“حزب شاس ينزلق أكثر نحو مواقِـف يمينية متطرِّفة إزاء العرب”
هذا ما صرح به الدكتور حنا سويد، عضو الكنيست لسويس انفو، معقِّـبا على تصريحات زعيم الحزب ووزير الداخلية إيلي يشاي بـ "سحب الجنسية من السكان الفلسطينيين داخل إسرائيل، في حال ثبت تورّط أحدهم بهجمات على إسرائيل".
ويواصل الدكتور سويد: “منشأ الحزب كان الوضع الاجتماعي والاقتصادي لليهود الشرقيين في إسرائيل، إلا أن الحزب مع الوقت، بدا يتحوّل إلى حزب سياسي يميني عنصري متطرف”.
يشاي كان من أكثر المتحمِّـسين لموضوع الخطر الديموغرافي، وهو يحاول استعمال الأوضاع للتمادي في قضية الهوية والجنسية، مستغِـلا لمشاعر تنعت بالعنصرية ضدّ العرب في المجتمع الإسرائيلي، لتبرير عمليات الترانسفير (النقل).
وحزب شاس بزعامة يشاي، يميل أكثر للمواقف السياسية اليمينية المتطرِّفة من التشديد على القضايا الاجتماعية والاقتصادية لجمهور ناخبيه”، على حد تعبير الدكتور سويد.
حزب سياسي يميني.. لم يتغيّـر
هوية الحزب السياسية لم تتغيّـر منذ إقامته، فجمهوره هو من اليهود من أصول عربية من المغرب العربي والعراق واليمن، وطبيعة هذا الجمهور السياسية، كانت تاريخيا، ذات توجّـهات يمينية، حيث رجّـح علماء الاجتماع في إسرائيل دائما أن التوجهات اليمينية لدى اليهود العرب في إسرائيل، هي ردّ فِـعل احتجاجي على تصرّف النُّـخب اليهودية الأشكِـنازية معهم، والتي لم تتردّد عندما وصلوا إلى إسرائيل في بداية الخمسينيات برشِّـهم بالمُـبيدات الحشرية لتطهيرهم وللقضاء على الجراثيم والأمراض التي “عاشت معهم في بلادهم”.
هذه النُّـخب هي التي سيْـطرت على السياسة والاقتصاد في إسرائيل منذ الإعلان عن تأسيسها عام ثمانية وأربعين، وهذه النخب هي التي حكمت إسرائيل حتى انقلاب عام 77 ووصول اليمين بأصوات اليهود الشرقيين إلى الحكم من خلال أداتها السياسية، في حينها حزب “مباي” أو المعراخ لاحقا أو حزب العمل الإسرائيلي اليوم، وهو الحزب الذي قاد تاريخيا مُـعسكر اليسار الوسط في الساحة السياسية الإسرائيلية.
وتصويت اليهود الشرقيين لأحزاب اليمين، وتحديدا لليكود، كان عقابا لهذه النُّـخب، على حدِّ تعبير مدارس عِـلم الاجتماع في إسرائيل، أكثر مما كان تماثلا مع أطروحاتها السياسية.
“بيضة القبان”
اساف جيفر، مراسل الشؤون العربية في راديو المتديِّـنين “كول حاي” قال لسويس انفو، إنه يعتقد أن “شاس سيحاول الابتعاد مستقبلا من أن يشكِّـل بيضة “القبان أو الميزان” في أي نقاش سياسي حول مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية، الحزب امتنع عن التصويت عند طرح موضوع الانسحاب من غزة صيف 2005 وفضّـل الذهاب إلى انتخابات جديدة في خريف 2008 على الدّخول في حكومة تسيبي ليفني، التي رفضت التعهد بعدم طرح موضوع القدس في أية جلسة مفاوضات مع الفلسطينيين”.
ويواصل أساف “شاس طرحت أيضا موضوع زيادة مخصّصات الأطفال، أحد المواضيع الاجتماعية الأساسية بالنسبة للحزب، وليفني رفضت ذلك، ولكن من الواضح أن حزب شاس فضل نتانياهو على ليفني”.
وفي حال أجبر أعضاء حزب شاس على أن يكونوا بيضة “ألقبان”، عندها سيعودون للزعيم الروحي الحاخام عوفاديا يوسيف جيفر، مؤسس الحركة التوراتية لليهود الشرقيين، بعد أن انفصل في أواسط الثمانينيات، وتحديدا في انتخابات 1984 عن قوائم الأحزاب الدينية الأشكِـنازية، ليفصل في الموضوع.
“يجوز التنازل عن مساحات من أرض إسرائيل”
بداية الحركة كانت طائفية دينية تطرح الشريعة اليهودية والعودة إلى أصول التوراة بهدف تحسين الأحوال المعيشية للطوائف اليهودية الشرقية، التي شكلت حينها أكثر من نصف عدد اليهود في إسرائيل، إلا أنها شكّـلت في نفس الوقت أغلبية الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المسحوقة. الوحيدون الذين كانوا في وضع اجتماعي واقتصادي أسوأ في حينها وما زالوا حتى اليوم، هم العرب الفلسطينيون من حمَـلة الجنسية الإسرائيلية، الذين يهدِّد إيلي يشاي بسحب جنسياتهم.
الحاخام عوفاديا يوسف هُـوجم في بداية التسعينيات على إصداره لإحدى الفتاوَى، التي مهّـدت الطريق “لتبييض اتفاق أوسلو”، على حد تعبير أوساط يمينية سياسية في إسرائيل، وفتحت الباب لدعم الحركة لحكومة رابين في حينه، للمُـضي قُـدما في اتفاقاتها السياسية مع الفلسطينيين. الحاخام يوسف قضى بشكل واضح أنه من أجل حقن الدِّماء اليهودية “يجوز التنازل عن مساحات من أرض إسرائيل”.
“شاس.. لم يخذلنا قط”
المسؤول عن تنفيذ فتوى الحاخام يوسف كان، حينها، رئيس الحزب آرييه درعي، الذي ترجم دعم حزب شاس السياسي لحكومة رابين إلى إنجازات سياسية واقتصادية للحزب وجمهور مُـصوِّتيه. واستطاع درعي زيادة الميزانيات لجهاز التعليم الخاص بالحزب، وبدا في معركة شاملة ضدّ الأحزاب الدينية الأشكِـنازية، للسيطرة على المحاكِـم والمؤسسات الدِّينية الرسمية في إسرائيل، مما عزّز من قوة الحزب وشعبيته واستطاع اكتِـساب ثقة واحترام قطاعات واسعة، حتى داخل النُّـخب الاشكنازية الحاكمة في إسرائيل.
أحد الناشطين السياسيين العرب في إسرائيل قال لسويس انفو إنه استطاع تحصيل ميزانيات لبناء ملاعب كرة قدم ودعم فِـرق رياضية عربية في إسرائيل من شاس خلال فترة زعامة درعي للحزب. وأضاف في تصريحاته: “كنت على اتصال دائم معه على هواتفه الشخصية واستطعت من خلاله المساعدة في عدّة ملفات جمع شمل وتحصيل هويات إسرائيلية لفلسطينيين من الضفة الغربية والأردن في بعض الحالات الإنسانية”. ولم يخف درعي أن المقابل الذي ينتظره هو ثمن سياسي في صناديق الاقتراع وهكذا كان “عملنا على دعم شاس في الانتخابات في أوساط العرب في إسرائيل، مقابل ميزانيات للمجالس والفِـرق الرياضية والتعليم. شاس حينها لم يخذلنا قط”.
واضطر درعي للاستقالة والابتعاد عن الحياة السياسية بعد إدانته بتُـهم فساد من قِـبل القضاء الإسرائيلي.
انيطت رئاسة الحزب بإيلي يشاي حينها، وإلى حين عودته، انقلب على درعي وعزّز سيطرته على الحزب منذ ذلك الحين. وأعلن درعي في راديو “كول حاي” الأسبوع الماضي، وِفق جيفر، أنه سيعود إلى الحياة السياسية في شهر أغسطس القادم، دون أن يوضح في أي إطار سيعود.
مظاهر العداء للعرب.. متواجدة قبل 100 عام
في تعقيبه على الموضوع، أعرب الدكتور حنا سويد في حديثه لسويس انفو عن اعتقاده أن جزء أساسيا من اعتبارات يشاي بعدم الانضمام لحكومة ليفني وتقديم موعد الانتخابات، كان يرتبط بعودة درعي وما قد تحمله من مخاطر وتهديد لزعامة يشاي ومكانته لدى المرجعية الدينية لحزب الشاس عوفاديا يوسف، غير أن المشكلة بالنسبة لسويد، ليست مشكلة شخصية، “هناك توجّـه عام متزايِـد مُـعادٍ للعرب داخل المجتمع الإسرائيلي، وليس الأمر مقصورا على حزب شاس”.
وزادت حدة ذلك العداء ضدّ الفلسطينيين داخل إسرائيل بشكل ملحوظ خلال الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. فحزب “إسرائيل بيتنا” ترجَـم هذه التوجهات لإنجازات انتخابية في صناديق الاقتراع بمصطلحات الحرب الديموغرافية واحتداد مشاعِـر العداء للعرب والفلسطينيين، منذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أكتوبر 2000، مما زاد من شرعية هذه الطروحات داخل المجتمع الإسرائيلي.
فمشاعر العداء للعرب، وِفق المراقبين والباحثين في العلاقات والشروخ الاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي، لم تظهر فجأة، بل كانت مرافقة للصِّـراع منذ نشوبه قبل أكثر من مائة عام، إلا أن الجديد الملموس في السنوات الأخيرة، هو “شرعنه الطروحات السياسة العُـنصرية” بشكل علني وواضح، دون الحاجة للبحث عن صياغات مركّـبة، وبات استهداف الفلسطينيين داخل إسرائيل، جزء من البرامج السياسية المُـعلنة للحكومات فيها.
قاسم الخطيب – إسرائيل
أمسك حزب اتحاد الشرقيين المحافظين على التوراة (شاس) بالميزان في حكومات متعاقبة. ودفع بشكل كبير الى اجراء الانتخابات الأخيرة برفضه دعم تسيبي ليفني زعيمة حزب كديما خلال المحادثات التي كانت تجريها لتشكيل حكومة ائتلافية في أعقاب استقالة ايهود أولمرت.
وحزب شاس، هو قومي متشدد تستند قاعدة تأييده الى اليهود المتدينين محدودي الدخل من أصول شرق أوسطية، وهي فئة تزداد حجما وزعيمها الروحي هو الحاخام عوفاديا يوسف (88 عاما) المولود في العراق.
ويركز اتفاق الحزب مع نتانياهو على الحفاظ على مزايا الرعاية الاجتماعية. ويقود الحزب في البرلمان ايلي يشاي، وهو حزب متشدد فيما يتعلق بالشؤون الفلسطينية، لكنه لا يعارض مبدأ مبادلة الارض بالسلام لقيام دولة فلسطينية مستقبلية، لكنه يعارض التفاوض بشأن القدس.
(المصدر: وكالة رويترز)
القدس (رويترز) – تعهد مبعوث واشنطن الى الشرق الأوسط يوم الخميس 16 أبريل، خلال زيارة لاسرائيل بالسعي الحثيث الى إقامة دولة فلسطينية مفسحا المجال بذلك لنزاع محتمل مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة ذات التوجهات اليمينية.
ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو حتى الآن إلزام اسرائيل باستئناف المحادثات المتعلقة بقيام دولة فلسطينية، وقال لجورج ميتشل مبعوث الرئيس الامريكي باراك أوباما، إن حكومته تريد أن يعترف الفلسطينيون أولا باسرائيل كدولة يهودية.
ونقل مسؤول كبير بمكتب نتانياهو عن رئيس الوزراء قوله لميتشل خلال اجتماع في تل أبيب “تتوقع اسرائيل ان يعترف الفلسطينيون اولا باسرائيل كدولة يهودية قبل التحدث عن دولتين لشعبين”. وقال مسؤول اسرائيلي كبير آخر ان نتانياهو يعتبر قبول الفلسطينيين لاسرائيل كدولة يهودية “عنصرا رئيسيا للمضي قدما في الحوار السياسي”.
ووصف المفاوض الفلسطيني الكبير صائب عريقات مطالب نتانياهو بأنها جزء من محاولات الحكومة التي تولت السلطة قبل أسبوعين للتهرب من الالتزامات التي قطعتها الحكومة السابقة بالتفاوض على موضوعات شائكة، مثل الحدود ومستقبل القدس واللاجئين الفلسطينيين. ورفض الفلسطينيون طويلا مثل هذا الاعتراف الصريح بالطبيعة اليهودية لدولة خُمس سكانها من العرب.
وأكد ميتشل خلال اجتماعات متواصلة مع الزعماء الاسرائيليين التزام أوباما بهدف حل الدولتين “حيث تعيش دولة فلسطينية في سلام جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل اليهودية”، لانهاء الصراع المستمر منذ عقود. وقال ميتشل “هذا هو هدفنا، هذا هو ما سنسعى اليه حثيثا في الشهور المقبلة”.
وكان نتانياهو مبهما بخصوص أي عملية سلام مع الفلسطينيين مستقبلا، لكن وزير الخارجية اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان الذي التقى بميتشل في وقت سابق يوم الخميس، كان قد وصف المفاوضات التي انطلقت عام 2007 خلال مؤتمر في أنابوليس بولاية ماريلاند الامريكية بأنها “طريق مسدود”.
ووضعت مطالبة نتانياهو باعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية عقبة جديدة على طريق الجهود الامريكية لإحياء عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ويعتزم ميتشل العضو السابق بمجلس الشيوخ الامريكي، الذي توسط في عملية السلام بأيرلندا الشمالية، اجراء محادثات يوم الجمعة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يدعمه الغرب. ولم يشر ليبرمان خلال ظهوره علنا لفترة وجيزة الى جانب ميتشل الى دولة فلسطينية، مكتفيا بالقول ان اجتماعه مع المبعوث الامريكي كان “فرصة عظيمة لتبادل بعض الافكار وتحدثنا عن تعاون وثيق حقيقي”. وقال ميتشل ان ليبرمان أبلغه برغبة اسرائيل في “تحسين الظروف الاقتصادية” بالضفة الغربية.
ورفض الزعماء الفلسطينييون أي تصور عن “سلام اقتصادي”، وقالوا ان المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة مع اسرائيل لا يمكن أن تستأنف قبل أن يلتزم نتانياهو باقامة دولة فلسطينية. وأثار ليبرمان جدلا في العالم العربي بتصريحاته المتشددة، وقالت مصر هذا الاسبوع انها لن تتعامل مع وزير الخارجية الاسرائيلي، ما دامت مواقفه دون تغيير. لكن داني ايالون، نائب ليبرمان قال لتلفزيون القناة الثانية الاسرائيلي يوم الخميس “أعدكم بأنه لن تكون ثمة زيارة فحسب للوزير ليبرمان الى مصر، بل أنه سيستضيف شخصيات مصرية كبيرة هنا وفي وقت قريب”.
وفضلا عن الضغط على نتانياهو لقبول حل الدولتين، حثت إدارة أوباما الحكومة على تخفيف حصارها لقطاع غزة الذي تحكمه حركة المقاومة الاسلانية (حماس). وللمرة الاولى خلال أكثر من شهر، وجهت اسرائيل ضربة جوية في القطاع الفلسطيني يوم الخميس، فجرت خلالها ما ذكرت أنه مبنى ملغما بالقرب من السياج الحدودي. وقال سكان محليون ان التفجير لم يسفر عن اصابة أحد.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 أبريل 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.