مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حلقـةُ وصل تجارية بين سويسرا والمغرب

swissinfo.ch

إذا ما اجتذب المغرب المستثمرين السويسريين وإذا ما أغرت سويسرا رجال الأعمال المغاربة، فقد تكون حلقة الوصل "الغرفة التجارية السويسرية" بالدار البيضاء.

الرئيس الجديد للغرفة السويسري الأصل والمغربي المولد والنشأة جيرار سالزمان استضاف سويس انفو للحديث عن مختلف نشاطات الغرفة وفرص وسبل تحسين الاستثمار في المغرب.

جدُّه غادر جبال الإمنتال السويسرية عام 1880، أما هو فرأى النور عام 1930 في مدينة الدار البيضاء المغربية. إنه السيد جيرار سالزمان الذي يترأس منذ قرابة خمسة أشهر الغرفة التجارية السويسرية في الدار البيضاء، خلفا لمؤسسها السويسري جون روبرت كامبيش.

وكان السيد سالزمان قد عمل في مجال الصناعة الكيماوية السويسرية بالمغرب، كما ترأس لمدة عشرين عاما “الدائرة السويسرية” التي تمثل -منذ إنشاءها في بداية الخمسينات- فضاء للقاءات واحتفالات ونشاطات الجالية السويسرية، وهي جالية لا تفوق في مجملها 862 مواطنا سويسريا مسجلا في مختلف أنحاء المغرب.

وبينما سلم السيد سالزمان مشعل “الدائرة السويسرية” إلى مهندس سويسري شاب، سلم مؤسس الغرفة التجارية السويسرية المتقاعد جون روبير كامبيش، المشعل بدوره للسيد سالزمان لمواصلة المشوار ومحاولة استقطاب أكبر عدد من المستثمرين السويسريين إلى المغرب.

في قلب الدار البيضاء العملاقة..

تقع الغرفة التجارية السويسرية في برج يتوسط قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة التي تعيش على إيقاع سريع منقطع النظير في المغرب.. إيقاع مُتطور ومُرهق يضاهي طابع الركض واللهث الذي يميز الحياة في العواصم وكبريات المدن الأوروبية والدولية. شركات ومعامل بالجملة.. ورؤوس أموال وطنية ودولية.. وستة ملايين نسمة في الدار البيضاء العملاقة وضواحيها.

ليس غريبا إذن أن يكون الاختيار قد وقع على هذه المدينة بالذات لإنشاء الغرفة التجارية السويسرية التي رأت النور عام 1987. وتنشط هذه “الغرفة الشابة”، كما يصفها السيد سالزمان، بفضل دعم الشركات السويسرية النشيطة في المغرب، ثم المساعدات التي تتلقاها من السلطات السويسرية.

ولدى الحديث عن أعمال وأهداف الغرفة، أوضح السيد سالزمان في لقاء مع سويس انفو بمقر عمله بالدار البيضاء، أن الغرفة تقدم مساعدات مختلفة للشركات السويسرية الراغبة في الاستثمار في المغرب ولرجال الأعمال المغاربة المهتمين بالسوق السويسرية.

مشورة ومعلومات

ومن ضمن الخدمات التي توفرها الغرفة تقديم المشورة والمعلومات حول المغرب وسبل التقرب من السوق المحلية. وتشمل هذه المعطيات تنوير الأطراف المعنية حول أنظمة التصدير والاستيراد والتصنيع والتوزيع، وكذا القانون الخاص بالتجارة الخارجية والحقوق الجمركية.

ويقول السيد سالزمان لدى عرضه لنشاطات الغرفة “نحن منفتحون، لدينا (أيضا) لائحة تتضمن الخدمات التي يمكن أن نقدمها للشركات المغربية المهتمة بسويسرا، هي معلومات متنوعة على شكل إحصائيات ومعلومات عملية في أغلب الأحيان، كما نقوم أيضا بربط الاتصال بين الشركات”.

وتعرض الغرفة بالفعل إنجاز أو توفير دراسات حول القطاعات الاقتصادية، من دراسة وتحليل السوق وهياكلها، مرورا بالمنافسة والشروط القانونية، ووصولا إلى تقييم إمكانيات التشغيل والبحث عن أنسب الشركاء، سواء تعلق الأمر بوكلاء أو مندوبين أو موزعين أو مزودي خدمات. ولا تغيب من لائحة خدمات الغرفة كتابةُ وترجمة الوثائق وأيضا تنظيم مهمات تجارية وحلقات دراسية صناعية في سويسرا والمغرب.

