“مؤبّـد مبارك” قد يتحول إلى “إعدام سياسي” لشفيق
اتّفق خبراء ومحلِّـلون سياسيون وأمنيون، على تأثير الأحكام التي صدَرت على مبارك ورُموز نظامه، على جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المقرّرة يومي 16 و17 يونيو الجاري..
مشيرين إلى أنها “رجّحت كفّة مرسي على كفّة شفيق” نوعا ما، خاصة بعد حالة الغضب العارم الذي تفجّرت في شوارع وميادين مصر “اعتراضا على الأحكام”، و”للمطالبة بعزل مرشح الفلول”.
وللوقوف على تأثير هذه الأحكام على الجولة الثانية للإنتخابات الرئاسية، التي سيُواجه فيها مرشّح جماعة الاخوان الدكتور محمد مرسي الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، استطلعت swissinfo.ch آراء وتقييمات كل من الدكتور أشرف الشريف، المحاضر في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومأمون فندي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون ومدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، والدكتور عمرو أبو الفضل، الخبير بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية والحاصل على الدكتوراه في القانون الدولي، والدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسة، الزائر بجامعة الإسكندرية.. فكان هذا التحقيق.
أحكام فجّرت خزّان الغضب!
في البداية، يري الدكتور أشرف الشريف، أن “الأحكام ساهمت في تأجيج مناخ الغضب الشعبي، ومن ثَـم، أشعلت وفجّرت خزّان الغضب، كما أن بعض القوى السياسية تُـحاول أن تستثمِر هذه الأحكام القضائية، وفي اللحظة الراهنة، في إفشال جولة الإعادة، في محاولة لعزل المجلس العسكري والمرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق”، معتبرا أنها “وفّرت مناخا احتجاجًا من أجل تحدّي إرادة المجلس العسكري”.
وقال الشريف، في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “ربما كان السيناريو المحتمَـل هو الاستمرار في الانتخابات، مع استخدام الضغط الشعبي والبرلماني لعزْل شفيق، خاصة وأن الإخوان يُـدركون أن تيار المجلس الرئاسي، ليس في صالحهم، وكذا موضوع إعادة المحاكمات والتّطهير القضائي، بشرط تقديم الضمانات للقوة الثورية. هذا هو السيناريو الأكثر واقعية”.
وأضاف أن “مطلب المجلس الرئاسي ليس له أولوية، وإنما يستخدِمونه كوَرقة ضغْط لاستبعاد شفيق. هناك جدل قانوني، وأعتقد أنه من الأرجح أن تُعاد الانتخابات كلية، وهذا الخيار ليس في صالح تحقيق هذا السيناريو، وإنما يتوقّف على حجم وكثافة الضغط في الشارع”.
وأشار إلى أن “الأيام المقبلة قد تحمل الكثير من المفاجآت، خاصة في ضوء ما تسرّب من معلومات، عن أن المجلس العسكري يعد لإعلان دستوري مكمل، يحدِّد صلاحيات الرئيس القادم وعلاقة الرئيس بمجلس الشعب، وهل سيمنح الرئيس سلطة حلّ البرلمان أم لا؟ وهل سيمنح البرلمان في المقابل سُلطة سحْب الثقة من الحكومة؟ فهذان الأمران غيْر واضحيْن حتى الآن”.
قَـدَمٌ بالمؤسسة وآخر بالميدان!
وأوضح الشريف، أن “الإخوان يعملون باستراتيجية لها قدَمان، قَـدمٌ في الميدان وقَـدمٌ في المؤسسة. فلديهم نفوذ في البرلمان بمجلسيْه (الشعب والشورى) ولديهم مرشح في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية، ومن ثم، فليس من صالح الجماعة هدْم كل هذا، في حال قَـبولهم بفِكرة المجلس الرئاسي، التي يطرحها الثوّار في ميدان التحرير”.
وعن تأثير الأحكام على جولة الإعادة، قال الشريف: “لا شك أن الأحكام تصبّ في صالح مرسي، حيث أتاحت الفرصة للإخوان ليعرضوا أنفسهم على أنهم الفرصة الأخيرة للثورة”، معتبرا أن “شفيق في النهاية من رأَس حَربة المجلس العسكري وهجومه الشرس على الإخوان، ما هو إلا محاولة لاسترداد الثِّقة وإعادة الرصيد، الذي فقده في الشارع بسبب صدور هذه الأحكام، التي لم تُـرضِ الشعب”.
في الأثناء، يتوقع المحاضر في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن “يصدر إعلان دستوري بعد جولة الإعادة، يحدّد صلاحيات الرئيس ويمنحه حق حل البرلمان، ومِـن ثَـم عزْل الإخوان والثوّار. وهناك بوادر لانقلاب أبيض من المجلس العسكري تُجاه الإخوان”، مشيرا إلى أن “ردّ فعل الإخوان متراوح. فهُـم حريصون على استمرار الانتخابات، وفي الوقت نفسه، يتحرّكون بكثافة مع الثوار في الميدان، لعزل شفيق أو الضغْط على العسكري لضمان نزاهة الانتخابات”.
