اهتمام مغربي بالتجربة السويسرية في مجال التعددية اللغوية
للإطلاع على تجربة سويسرا في مجال تطبيق التعددية اللغوية وتسخير ذلك لخدمة سمعة البلد واقتصادها، أدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي المغربي السيد أحمد أخشيشين بزيارة للكنفدرالية اجتمع خلالها بالمسؤولين السويسريين وزار بعض المعاهد والجامعات المطبقة للتعددية اللغوية.
هذه الزيارة التي استمرت يومين (16 و17 فبراير) جاءت ردا على الزيارة التي قام بها باسكال كوشبان، عضو الحكومة الفدرالية المكلف بملفات الداخلية والتعليم والتربية والصحة إلى المغرب في يناير 2008، وسمحت للسيد أخشيشين بالإطلاع على تجربة سويسرا في مجال تطبيق التعددية اللغوية في إطار نظام فدرالي.
وفي حديث خص به سويس إنفو، تحدث الوزير المغربي عن مشاريع بلاده في مجال تطبيق التعددية اللغوية، وخاصة ما يتعلق بإدماج تدريس اللغة الأمازيغية، وعن كيفية الإستفادة من التجربة السويسرية ومن تجارب بلدان أخرى عربية وغير عربية.
سويس إنفو: ما هو الإطار الذي تمت فيه هذه الزيارة لسويسرا، وما هي المحاور التي اشتملت عليها؟
الوزير أحمد أخشيشين: هذه الزيارة أتت في سياق ما عمل نقوم بانجازه منذ عدة شهور في إطار إرساء مخطط استعجالي حول المدرسة المغربية. وهو عبارة عن ورش مفتوحة كما هو بالنسبة للعديد من الأنظمة التعليمية في العالم. فالمدرسة تواجه اليوم أسئلة كبرى من نوع جديد، ومن ضمن ذلك سؤال السياسات اللغوية التي يجب اعتمادها داخل المؤسسات التربوية وداخل أنظمة التعليم.
وهذا ما باشرنا التعاطي معه منذ شهور في مقاربة تتوخى أولا محاولة قراءة التجارب المتوفرة اليوم سواء على مستوى المنظومات التعليمية في العالم العربي كما هو الحال في لبنان والأردن وتونس وسوريا. أو كما هو الحال بالنسبة لبعض الأنظمة التعليمية الأكثر تقدما في أوروبا ومن ضمنها طبعا النظام السويسري.
فسويسرا كما يعرف الجميع لديها مميزات وخصوصيات ترتبط أساسا بالوضع اللغوي حيث تتعايش ثلاث لغات أساسية التي هي الإيطالية والألمانية والفرنسية (إضافة الى لغة الرومانش المحدودة الانتشار). وبالطبع تدبير التعدد اللغوي كان له انعكاس مباشر حول تنظيم المدرسة في سويسرا سواء على المستويات الإبتدائية أو الأساسية أو على المستوى الجامعي. لذلك وفي إطار اطلاعنا على التجارب المطبقة كان من اللازم ان نقف عند التجربة السويسرية التي تعتبر من حيث المردودية ومن حيث النتائج إحدى التجارب الأكثر نجاحا في المنطقة التي نوجد فيها.
وقد لاقينا استعدادا فعليا على مختلف المستويات سواء السياسية أو التقنية والمهنية في المجال التعليمي في سويسرا من أجل توضيح مقومات هذه التجربة من جهة، ومن أجل فتح آفاق بالنسبة للمدرسة المغربية للاستفادة من هذه التجربة سواء على مستوى القوانين والتنظيم او فيما يتعلق بالمستوى التقني.
سويس إنفو: وهل اطلعتم على بعض المشاريع أو زرتم بعض النماذج المطبقة للتعددية اللغوية في سويسرا؟
الوزير أحمد أخشيشين: بالطبع من أهم التجارب السويسرية في سويسرا تجربة جامعة فريبورغ التي تدرس بنظام ثنائي اللغة أي الألمانية والفرنسية. ووقوفنا على هذه التجربة كان مفيدا بالنسبة لنا بحيث اطلعنا على التفاصيل التقنية فيما يتعلق بكيفية تدبير مشروع تربوي مقوماته لغتين.
وبالفعل فإن المجهود الذي تم القيام به من أجل إرساء هذا المشروع على مستوى جامعة فريبورغ، والنتائج التي توصل إليها اليوم والتي تعتبر قيمة مضافة فعلية بالنسبة للمتخرجين من هذه الجامعة، فيهما ما يشجع فعلا على المضي قدما للاستفادة من هذه التجربة.
