توافُـق في مجلس حقوق الإنسان على تأجيل الملفات “المزعجة”
قرر مجلس حقوق الإنسان تأجيل البت في تقرير يتناول الممارسات العالمية فيما يتعلق بالإعتقال والإحتجاز في أماكن سرية في سياق محاربة الإرهاب، وآخر حول الأوضاع في الأراضي المحتلة. في الوقت نفسه، تعرض المجلس لانتقاد يتعلق بعدم احترام التوازن الجغرافي في التشكيلة الحالية لمكتب المفوضة السامية.
بعد الإستماع الى أكثر من 70 وزيرا في إطار المرحلة الأولى الرفيعة المستوى من اجتماع مجلس حقوق الإنسان في دورته الثالثة عشرة، باشر المجلس يوم الخميس 4 مارس أعماله العادية بالموافقة على جدول أعماله الذي يشمل التطرق لعدد من التقارير منها تقرير حول الحق في الغذاء، والسكن اللائق، واحترام حقوق الإنسان أثناء محاربة الإرهاب، والتعذيب، والإختفاءات القسرية، والإعتقالات التعسفية، وحرية الدين والمعتقد، والدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان.
أما فيما يخص التقارير الخاصة بالدول، فسيتم الإقتصار في هذه الدورة على الإستماع لتقريرين حول اوضاع حقوق الإنسان في كل من كوريا الشمالية وميانمار. وسيخصص المجلس أيضا مناقشات مطولة لموضوع حقوق الطفل قبل التطرق لمسألة اعتماد التقارير الخاصة بعدد من الدول التي خضعت في الشهر الماضي لآلية الإستعراض الدوري الشامل وأخيرا اختيار المقررين الخاصين الذين سيتولون مهام جديدة ضمن الآليات الخاصة لحقوق الإنسان.
ما السبب في تأجيل تقرير السجون السرية؟
من بين المواضيع التي كان منتظرا أن تثير الإهتمام في مناقشات مجلس حقوق الإنسان خلال دورته الحالية، معالجة تقرير مشترك أعـدّ من طرف أربع آليات لحقوق الإنسان حول الممارسات العالمية فيما يتعلق بالإعتقال وظروف الإحتجاز في أماكن سرية في سياق محاربة الإرهاب، إلا أن هذا التقرير تم تأجيل التطرق له إلى الجلسة التي تلتئم في شهر يونيو القادم.
التعليل الرسمي الذي قدمه رئيس مجلس حقوق الإنسان تمثل في “كثرة المواضيع المدرجة في جدول أعمال الجلسة الحالية”، لكن بعض الدول أصرت في تدخلها في النقاش العام على التوضيح بأنه “على الرئيس أن يوضح الأسباب الحقيقية وليس الإحتماء وراء عبارة كثافة المواضيع المدرجة في جدول الأعمال”.
يجدر التذكير أن التقرير الذي حمل عنوان “الممارسات العالمية فيما يتعلق بالاعتقال والاحتجاز في أماكن سرية في سياق مكافحة الإرهاب”، سبق ان تطرقنا له بالتفصيل (انظر التقرير ضمن المواضيع المتعلقة)، كان محط انتقاد من المجموعة الإفريقية ومجموعة دول منظمة المؤتمر الإسلامي التي رأت أن أصحاب الولايات (أي المقررين الخاصين) تجاوزوا صلاحياتهم واعترضوا على تقديم التقرير في المجلس. وكانت منظمات حقوقية دولية مثل هيومان رايتس ووتش قد اعتبرت أن دوافع اعتراض هذه الدول في الإعتراض على تقديم التقرير راجعة إلى “تخوفها من مناقشة الإنتهاكات المرتكبة من قبلها علانية”.
أما ممثل باكستان الذي تحدث باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، ومع أنه أكد حرص دول المنظمة على دعم استقلالية المقررين الخاصين أثناء إعداد تقاريرهم، لكنه شدد على أن “تلك الإستقلالية ليست مطلقة، لأن المكلفين بالقيام بتلك المهام مكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان وينبغي أن يمتثلوا لأخلاقيات السلوك وليس لهم أن يعلوا على سيادة الدول”.
وتأتي هذه التصريحات لتشير بوضوح إلى بوادر احتدام لعبة شد الحبل داخل المجلس بخصوص عمل ذوي الولايات الخاصة من مقررين وخبراء حيث ترى المجموعات النامية عموما أن الدول الغربية “تلعب دورا نشيطا في تعيينهم”، فيما تعتقد الدول الغربية أن المجموعات النامية تعمل – باعتراضاتها هذه – على “التأثير على استقلاليتهم”.
تأجيل بطلب من أصحاب القضية
ملف الأراضي المحتلة الذي كان من الثوابت في جلسات لجنة حقوق الإنسان من قبل، ومجلس حقوق الإنسان اليوم، تم تأجيل النظر فيه أيضا الى جلسة شهر يونيو القادم وهذا “بطلب من أصحاب الموضوع”، حسب تعبير الرئيس الحالي لمجلس حقوق الإنسان.
وكان من المفروض أن تعرض على الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان ردود الدول المعنية بالحرب على غزة أي إسرائيل والسلطة الفلسطينية وسلطة حركة حماس في قطاع غزة، والتي طلب منها تقرير القاضي ريتشارد غولدستون تقديم نتائج التحقيقات التي قامت بها بخصوص الإنتهاكات التي ارتكبت أثناء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في موفى عام 2008 وأوائل عام 2009.
