناطق الاخرى، وهي من أكثر البلدان عولمة وتنافسية، ومن اكثرها اعتمادا على التجديد والابتكار". وإلى جانب كل هذه المصالح، "علينا أيضا واجب المساهمة في الاستقرار العالمي"، يضيف وزير الخارجية السويسري.
البحث عن الجدوى والإشعاع
الفكرة التي تتأسّس عليها هذه المبادرة بسيطة جدا، وهدفها وفقا لسونجا إيسيلاّ، موظفة دبلوماسية وناطقة بإسم وزارة الخارجية السويسرية: "إشراك شخصيات سويسرية تحظى بالإشعاع والشهرة في الداخل والخارج في تنفيذ مشاريع تشرف عليها الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية، وزيادة تأثيرها للفت الأنظار وجذب الإشعاع إليها".
ولا تهدف مشاركة هؤلاء إلى توعية وتحسيس السكان السويسريين لأهمية هذه المشاريع فحسب، بل وكذلك تحسيس السكان المحليين في البلدان المستفيدة بحجم التحديات وأهمية الرهانات التي تسعى إلى تحقيقها".
وتنحدر هذه الشخصيات من مجالات واختصاصات متنوعة، من سياسيين، وفنانين، وإعلاميين، ورجال أعمال،... وهذا التعدد والتنوّع يعزّز من فعاليات هذا المسعى. لكن ميزة هذه المبادرة كما ترى إيسلاّ، هو أن "الجميع يتعاون من أجل الجدوى والفعالية، وتحقيق النجاح المنشود".
وتتضمّن القائمة المؤقتة التي نشرتها وزارة الخارجية للشخصيات التي قبلت حتى الآن القيام بهذا الدور أسماء لامعة مثل أندرياس آور، الفقيه الدستوري، وديك مارتي، عضو مجلس الشيوخ السويسري، ونائب رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (OMCT)، وشيارا سيمونيشي، النائبة البرلمانية السابقة، والرئيسة السابقة للجنة الفدرالية المعنية بقضايا المرأة، وفيرونيك بوليتو، السكرتيرة الأولى لإتحاد النقابات السويسرية....، والمعيار الرئيسي لإختيار هذه الشخصيات بحسب الناطقة بإسم وزارة الخارجية "خبرة المترشحين ومعرفتهم بالمجالات ذات الصلة بالمشاريع التي اختيروا سفراء لها".
تعزيز الديمقراطية
أما المشروعات التي اختارت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، وقسم السلامة الإنسانية بوزارة الخارجية إدراجها ضمن هذه المبادرة حتى الآن فتشتمل على ثلاثة مشروعات طموحة.
يهدف المشروع الأوّل إلى دعم عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، إذ يشهد هذا البلد المغاربي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي "عملية تحوّل مهمة وعميقة". وتركّز سويسرا بحسب سونجا إيسلاّ جهودها ودعمها في هذا السياق على "تعزيز دور المرأة التونسية في الحياة السياسية، ودعم استقلالية وسائل الإعلام، والمساعدة في جهود إصلاح المؤسسات الامنية والقضائية".
وعن الدور المستقبلي لبرنامج "ديمقراطية بلا حدود" في تونس، تقول الموظفة الدبلوماسية السويسرية في حديث إلى swissinfo.ch: "حالما تنظم الانتخابات التشريعية المقبلة، ستكون المهمّة الرئيسية للبرلمان المنتخب تنزيل الدستور الجديد، ما سيتطلّب صياغة عدد كبير من القوانين والمراسيم ثم المصادقة عليها وتنفيذها. وفي بعض المجالات المحددة، ستوفّر شخصيات سويسرية مثل أساتذة القانون والمحامين، والمعنيين بقضايا حقوق الإنسان، وأعضاء سابقين في البرلمان السويسري، المشورة والنصح للبرلمانيين التونسيين المنتخبين حديثا".
للسينما دورها أيضا
شهدت الدورة السابعة والستون لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي تنظيم حدث استثنائي وخاص بالتعاون مع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية ووزارة الخارجية.
فقد تم تقديم الفيلم الاثيوبي "ديفريت" (Difret) للمخرجة زيريزيناي برهان مهاري في عرض خاص وتبعه نقاش مع منتج الفيلم ميهرات مانديفرو، ومشاركة نافي بيلاي، مفوّضة الامم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وفينانتي بيزينفاي نابينتي أمينة عام المنظمة الكونغولية غير الحكومية "شبكة النساء المدافعات عن حقوق الإنسان وعن السلام"، وجيانكارلو دي بيشياتو، رئيس مكتب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون بمنطقة البحيرات الكبرى.
وفيلم "ديفريت"، عمل روائي طويل يروي قصة محامية اثيوبية تقوم بالمرافعة والدفاع عن فتاة تبلغ من العمر 14 عاما متهمة بقتل رجل حاول اختطافها لإجبارها على الزواج به. وهذا هو الفيلم الرابع فقط الذي ينتج في أثيوبيا باللغة الامهرية الرسمية في اثيوبيا. ولعنوان الفيلم دلالتيْن: "الشجاعة" وأيضا "المغتصبة".
