“عـدم استقرار أفغانستان معناه عـدمُ استقرارنا جميعا”
تمخض المؤتمر الدولي حول أفغانستان الذي شاركت فيه أزيد من مائة دولة حول العالم في مدينة بون الألمانية، بقرارات سياسية واقتصادية هدفها أفغانستان مستقرة، آمنة وتعمل على تحسين اقتصادها وحياة أبناءها، بعد انسحاب القوات الدولية، وبالرغم من بقاء طالبان قوة لا يُستهان بها.
وقد شاركت سويسرا بوفد سياسي هام، ركز على الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه الكنفدرالية لأفغانستان منذ سنوات عديدة، علما أن برن لا تشارك بقوات عسكرية ولا تُسهم في المجهود الحربي لقوات التحالف الدولي.
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن الدور السويسري، التقت swissinfo.ch في المركز الإعلامي للمؤتمر الدولي حول أفغانستان بمدينة بون الألمانية بالسفير بيات نوبس، مساعد وزيرة الخارجية السويسرية لشؤون آسيا – المحيط الهادي.
swissinfo.ch: أين تكمن أهمية هذا المؤتمر في حين أن المجتمع الدولي في اتصال دائم لإيجاد حل للمعضلة الأفغانية؟
بيات نوبس: نحن في اتصال دائم نعم، لكن أهمية هذا المؤتمر تتمثل في لقاء والتزام مائة دولة بدعم الشعب الأفغاني اقتصاديا وسياسيا، واتباع منهج يؤدي بالشعب الأفغاني إلى تحول هادئ نحو الإستقرار إلى غاية انسحاب القوات الدولية عام 2014 ، ولا تنسى أن شخصيات دولية هامة كانت هنا، بدءا بالمستشارة الألمانية ميركل، ووزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون، إيران، السعودية دول الجوار الأفغاني، وقد تسألني عن غياب باكستان، فإني شخصيا أأسف لهذا الغياب.
ربما يكون الغياب الباكستاني بسبب مقتل 26 جنديا باكستانيا على يد قوات التحالف، لكن ألا ترى أنه غياب شكلي لأن إسلام آباد تتعاون جديا مع قوات التحالف على أرض الواقع؟
بيات نوبس: أتمنى ذلك، لأن باكستان دولة مهمة في المعادلة، ونحن نحتاج إلى كل دول الجوار التي عليها أن تندمج إيجابيا مع الدول الغربية للوصول إلى تفاهم مشترك لما بعد انسحاب القوات الدولية، فالشعب الأفغاني يحتاج إلى الدعم الدولي ولا يمكن الوصول إلى دعم فعال مع غياب دول فاعلة في الميدان.
لقد تحدثتم عن كل شيء في أفغانستان، لكن لا إشارة إلى طالبان، وهي طرف فعال جدا في المعادلة الأفغانية، لماذا؟
بيات نوبس: طالبان لم تكن موضوعنا، وهي ليست من مواضيع هذا المؤتمر ولا يمكنني الخوض في هذا السؤال، لكني أؤكد أن وجود مائة دولة والتزامها بتقديم الدعم المادي والمعنوي هو إشارة قوية جدا للداخل الأفغاني وللشعب الأفغاني.
لا تملك سويسرا قوات عسكرية في أفغانستان، كما أنها لا تشارك في الدعم العسكري لقوات التحالف، فما هو الدعم الذي تقدمه الكنفدرالية لأفغانستان في هذه الحالة؟
بيات نوبس: نحن لم نترك الشعب الأفغاني وحيدا، بل نشارك بدعم مادي هام في أفغانستان وباكستان، ولدينا برنامج لدعم التمنية المحلية والتطور الإجتماعي في منطقة الهندكوش الأفغانية عن طريق الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية التي طبقت خططا دقيقة وهادفة تؤدي إلى تحسين وضع المرأة الأفغانية واحترام حقوق الإنسان، عن طريق تحسين الواقع المعيشي للشعب الأفغاني.
الأكيد أن دافعي الضرائب السويسريين لن يقبلوا بتحويل أموالهم إلى أيدي الإدارة الأفغانية الحالية المتهمة بالرشوة. كيف تضمنون ذهاب المساعدات السويسرية إلى مكانها الصحيح؟
بيات نوبس: لقد تحدثنا بصراحة شديدة مع الحكومة الأفغانية، ولحسن الحظ كان هذا هو موقف المجتمع الدولي في هذا المؤتمر، و كان معنا الرئيس الأفغاني كرزاي الذي سمع منا هذا أيضا و موقفنا واضح مع هذه المسألة فلابد من توفر الصراحة و الشفافية و الوضوح، لأن مستقبل الشعب الأفغاني واستقراره، بل استقرارنا جميعا هو في المحك، و عدم استقرار أفغانستان، معناه عدم استقرارنا جميعا.
هناك تواصل دائم بين المجتمع الدولي حيال أفغانستان، هل يمكن القول أن هذا المجتمع قد وصل إلى نوع من التنسيق يمكن وصفه بأنه أفضل مما كان عليه الحال قبل المؤتمر؟
بيات نوبس: أتمنى ذلك لأني رأيت ذلك فعلا في هذا المؤتمر وسويسرا لا تريد إلا الاستقرار والديمقراطية والتنمية الحقيقية للشعب الأفغاني مع توافق وطني حقيقي يؤدي في النهاية إلى سلام دائم، لا حل للمجتمع الدولي إلا السير في هذه الطريق.
بون (رويترز) – جددت ايران يوم الإثنين 5 ديسمبر 2011 اعتراضها على بقاء قوات أجنبية في افغانستان بعد عام 2014 وهو أمر يعيد الى الاذهان أن أي دور دولي طويل الأجل هناك من شأنه أن يزيد التوتر بينها وبين الغرب.
واتهمت ايران في الماضي بتقديم دعم محدود لتمرد حركة طالبان الافغانية واشار دبلوماسيون ومحللون الى أن طهران قد تزيد هذا الدعم ان شاءت ممارسة ضغوط جدية على القوات الامريكية في افغانستان.
وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي متحدثا في مؤتمر دولي بشأن افغانستان “تسعى بعض الدول الغربية الى تمديد وجودها العسكري في أفغانستان بعد 2014 من خلال الاحتفاظ بقواعدها العسكرية هناك. ونحن نرى أن مثل هذا النهج يتعارض مع جهود الحفاظ على الاستقرار والامن في أفغانستان”. وأضاف “لا يمكن لاي مبادرة دولية أو اقليمية لاعادة السلام والامن في افغانستان أن تنجح الا اذا تخلت عن وجود قوات عسكرية اجنبية وخصوصا… عن اقامة قواعد عسكرية اجنبية في افغانستان”.
وندد صالحي بما وصفه بانتهاك حقوق الانسان على أيدي القوات العسكرية الاجنبية في افغانستان بما في ذلك شن هجمات على مناطق سكنية. وقال ان الوجود العسكري الاجنبي على مدى السنوات العشر الاخيرة فشل في القضاء على الارهاب بل زاد المشكلة سوءا.
ولم تتوصل واشنطن بعد الى اتفاق مع كابول يسمح لها بالاحتفاظ ببعض القوات في افغانستان بعد عام 2014، لكن مسؤولين غربيين يتوقعون دورا ما لقوات الائتلاف بعد عام 2014 – وهو الموعد المتفق عليه لرحيل أغلب القوات الأجنبية – وذلك ربما في شكل مزيج من الادوار بما في ذلك التدريب والقوات الخاصة.
وزادت خلافات واشنطن مع كل من باكستان وايران وهما من اكثر جيران افغانستان تأثيرا من الشعور بالإحباط بشأن مستقبل الحرب الأفغانية.
وقاطعت باكستان مؤتمر بون بعدما قتل حلف الاطلسي 24 جنديا باكستانيا على الحدود مع افغانستان الشهر الماضي في هجوم وصفه الحلف بانه حادث “مأساوي”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 5 ديسمبر 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.