سويسرا تعبّر عن بالغ انشغالها بشأن الأوضاع في سوريا
في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، حثّت الرئيسة السويسرية إفلين فيدمر- شلومبف المجتمع الدولي على اتخاذ اجراءات عاجلة ضد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. كما أعادت التأكيد على الحاجة الملحة إلى إدخال إصلاحات على منظومة الأمم المتحدة.
وقالت فيدمر –شلومبف إن سويسرا تراقب بقلق بالغ الوضع المتدهور في سوريا خاصة إزاء انتهاكات حقوق الإنسان. وأضافت: “هناك أناس أبرياء يموتون، وقد وجدوا أنفسهم محاصرين في تقاطع مرمى النيران بين الجيش السوري وقوات المعارضة”.
وقد افتتح بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة، الدورة الحالية للجمعية العامة بالدعوة إلى وضع حد للحرب الاهلية في سوريا، التي وصفها بانها “كارثة إقليمية ذات تأثيرات عالمية”. وقال إن المجتمع الدولي لا يمكن أن يُصرف نظره عن سوريا مع تصاعد العنف وخروجه على نطاق السيطرة.
وحثّ الأمين العام على وجه الخصوص البلدان الأعضاء في مجلس الأمن، والبلدان العربية على دعم جهود المبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا، السيد الأخضر الإبراهيمي. وقال بان كي مون: “علينا أن نوقف العنف، وتجارة السلاح على الجانبين، وأن تتحقق عملية انتقال في سوريا في أقرب وقت ممكن”.
وقد قامت الصين وروسيا بعرقلة قرارات لمجلس الامن ثلاث مرات متتالية كان من المتوقّع أن تكون لتلك القرارات عواقب على حكم بشار الأسد. وتقدّر منظمات حقوق الإنسان أن عدد القتلى في سوريا منذ اندلاع الاضطرابات ضد نظام دمشق قد بلغ 29.000 قتيل حتى الآن.
تقديم التماس للعدالة
نزح أكثر من مليون شخص من ديارهم داخل سوريا، ولجأ 250.000 شخص آخر إلى البلدان المجاورة، وأشارت فيدمر شلومبف التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للكنفدرالية إلى أن الوصول إلى الضحايا من الجرحى والمصدومين يكاد يكون من المستحيل.
الرئيسة السويسرية أكدت أيضا أن بلادها قد رصدت 13 مليون فرنك لدعم الجهود الإنسانية في سوريا والبلدان المجاورة. وأضافت هذه الأخيرة أنه طالما استمرت انتهاكات حقوق الإنسان بهذه الطريقة من دون عقاب، فإن البلاد لن تنعم بالأمن.
ووفقا لفيدمر- شلومبف تعمل سويسرا من أجل إيجاد طريقة لتقديم المسؤولين عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا للعدالة، وأوضحت أن “الإفلات من العقاب ليس مخالف للأخلاق فقط”، ولكنه قد يعيق ايضا عملية المصالحة المقبولة عالميا بعد انتهاء الصراع، وسوف يؤدي إلى تكرار الوضع في سوريا مرة أخرى.
وناشدت الرئيسة السويسرية البلدان المشاركة في دورة الجمعية العامة الانضمام إلى المبادرة السويسرية الداعية لتقديم المسؤولين عن الأوضاع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقد عبّرت 30 بلدا حتى الآن عن دعمها للمبادرة السويسرية.
فقد أطلقت سويسرا هذه المبادرة الموجهة إلى مجلس الامن في شهر يوليو 2012. ولكن قبل تسليمها إلى المجلس، لابد أن تحوز هذه المبادرة على دعم ما لا يقلّ عن 50 بلدا، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام عن ديدي بوركهالتر، وزير الخارجية السويسري يوم الإثنيْن الماضي بنيويورك.
كذلك أشادت الرئيسة السويسرية بعمل لجنة الامم المتحدة الخاصة بسوريا، والتي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي يوجد مقره بجنيف، ودعت إلى تعزيزها.
