د. إسماعيل أمين: “لابد أن يتواصل الحوار.. وعلينا أن نتعامل مع هذا الواقع الجديد”
صدمة، إحباط، خيبة امل، شعور بالإقصاء والإهانة... هذه هي العبارات التي تتردد اليوم على ألسنة ابناء الأقلية المسلمة في سويسرا عقب الإعلان عن النتائج المفاجئة وغير المتوقعة والتي أكّدت تصويت 57.5% من الناخبين السويسريين لصالح حظر المآذن في سويسرا.
swissinfo.ch وفي محاولة منها لإستجلاء رد فعل رموز الجالية المسلمة في سويسرا، أجرت هذا الحوار مع الدكتور إسماعيل أمين، وهو مواطن سويسري من أصل مصري، وأستاذ الفلسفة وعلم النفس سابقا بجامعة زيورخ، وأول رئيس لاتحاد المنظمات الإسلامية بزيورخ.
swissinfo.ch: الدكتور أمين 57.5 % من الناخبين السويسريين، واكثر من 20 كانتونا صوتوا لحظر المآذن على التراب السويسري، ما رد فعلكم الاوّلي؟
إسماعيل أمين: طبعا أصبت كما أصيب الكثيرون بخيبة أمل كبيرة. واتى هذا الاستفتاء بغير ما كنا نتوقّعه إطلاقا.
كيف يمكن تفسير هذه الأغلبية الساحقة التي حققها انصار حظر المآذن على الرغم من رفض الحكومة والبرلمان، وممثلو الأديان لها منذ البداية؟
إسماعيل أمين: الواقع أن أصحاب المبادرة قاموا بحملة إشهارية كبيرة جدا لم تكن الأقلية المسلمة قادرة على مجابهتها. وقام اليمين المتشدد بحملة تضليلية كبيرة، لأنهم استخدموا حججا وألفاظا وأشياء لاعلاقة لها بالإسلام إطلاقا. يعني يتكلمون مثلا عن النقاب، هل رأينا مثلا امرأة منقبة هنا، وما علاقة ذلك بالمئذنة. ويتكلمون عن ختان البنات، وقلنا رسميا أن ختان البنات ممنوعا شرعيا، وقد افتى بذلك جمهور علماء المسلمين. إنهم يتحججون بحجج وهمية. يقولون أن هذه المبادرة ضد الشريعة، وقد اصدرنا بيانا رسميا، اكدنا فيه أن المسلمين لا يرغبون ولا يصبون إلى تطبيق الشريعة الإسلاميةن بل قلنا نحترم القانون السويسري والدستور السويسري، ونحفظ هذا القانون والدستور بكل ما أوتينا من قوة.
أنت تعيش في سويسرا منذ 40 سنة، وتنادي بالحوار والتسامح في سويسرا، هل تشعر اليوم بخيبة امل بعد ظهور هذه النتيجة؟
إسماعيل أمين: نعم اشعر بخيبة امل كبيرة جدا، لأنني لم اكن اتوقّع هذه النتيجة إطلاقا.
من المسؤول بحسب رأيكم عمّا جرى؟
إسماعيل أمين: التضليل الإعلامي، وخاصة الذي تم بواسطة حزب الشعب السويسري فقد خوّفوا الجماهير بأشياء لا حقيقة لها، واستغلوا الخوف الدفين من الإسلام، وقالوا بحجج لا علاقة لها بالإسلام إطلاقا.
أنت تقول ان حزب الشعب هو المسؤول، لكن المنظمات الإسلامية في سويسرا رفضت الدخول في حملة مضادة لإبطال هذا الذي تسميه “تضليلا”. هل يحصد المسلمون اليوم نتيجة إستراتيجيتهم الخاطئة؟
إسماعيل أمين: لا اعتقد ذلك، لقد كان ذلك القرار صائبا لأننا أقلية لا نمتلك لا إمكانات ولا آليات حزب الشعب كي نقوم بحملة مضادة.
هل يتجه المسلمون في سويسرا اليوم إلى حالة من التعايش في ظل عدم التسامح؟
إسماعيل أمين: لا اعرف بالضبط ماذا ستقرره الاتحادات الإسلامية بهذا الخصوص. فانا كما تعلم لم أعد رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في زيورخ كما كنت من قبل. ليس بمقدوري تحديد ما سيكون العمل في المستقبل.
