حـذاري من التجسّس على الحياة الخاصة!
أعرب المندوب الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية عن قلقه من تزايد حالات التجسّس على المواطنين من قبل الخواص أو الدولة. كما حذر السيد هانسبيتر تور من الاستعمالات المُنحرفة للتكنولوجيات الافتراضية التي تؤدي إلى ممارسة ما أسماه "التحرش المعنوي" عبر الإنترنت.
جاء ذلك خلال عرضه يوم الإثنين 30 يونيو أمام وسائل الإعلام في برن لتقريره السنوي الذي أكد فيه أن “مجـتمع الـرّقابة” لم يكف عن التوسع منذ عام 2001، مُشتشهدا بالكشف مؤخرا عن تجميع معلومات حول نواب من أصل تركي في كانتون بازل-المدينة من دون علمهم.
لا يمكن ارتكاب مُخالفات في مجال احترام الشخصية بدون قيد أو شرط تحت ستار مكافحة الإرهاب. والدولة ليست الطرف الوحيد المعني بهذه الممارسات بل إن بعض شركات القطاع الخاص تشارك بنشاط في التعدي على المعطيات الخاصة، وهنالك المزيد والمزيد من الحالات التي تُرفع فيها مبادئ دولة القانون باسم مبررات الدولة، وبالتالي لا يجب توسيع حقوق الهيئات الحكومية لانتهاك بعض المبادئ الأساسية بشكل عبثي. كما يبدو أن الميل إلى “التجسس الحاد” (وضع الكاميرات، ومراقبة الحواسب عن بعد، وحجب الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية) يستفيد استفادة كاملة من التكنولوجيات الجديدة.
هذه من بين أبرز النقاط والمطالب التي أثارها المندوب الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية خلال تقديم تقريره السنوي يوم الإثنين في العاصمة برن. وذكر في سياق حديثه عن “التجسس الحاد” حالات التنصت الأخيرة على مواطنين ألمان من قبل شركة الاتصالات الألمانية “تليكوم” أو حالات التهرب الضريبي التي تلاحقها ألمانيا، مؤكـدا أن سويسرا ليست بمنأى عن مثل هذه القضايا.
كما أوضح السيد تور، أو “حارس الحياة الخاصة للمواطنين السويسريين” كما يحلو للبعض تسميته، أنه لا يريد أن تتوفر الدولة على المزيد من الإمكانيات للتجسس على المواطنين، منوها إلى أن هنالك حاجة مُلحة لإجراء نقاش وطني واسع النطاق حول حماية الشخصية، ولضمان مراقبة قوية في هذا المجال.
مشروع يتطاول على الحياة الشخصية
في المقابل، رحب السيد تور بمُقترح اللجنة التحضيرية لمجلس النواب الداعي إلى إعادة المشروع الحكومي حول مراجعة القانون الفدرالي الخاص بإجراءات الحفاظ على الأمن الداخلي، والهادف إلى تعزيز مكافحة الإرهاب والتجسس بترسانة من الإجراءات الجديدة، مثل التنصت على المكالمات الهاتفية؛ وهو مشروع “يتطاول كثيرا على مجال الخصوصية” في نظر السيد تور، لأنه يسمح لأطراف حكومية بالتوفر على نفس الإمكانات والصلاحيات المتاحة حاليا لسلطات الملاحقة القضائية، أي مراقبة البريدالإلكتروني والمكالمات الهاتفية.
وأشار السيد تور في هذا السياق إلى حالات البرلمانيين الستة المنحدرين من أصل تركي الذين جمعت السلطات معلومات حولهم دون علمهم في كانتون بازل-المدينة. وقد استنتج المندوب الفدرالي، على أساس المعلومات التي حصلت عليها لجنة المراقبة في البرلمان الفدرالي، أن الهيئات الكانتونية والفدرالية “قد انتهكت القانون” في هذه القضية.
من جهة أخرى، دعا هذا المسؤول الفدرالي إلى مزيد من الحماية للبيانات الشخصية والطبية وغيرها استعدادا لانضمام سويسرا كبلد كامل العضوية في فضاء شنغن ونظام تبادل المعلومات (SIS) المرتبط به، والذي يثير جملة من التساؤلات والشكوك حول التبادل الدولي للمعطيات البوليسية بين سلطات البلدان الأعضاء في معاهدة شنغن واتفاقية دبلن.
التحرش المعنوي على الإنترنت
كما أشار السيد هانسبيتر تور إلى موضوع آخر مثير للقلق هو أنظمة الـتقييم على الإنترنت لبعض المهـن مثل الطب والتعليم. وقد فتُح باب التحقيق مؤخرا ضد موقع يقترح على المرضى تقييم أداء طبيبهم دون الإفصاح عن هويتهم.
وشدد في هذا الصدد على “أن الشركة التي تقترح هذه الخدمة تعتقد أنها تنفع الصالح العام، ولكن بالنسبة لنا، هذا نظام غير موثوق”، لأنه من المستحيل بالفعل تحديد مصدر التقييم، هل هم مرضى الأطباء المعنيين حقا، أم مجرد منافسين لهم؛ مما “يفتح الباب للقذف وتشويه الصورة”.
وقد عبـّر المندوب الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية عن ذعره إزاء الميل المتزايد لظاهرة “التحرش المعنوي على الإنترنت”، مشيرا إلى أن النجاح الذي عرفه موقع إلكتروني (أجنبي) يسمح بالتشهير بالجيران خفية هو أمر مُحزن في نظره.
تعزيز الحـماية
ويعتقد السيد تور أن القوانين الحالية غير كافية لحماية الأفراد الذين يواجهون هذا النوع من الهجمات التي تحدث في العالم بأسره. ويرى المندوب الفدرالي أنه ينبغي ملاحقة من يُـقدمون على تشويه سمعة الناس بهذه الطريقة بصرامة تفوق التشدد الذي تتطلبه معاقبة التلفظ بعبارة تنتهك الشرف في جلسة حول طاولة في مطعم صغير…
ودائما في مجال الإنترنت، مازال مكتب المندوب الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية يركز على أساليب الشركات التي تكافح انتهاكات حقوق المؤلفين والمبدعين، وهي قضية ستفصل فيها المحكمة الفدرالية. لكن بعد تعبيره بمرارة العام الماضي عن استيائه من تواجده في وضع شبيه بالشخصية الإغريقية الأسطورية “سيزيف”، أبدى السيد تور قدرا أكـبر من الإيجابية في تقريره الجديد.
وقد استنتج بوجه خاص التقدم المحرز في مجال الصحة الذي شهد تعزيز استقلالية المشورة الطبية إزاء شركات التأمين، وإن كانت التحريات لا تزال جارية في هذا الشأن. كما لاحظ السيد هانسبيتر تور تحسنا في أداء شركة الاتصالات المالية العالمية بين المصارف “سويفت/SWIFT” التي أصبحت تعالج بشكل منفصل المعاملات المالية التي لا ترتبط بالولايات المتحدة.
من السرية إلى العلن
أما مبدأ الشفافية الذي اعتمدته الإدارة الفدرالية في يوليو 2006، فقد بدأ يؤتي ثماره وفقا للسيد تور، بحيث بدأت المكاتب والمؤسسات الفدرالية في التحول تدريجيا من مبدأ السرية إلى مبدأ الإعلان، ويزداد الوصول إلى وثائق الإدارة الفدرالية سهولة.
لكن السيد تور اضطُر للتدخل في أكثر من مناسبة في عام 2007 لتسوية بعض حالات الخلاف وعرض حلول أكثر ملاءمة من تلك التي أرادتها أو اقترحتها المكاتب الفدرالية. ويذكر أن مبدأ الشفافية لا يخص الإدارة الفدرالية فحسب (أي كافة الوزارات والمكاتب التابعة لها والمستشارية الفدرالية) بل أيضا شبكة الخطوط الحديدية الفدرالية ومؤسسة البريد والصندوق الوطني للتأمينات في حالات الحوادث.
وأخيرا، أعطى مكتب المندوب الفدرالي لحماية المعطيات والشفافية الضوء الأخضر لإنشاء “القوائم السوداء” لقطاعي الفندقة والمطاعم بشروط صارمة. وستحصي هذه الملفات الزبائن والعملاء الذين يتصرفون بشكل مرفوض، أو الذين لا يسددون فواتيرهم، وأولئك الذين يتسبـّبون في خسائر أو يتسمون بالعدوانية. وينص القرار على إبلاغ هذا الصنف من الزبائن بأنه تم تسجيل أسماءهم على القائمة السوداء.
سويس انفو مع الوكالات
ينص الفصل 13 من الدستور الفدرالي على احترام الحياة الخاصة وعلى حماية المواطنين من إساءة استعمال المعطيات الشخصية المتعلقة بهم.
المفوض الفدرالي لحماية المعطيات الشخصية مكلف بمراقبة ونُصح الأفراد والهيئات الفدرالية بخصوص كل ما يتعلق باحترام حماية المعطيات.
يوم 1 يوليو 2006 بدأ العمل في سويسرا بالقانون الجديد حول الشفافية الذي يستبدل مبدأ السرية بمبدإ الشفافية.
يُفترض أن يساهم القانون الجديد في إضفاء المزيد من السهولة والشفافية على إطلاع الجمهور على الوثائق الرسمية.
يتكون نظام شنغن لتبادل المعلومات من شبكة متكاملة من بنوك البيانات والمعطيات الخاصة، تتيح للمشتركين في الاتفاقية التي تحمل نفس الاسم الدخول إلى 13 مليون معلومة حول سكان 15 بلد في الإتحاد الأوروبي.
من المفترض أن يضمن هذا النظام مستوى عاليا من الأمن في الدول الأعضاء في الاتفاقية، بتسهيل التعاون بين أجهزة الشرطة وفرق التحقيق الجنائي.
على الرغم من أن سويسرا يمكنها الدخول إلى بنك المعلومات والمعطيات هذا اعتبارا من عام 2008، إلا أن تلك الخطوة مرهونة بما ستقدمه من خطوات في تشديد الحراسة على الحدود.
المرحلة الثانية من المشروع تحمل اسم SIS II وهي التي سيتم فيها تخزين بيانات تحمل السمات الخاصة لوجه كل إنسان مع صورة دقيقة للغاية لتفاصيل وجهه، وبيانات ومعلومات حول مثيري الشغب في المناسبات الرياضية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.