الوفد السويسري أوصى كذلك بتعيين المدعية العامة كارلا ديل بونتي المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان، في اللجنة الخاصة بسوريا، وهذه القانونية من اصل سويسري، عملت في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا سابقا. وقد كشف كل من ديديي بوركهالتر، وإيفلين فيدمر –شلومبف خلال ندوة صحفية بأن قرارا بتعيين ديل بونتي سيصدر قريبا.
اصلاحات وأمن
خلال العشر سنوات التي مرّت على انضمامها للأمم المتحدة، نشطت سويسرا في الدعوة إلى إصلاح مؤسسات المنظمة الدولية، وفي الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان. وفي خطابها، حثّت فيدمر شلومبف على ضرورة الإسراع في تنفيذ مشروعات الإصلاح العالقة.
هذه الإصلاحات سوف تساعد الامم المتحدة على ايجاد حلول للصراعات بدلا من تعطيل القرارات. والعديد من الآراء تدعو إلى تعديل نظام الفيتو الذي يتمتّع به الأعضاء الخمس في مجلس الامن في الحالات المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو جرائم الحرب…
كذلك حثّت الرئيسة السويسرية الامم المتحدة على مواصلة تعهّد قدراتها وتطويرها في مجال الوساطة ومنع نشوب النزاعات . وأشارت إلى أنه خلال العشر سنوات الماضية، كانت سويسرا طرفا فاعلا في نحو 30 مهمّة وساطة، في حوالي 20 بلدا.
الرئيسة السويسرية ووزيرة المالية في نفس الوقت إلتقت يوم الثلاثاء 25 سبتمبر الرئيس المصري محمد مرسي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
فيدمر –شلومبف أكّدت دعمها لمصر خلال هذه الفترة من الإنتقال الديمقراطي.
تركزت المحادثات بين المسؤولين كذلك على التقدّم الذي تحقق على مستوى ارساء الديمقراطية، وعلى الخطوات التي قطعت على المستوى القضائي بشأن الودائع المالية المجمّدة في المصارف السويسرية والتي تعود إلى الرئيس المصري السابق وبعض المقربين منه.
في 11 فبراير 2011، جمّدت سويسرا 410 مليون دولار ، وهي اصول مملوكة للرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، والمقربين من حاشيته. ومنذ ذلك الحين، تم العثور على 290 مليون دولار اخرى تعود ملكيتها على بعض رموز النظام السابق، وتم تجميدها كذلك.
فيدمر –شلومبف ابلغت نظيرها المصري ان سويسرا حريصة على إعادة أي اموال غير قانونية إلى مصر في أسرع وقت ممكن. وأضافت، أن تعاون مع السلطات المصرية لتحقيق ذلك بالغ الأهمية.
بعيدا عن الموضوعيْن الرئيسيين لخطابها، أشارت فيدمر – شلومبف كذلك إلى مسالة حرية التعبير، وكررت تقريبا ما سبق ان عبّر عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
أدان أوباما الهجمات الأخيرة على سفارات الولايات المتحدة على أثر نشر الفيلم “البشع والمثير للاشمئزاز” والذي يسيئ إلى محمّد، نبي الإسلام، واعتبر أن تلك الهجمات تستهدف قيم الامم المتحدة ومبادئها مثلما تستهدف الولايات المتحدة.
دعا أوباما إلى مزيد من التسامح ، وشدّد على أهمية حرية الرأي والتعبير.
أوضحت فيدمر–شلومبف خلال مؤتمر صحفي بأنها تولي اهتماما بالغا لهذه الحريات. وقالت: “أعتقد أن حرية التعبير أمر أساسيّ بالنسبة لأي بلد حر”. وأضافت: “هناك حالات تقود فيها إلى أعمال عنف، ولكن في نفس الوقت، لا يمكن منع التحدّث بحرية من خلال وسائل عنيفة”.
(نقله من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.