سويس إنفو: أثناء زيارة الوزير الفدرالي باسكال كوشبان للمغرب في يناير 2008 تعلق الأمر بالإطلاع على خصوصية النظام التعليمي في المغرب. هل لازال الأمر في مرحلة الاطلاع أم هناك مشاريع ملموسة في هذا الإطار؟
الوزير أحمد أخشيشين: في واقع الأمر لم نعبر نحن الى حدود اليوم على رغبة في إرساء مشاريع. لكن المدخل الأساسي لإرساء مشاريع هو الاهتمام المتبادل، وهنا لا بد من التنويه بما قام به السيد باسكال كوشبان في هذا الإطار. فالنظرة التي يلقيها السيد كوشبان على واقع العالم العربي وعلاقاته كمجموعة ثقافية وفكرية مع المجموعات الأخرى وبالأخص الأوروبية، تعتبر بالنسبة لنا أهم مدخل. وللسيد باسكال كوشبان معرفة جيدة ودراية بجل الرهانات المرتبطة بهذه القضايا. لذلك كانت زيارته لنا في المغرب فرصة لانطلاق نقاش جدي وعميق حول هذه المسائل. وقد سمحت هذه الزيارة في برن بتعميق هذا النقاش. وبدون هذا الحرص من السيد كوشبان لما أتيحت لنا فرصة الوقوف على هذه التجربة السويسرية.
سويس إنفو: ذكرتم أن هناك تحول في المدرسة المغربية ورغبة في الاستفادة من خبرات الآخرين في مجال التعددية اللغوية. كيف تنوون في المغرب الاستفادة من إدخال نظام التعددية اللغوية وما مكانة اللغة الأمازيغية؟
الوزير أحمد أخشيشين: في الواقع ما زالت أمامنا مهلة سنة من أجل المباشرة العملية للاختيارات الجديد على مستوى المشاريع التي سيتم وضعها على ارض الواقع. لكن فيما يتعلق باللغة الأمازيغية الكل يعرف أننا في تجربة السنة الخامسة من إدخال تدريسها ضمن المنظومة التربوية المغربية، ولو على نطاق محدود. ولكن الإشكال اللغوي لا يرتبط فقط باللغة الأمازيغية بل بالدرجة الأولى بالتوازنات التي يجب القيام بها ما بين كل المكونات اللغوية داخل المنظومة بما في ذلك اللغات الأجنبية التي هي أساسا اللغة الفرنسية ثم الانجليزية والإسبانية.
وعندما نتحدث عن طرح الخارطة اللغوية هذا يطرح إشكالات معقدة بل بالغة التعقيد، كالتساؤل عن السن التي يجب فيها إدخال تعليم اللغات الأجنبية؟ وبأية مضامين؟ وبناءا على أية أهداف؟. وكيف يتم تدبير هذا الخليط اللغوي داخل سياقات تعليمية متباينة؟ وهذه تساؤلات ليست مطروحة فقط على مستوى المدرسة المغربية بل على مستوى كل المنظومات التربوية في العالم.
وما نتوخاه هو صياغة الأجوبة الأنجع، والممكنة، ارتباطا بما نعتقد أنها حاجيات فعلية مستقبلية للمجتمع وللاقتصاد المغربي.
سويس إنفو: خاضت بلدان المغرب العربي المعنية تجربة إدخال تعليم اللغة الأمازيغية، ولكن كل على حدة وفي معزل عن تجارب الآخرين. فهل هناك رغبة في التنسيق بين البلدان المغاربية أيضا في مجال تعليم الأمازيغية؟
الوزير أحمد أخشيشين: طموحنا هو الاستفادة أيضا من التجربة الجزائرية التي سبقتنا في هذا الميدان. ومن ضمن ما وضعناه كمخططات هو محاولة إيجاد الفرصة للقيام بتقييم علمي لمختلف التجارب التي تم القيام بها.
ومن بين المشاكل التي نواجهها في مجال توسيع انتشار تعليم اللغة الأمازيغية هي مشكلة تكوين المكونين. وما اعتمدناه حتى الآن هو عبارة عن أطر تتكلم اللغة الأمازيغية والتي يتم إعادة تكوينها (ديداكتيكيا) أو بيداغوجيا لتعليم اللغة الأمازيغية. وهذا لا يكفي من أجل توسيع الاستفادة بشكل يسمح بتحقيق قيمة مضافة سواء بالنسبة للتلميذ والمعلم وليس فقط مجرد تعليم لغة إضافية بدون قيمة مضافة فعلية.