وفي ختام تصريحاته قال الدكتور أشرف الشريف: “إن اختيار أحمد شفيق، ليس في صالح استقرار مصر، لأن أي سياسات أو اختيارات تعانِـد المنطق الثوري، ستُـسبِّب عدم الاستقرار”، موضحا أن “شفيق لو فاز، فلن يستطيع إعادة الأمن ولا حل المشاكل المُـزمنة ولا استعادة الاستقرار، بل ولن يقدِّم حلاًّ لأي شيء ذي بال”، على حد رأيه.
القفص والأحكام.. مجرّد مسرحية!
وردّا على سؤال حول تأثير الأحكام التي صدرت على الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه، على جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في 16 و17 يونيو الجاري، قال مأمون فندي، في تصريح خاص لـ swissinfo.ch “تصرّف مبارك عند وصوله إلى سِجن مزرعة طُـرّه وطلبه المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يوحي بأن الرجل يتصرّف وكأنه ما زال رئيساً، ويوحي بأن القفص والأحكام، كلها مجرّد مسرحية، لأن القَـتَـلة الحقيقيون لم يُـدَن منهم أحَـد حتى الآن، ولا حتى جندي صغير!”.
ومن جهته، يقول الدكتور عمرو أبو الفضل: “بعيدا عن تقييمنا للأحكام التي دفعت الجماهير إلى النزول في كل ميادين مصر، احتجاجا على هزالة الأحكام وما شابها من غلبة الطابع السياسي عليها وسيطرة التخوفات لدى كل القوى الثورية والأحزاب من محاولة إعادة النظام السابق بكل شخوصه وبصورة فجّة، إلا أننا الآن أمام حالة من الرّفض الشعبي العارِم لاستكمال جولة الإعادة، في ظلّ الأداء الرديء للمجلس العسكري””.
وعن رأيه في استراتيجية الإخوان في جولة الإعادة، يُـشير أبو الفضل إلى أن “الجماعة لديها تخوّفات كبيرة من نيِـة المجلس العسكري، خاصة وأن هناك مؤشِّـرات قوية على دعم شفيق من قِـبل المجلس والأجهزة الأمنية وبقايا النظام المخلوع، وبالتالي، فقد رأت الجماعة أنه لا يمكن ترك الساحة والانسحاب من جولة الإعادة، لأن هذا تصرّف غير قانوني، ومن ثَـمّ فهي تُـمارس ضغطا على المجلس، من خلال النُّـزول والحشْـد في الميادين، والاتصال بالجماعة الوطنية بكل أطيافها ومحاولة اكتساب ثقتها من جديد والاتفاق مع كافة القوى الوطنية، لدعم مرسي وتقليل فُـرص التكتل خلف شفيق”.
اللَّـعب على وتَـر الأقليات!!
وحول استراتيجية شفيق، التي كشف عنها مؤتمره الصحفي الأخير، الذي شنّ فيه هجوما كاسحا على جماعة الإخوان ومرشّحها، يرى الدكتور عمرو أبو الفضل، أن “شفيق يحاول الظهور بمظهر رجل الدولة المدنية القوي، المدعوم من المجلس العسكري والأجهزة الأمنية، التي دائما ما يحاول إبرازها، بالإشارة إلى قدرته على إعادة الأمن في 24 ساعة فقط من تسلّمه السلطة، وهذا الخطاب مقصود، وغيره من التصريحات التي تلعب على وتر تطمين الأقليات الدِّينية، والفئات غيْـر المُسيَّـسة، التي لم تشارك في الثورة”.
ويقول أبو الفضل، “وبالتالي، فإن شفيق يبنى خطواته على تفريق الصفّ الوطني وانقِسامه، ويسعى إلى استثمار تخوّفات قِطاع كبير من القوى الوطنية من الإخوان، بسبب انفصال الإخوان في فترة سابقة عن الميدان، فنجِده يُـعلن عن قبوله بوثيقة العهد، على الرغم من أنه غير معني بها بالأساس ولم تُوجَّـه إليه، لأننا جميعا نعلم أنه قد تم إسقاط وزارته من خلال (المظاهرات المليونية) بميادين مصر”، مشيرا إلى أن “عليه علامات استفهام كثيرة، خاصة فيما يتعلق بمشروعية خوضه الانتخابات من الأساس وعدم تطبيق قانون العزل عليه، إضافة إلى قائمة بلاغات الاتهام التي لم يتم التحقيق فيها حتى الآن”.
وعن تفسيره لحرب الشائعات التي تطلقها وسائل الإعلام التي يقودها ويمتلكها رموز الحزب الوطني المنحل، قال: “المُـؤسف، أن وسائل الإعلام في أغلبها، ما زالت تعمل وِفق الأساليب القديمة وعلى نمط الحزب الواحد والأجهزة الأمنية، ولا تريد أن تنتقِل إلى مرحلة تتّفق مع اللحظة الفارقة التي تعيشها مصر الثّورة، ونتيجة لممارسات الكثير من الفضائيات والعديد من المطبوعات، التي يمتلكها رجال الأعمال المُـرتبطين بالنظام السابق، نجِد حالة كاشفة من السقوط غيْر المِهني وغير الأخلاقي، وتعمد ترويج الإشاعات ضد بعض المرشحين المنتمين إلى الصف الثوري وفَـبْـرَكة الأخبار والتقارير بطريقة فجّة، بل وتسخير برامج (التوك شو)، لغسل عقول المشاهدين”.