ويبدو أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت هذا التأجيل في قرار صدر عنها قبل أسبوع في نيويورك.
تقرير إنتقائي ؟
النقطة الرئيسية في جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان ليوم الخميس 4 مارس، كانت الاستماع الى ملخص عن تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي الذي تطرقت فيه بالخصوص الى عمل ذوي الولايات الخاصة الذين “تجاوزوا اليوم 55 مقررا خاصا وخبيرا”. وشددت بيلاي على ضرورة تعامل الدول مع هؤلاء المقررين الخاصين والخبراء وأن تقتح لهم أبوابها للقيام بزيارات ميدانية.
وأشارت المفوضة السامية أيضا إلى أن “بعض الشهود الذين قدموا شهادات للمقررين الخاصين تعرضوا لضغوط نتيجة تعاونهم مع آليات حقوق الإنسان”، لذلك ناشدت الدول ضمان “حماية من يتعاونون مع ذوي الولايات الخاصة”.
وفي ملخصها أمام المجلس، تعرضت السيدة نافي بيلاي إلى بعض الإنتهاكات المسجلة في عينة من الدول (من بينها كوبا وإيطاليا ومصر وسريلانكا وتشيكيا وإيران وسلوفاكيا والسودان)، كما تطرقت إلى تعاونها مع كل من الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي في شتى الميادين، والى ما تعتزم التركيز عليه أثناء زياراتها القادمة لعدد من الدول مثل روسيا وإيطاليا والمجر.
وهذا ما دفع ممثل كوبا الى اتهام المفوضة السامية بـ “الإنتقائية” في تقريرها بالتركيز على دول دون غيرها سواء في الملخص المعروض أمام المجلس أو في التقرير المعد للدورة. كما تدخلت عدة دول لانتقاد ما أسمته “عدم احترام التوازن الجغرافي في اختيار موظفي مكتب المفوضية” السامية لحقوق الإنسان، وهو ما يرون أن له “تأثيرا على موضوعية التقارير الصادرة عن مكتب المفوضية”.
ردود مصرية على انتقادات بيلاي
مصر كانت من بين الدول التي تعرضت لها المفوضة السامية في مداخلتها أمام المجلس، حيث أشارت إلى أن قوات حرس حدودها “قتلت خلال العامين ونصف الماضيين، 60 من المهاجرين العزل الراغبين في العبور عبر صحراء سيناء الى إسرائيل والذين استخدمت ضدهم أسلحة نارية”، وطالبت السيدة بيلاي بضرورة “القيام بتحقيق عاجل ومستقل في هذه العملية”.
وفي معرض الرد، أشار المندوب المصري إلى أن التعليمات التي لدينا تفيد بأن “الجنود لا يستخدمون العنف الفتاك”، وأكد أن “الحوادث التي تم فيها الرمي بالرصاص هي قيد التحقيق من قبل السلطة القضائية”.
وشدد ممثل مصر في مجلس حقوق الإنسان على أن “الحدود مع إسرائيل منطقة حساسة وليست عادية وطبيعية… وهي منطقة تهريب أسلحة ومخدرات ومتاجرة بالبشر”، كما أوضح أن “هذه الحدود تعرف تبادلا لإطلاق النار مع الدوريات وقد قتل 14 من الضباط المصريين وأصيب عدد آخر بجراح”، وعبر المندوب المصري أيضا عن “الأمل في أن يحرص مكتب المفوضة السامية على تقديم معلومات أدق وأقرب الى الحقيقة..”.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
قالت المفوضة السامية لحقوق الانسان بالامم المتحدة يوم الخميس 4 مارس 2010 إن حملة عنيفة على المعارضين في إيران تثير القلق بدرجة كبيرة.
كما قالت نافي بيلاي ان استمرار تنفيذ أحكام الاعدام في السودان مثير للازعاج بدرجة كبيرة وكررت دعوتها لاجراء تحقيق مستقل في عمليات قتل مهاجرين عزل يحاولون دخول اسرائيل عبر صحراء سيناء على أيدي قوات الامن المصرية.
وصرحت بيلاي وهي قاضية سابقة في جرائم الحرب بأنها تحدثت مع مسؤولين ايرانيين بشأن تدهور أوضاع حقوق الانسان في ايران التي تسعى للحصول على مقعد في مجلس حقوق الانسان وأشارت الى أن أعضاء مكتبها يجب ان يقوموا بزيارة للبلاد.
وذكرت أن أحكاما قاسية بعد محاكمات مشكوك فيها صدرت على متظاهرين ومدافعين عن حقوق الانسان وصحفيين وساسة بارزين شملت عقوبة الاعدام لدورهم في احتجاجات أعقبت انتخابات الرئاسة الايرانية المختلف على نتائجها في العام الماضي.
وكررت بيلاي دعوتها لاجراء تحقيق مستقل في مزاعم عن وقوع جرائم حرب في سريلانكا قائلة ان انتهاكات حقوق الانسان فيها تقوض فرص المصالحة بعد حرب أهلية استمرت 25 عاما.
وقالت ان الولايات المتحدة التي انضمت لمجلس حقوق الانسان العام الماضي بعد مقاطعته في عهد ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن أحرزت بعض التقدم في تحركها لاغلاق سجنها في غوانتانامو وحظر اساليب الاستجواب غير القانونية ونقل السجناء.
لكن المجلس قرر يوم الخميس تأجيل مناقشة تقرير عن اعتقالات سرية للجلسة التالية المقررة في يونيو القادم.
swissinfo مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.