خطاب أوباما للعالم الإسلامي من القاهرة.. بداية طيبة، ولكن!
"خطابٌ مُـتوازن يعبِّـر عن بداية جديدة".. "مكْـر وخِـداع ولا يحمل أي جديد".. "كلِـمات طيبة تنقصها الأعمال".. "سكت عن كثير من القضايا التي تهمّ المسلمين".. "لم يتضمّـن خطة مفصّـلة لحل القضية الفلسطينية".. وأخيرا.. "كُـنا نتوقّـع المزيد"..
هذه عيِّـنة من بعض التّـقييمات التي صرح بها محللون عرب ومسلمون عن خطاب الرئيس الأمريكي أوباما للعالم الاسلامي، الذي وجهه يوم الخميس 4 يونيو 2009 من جامعة القاهرة.
وهي عينة تمزِج ما بين الآمال والإحباطات، ما بين رُؤية واقعية تُـدرك مغزى الخطاب وضرورته في هذه المرحلة تحديدا، وأخرى تميل إلى المبالغة في كل شيء وتنتظر هدايا مجّـانية، لا يعترف بها العالم في أي من مراحله السابقة أو اللاحقة.
حدث غيرُ مسبوق
أيا كان التّـقييم والرّؤية التي تكمن خلفه، فلا شكّ أن خطابا أمريكيا موجّـها للعالم الإسلامي، كُتب بأكبر درجة من الدقّـة في اختيار الكلمات والاقتباسات من الكُـتب المقدّسة للمسلمين والمسيحيين واليهود، والموضوعات التي تُطرق وتلك التي تُغفل عَـمدا أو تُدرَك ضمْـنا، هو حدث كبير في حدّ ذاته، فضلا عن كونه غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي.
فقد اعتاد المراقب على أن تتعامل الإدارات الأمريكية مع القضايا العربية والإسلامية من منظور، بعضه استعلائي وبعضه استنكاري، وقليل منه يهتم ببناء المصالح، والنّـادر منه ما يقيم شراكة تحقِّـق مصالح أمريكية بالدّرجة الأولى.
أما الرئيس اوباما، صاحب دعوة التغيير، فيطرح على العالم الإسلامي هذه المرة أسلوبا جديدا، لا يتوقّـف عند الماضي، بل ينظر إلى المستقبل، ولا يركن إلى الصوّر النمطية المتبادلة سلباً وكراهة، بل يدعو إلى تغييرها واستبدالها بصُـور أخرى إيجابية، ولا ينفي تماما مسؤولية أمريكا في كثير ممّـا سبب توتّـرا وإساءات وعُـنفا وحروبا، وإن كان يدعو إلى البحث عن مخارج عملية تتجاوز الحلول العسكرية، إلى أخرى سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتنموية.
صحيح لم يكن هناك اعتِـذار واضح عن أخطاء أمريكية يعتبرها المسلمون بالِـغة ومُهينة، وهي كذلك بالفعل، ولكنه اعترف بخلافات جوهرية بين قرارات خطيرة أجْـبرت عليها أمريكا، كغزو أفغانستان مثلا، وأخرى اتخذتها أمريكا اختيارا وأثارت جدلا في الداخل والخارج معا، كغزو العراق.
بيد أن الواضح هنا أن غياب الاعتذار لم يمنع أوباما من التفكير والتذكير أيضا بقرارات اتَّـخذتها إدارته للتعافي من هذه المسؤوليات الجسيمة، ولكن دون إغفال أن لا يترتّـب على تلك القرارات، كالانسحاب من العراق في موعده المُـعلن، أي اختلالات في أمن العراق أو الإقليم، كما لم يمنعه من القول بأن خطأ العراق ذكّـر أمريكا بأهمية العمل الدبلوماسي مع العالم.
رُؤية تصالحية واعدة
كان واضحا منذ صدَر الخطاب، أن رؤية أوباما ليست تصالحية وحسب، بل عملِـية أيضا، قامت على فهْـمٍ عميق بدور الميراث الاستعماري في التفرقة بين الغرب والعالم الإسلامي، وبدور الحداثة والعولمة في توسيع الهوّة بين المسلمين وغيرهم من مجتمعات العالم، وكذلك بدور المتطرِّفين، وهم الأقلية التي تسعى دائما إلى توظيف الاختلافات والفروق، لإيجاد المزيد من الفُـرقة والتوتّـر.
وفي المقابل، جاءت الدّعوة بعدم الارتكان إلى الماضي، ولكن النّـظر إلى المستقبل عبْـر البحث عن بداية جديدة تستنِـد إلى المصلحة المُـشتركة والاحترام المتبادَل وحقيقة أن “أمريكا والإسلام لا تُـعارضان بعضها البعض”، وأن لهما قواسِـم ومبادِئ مُـشتركة يلتقِـيان عبرها، ألا وهي “مبادِئ العدالة والتقدّم والتّـسامح وكرامة كل إنسان”، مع الاستدراك بأن التغيير، أي تغيير لا يحدُث بين عشِـية وضُـحاها ولا يُـمكن لخِـطاب واحد أن يُـلغي تماما مِـيراثا طويلا من عدَم الثقة والشعور بالعدَاء والاختلافات الكبيرة، ولكنها فقط البداية التي تفرض الإستماع إلى بعضنا البعض، والتعلّـم أيضا من بعضنا البعض.
ولم ينسَ أوباما كدارس للتاريخ أن يُذكِّـر العالم الإسلامي، بأنه في زمن اهتمامه بالعِـلم والفنون والإبداع والمعمار والإبتكار، قد أثرى الحضارة الإنسانية ككُـل ومهَّـد الطريق أمام النهضة في أوروبا وعصر التنوير، وأن تاريخ الإسلام قد أظهر، قلْـبا وقالبا، الفُـرص الكامِـنة في التسامح الدِّيني والمُـساواة ما بين الأعراق.
خِـبرة الذّاتي والعام
من جُـملة الخطاب وتفصيلاته، تتجلّـى تأثيرات الخِـبرة الذاتية لأوباما، كطِـفل ولِـد لأب مُـسلم وعاشَ سنين عمره الأولى في مجتمع مسلِـم، اتَّـسم بالتسامح مع أتباع الديانات الأخرى، ثم جعلته الظروف لاحِـقا مسيحيا، وفي الآن نفسِـه، يُـوجد مسلمون في أسرته الكبيرة التي ما زالت تعيش في كينيا. كما تتجلّـى أيضا خِـبرة الولايات المتحدة، كبلد تشكّـل من الأقليات والعِـرقيات المختلفة والدِّيانات العديدة، في صيغة يتعايَـش في ظلّـها الجميع وتوفِّـر لكل فرد فُـرصة للترقي عبْـر العِـلم والعطاء.
هذه التأثيرات الذّاتية والعامّـة، هي المسؤولة عن ما ساد الخِـطاب من دعوة للتمسّـك بقِـيم الحرية الدِّينية والتعايُـش بين المختلفين والدّعوة إلى التسامح والتخلّـص من التطرّف والعُـنف، والتبشير أيضا بقيمة النِّـضال السِّـلمي لنيل الحقوق، وهي أيضا المسؤولة عن دِفاع أوباما عن حقِّ المسلمين في التمسّـك بدِينهم وهوِياتِـهم وخصوصياتِـهم، طالما أنها عن قناعة وإيمان، ولكن دون إنكار إيمان الآخرين المُـختلف.
القضايا السَّـبع.. والمبادئ المؤسسة
وبروحٍ من الشفافية والصِّـدق، عرّج الخطاب على أهمّ سبعِ قضايا تفرّق بين أمريكا والعالم الإسلامي، حرِص في كل واحدة منها على طرح جُـملة مبادِئ تؤسّـس لعلاقة شراكة مستقبلـِية، ومُـبيِّـنا في كل قضية حجْـم الخلاف القائم وأسبابه، وكذلك قدر الشراكة المُـمكنة أو الكامنة، التي تؤسّـس لمخرج مناسِـب، دون إكراه أو إجبار.
جاءت القضايا السّـبع تحت عناوين اختِـيرت بعِـناية وعكَـست النظام القيمي، الذي ينطلق منه أوباما كرجُـل قانون بالأساس ومبشّـرا بالتغيير السِّـلمي، المبني على الاقتناع الذّاتى.
أولها، حمل عنوان التطرّف بكل أشكاله، وفيه تطرّق إلى أوضاع العراق وأفغانستان وباكستان ودور القاعدة وهجمات 11 سبتمبر، ومُـنتهيا إلى أن الحلول المطروحة، ليست عسكرية أبدا، ولكنها سياسية وتنموية وفِـكرية وقانونية.
وثانيها، الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم العربى أو القضية الفلسطينية بالأحرى، مذكِّـرا بأن علاقة بلادِه وإسرائيل، غير قابلة للإنكِـسار، ولكنها تتحمّـل أيضا الخِـلاف، كما هو الحاصِـل الآن حول موضوع الاستيطان مع حكومة نتانياهو الحالية، ومذكِّـرا أيضا بأن مُـعاناة اليهود لا يُـمكن إنكارها، كما لا يمكن إنكار مُـعاناة الفلسطينيين وما يتعرّضون له من إهانات يومية بفعل الاحتلال، وهي المعاناة التي لن تتوقّـف إلا عبْـر حلّ الدّولتيْـن المُـتعايِـشتيْـن في سلام واستقرار، وداعيا الفلسطينيين إلى نبْـذ العُـنف، الذي يؤدّي إلى طريق مسْـدُود، ومشيرا إلى نِـضال السُّـود الأمريكيين السِّـلمي، حتى نالوا حُـقوقهم، في دعوة إلى السّـير على النّـهج ذاته.
وثالثها، الاهتمام المُـشترك بحقوق الدول ومسؤولياتها بشأن الأسلحة النووية. وفيه عرّج على الخِـلاف مع إيران حول برنامجها النووي، ورغبة بلادِه في منع الانتشار النووي ومنع التسلّـح النووي، ولكنه، وهذا هو الأهَـمّ، أنه من حقّ الدول أن تستفيد من الطّـاقة النووية سِـلميا، عبْـر الالتزام بمسؤوليات مُـعاهدة منع الانتشار النووي.
ورابعا، الديمقراطية، هي العنوان الذي جمع بين فكرتيْـن مِـحوريتيْـن، أن الديمقراطية بما فيها من حريّـات وتعدّدية وحقوق إنسان، ليست نظاما غربيا أو أمريكيا، بل هي نظام عالمي يتوافَـق مع قِـيم الإسلام نفسه، وأن أمريكا ليست بوارد أن تفرض على أحد نظاما ديمقراطيا بعيْـنه، ولكنها ستعمَـل على تشجيع كل مجتمع مسلم يسعى إلى تطبيق قِـيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفقا لقناعاته وخصوصياته.
الخامس، كان عن الحرية الدِّينية، ورابطا إياه بأن التسامح تقليدٌ عريق يفخَأر به الإسلام. والسادس، حول حقوق المرأة وحرياتها وتمكينها وتعليمها. والسابع والأخير، اهتم بالتنمية الاقتصادية وتنمية الفُـرص.
التنمية والبحث العلمي وفرص العمل..
كثير من الذين انتَـقدوا الخِـطاب، قالوا بأنه لم يأتِ بجديد لأهمّ قضية تفرِّق بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، وهي القضية الفلسطينية، وكثير قالوا إنه لم يأتِ على ذِكر المسار السوري أو اللبناني ولم يطرَح رُؤية تفصيلية في هذا الصّـدد.
وعلى قدر الحقّ في هذا القول، فإن فيه قفْـزا على حقيقة، أن مثل هذه الخطابات التي تطرح رُؤى كُـلية وملامِـح لتغيّـرات تاريخية، ليس من وظيفتها أن تدخل في تفاصيل قضية هنا أو هناك، بقدر ما تُـعطي مؤشِّـرا على مدى الجِـدِّية والرُّؤية المُـناسبة، التي تقابل التطلّـعات المشروعة، كما حمل أيضا اقتراحات عملية، تنم عن قرار بإحداث تغيير في القناعات، لاسيما لدى الأجيال الشابة، فضلا عن بعض جوانِـب الواقِـع المُـعاش.
جاءت هذه الاقتراحات جلِـية، حين تحدّث اوباما عن الفُـرص والتنمية، كالتوسّـع في برامج التّـبادل التعليمي وزيادة عدد المِـنح الدراسية وتشجيع عددٍ أكبر من الأمريكيين على الدراسة في المجتمعات الإسلامية، وتوفير فُـرص للتّـدريب في أمريكا للطلاّب المسلمين الواعِـدين، والاستثمار في سُـبل التعليم الافتراضي للمعلِّـمين والتلاميذ في جميع أنحاء العالم عبْـر الفضاء الإلكتروني، واستحداث شبكة إلكترونية جديدة، لتمكين الشباب في ولاية كَـنساس مثلا من الاتِّـصال المباشر مع نُـظرائهم في القاهِـرة.
أما عن التنمية الاقتصادية، فتحدّث اوباما عن استحداث هيئة جديدة من رجال الأعمال المتطوِّعين، لتكوين شراكة مع نُـظرائهم في البلدان التي يشكِّـل فيها المسلمون أغلبية السكّـان، واستضافة أمريكا مؤتمر قمّـة لأصحاب المشاريع المبتَـكرة هذا العام، لتحديد كيفية تعميق العلاقات بين الشخصيات القيادية في مجال العَـمل التجاري والمِـهني والمؤسسات، وأصحاب المشاريع الابتِـكارية الاجتماعية في الولايات المتحدة وفي المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
وفيما يتعلّـق بالعلوم والتكنولوجيا، سيتِـم تأسيس، حسب وعد اوباما، صندوق مالي جديد لدعم التنمية والتطوّر التكنولوجي في البلدان التي يشكِّـل فيها المسلمون غالبية السكّـان وللمساهمة في نقل الأفكار إلى السوق، حتي تستطيع هذه البلدان استحداث فُـرص للعمل، وسوف تفتتح مراكِـز للتفوّق العلمي في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وستُـعيِّـن أمريكا موفدِين عِـلميين للتعاون في برامج، من شأنها تطوير مصادِر جديدة للطاقة واستحداث فُـرص خضراء للعمل لا تضُـر بالبيئة، وسبل لترقيم السِـجلات وتنظيف المِـياه وزراعة محاصيل جديدة، فضلا عن جُـهود عالمية جديدة مع منظمة المؤتمر الإسلامي، للقضاء على مرض شلل الأطفال، وتوسيع الشراكة مع المجتمعات الإسلامية، لتعزيز صحّـة الأطفال والأمَّـهات.
المسلمون والتحدّي المُـنتظر
قد لا تُـلبّـي هذه الاقتراحات تطلُّـعات بعض المسلمين، لكن هذا لا ينكر أن ما طرحه الرئيس اوباما يمثِّـل بداية نهْـج جديد تُـجاه العالم الإسلامي، صاغَـه بحيث يحقِّـق الشراكة والاحترام المتبادَل والمصالِـح المشتركة، نهج لا تصيغه الولايات المتحدة بليل وتفرِضه على الآخرين عنوة أو قَـسرا، بل نهج تصيغه المبادرات الواعِـية والعمل المشترك والاحترام والكرامة المتبادلة، وتلك بدورها تعني أن الولايات المتحدة، كما ستقدم مبادرات لن تفرضها على الآخر، لكنها ستنتظِـر أيضا مبادرات الآخرين ولن تتجاهَـلها، وهنا يأتي الدّور على العالم الإسلامي.
لقد أدّت أمريكا واجبها أو جزءً منه، فكيف سيؤدّي المسلمون واجِـبهم تُـجاه أنفسهم أولا، ثم تُـجاه الآخرين ثانيا؟ هنا يكمن التحدّي الحقيقي والأكبر.
د. حسن أبو طالب – القاهرة – swissinfo.ch
واشنطن (رويترز) – وجه الرئيس الامريكي باراك اوباما رسالة “حب صارمة” الى العرب والاسرائيليين دفعته الى عمق اكبر في عملية صنع السلام بالشرق الاوسط القضية شديدة التعقيد التي ارهقت اسلافه وتنطوي على مخاطر له.
واقتبس اوباما من القرآن الكريم “اتقوا الله وقولوا قولا سديدا”، وهو يضع جانبا رفاهة التعبيرات الدبلوماسية في مطالبته اسرائيل بوقف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي تثير عداء الفلسطينيين ومطالبته الفلسطينيين بالعمل من اجل السلام وقبول حق اسرائيل في الوجود ومطالبته للنشطاء الفلسطينيين بوقف اعمال العنف. وقال اوباما يوم الخميس 4 يونيو 2009 في خطابه بالقاهرة الموجه للعالم الاسلامي “اننا لا نستطيع أن نفرض السلام ويدرك كثيرون من المسلمين في قرارة أنفسهم أن اسرائيل لن تختفي وبالمثل يدرك الكثيرون من الاسرائيليين أن دولة فلسطينية أمر ضروري. لقد ان الاوان للقيام بعمل يعتمد على الحقيقة التي يدركها الجميع.” ويأتي هذا الاندفاع من جانبه في خضم الشرق الاوسط في وقت مبكر جدا من رئاسته، بخلاف اسلافه ومن بينهم بيل كلينتون وجورج بوش، اللذان انتظرا حتى وقت متأخر من فترة رئاستيهما ليحاولا القيام بدفعة كبيرة ووصلا الى نتيجة تدعو للاحباط.
وقال شلبي تلحمي، خبير الشرق الاوسط في معهد بروكينغز في واشنطن ان القيام بمبادرة بشأن الشرق الاوسط في هذا الوقت المبكر، يعني ان قدرة اوباما على تحقيق نتيجة ستكون اختبارا لمصداقيته. وقال “هذه الحكومة بعد ثلاثة اعوام من الان في وقت نكون فيه في منتصف حملة انتخابية، ستقيم على اساس مدى ما استطاعت ان تحققه في ان تجعل العرب والاسرائيليين اقرب من الحل القائم على دولتين”. واكد الرئيس المسيحي، الذي انحدر والده الكيني من عائلة ضمت اجيالا من المسلمين، على جذوره الاسلامية بطريقة لم يقم بها ابدا خلال حملته في الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، عندما كان يحتمل ان ينظر الى هذه الجذور على انها عبء سياسي. وربما ساعده ذلك في القاء خطاب، وصفه السناتور الديمقراطي جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بانه صريح وصادق، كان حاسما في توجيه اشارة بانطلاق “عهد جديد من التفاهم مع المجتمعات الاسلامية في العالم اجمع”.
وقال رون كوفمان، الذي كان مستشارا سياسيا للرئيس السابق جورج بوش انه ” قال اشياء لو قالها رؤساء سابقون ما كانت تهم، لكن لانه اوباما بكل خلفياته، فانها غيرت المناخ التي قالها فيه واضفت عليه مغزى اكبر”. وقال كوفمان “حقيقة، ان باراك حسين اوباما قال هذه الاشياء ويمكنه ان يقولها بطريقة تجعل المسلمين المعتدلين ينصتون اليها”. وفي الوقت الذي كان فيه اوباما صريحا ومباشرا، فانه استخدم لهجة تأكيدية مع المسلمين في سعيه لما اسماه “بداية جديدة” معهم، محاولا الابتعاد عن التوترات التي خلفتها حرب حكومة بوش على العراق. وقال السفير الامريكي السابق لدى اسرائيل مارتن انديك بمركز سابان لسياسات الشرق الاوسط، ان اوباما قدم “بيانا امريكيا مثيرا ومقنعا عن علاقة جديدة مع العالم الاسلامي”.
وتمثل مطالبة اوباما اسرائيل بتجميد الاستيطان، تحديا لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رفض القيام بهذه الخطوة، وتثير احتمال حدوث توترات مع اعضاء الكونغرس المؤيدين لاسرائيل، والكثير منهم من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه اوباما. وحتى قبل القاء خطابه اعرب بعض اعضاء الكونغرس عن قلقلهم. قال النائب الديمقراطي انطوني وينر يوم الاربعاء 3 يونيو، ان اوباما عليه أن “يكون حذرا وان لا يتجاوز الخط الذي نبدو عنده وكأننا نمارس الضغط الهائل الموجود تحت تصرفنا على حليفنا المنعزل الى حد ما”.
ويبين التاريخ ان الخلاف مع اسرائيل يكون مُكلفا جدا للرؤساء الامريكيين. واغضب جورج بوش الاب الذي تولى الرئاسة بين عامي 1989 و1993 اسرائيل ومؤيديها الامريكيين بقوله، انه لن يؤيد تقديم اية اموال جديدة لاسرائيل تستخدمها للاستيطان. وقال لمعاونيه السابقين، انه يعتقد ان هذا الموضوع كان احد اسباب خسارته لمحاولة اعادة انتخابه في عام 1992، لانه فقد الكثير من دعم اليهود. وقال جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الامريكي، انه يوجد مع ذلك “زعماء مهمين في الكونغرس والطائفة اليهودية الذين يفهمون بوضوح ان المسار الذي تتخذه اسرائيل غير مفيد، بل اكثر من ذلك انه مدمر”، وقال زغبي عن اوباما “هذه معركة يمكنه ان يكسبها”.
ونظرا لان السلام في الشرق الاوسط كان هدفا مراوغا لكل رئيس امريكي خلال الخمسين عاما الماضية، فانها ستكون مفاجأة كبيرة لمعظم الامريكيين، اذا نجح اوباما في الجمع بين العرب والاسرائيليين معا. وكشف استطلاع اجرته صحيفة يو اس ايه توداي مع معهد غالوب في اواخر الشهر الماضي، أن 32% من الامريكيين فقط يعتقدون انه سيأتي وقت يستطيع فيه الجانبان تسوية خلافاتهما ويعيشان في سلام، واعرب 66% عن شكوكهم في امكان حدوث ذلك.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 يونيو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.