هل تعتقد ان تقصيرا ما قد حدث من طرف اتحادات المنظمات الإسلامية في التواصل والحوار مع المجتمع المدني السويسري، الذي هو في الأخير من أصدر قرار حظر المآذن اليوم؟
إسماعيل أمين: : إن معظم المنظمات الإسلامية على صلة دائمة بالسلطات السويسرية، وعلى صلة ايضا بالتجمعات الدينية الموجودة في سويسرا. المسلمون يشتركون في حوار الأديان مع الكنائس المسيحية والأديان الاخرى، ويتحاورون مع الأحزاب السياسية، وجميع الاديان والأحزاب الأساسية ما عدى حزب الشعب (يمين متشدد) رفضت هذه المبادرة. هذا يدل على أن المسلمين لم يقصروا إطلاقا في توجهاتهم داخل المجتمع السويسري، ولكن لا توجد لديهم إمكانيات أقوى من ذلك، للقيام بحملات مضادة.
في عصر العولمة، لم يعد هناك إمكانية للفصل بين ما يحدث في سويسرا وما يحدث خارجها، كيف ترى السبيل للإحتماء من تبعات ما يحدث في العالم مع الملف الإسلامي في سويسرا؟
إسماعيل امين: إنه واجب كبير يتحمله جميع المسلمين. وعلى من هم منضوون في منظمات كبرى ان يحاولوا شرح تعاليم الدين الإسلامي. وهم يفعلون ذلك منذ مدة، لكن الحملة شرسة وقوية. نعلم انه منذ انهيار الإتحاد السوفياتي والغرب بحاجة إلى ما يلبسه صورة العدو، وهاهم يستبدلون الشيوعية بالإسلام. ونحن علينا الآن التعامل مع هذا الواقع الجديد، ومحاولة توضيح وجهة نظرنا ونشرها عبر الحوار والأسلوب الحضاري.
كيف للمسلمين في سويسرا أن يخرجوا من الزواية التي حشرتهم فيها هذه المبادرة؟
إسماعيل أمين: اعتقد انه لا بد من الإستمرار في الحوار مع الكنائس، ومع الجاليات اليهودية، وجميع الطوائف الدينية. الحوار لابد أن يستمر، ولابد ان يشمل ايضا الاحزاب السياسية المختلفة بما في ذلك مؤيدي حظر المآذن، وذلك لشرح وجهة النظر الإسلامية الخاصة بالمواضيع التي اثيرت خلال الأشهر الأخيرة.
ولد الدكتور إسماعيل أمين في منيا القمح – شرقية بمصر يوم 23 ديسمبر 1934، ويبلغ من العمر الآن 75 سنة. أستاذ جامعي متقاعد عمل مدرسا للفلسفة وعلم النفس والإسلاميات بجامعة زيورخ، وهو الآن الرئيس الشرفي لإتحاد المنظمات الإسلامية بكانتون زيورخ، كما كان سابقا رئيسا لمعهد المنار، وهو مؤسسة خاصة تعنى بتعزيز العلاقة بين سويسرا والعالم الإسلامي، وعلى وجه الخصوص بين مصر وسويسرا.
نبغ إسماعيل أمين في دراسة الفلسفة وعلم النفس وزادت قراءاته ومطالعاته في المجال، وعمل مدرسا لهذا الإختصاص في جامعة زيورخ، إلى سن التقاعد، وهو اليوم متفرغ للبحث العلمي، وينصب اهتمامه على موضوعيْن رئيسيين: الإسلام في سويسرا (ماضيا وحاضرا)، والمسيحية على ضفاف النيل. ولضرورة البحث وزيارة الاهل، يقضي وقته في الذهاب والإياب بين سويسرا ومصر.
ويعد إسماعيل امين الذي يقيم في زيورخ بسويسرا منذ ما يزيد عن 40 سنة من أكبر المتخصصين في الدراسات الشرقية والإسلامية في زيورخ وفي سويسرا عامة. وهو من ابرز من أشرف على صياغة ميثاق التعايش بين الأقليات الدينية في زيورخ قبل عدة سنوات.
نجحت المبادرتان الشعبيتان المناهضتان لبناء مآذن جديدة في سويسرا ولتصدير العتاد الحربي السويسري في تعبئة الناخبين بحيث ارتفعت نسبة المشاركة إلى حوالي 53%، وهي أفضل نتيجة سجلتها عمليات التصويت على المستوى الفدرالي في عام 2009.
وحسب النتائج النهائية لعمليات تصويت يوم 29 نوفمبر 2009 الصادرة عن المتشارية الفدرالية:
– المبادرة الشعبية المناهضة لبناء مآذن جديدة في سويسرا حظيت بموافقة 57,5% من الناخبين.
– المبادرة الشعبية المناهضة لحظر تصدير العتاد الحربي السويسري قوبلت برفض 68,2% من الناخبين.
– تمويل النقل الجوي: حصل المقترح على تأييد 65% من الناخبين.
أما نسبة المشاركة حول المواضيع الثلاثة مجتمعة فبلغت 51,9%.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.