حتى أعـرقُ الديمقراطيات.. تحتاج إلى مراقبين أجانب خلال الإنتخابات!
يقوم فريق تقييم تابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمراقبة دقيقة لمجريات الإنتخابات البرلمانية التي تشهدها سويسرا يوم الأحد 23 أكتوبر 2011.
وفي حديث أدلى به إلى swissinfo.ch قال بيتر إيشر، الدبلوماسي الأمريكي، الذي يترأس هذا الفريق، إنه سيعير اهتماما خاصا خلال أدائه لمهامه إلى الإقتراع الالكتروني، فضلا عن البحث في ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية في ما يتعلق بتمويل الحملات الانتخابية.
ويوم 23 أكتوبر، سيكون بإمكان السويسريين المهاجرين، والناخبين المقيمين في أربعة كانتونات الإقتراع لاختيار نوابهم بالبرلمان الفدرالي عبر الإنترنت لأوّل مرة. وستكون هذه التجربة محطّ أنظار الخبراء والمراقبين التابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وفيما ينتظر أن يضمّن هؤلاء الخبراء في تقريرهم الذي سينشر في غضون الأشهر القليلة القادمة مجموعة من التوصيات يتوجهون بها إلى الحكومة السويسرية حول كيفية الإرتقاء بالعملية الإنتخابية، يقول إيشر أيضا أنه يأمل أن ينتهي عمل فريقه إلى التأكيد على أن الإنتخابات السويسرية “توفّر كذلك نموذجا إيجابيا يمكن أن تستفيد منه بلدان أخرى”.
swissinfo.ch: ما هي النقاط، أو القضايا التي تنوون دراستها والتأكد منها خلال هذه الإنتخابات؟
بيتر إيشر: أوّلا وقبل كل شيْء، سنقوم بإجراء تقييم شامل مثلما نقوم بذلك في بقية البلدان. لذلك، سوف ننظر في طبيعة الإطار القانوني المنظم لهذه العملية، ولقانون الإنتخابات خاصة، والإدارة المشرفة على هذه العملية، وفي الحملة الدعائية، والأحزاب السياسية، فضلا عن قضايا أخرى مثل حقوق المرأة، وتمويل الحملة الانتخابية. وبعبارة أخرى، مجموعة من القضايا الكبرى ذات الصلة بالإنتخابات.
من النقاط ذات الأولوية بالنسبة لنا في هذا الوقت هو الاقتراع عبر الإنترنت سواء بالنسبة للسويسريين المقيمين بالخارج، أو بالنسبة لسكان أربعة كانتونات. هذه تعدّ سابقة (بالنسبة للإنتخابات البرلمانية) في سويسرا، وهي في الواقع شيء جديد حتى على مستوى العالم، لذلك سيكون من المثير للإهتمام أن نرى كيف ستجري هذه العملية.
بعض السويسريين في الخارج ليس لديهم الإمكانية للإقتراع الإلكتروني، أو أن حصولهم على الوثائق الخاصة بالانتخابات يكون متأخرا، فهل تعتبرون ذلك في حد ذاته مشكلة؟
بيتر إيشر: نحن مع الاقتراع الذي يشمل الجميع. لذلك نحن نشعر بأنه من الأشياء الجيدة بالنسبة لجميع البلدان إيجاد طرق تسمح لمواطنيها بالخارج بالمشاركة في التصويت. هذه إحدى المزايا الممكنة للإقتراع الإلكتروني لأنه سوف يمكّن عدد أكبر من المواطنين من المشاركة بسهولة.
أما العيوب المحتملة لهذه الطريقة، فهي أنها تتطلب من المشرفين أن يكونوا حذرين للغاية من أجل تأمين هذه العملية، وأن يأخذوا كل التدابير حتى لا يتم اختراق هذا النظام. كما يجب أن يكون أي نظام انتخابي على درجة كبيرة من الشفافية وقابل للمساءلة أيضا. فإذا ما اختبر أي بلد الاقتراع الإلكتروني، وفشل الإختبار، فإن ذلك يعتبر ردة إلى الوراء، ولا يمثّل أي نقلة إلى الأمام. ما هو جيّد في حالة سويسرا هو أن الحكومة قررت استكشاف الإقتراع الإلكتروني واستخدامه رويدا رويدا مترافقا بإجراء اختبارات، ووضع أنظمة مؤطرة له.
قبل أربع سنوات، تعرضت سويسرا للإنتقاد لغياب الشفافية في ما يتعلق بتمويل الإنتخابات الفدرالية، ولا يبدو أن تقدما قد أحرز منذئذ؟
بيتر إيشر: هذه واحدة من القضايا التي سوف ننظر فيها. وقد تم الإشارة إلى غياب الشفافية عندئذ لأن توفّر هذا المبدأ بالنسبة لنا أساسيّ لكي تكون الإنتخابات جيّدة، وهو مهمّ لكي يفهم الناس كيف تعمل النظم المعتمدة في أوطانهم.
يمكن ان يكون المال مؤثرا جدا في الإنتخابات، لذلك من المهم بالنسبة للناخبين معرفة من أين يحصل المرشحون والأحزاب عن تلك الأموال. وفي أسوء السيناريوهات الممكنة، حينما تغيب الشفافية، يمكن ان نكتشف أن منظمات اجنبية أو حتى حكومات في بعض الأحيان، قد تكون تتدخّل في تلك العملية.
عادة، لا تتجاوز نسبة الناخبين السويسريين الذين يشاركون في الإقتراع 50%. هل يثير هذا انشغالكم؟
بيتر إيشر: الإنتخابات هي عملية تشاركية، وكمراقبين، نكون دائما سعداء، عندما يشارك الجميع في التصويت. وعندما يحجم الناس عن الإقتراع، يدفعنا ذلك دوما إلى التساؤل: إذا كانت سويسرا تمتلك واحدة من أفضل الديمقراطيات في العالم، فلماذا لا ينتهز المواطنون هنا هذه الفرصة؟
سوف نبحث في هذه المسألة، لإكتشاف سبب هذا الإحجام على المشاركة. ربما نتوصّل إلى صياغة توصيات بشأن كفية زيادة نسب المشاركة. وقد اقترحنا في المرة الماضية بذل مزيد من الجهود لتثقيف الناخبين خاصة من الشباب ومن المقترعين لأوّل مرة. نحن نعلم أن الحكومة قد اتخذت إجراءات بهذا الشأن، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة في أعداد الناخبين.
تعرضت بعثتكم لإنتقادات من السياسيين المحافظين، الذين يتساءلون، لماذا يجب مراقبة الإنتخابات في سويسرا، هل هناك أي مبرر لذلك؟
بيتر إيشر: نحن هنا بدعوة من الحكومة السويسرية. وسويسرا عضو في منظمة الامن والتعاون في أوروبا. وعلى هذا النحو فهي ملزمة بدعوة مراقبين أجانب خلال الانتخابات.
نحن لسنا بصدد إملاء أي شيء على سويسرا، لأننا مجرد مراقبين يقوم بتقييم ثم يصدرون توصيات إذا لزم الامر. هذه مسألة تتم في الديمقراطيات الجديدة كما هو الحال في الديمقراطيات الراسخة في القدم. وترسل منظمتنا بعثة كل سنتيْن إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمراقبة الإنتخابات هناك على سبيل المثال.
نحن نعتقد انه مهما كانت الانتخابات جيّدة، فإنه لا توجد انتخابات مثالية. وكل شخص يمكن أن يجد وسيلة لجعل الأمور أفضل، وربما يكون بإمكاننا تقديم بعض التوصيات للحكومة السويسرية لأخذها بعين الاعتبار. كما نأمل كذلك أن نعثر على أمثلة جيّدة للإشارة إليها وتسجيلها لتستفيد منها بلدان أخرى. وسوف أكون حزينا للغاية إذا وجد فعلا أشخاص لا يرغبون في وجودنا هنا، لأنه يجب ان ينظروا لبعثتنا بمثابة الفرصة للتعريف ونشر النموذج السويسري الجيّد، في أماكن أخرى، وكذلك جلب نماذج اخرى إلى سويسرا.
الجميع على سبيل المثال يودّ أن يرى التصويت الإلكتروني طريقة ناجحة، ونظاما انتخابيا قويا، لا يعاني من مشكلات مهما كان نوعها. ويوجد من بيننا خبراء في تكنولوجيا الإقتراع الإلكتروني، وبإمكانهم تقديم بعض التوصيات لجعل نظام التصويت الإلكتروني على نحو أفضل.
أرسلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فريقها المتخصص في مجال تقييم العمليات الإنتخابية إلى سويسرا بدعوة من الحكومة السويسرية. وقد بدأت هذه البعثة عملها في 10 أكتوبر 2011، وسوف تنهي أشغالها في 28 من نفس الشهر.
سويسرا مُلزمة، بحكم عضويتها في هذه المنظمة الإقليمية، بتوجيه الدعوة إليها للقيام بمراقبة الإنتخابات العامة التي تجري في الكنفدرالية كل أربع سنوات.
في هذه السنة، يقود البعثة بيتر إيشر، وتضم في صفوفها 11 خبيرا من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، واليونان، وبولندا، وروسيا، وكندا.
من المقرر أن تلتقي البعثة بممثلين عن السلطات الفدرالية والسلطات المحلية في الكانتونات، وبمرشحين للإنتخابات، وبالأحزاب السياسية، وممثلين عن السلطة القضائية، والمجتمع المدني، بالإضافة إلى وسائل الإعلام. مع ذلك لن تقوم هذه البعثة بزيارات منتظمة إلى مراكز الإقتراع يوم 23 أكتوبر القادم، بل ستكتفي بزيارات قليلة هنا وهناك.
من المتوقع أن تصدر بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تقريرها النهائي بعد مرور شهريْن على الإنتخابات.
في شهر مايو 2011، وصل خبراء من مجموعة دول مكافحة الفساد، التي أنشأها مجلس أوروبا في عام 1999، إلى العاصمة السويسرية برن لتقييم واقع تمويل الأحزاب في سويسرا.
التقى الخبراء ممثلين عن العدالة والإدارة العامة والأحزاب السياسية والقطاع الخاص، وسيتعيَّـن عليهم إعداد تقرير في وقت لاحق من هذا العام.
بعد ذلك، سيتعين على سويسرا اتخاذ الإجراءات اللاّزمة، بناءً على التوصيات المقدّمة في هذا التقرير، لِـما لها من صفة الإلتزام السياسي، بحسب أحد أعضاء أمانة المجموعة، الذي قال: “تلتزم الدول طوْعا منها، ما دامت وافقت بمحْـض إرادتها لأن تخضع للتقييم”.
تُمنح سويسرا مُـهلة 18 شهرا – تبدأ من أكتوبر 2011 – لتنفيذ التوصيات، وفي حال عدم تحقيقها للمستوى المطلوب، فإنها تُمنَح 18 شهرا إضافيا.
تتمتع المجموعة بحقّ اتخاذ الإجراءات اللازمة
من أجل الضغط على الدول المُخلّـة، كأن تتدخل لدى السلطات المحلية أو تُرسل وفدا رفيعا لتذكيرها بواجب القيام بما يلزم.
(نقله إلى العربية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.