مشروع قانون الجمعيات الأهلية بين المخاوف والآمال
تباينت الآراء في مصر حول مشروع قانون تنظيم منظمات المجتمع الأهلي، الذي أحالته مؤسسة الرئاسة إلى مجلس الشورى لمناقشته، تمهيدا لإقراره.
ففيما يