“لسنا معارضة ديكور.. والتطوّرات العالمية أثبتت صحّـة تمسّكنا بالإشتراكية”
محمد بوشيحة، يترشح للمرة الثانية للانتخابات الرئاسية، ويبلغ من العمر 61 عاما، وهو الأمين العام الثاني لحزب الوحدة الشعبية منذ سنة 2000.
السيد محمد بوشيحة، حاصل على الأستاذية في التاريخ والجغرافيا، إلى جانب شهادة تكميلية في عِـلم الاجتماع، بدأ رحلته المِـهنية منذ أن كان صحفيا بجريدة “لابريس” في مطلع السبعينات، إلى أن أصبح رئيس مدير عام سابق في شركتيْـن تابعتيْـن للقطاع العام طيلة الجزء الثاني من التسعينات.
وفي هذا الحديث، يحدِّد ما الذي يجب أن يتغير في تونس وما هي نوع العلاقة التي تربطه بالرئيس بن علي، ويحدّد مواقفه من ملف الحريات ورابطة حقوق الإنسان وتقارير المنظمات الدولية والإسلاميين ونقابة الصحفيين..
سويس إنفو: اعتبرتم في تصريحاتكم أن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة، ماذا تقصدون بذلك ؟ ألا يرسِّـخ كلامكم التُّـهمة التي يوجِّـهها إليكم خصومكم بأنكم “معارضة ديكور”؟
محمد بوشيحة: أودّ أن أشير في البداية، إلى أنه لم يسبق لنا إطلاقا التصريح بأن الرئيس بن علي هو فوق المنافسة. لقد حصل في هذا الأمر نوع من اللّـبس. وحتى نكون واضحين، نشير إلى أن قرار ترشحنا للاستحقاق الرئاسي لانتخابات 2009، يقوم على أساس الإيمان بأنه لا معنى للمشاركة، إذا تجنّـبنا منطق المنافسة. فنحن عندما اخترنا الترشح، فعلنا ذلك لمنافسة جميع الأحزاب، بمن في ذلك الرئيس بن علي.
كما أنني لا أودّ التوقف عند عبارة “معارضة الديكور” طويلا، لأنها فاقدة للدّلالة السياسية، ولأن حجمنا ودورنا لا يقِـل عن دور مختلف مكوِّنات الحركة الديمقراطية، ولأن ما يعنينا أكثر، هو تفعيل الحركة الديمقراطية وتعديل الكفّـة بين مختلف مكوِّنات الساحة السياسية. وحِـرصا على احترام جميع الأطراف، لن أردّ على اتهامات أصبحت ممجوجة.
سويس إنفو: ولكن ما هي أهمية ترشحكم في ظل ميزان القوى الراهن؟
محمد بوشيحة: أعتقد بأننا ساهمنا منذ 1999 في تجاوُز الحاجِـز النفسي للترشح إلى أعلى منصب في الدولة، وعزّزنا سنة 2004 مسار المشاركة التعدّدية، حيث ارتقينا، إحصائيا ونسبيا، من درجة الصفر إلى الدرجة الثالثة في سلّـم التنافس الصّـاعد لديمقراطيتنا الناشئة.
وقد يحِـق لغيري من الطموحين أن لا يقر بواقع اختلال موازين القِـوى السياسية، فيزعم أنه سيكون منافسا نديا وجدّيا، ولكن من واقع خِـبرتي وتجربتي الثانية في الترشّـح، أقِـر بحقيقة موضوعية لا تخضع لرغباتنا، وإنما تنطلق من الواقع التونسي، وهي أن الرئيس بن علي يتمتّـع بالحظوظ الأوفر للفوز، واحتراما منِّـي للناخبين التونسيين، أرفض أن أسوِّق في صفوفهم الأوهام التي لن يصدِّقوها على أي حال.
سويس إنفو: ما الذي يميِّـز خطابكم السياسي عن خطاب الحزب الحاكم ومرشحه؟ وبتعبير آخر، ما الذي يجب أن يتغيّـر في البلاد حسب اعتقادكم؟
محمد بوشيحة: كنا في انتخابات 2004 الحزب الوحيد الذي خاض الانتخابات، انطِـلاقا من برنامج سياسي شامل، وسنقدِّم الخطوط العريضة لبرنامجنا الجديد في ندوة صحفية، سنُـعلن عنها قريبا. وسنعتبره برنامجا منافسا لبقيّـة برامج الأحزاب، إن كانت لها برامج، وتشمّـل هذه المنافسة أيضا الحزب الحاكم.
نحن نسعى إلى مزيد إصلاح وتطوير كل القوانين المنظّـمة للحياة السياسية، مثل المجلة الانتخابية، حيث نطالب بتقليص عدد مكاتب الاقتراع.
كما ألاحظ بأنه لم يقُـم أي حزب بالدّعوة إلى قانون يضمَـن الحدّ الأدنى من النِّـسبية، وذلك في انتظار أن تنضُـج الأوضاع للوصول إلى نسبية كاملة، إلى جانب مُـطالبتنا بتصغير حجْـم الدوائر الانتخابية لتنشيط الحياة السياسية، وكذلك فصل الانتخابات الرئاسية عن التشريعية وعدم اعتبار حجْـم النفقات المالية حاجزا لتحقيق ذلك.
نريد أيضا تطوير قانون الأحزاب، والقانون الأساسي للبلديات، الذي رغم أنه قد وضع في ظل نظام الحزب الواحد، فهو لا يزال يطبّـق حتى الآن، وقانون المجالس الجهوية التي ندعو إلى انتخابها مباشرة من قِـبل المواطنين، وقانون الجمعيات الذي لا يزال يشكِّـل عائقا في وجه الجمعيات المستقلة، ومجلة الصحافة، حيث كنا الحزب الوحيد الذي تقدّم لمجلس النواب بمشروع قانون ينظِّـم قطاع الإعلام ويضمن حرية الصحافة والنشر.
كذلك، ندعو إلى تمكين الأحزاب الراغبة في العمل القانوني، من حقِّـها في ممارسة نشاطها العلني وإتاحة المجال أمام الراغبين في بعث جمعيات مستقلة.
هذا لا يمنعنا من الاعتراف بعديد المكاسب التي تحققت، مثل التمويل العمومي للأحزاب وصحافتها والحرية الواسعة المتاحة للعمل الحزبي، كذلك الشأن بالنسبة لتمكين الأحزاب التي لم تنجح في مستوى الدوائر التي ستبقى من نصيب الحزب الحاكم، من احتلال نسبة هامة من المقاعد في البرلمان، وصلت إلى 25%.
كما نتطلّـع أيضا إلى إقامة نظام برلماني يُـراعي توازُن السلطات والفصل بينها وحماية استقلال القضاء، مثل انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وبناءً عليه، أؤكِّـد على أن برنامجي السياسي مُـختلف قطْـعا عن برنامج الحزب الحاكم ومرشّـحه، وذلك بالنظر إلى اختلاف الموقع الذي نحتلّـه في الخارطة السياسية، مقارنة بالحزب الحاكم. فخطابنا هو لحزبٍ معارض يعتبر أن هناك حاجة موضوعية لتغيير عديد من الأشياء.
سويس إنفو: أشرتم في جوابكم إلى صيغة الكوتا المخصّصة لأحزاب المعارضة، واعتبرتم ذلك من الإيجابيات التي تحققت، لكن هناك مَـن يعتقد بأن هذه المسألة بالتّـحديد قد أثرت سلبا على الحياة الحزبية في تونس ومنعتها من التطور، حيث لا تعكس النتائج المُـعلنة، الحجم الحقيقي لهذه الأحزاب؟
محمد بوشيحة: فعلا، النظام الانتخابي المعدّل نسبيا على المستوى الوطني، جعل الأحزاب تعيش مشاكل حقيقية. فاعتبار أن رئيس القائمة هو الوحيد الذي قد يحالفه النجاح لدخول البرلمان، قد وضع الأحزاب أمام تحدٍّ صعْـب وخلق داخلها ظاهرة خطيرة تزداد قوّة مع كل محطة انتخابية، وتتمثّـل في ازدياد نسبة الانتهازية وتضع المسؤولين على الأحزاب أمام مشكلة كيفية تعيين رؤساء القوائم، حيث يخشى، لو تمّ اعتماد الانتخاب الديمقراطي الداخلي، أن يفتح ذلك المجال لانتشار أمراض شِـراء الأصوات والتورّط في معركة المصالح داخل الأحزاب المناضلة، أو الوقوع في المقابل، في هيمنة القيادة التي تجِـد نفسها مطلقة اليديْـن في تعيين من تراه، ولهذا، نفضِّـل أن يكون للناخبين في الدائرة، حرية اختيار مَـن يروْنه أكثر كفاءة في القائمة المرشحة.
لكن، في وضعنا الحالي، تبقى النسبية هدفا، لأنها بكلّ صراحة ودون مُـراوغات، ميزان القوى مختلّ بصفةٍ كبيرة لصالح الحزب الحاكم، وذلك لأسباب يطُـول شرحها، لهذا، أقول إنه في الوضع الرّاهن، ستبقى مسألة النظام الانتخابي إشكالية مطروحة.
سويس إنفو: خلافا لأحزاب أخرى تعيش في قطيعة مع الحُـكم، يتمتع حزبكم بقنوات اتصال بالسلطة، ألا يحمِّـلكم ذلك مسؤولية أكثر في تحسين أوضاع الحريات والحياة السياسية؟ فماذا حقّـقتم في هذا المجال؟
محمد بوشيحة: طبعا، لنا قنوات اتصال بالسلطة، وهو ما يحمِّـلنا، مثلما أشرتم في سؤالكم، المسؤولية في مختلف المجالات، وقد أتاحت لنا هذه القنوات التعبير عن تصوّراتنا بشكل مباشر، كما تمكّـنا من أن نتدخّـل بنجاعة في عديد المناسبات.
وأثمن في هذا السياق، حِـرص الرئيس بن علي على إدارة حوار مستمِـر مع سائر الأحزاب، من خلال اللِّـقاءات المباشرة مع قادتها، وبصراحة لم نجِـد منه سوى القبول الحسن والاستئناس بما نقدِّمه من آراء ومقترحات، كما أن المجالس الوزارية التي تُـشارك فيها كل الأحزاب البرلمانية، قد ساعدت على تطوير حِـوارنا مع السلطة.
سويس إنفو: هل يمكن أن تعطُـونا أمثلة عن هذه التدخلات التي قُـمتم بها؟
محمد بوشيحة: في علاقتنا برئيس الدولة، نتحمّـل مسؤوليتنا في مخاطبته عن كل ما يحصُـل في البلاد، كأحداث الحوض المنجمي وما تتعرض له بعض الجمعيات أو ملف الإعلام والحريات، ولا أذكُـر أن حوارا أجريناه مع الرئيس بن علي ولم نخرج منه بنتيجة ملموسة، ومن بين الملفات التي التي تعرضنا إليها في محادثاتنا ملف بعض الأحزاب والأحزاب التقدمية التي هي قيْـد التشكل من أجل الحصول على ترخيصها القانوني.
كذلك، دعمنا الجهود المتواصلة لحل مشكلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس، وفتحنا مقرّاتنا وصفحات جريدة الوحدة للعديد من المثقفين المستقلين ومكوِّنات المجتمع المدني، كما عمِـلنا على التخفيف من حدّة التوتر مع نقابة الصحفيين، التي لعِـبنا دورا في دعم إنشائها، واستقبلت شخصيا رئيس النقابة، رغبة منّـا في تنقية المناخ الإعلامي. فنحن مع إعطاء وسائل الإعلام مجالا واسعا لحرية التعبير مع عدم الوقوع في الثلب وهتك أعراض الناس، وكل ذلك، يؤكِّـد أن علاقة التوافق التي تجمعنا بالسلطة، لم تمنعنا من التعبير بوضوح عن تمايزاتنا على الصعيد الأيديولوجي والسياسي.