الحاجة إلى إستراتيجية مُحكمة!
وفي سياق متّصل، يرى الدكتور عصام عبد الشافي أن “الأحكام كان لها نوعان من التأثير. الأول، إيجابي لصالح مُرسي، حيث نقلت رسالة للكثيرين أن هناك إهدارا للعدالة وأن النظام السابق ما زال قائما ويعيث في الأرض فسادا، وأن شفيق ما هو إلا امتداد لهذا النظام. والثاني، سَلبي، ضدّ مُرسي، وتَـمثَّل في خروج المظاهرات في الميادين ومُحاولة بعض التيارات الاستفادة منها في الهجوم على مُرسي وحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، مما أدّى لتزايُـد القوى الرافضة للإنتخابات والتي لم تكُن قد حَسمت موقِفها بعدُ من جولة الإعادة”.
وقال عبد الشافي: “أعتقد أن استراتيجية الإخوان لابد أن تنطلِق من عدّة مرتكزات: أولها، الالتحام بالشارع. وثانيها، التصعيد ضدّ (العسكري) وسياساته. وثالثها، رفْض الممارسات التي تتعارض مع أهداف الثورة. ورابعها، محاولة تحسين الصورة السلبية للجماعة، من خلال تشكيل فريق إعلامي أقرب لفِرق إدارة الأزمات، يتضمّن مجموعة منتقاة بعناية وتركيز شديديْن، ممّن يملكون القدرة على التعامل بذكاء وحِنكة مع وسائل الإعلام. وخامسها، إصدار قرار داخلي يمنع أعضاء الجماعة ونواب الحزب من الحديث مُطلقا لأية وسيلة إعلامية خلال الفترة المُقبلة، قبل جولة الإعادة. وسادسها، الانفتاح على كل التيارات السياسية ومحاولة التوافق معها على آليات الخروج من هذا المأزق”.
وأضاف أن استراتيجية شفيق، التي كشف عنها في ضوء مؤتمره الصحفي الأخير، الذي شنّ فيه هجوما على الإخوان ومرشّحها، “دليل عجْز وفشَل. وقد سبق أن كتبت أكثر من مرّة أن أفضل خِدمة يمكن أن تقدِّمها وسائل الإعلام لمُرسي، أن تستضيف شفيق بشكل مُـستمر، لأن كل ظهور له ينال منه ومن حجم المؤيّدين له، ولو أجريت الانتخابات بنزاهة، بعيدا عن التزوير المُـمَـنهج، الذي تم في المرحلة الأولي، فلن يحصُل شفيق على 10% من أصوات الناخبين”.
واختتم عبد الشافي بالإشارة إلى أن “حرب الشائعات التي تطلقها وسائل الإعلام ضد مرسي، هي أمر طبيعي ومنطِقي. فأنت تتعامل مع إمبراطورية تأسّست بالأساس بعد الثورة لمثل هذا اليوم، ويقف خلْفها عشرات القِوى التي تريد العودة للنظام السابق عبْر بوابة شفيق، حتى تُحافظ على مُكتسباتِها، قوى في مقدِّمتها العسكري والأجهزة الأمنية ورجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطني المنحل وأعضاء المجالس، المحلية والبلطجية، وقطاع واسع وممتد من الإعلاميين والفنانين الذين أثروا ثراءً فاحشاً في ظل نظام فاسد، أجادوا التعامل معه”.
السبت 9/6/2012: انتهاء انتخابات الإعادة للمصريين بالخارج (امتدت لـ7 أيام).
السبت 16/6/2012 والأحد 17/6/2012: جولة الإعادة في جميع ربوع مصر.
الاثنين 18/6/2012: انتهاء الفرز لجولة الإعادة.
الثلاثاء 19/6/2012: آخر موعد لتلقي الطعون على نتائج الإعادة.
الخميس 21/6/2012: البت في الطعون وإعلان رئيس جمهورية مصر العربية.
30 يونيو 2012: أداء الرئيس المنتخب لليمين الدستورية أمام مجلس الشعب.
1 يوليو 2012: تسليم المجلس العسكري السلطة (التنفيذية) للرئيس المنتخب.
عدد من لهم حق التصويت في الانتخابات الرئاسية يبلغ 50 مليونا و996 ألفا و647 ناخبا.
شارك منهم 23 مليونا و672 ألفا و236 ناخبًا- لتبلغ نسبة التصويت 46.42%.
عدد الأصوات التي حصل عليها كل من المرشحين الثلاثة عشر في الجولة الأولى:
محمد مرسي (5764952)
احمد شفيق (5505327)
حمدين صباحي (4820273)
عبد المنعم أبو الفتوح (4065239)
عمرو موسى (2588850)
محمد سليم العوا (235374)
خالد علي (134056)
أبو العز الحريري (40090)
هشام البسطويسي (29189)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.