سويس إنفو: ما هي تفاصيل النظام الذي اختاره المغرب – حتى وإن كان تجريبيا – لتعليم اللغة الأمازيغية؟
الوزير أحمد أخشيشين: في الواقع اخترنا إدخال تعليم اللغة الأمازيغية على مستوى الرقع الجغرافية التي نتوفر فيها على إطار (كادر) عنده إمكانية التدريس باللغة الأمازيغية. ولكن هذا كان مفهوما في إطار فترة تجريبية، لكن الآن وفي إطار مشروع يتوخى التعميم، يجب إرساء سياسة تكوين من مستوى آخر لتحضير الإطارات (الكوادر) المؤهلة.
سويس إنفو: معالي الوزير بوصفكم المشرف على ميدان البحث العلمي، كانت هناك محاولات لتطوير مشاريع بحث علمي بين المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان وبعض الجامعات المغربية. هل تم تطوير ذلك أم أنه لا زال في طور تجريبي أيضا؟
الوزير أحمد أخشيشين: لازالت محدودة جدا لاعتبار وهو أنه حتى يكون هناك تعاون فعلي في مجالات البحث العلمي يجب تحديد مجالات الاهتمام المشترك. ولكي نكون واضحين، أولوياتنا بالنسبة للمغرب في مجال التنمية قد لا تصادف أولويات سويسرا لأن الاهتمامات اليوم في سويسرا موجهة نحو تطوير قطاعات “النانو تكنولوجيا” و “البيوتكنولوجيا”، بينما تتمثل أولوياتنا في المغرب في صناعات المواد الغذائية، وتدبير الثروة المائية.
ومن ناحية أخرى يتمثل الشرط الثاني في توفر كفاءات متوازية أي توفر فرق علمية سويسرية تشتغل مع فرق مغربية من نفس المستوى. وحتى ولو توفرت الإرادة وتوفرت المؤسسات في هذا المجال فإن الأمر ليس بالبسيط، لأنه يتطلب تجاوز هذه الإكراهات من أجل تحقيق تعاون فعلي في مجال البحث العلمي.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
برن 17 فبراير 2009. يوجد السيد أحمد أخشيشين، الوزير المغربي للتربية الوطنية، والتعليم العالي، وتكوين الإطارات والبحث العلمي، في زيارة رسمية لسويسرا يومي 16 و 17 فبراير 2009. يدخل في إطار برنامج زيارته، اجراء مشاورات عمل في برن مع المستشار الفدرالي باسكال كوشبان ومع كاتب الدولة للتربية والبحث العلمي ماورو أمبروجيو.
وكان المستشار الفدرالي باسكال كوشبان قد تقابل مع الوزير الغربي أحمد أخشيشين أثناء زيارته للمغرب في يناير 2008. وكانا قد تطرقا خلال لقائهما لموضوع إصلاح التعليم في المغرب ، والذي شأنه شأن التعليم في سويسرا، يتطلب إدارة موضوع التعدد اللغوي. وبالنظر للتجربة الطويلة التي لسويسرا في هذا الإطار، وجه المستشار الفدرالي كوشبان دعوة للوزير اخشيشين من أجل زيارة سويسرا والتعرف في عين المكان على سياستنا اللغوية وعلى النظام التربوي في سويسرا.
وسيقوم الوزير المغربي أثناء إقامته في سويسرا بإجراء محادثات مع المستشار الفدرالي باسكال كوشبان حول السياسة اللغوية وحول السياسة التربوية في نظام فدرالي. وكان اللقاء الذي تم مع كاتب الدولة ماورو ديل آمبروجيو في 16 فبراير، فرصة لتبادل وجهات النظر حول نظامي التعليم العالي والبحث العلمي.
كما زار السيد أخشيشين جامعة فريبروغ للتعرف على إدارة التعليم المزدوج اللغة في التعليم العالي وفي الحياة الجامعية، وحول الأبحاث والفرص العملية لتطبيق التعددية اللغوية، وحول تكوين الأساتذة في إطار متعدد اللغات.
كما استقبل الوزير والوفد المرافق له في المكتب الفدرالي للثقافة حيث تم إجراء محادثات حول السياسة الفدرالية في مجال اللغات وحول القانون الفدرالي الجديد المتعلق باللغات الوطنية وحول التفاهم بين الطوائف اللغوية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.