إننا ننطلِـق من اعتقادنا بأنه في مجال الحريات، لا يوجد في تونس نظام بوليسي وقمع، مثلما تتحدّث عنه وسائل إعلام أجنبية، التي بلغ ببعضها الادِّعاء بوجود جُـثث في الشوارع، في حين أن الأجانب عندما يزُورون تونس، يسجِّـلون درجة الأمان التي نتمتّـع بها.
ونأخذ على سبيل المثال ما حدث في قفصة، لقد تمّـت تحركات احتجاجية مشروعة ما دامت سِـلمية، وقد التزمنا بإيصال تلك المطالب إلى السلطة وقدّمنا اقتراحات يُـمكن إنجازها لصالح تلك الجهة التي تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية خاصة، لكن عندما تم اللّـجوء إلى وسائل عُـنف خطيرة، طالبنا بالتّـخفيف على المحكوم عليهم وتدخّـلنا لصالح الشباب المعتقلين من أجل إطلاق سراحهم وتمكينهم من اجتياز امتحاناتهم.
وفي العموم، نقول إن هناك نسَـق إصلاحي، ونتمنى أن تزداد وتيرته بمناسبة الانتخابات القادمة.
سويس إنفو: على ذكر حرية الصحافة، تعتبر المنظمات الدولية المختصّـة في الدفاع عن حرية الصحافة أن حالة الإعلام في تونس تشكِّـل نقطة الضعف الرئيسية التي تعاني منها تونس، وما تعرّضت له نقابة الصحفيين في الفترة الأخيرة، قد زاد من تعقيد الصورة، فما هي، حسب رأيكم، الأسباب الأساسية التي حالت دُون تطوير المشهد الإعلامي في الاتِّـجاه الذي تطالبون به؟
محمد بوشيحة: بكل وضوح، أقول بأن لنا تحفُّـظات فيما تصدره المنظمات الدولية المختلفة من تقارير حول تونس، وهذا موقف لا نخجَـل منه وندافع عنه بكل جدية. فنحن لسنا ضدّ الانخراط فيها واكتساب الخبرة منها، كما أننا على استعداد للتفاعل مع مواقفها، شريطة أن لا تكون مـتأثرة بالخلفيات السياسية وتوزيع الأدوار.
مثلا، هناك مشكلة في أوروبا تُـجاه الأنظمة التي لها اعتراض على مسألة التطبيع مع إسرائيل والتفاعل مع مشاريعها، كما أن هذه المنظمات أو الحكومات الأوروبية تغضّ الطّـرف عن أنظمة لا توجد بها حريات أو ربّـما تضعها في رُتبة متقدِّمة نسبيا، وفي المقابل، تتعامل مع تونس بشكل غريب ولا تأخذ بعيْـن الاعتبار التقدّم الذي تحقق في مجال الحريات في بلد له ديمقراطية ناشئة، وتتعمّـد وضعه في آخر السلّـم. بناءً عليه، نقول إن هناك مشكل.
نحن لا ننفِـي وجود عوائق، ولكن نقول، يمكن القضاء عليها وتذليلها تونسيا. فعلى سبيل المثال، نحن كحزب منخرط، لنا وجود في النقابة العامة للصحفيين ونؤمن بأن من واجبِـها أن تدافع بكل وضوح وحرية على منظورها وأن تقوم بدورها النقابي، ولا يحق لأي طرف سياسي، سواء داخل الحُـكم أو خارجه، للتأثير على هذه النقابة والتحكّـم في تسييرها.
أما بالنسبة للمنظمات الدولية، فمرحبا بها إذا كانت لها مقاييس موضوعية في التقييم، لكن للأسف، أن هناك في المقابل هيئات وحتى صُـحف محترمة، تصبح لها معايير مزدوجة عندما تتدخّـل في الشأن السياسي. ما أؤكده من موقع التّـجربة، أن مشاكلنا لا تعالَـج إلا من داخل تونس، ولا نعتقد بأن الاستفزاز من الطّـرفين يمكن أن يساعد على تذليل بعض الصعوبات القائمة.
كما أننا، إضافة إلى اعتراضنا على الخلفيات السياسية لبعض المنظمات، نحن أيضا ضدّ التمويل المريب. فالتمويل الذي يقدّم لأنشطة واضحة ومقبولة، لسنا ضده، لكننا نرفض كل دعم مالي وراءه نِـقاط استفهام، وذلك من مُـنطلق وطني.
سويس إنفو: وبالنسبة لملف الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان؟
محمد بوشيحة: يبدو أن ملف الرابطة بلَـغ درجة من التعقيد، مما سمح للسلطة بأن تسحب يدَها منه وتعلن بأن المشكلة الحالية هي بين الرابطيين أنفسهم، وأن الأمر الآن هو من مشمولات القضاء. فهناك الذين قدّموا قضايا أمام القضاء وأصبح كل طرف سياسي يعمل على شدّ الحبال لصالحه.
نحن نأسف عمّـا آلت إليه أوضاع الرابطة التي ظهرت في فترة حرِجة جدّا في نهاية السبعينات، وباشتراك كامل الأطراف السياسية. ومنذ ذلك التاريخ، استمرت الرابطة كمنظمة مناضلة ووطنية وأنجزت مهمّـات ضخمة بدون الاعتماد على التمويل الخارجي ولا الداخلي. وللرابطة موقِـعها في الوطن العربي وفي إفريقيا، لهذا، نأسف من جديد للانتكاسة التي حصلت لهذه المنظمة، وأقول بأن المسؤولية يتحمّـلها الجميع.
سويس إنفو: اخترتم، كما سبقت الإشارة، أسلوب المشاركة والتّـفاعل الإيجابي مع السلطة، الآن وقد مرّت أكثر من عشرين سنة على هذا الاختيار، ماذا استفدتم منها بإيجاز؟
محمد بوشيحة: أهم فائدة حصلت في اعتقادي، هو أن حزب الوِحدة الشعبية تمكّـن من أن يحقِّـق وجوده في كافة جهات البلاد، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ولم يكن ذلك أمرا هيِّـنا. كما عرفنا كيف نفتح طُـرقا جديدة أمام المزيد من ترسيخ التعددية.
سويس أنفو: ملف الإسلاميين لا يزال مطروحا في الساحة الوطنية، أنتم كحزب سياسي، كيف تنظرون له في ضوء ما تشهده البلاد من صعود للتيار السّـلفي، وبالأخص في ظل تداعِـيات أحداث سليمان (في موفى 2007 وبداية 2008، حدثت مواجهات مسلحة بين مجموعة جهادية وقات الأمن في ضواحي العاصمة، وخصوصا في مدينة سليمان – التحرير) الشهيرة؟
محمد بوشيحة: نحن ضدّ أي حركة سلفية في تونس أو في العالم، ومَـهما كانت ديانتها، إيمانا منا بأن الدِّين لا مجال له في السياسة. مع ذلك، نعتقد بأن المعالجة تكون أمنية مع الذين يرفعون السلاح واللجوء إلى وسائل التخريب المختلفة، وتكون اقتصادية واجتماعية بتنفيذ برامج تنموية، وذلك بعد أن أثبتت التجارب أنّ أفضل بيئة تنشأ فيها السلفية – ومصر أحسن مِـثال – هي بيئة الطبقات المسحوقة والأحياء الشعبية الفقيرة، ثم يستغلّـها أصحاب الجاه والمال لتحقيق أغراض سياسية، وهو ما لاحظناه في إيران، حين سيطر البازار والأئِـمة على حركة ثورية شعبية.
كذلك، تعتبر المسألة الثقافية أساسية في هذا المجال. فالظاهرة السلفية وجدت في تونس كردّة فعل على التسلّـط السياسي والتهميش الاجتماعي وفقدان الإحاطة الاجتماعية الكاملة، وقد عِـشت شخصيا فترة السبعينات التي شهِـدت ميلاد هذه الظاهرة، وقد قلنا هذا الكلام للأوروبيين والأمريكيين، إذا أردتم تحقيق أمنِـكم، عليكم مساعدة بلداننا على تحقيق تنميتها.