يتساءل هذا الفيلم الذي يشارك في مهرجان لوكانو السينمائي الدولي ضمن قسم "الأبواب المفتوحة" عن فرص اندماج مجموعات سكانية معينة في العالم الحديث، وعما يحدث عندما يتم التخلّي عن تقاليد استمرت لقرون، وما يواجه الافراد عندما يتخلون عن نظم عقائدية معينة.
سبق لهذا الفيلم أن فاز بجائزة أفضل فيلم روائي في بنوراما جائزة الجمهور في مهرجان برلين السينمائي، كما حصل على جائزة الجمهور في مهرجان الفيلم السويدي.
دعم الفئات الضعيفة
البرنامج الثاني ضمن مبادرة "ديمقراطية بلا حدود"، يتمثّل في نجدة ومساعدة النساء اللاتي هن ضحايا العنف والاغتصاب في منطقة البحيرات الكبرى الفاصلة بين رواندا وبورندي والكونغو الديمقراطية. منطقة شهدت العديد من النزاعات المدمّرة في التسعينات، وتسببت في ويلات شديدة للسكان المحليين خاصة بالنسبة للنساء حيث تعرضن إلى العنف والاغتصاب، ممارسة انتشرت على نطاق واسع خلال نزاعات استمرت لعقد كامل. وتشير التقديرات السويسرية إلى أن عدد ضحايا الاغتصاب في تلك المنطقة يصل إلى 5000 حالة في السنة.
وللحد من هذه المعاناة، تموّل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون برنامجا يشمل جنوب الكونغو الديمقراطية وبورندي ورواندا المجاورتيْن، ويقدّم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهذه الفئة من النساء بالتعاون مع المؤسسات الاهلية هنا ومع مؤسسات المجتمع المدني السويسري المعنية بحقوق المرأة.
ولمعالجة ظاهرة العنف ضد النساء من جذورها، تعتمد الجهود السويسرية وفقا لتقرير على موقع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية مقاربة تشاركية تساهم فيها عائلات الضحايا والمجموعات السكانية المحلية في أفق إيجاد آليات دائمة تكون قادرة على رد الفعل والتحرّك لمواجهة أي خطر يهدد وحدة النسيج الاجتماعي في تلك المناطق.
المشروع الثالث الذي أطلقته الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية ضمن هذه المبادرة في العام الماضي يهدف إلى توفير فرص التدريب المهني للذين يقطنون في الاحياء الشعبية في ضواحي مدن كبيرة بالهندوراس، حيث يوجد مستوى عال من الانحراف والعنف. إنها محاولة لإيجاد بديل لهؤلاء الشباب للوقاية من الوقوع في قبضة العصابات والجريمة المنظمة في بلد يعرف بأعلى معدلات القتل والجريمة في العالم.
لا يهدف المشروع إلى تحسين القدرات المهنية والتقنية للمستفيدين، بل تمكينهم مهارات وخبرات عامة تساعدهم على الإندماج في المجتمع وتجنب الوقوع في الإنحراف. ولقد حدّد هذا البرنامج هدفا مرحليا له يتمثّل في تكوين 12.200 شابا إضافيا بحلول عام 2017، على أن يحصل 50% منهم على الأقل على فرص عمل خلال السنة التي تلي انتهاء تدريبهم، بما يساعدهم على الخروج من الدائرة المفرغة للعنف والفقر.
لئن كان توجّه مبادرة "ديمقراطية بلا حدود" في الأساس دعم مشاريع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية القائمة اصلا، فإنها لا تستبعد كما تقول سونجا أيسلاّ دعم مشروعات أخرى في المستقبل، ودعوة المشاهير السويسريين إلى التعريف والترويج لها، وكان هذا ردا منها على سؤال swissinfo.ch بشأن امكانية إطلاق جهود سويسرية لدعم الأقليات الدينية والعرقية التي تواجه الخطر في العراق حاليا.
تم نشر هذا المحتوى على
وترى دورست في حديث مع سويس إنفو أن هناك حظوظا أوفر لتحقيق إصلاحات في ظل النمط القديم من الديمقراطية المباشرة المعروف باسم “لاندزغيمايندي” مقارنة بنظام التصويت الحديث عبر صناديق الاقتراع. وبعد 650 سنة من انضمام كانتون غلاروس إلى الكنفدرالية السويسرية، استطاعت أول امرأة الصعود إلى سدة الرئاسة في هذا الكانتون. وستشرف مريان دورست البالغة من…
تم نشر هذا المحتوى على
بعد أن كرس معظم حياته المهنية في قضايا الديمقراطية التشاركية، يستحضر أستاذ العلوم السياسية والسياسي البالغ من العمر 63 عاماً أكثر من أربعة عقود زاخرة بمجموعة واسعة النطاق من المقالات والمقابلات والتحليلات، علاوة على خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وكان كتاب آندرياس غروسّ الأخير “الديمقراطية المباشرة غير المُكتملةرابط خارجي” فرصة مثالية لـswissinfo.ch…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.