“لا يجب أن تتم محاربة الهجرة غير الشرعية على حساب حق اللجوء”
عبرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن القلق إثر إقدام السلطات الإيطالية على إعادة ركاب اربعة بواخر للمهاجرين غير الشرعيين الى ليبيا. ومع أنها اعترفت لإيطاليا بحق التصدي للهجرة غير الشرعية فإنها تنتقد أن يتم ذلك على حساب طالبي اللجوء وأن الطرد تم في اتجاه ليبيا، التي لم توقع على معاهدة فيينا لحماية اللاجئين الصادرة عام 1951.
وقد أثار إقدام إيطاليا مرتين منذ 6 مايو على إعادة ركاب أربعة بواخر محملة بمهاجرين غير شرعيين الى ليبيا، وما زال يثير الكثير من الانتقادات سواء من قبل المنظمات الدولية المختصة في مسائل اللجوء أو تلك المدافعة عن حقوق الإنسان.
إذ وجهت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين مثلما أعلن الناطق باسمها خطابا إلى السلطات الإيطالية تعبر فيه “عن القلق من أن السياسة المطبقة اليوم (بخصوص إعادة المهاجرين غير الشرعيين الى المنطقة التي توافدوا منها) تعمل على عرقلة تطبيق حق اللجوء بالنسبة لمن يرغبون في التوجه الى بلدان الاتحاد الأوروبي. وتعمل على انتهاك حق عدم الطرد المتضمن في معاهدة عام 1951 حول حق اللجوء، وفي قوانين الاتحاد الأوروبي وصكوك حقوق الإنسان”، وقد صدرت نفس الانتقادات عن منظمات إنسانية وكنسية من بينها الفاتيكان.
وتعود هذه القضية لقيام البحرية الإيطالية يوم الخميس الماضي 7 مايو باعتراض ثلاث سفن محملة بـ 226 من المهاجرين غير الشرعيين في المياه الدولية قبالة السواحل المالطية بعد تلقي إشارة إغاثة. وبدل السماح لهم بالنزول على الشواطئ الإيطالية تم توجيههم إلى لسواحل الليبية من حيث انطلقوا بموجب الاتفاق الذي أبرمته إيطاليا مع ليبيا في عام 2008. وهي المرة الأولى التي قبلت فيها ليبيا استقبال هؤلاء المطرودين.
“لا نعترض على محاربة الهجرة غير الشرعية”
مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تنتقد في هذه العملية إعادة مهاجرين غير شرعيين، بل عدم مراعاة السلطات الإيطالية ما إذا كان من بينهم طالبو لجوء. وأوضح الناطق باسم المفوضية وليام سبيندلر لسويس إنفو أن “هذا يعني الحيلولة دون السماح لهؤلاء الأشخاص بالتمتع بحق أساسي من حقوق الإنسان أي الحق في طلب اللجوء لأن الحق في طلب اللجوء والحماية بالنسبة لأشخاص يتعرضون للقمع والإضطهاد في بلدانهم هو حق منصوص عليه في مواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي وحق مطبق منذ مئات السنين. وهذه العملية هي بمثابة نفي لهذا الحق”.
وشدد الناطق باسم المفوضية على أن “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تقول بأن كل الأشخاص الذين تمت إعادتهم يجب أن يتمتعوا بهذا الحق في اللجوء أو ينطبق عليه حق اللجوء أو أن كل الذين يرغبون في الدخول الى إيطاليا هم لاجئون. ولكن بدون إجراء تحقيق لا يمكن التأكد هل يوجد بينهم لاجئون فارين من الاضطهاد والحروب أم أنهم عبارة عن مهاجرين اقتصاديين”.
ليبيا ليست موقعة على معاهدة حماية اللاجئين
لكن قلق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وقلق باقي المنظمات الدافعة عن حقوق الإنسان يتعاظم عند معرفة أن عملية الطرد تمت نحو ليبيا التي كما قالت المفوضية السامية للاجئين “ليست عضوا في معاهدة عام 1951 لحماية اللاجئين والتي ليست لديها قوانين نظم في قوانينها الوطنية لحماية اللاجئين”.
وعلى الرغم من ذلك، يرى الناطق باسم المفوضية ويليامس سبيندلر “ولكن حتى ولو أن ليبيا لم توقع على معاهدة حماية اللاجئين، فإن عليها التزامات دولية لأن حق اللجوء حق معترف به دوليا”. وهذا قبل أن يستطرد “لكن إذا لم تكن تتوفر على نظام حماية فإن ذلك يمثل تعقيدا وهذا ما يقلقنا في الواقع لأننا ليست لدينا أية ضمانات لحماية من يحتاجون للحماية”.
تعاون مع السلطات الليبية
مفوضية شؤون اللاجئين التي مقرها في جنيف اتصلت بركاب البواخر الأربعة وشرعت في استجوابهم لمعرفة ما إذا كان من بينهم من تنطبق عليه شروط اللجوء. ويقول الناطق باسم المفوضية ويليام سبيندلر “نعم لنا اتصال دائم مع السلطات الليبية. وقد قام مكتبنا في ليبيا بالاتصال بالأشخاص الذين تمت إعادتهم. وحتى ولو أنه ليست لدي آخر المعلومات عن ركاب البواخر الأربعة الذين تمت إعادتهم، يمكن القول أن السلطات الليبية سهلت لنا الاتصال بهم وسمحت لنا بتقديم مساعدات إنسانية لهم. ونقوم بإجراء الإستجوابات لمعرفة هل هناك من تنطبق عليه صفة طالب اللجوء”.
ومع أن وسائل إعلام أشارت إلى أن من بين ركاب هذه البواخر صوماليون وأريتريون تنطبق عليهم شروط طالبي اللجوء، فإن الناطق باسم المفوضية لم يستبعد احتمال وجود حاملي جنسيات أخرى إذ قال ويليامس سبنيدلر في حديثه لسويس إنفو “حق طلب اللجوء حق عالمي ولا يمكن أن ينطبق على أبناء جنسية محددة أو يُرفض لأبناء جنسية معينة. لكن من خلال ما تم من تحقيق اتضح بأن هناك صوماليين وأريتريين عبروا عن المخاوف من إعادتهم الى بلدانهم. ولكن لا نستبعد تواجد طالبي لجوء من بينهم من جنسيات أخرى غير الصومال وأريتريا”.
واستشهد الناطق باسم المفوضية بقوله “إذا ما نظرنا للإحصائيات المتوفرة نلاحظ أن العام الماضي شهد دخول حوالي 36 ألف شخص بهذه الطريقة (أي عبر الهجرة غير الشرعية). 50% من هؤلاء 36 الفا، طلبوا حق اللجوء في إيطاليا، وقد منحت السلطات الإيطالية لحوالي 60% منهم إما اللجوء أو حماية إنسانية. وهذا ما يُستنتج منه أن الغالبية ممن يتوافدون على إيطاليا تتوفر فيهم شروط اللجوء”.
يوم تاريخي.. أم يوم أسود؟
السلطات الإيطالية وعلى لسان رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني عبرت عن أن عملية طرد هؤلاء الركاب إلى ليبيا “مطابقة للقوانين الأوروبية والاتفاقيات الدولية ومعايير حقوق الإنسان التي لم تتعرض لأي انتهاك”.
أما وزير خارجيته فرانكو فراتيني فلا يرى في ذلك “صد مشكلة خاصة بإيطاليا وحدها بل مشكلة تهم كل أوروبا”. وقد ذهب وزير الداخلية الإيطالي روبيرتو ماروني المنتمي لحزب رابطة الشمال المعادي للأجانب الى حد الحديث عن “يوم تاريخي في عملية محاربة الهجرة غير الشرعية”.
لكن منظمات حقوقية وعلى غرار فرع إيطاليا لمنظمة أطباء بدون حدود وصفته “باليوم الأسود” في تاريخ حقوق الإنسان. وقد أدانت منظمة حماية الطفولة “Save the children” أن “السلطات الإيطالية رفضت تقديم مساعدة ملائمة لنساء وأطفال من بين الركاب”. وكانت السلطات الإيطالية قد أعلنت عن وجود أربعين سيدة ولكن لم تشر إلى وجود أطفال.
وفي الوقت الذي تستعد فيه السلطات الإيطالية لتعزيز قوانين تجريم الهجرة غير الشرعية، ترى المعارضة اليسارية الإيطالية الحكومة الحالية ترغب في “إعادة العمل بقوانين عنصرية” كانت سارية في عهد النظام الفاشي ما بين عامي 1922 و 1943.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
منظمة مساعدة المهاجرين إلى أوروبا “ميغراوروب” علقت على تبريرات المسؤولين الإيطاليين بخصوص طرد 227 مهاجر غير شرعي يوم 6 مايو و 240 يوم 10 مايو “على أنه بالفعل نقطة تحول كما صرح وزير الداخلية الإيطالي روبيرتو ماروني… ولكنها بدل أن تكون خطوة للأمام في طريق محاربة الهجرة غير الشرعية كما ادعى، هي خطوة توحي بأن إيطاليا قررت التخلي عن المبادئ الديمقراطية والالتزامات التي قطعتها في مجال الحقوق الأساسية”.
وذكّرت المنظمة بما قامت به إيطاليا من طرد في عامي 2004 و 2005 للمهاجرين المتوافدين على لامبيدوزا نحو ليبيا. كما أشارت الى ما نشرته صحف ايطالية من صور فيديو عن جنود ليبيين يهددون مهاجرين بأسلحتهم لمنعهم من الإبحار في اتجاه إيطاليا لتعلق في نهاية المطاف: “يا له من تجسيد مؤسف لاتفاقية الصداقة التي أبرمت بين ليبيا وإيطاليا في عام 2008”.
وترى المنظمة المدافعة عن المهاجرين في أوروبا أن “ما تغير هو الدور الذي كلفت به ليبيا من قبل الاتحاد الأوروبي… بعد سنوات من الحصار والنبذ بتهمة دعم الارهاب”. واستشهدت المنظمة بأقوال المفوضة الأوروبية المسؤولة عن السياسة الخارجية للاتحاد التي صرحت عند زيارة أدتها إلى طرابلس في فبراير الماضي لتسليمها 20 مليون يورو لتشديد الحراسة على السواحل بأن “ليبيا تشكل الشريك الأساسي المحتمل للاتحاد الأوروبي في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا”.
وانتهت منظمة ” ميغر أوروب” الى القول بأن هناك تطلعا لرؤية الاتحاد الأوروبي “يُدين عملية الطرد هذه المخالفة للقوانين الأوروبية والدولية وأن يفتح تحقيقا قضائيا ضد السلطات الإيطالية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.