سويس إنفو: تتمسّـكون بصفة الاشتراكية في مرحلة تخلّـت عنها معظم الأحزاب التونسية، نظرا للتطورات التي حصلت في العالم، فعَـن أيّ اشتراكية تدافعون؟ ولو كنتم في الحكم، ماذا تغيِّـرون في السياسة الاقتصادية الراهنة؟
محمد بوشيحة: ليس تخلِّـي معظم الأحزاب السياسية عن الاشتراكية مِـقياسا لنا لتحديد موقفنا من الطرح الاشتراكي. لقد أثبتت التطوّرات العالمية صحّـة تمسّكنا بهذا الخيار الاشتراكي وبوجاهته. لقد فشل النموذج الرأسمالي للتنمية.
نحن نؤمن بأن دور الدّولة هامّ ومِـحوري، ولسنا مع التحرير الشامل للاقتصاد. نحن مثلا مع تفعيل دور القطاع العام في مجالات حيوية، مثل الصحة والنقل، ولسنا ضد القطاع الخاص ولا ننوي تأميمه، في حال وصولنا إلى الحكم، بشرط أن يحترم القوانين ويقوم بدوره الجبائي وفي مجال التشغيل، إذ بقدر ما تقدم الدولة حوافز للقطاع الخاص، بقدر ما لها دورها التوجيهي والرقابي.
كذلك نحن مع تطوير مناخ الاستثمار، ونحن مع أولوية الفِـلاحة، باعتبارها الممر المركزي لتحقيق تنمية مستدامة. ونعمل أيضا على التصدّي لتفاوُت الثروات من خلال فرْض ضرائب تصاعدية على المداخيل.
أجرى الحديث صلاح الدين الجورشي – تونس – swissinfo.ch
تونس (رويترز) – تعهد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاثنين 1 يونيو بتوفير كل العوامل اللازمة لضمان اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة هذا العام.
وقال بن علي في خطاب بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاعلان الدستور التونسي “نغتنم هذه المناسبة لنؤكد حرصنا على أن تجري هذه الانتخابات في كنف الديمقراطية والشفافية التامة، حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم بكل حرية”.
من المقرر أن تجري خلال شهر اكتوبر المقبل انتخابات رئاسية وبرلمانية ترشح لها حتى الان خمسة معارضين، اضافة للرئيس بن علي الذي يحكم البلاد منذ 1987.
ويطالب معارضون الحكومة بتعجيل الاصلاح السياسي في البلاد وتحرير الاعلام من الهيمنة الحكومية وضمان انتخابات نزيهة وشفافة.
لكن بن علي دعا ايضا “الاحزاب السياسية ومختلف الاطراف الفاعلة في المجتمع المدني الى العمل على انجاح هذه الانتخابات، حتى تكون محطة سياسية مهمة ونقلة نوعية متجددة في المسار الديمقراطي التعددي”.
وتمارس جماعات حقوق الانسان في الداخل والخارج ضغوطا متزايدة على السلطات في تونس لمزيد من الانفتاح السياسي وابداء مرونة أكبر في التعامل مع معارضيها.
ويوم السبت الماضي (30 مايو)، طالب مصطفى بن جعفر، وهو الامين العام للتكتل من اجل العمل والحريات المعارض وأحد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة بضمانات حول استقلال السلطة القضائية وحرية الاعلام وانشاء هيئة انتخابية مستقلة لتنظيم الانتخابات للتأكد من نزاهتها.
ومنذ يومين، سمحت الحكومة لحزب التكتل من اجل العمل والحريات – الذي ينظر اليه على انه أحد أجنحة المعارضة الراديكالية – بعقد مؤتمره بمقر عمومي. كما حضر هذا المؤتمر ممثلون عن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في خطوة وصفت بأنها قد تؤشر لانفتاح أكبر على المعارضة.
وفي تونس ثمانية احزاب معارضة صغيرة، اضافة الى التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، الذي يستحوذ على 80% من مقاعد البرلمان، البالغ عددها 189 مقعدا.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 1 يونيو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.