نشاطات “قنصلية” أيضا

وتتميز نشاطات الغرفة التجارية السويسرية بجانب ذي طابع “قنصلي” إذ تتعاون مع السفارة السويسرية في الرباط في مجال إعداد الملفات الخاصة بطلبات التأشيرة السويسرية لرجال الأعمال المغاربة الراغبين في زيارة سويسرا.

ففي عالم المال والأعمال، يظل الوقت من ذهب، والتنقل إلى الرباط مرة أولى لوضع ملف التأشيرة، ثم مرة ثانية لسحب التأشيرة قد يكلف رجل الأعمال وقتا هو في أمس الحاجة إليه، لذلك يضم فريق الغرفة التجارية السويسرية في الدار البيضاء موظفا مكلفا بهذه المهمة تحديدا.

وعن هذه المهمة يقول السيد سالزمان: “نحن لا نمنح التأشيرة لأن السفارة السويسرية هي التي تقرر ذلك (…) لكن بما أن السفارة موجودة في الرباط وبما أن تحضير الملفات شيء دقيق، فنحن نوفر هذا الامتياز لرجال الأعمال المغاربة”.

امتيازات ..

يوجد ضمن أعضاء الغرفة التجارية السويسرية في المغرب ما لا يقل عن 21 عضوا، من فروع أو وكالات هامة لشركات سويسرية، معظمها شركات كبيرة أو شركات متعددة الجنسيات، بينما تمثل الشركات الصغرى والمتوسطة استثناءين أو ثلاثة، مثلما أوضح السيد سالزمان الذي أعرب عن اعتقاده أن دور الغرفة يتمثل في “محاولة إيجاد أكبر عدد من الشركات السويسرية المهتمة بالمغرب، والتي يمكن أن تستفيد من امتيازاته”.

ومن أبرز الامتيازات التي عددها السيد سالزمان في مجال الاستثمار بالمغرب وجود يد عاملة وفيرة. وشدد مدير الغرفة التجارية السويسرية على أن هذه اليد العاملة “أثبتت أنها مؤهلة تماما وجذابة عندما يتم تأطيرها وتكوينها بشكل جيد”.

وبعد استعراض نماذج من الشركات النشيطة في مجال تركيب الأجهزة الإلكترونية وصناعات النسيج، أوضح السيد سالزمان أن كافة هذه الشركات “راضية جدا عن استقرارها في المغرب”.

ونوه رئيس الغرفة التجارية السويسرية إلى أن حجم الاستثمار يختلف من قطاع لآخر، إذ من الواضح، حسب السيد سالزمان، أن الاستثمار السويسري في مجال صناعة النسيج يظل متواضعا مقارنة مع تركيب الأجهزة الإلكترونية أو صناعة الفنادق.

.. ونقائص أيضا

وعلى مستوى تأقلم الشركات السويسرية مع الأجواء المغربية، سواء تعلق الأمر بالإجراءات الإدارية أو بالمناخ العام، يذكر مدير الغرفة التجارية السويسرية في المغرب أن الشركات، عندما تريد الاستقرار في سوق أو بلد ما، فيجب عليها أولا أن تتعرف على هذا السوق أو ذلك البلد. وهنا يمكن للغرفة التجارية أن تقدم مساعدات ثمينة للمستثمرين.

ويقول السيد سالزمان بهذا الشأن: “إذا ما اعتقد المرء أن الأمور تسير في المغرب مثلما ما تسير في سويسرا، فهو مخطئ، هنالك اختلافات كثيرة، كالثقافة والعادات. لكن عندما نتحدث عن الأعمال، يجب الاستفادة على أحسن وجه مما هو مُتاح”.

أما عن الصعوبات التي يواجهها المستثمرون السويسريون في المغرب، فيعتقد السيد سالزمان أنها تتجسد أساسا في التكوين المهني للعمال. إذ يرى أنه مازال على المغرب القيام بجهود إضافية في هذا الإطار، خاصة ما يتعلق بتوفير آليات تواصل ناجعة بين الإدارة والعمال. ويقول السيد سالزمان أن هذا المجال “مازال يعاني من بعض النقائص. يجب تكوين الناس وهذا يتطلب الوقت وهو استثمار في حد ذاته”.

وأضاف السيد سالزمان أن المغرب في حاجة إلى تطوير نشاطات القطاعات الاقتصادية لتشغيل اليد العاملة المتزايدة التي تقصد سوق العمل كل سنة. وذكر في هذا السياق القطاع السياحي الذي يعتمد على خطة طموحة لتعزيز فرص الاستثمار السياحي وإنعاش هذا القطاع. ويشار إلى أن هذه الخطة تهدف إلى استقطاب زهاء 10 ملايين سائح وتحقيق عائدات بـ8 مليار دولار عند حدود عام 2010.

السياحة .. قطاع حيوي

ويعتقد السيد سالزمان أن السياحة هي من القطاعات التي تحتاج إلى استثمارات أجنبية هامة، معربا عن قناعته بإمكانية بلوغ هذا الهدف في ظل السياسة الراهنة للمغرب.

لكن لتحقيق الهدف المنشود يجب بطبيعة الحال توفير الظروف والشروط الضرورية لتسهيل عمليات الاستثمار، وهنا يطرح السيد سالزمان سؤالا مباشرا وصريحا إن يقول: “ما الذي يثير الاستثمارات، لا يجب أن نخادع أنفسنا، ما يثيرها هو الربح، فإذا ما عملت الفنادق على أحسن وجه، فذلك سيجتذب بصورة تلقائية مستثمرين جدد، إذن يجب توفير البنى التحية وبسرعة لاستقطاب المستثمرين”.

ونوه مدير الغرفة التجارية السويسرية في المغرب إلى أن المستثمرين أشخاص يشتهرون بالحذر وحتى الخوف على المستوى العالمي، مضيفا “إن أصحاب رؤوس الأموال حذرون ويجب أن تكون الشروط والأوضاع مثيرة، تحدثت في السابق عن التكوين المهني، لكن يجب أيضا التأقلم مع قوانين العمل” العصرية.

وفي نفس السياق، رحب السيد سالزمان باعتماد قانون العمل الجديد في المغرب الذي وصفه بخطوة “جيدة جدا”، مضيفا في المقابل أنه مازال يجب ضبط بعض الأشياء مع الواقع على مستوى التطبيق والممارسة.

وأخيرا، لدى سؤاله عن تأثيرات أحداث الدار البيضاء الإرهابية في 16 مايو 2003 على الاستثمارات في المغرب، أجاب السيد سالزمان أن تلك الأحداث كان لها تأثير على مستوى المغرب، لكن أيضا على مستوى أوروبا وسويسرا بطبيعة الحال.

وقال بهذا الشأن: “مثلما حصل في كل مكان، ولد ذلك نوعا من الحذر الذي يأتي من عدم المعرفة. من الواضح أن تضخيم الأحداث من قبل وسائل الإعلام يؤثر على الرأي العام ولا يمكننا تغيير ذلك مع الأسف. لكن أعتقد أن الوقت يحمل النسيان ودورنا يكمن أيضا في التعريف بحقائق المغرب. وهذا ما نتمسك به”.

سويس انفو – إصلاح بخات – الدار البيضاء

أنشأت الغرفة التجارية السويسرية في الدار البيضاء بالمغرب عام 1987.
توظف الشركات السويسرية النشطة في المغرب 3500 شخص.
في 2003، بلغت قيمة الورادات المغربية من سويسرا زهاء 145 مليون فرنك، بينما لم تبلغ الصادرات المغربية إلى سويسرا 75 مليون فرنك.

أهم الصادرات السويسرية إلى المغرب: الآلات، المواد الكيماوية، المنتجات الصيدلية، والساعات. أما أهم الواردات السويسرية من المغرب:المنتجات الزراعية، المعادن الثمينة، المجوهرات، النسيج والملابس. ومن أبرز الشركات السويسرية النشطة في المغرب: “آزيان براون بوفيري” (ABB) السويسرية السويدية، أولسيم، موديس المغرب، نستلي، نوفارتيس، روش، فالترونيك، بولر، كلاريانت، هيلتي، سيكا، سنجينتا، تأمين زيورخ، أوربان بلان.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية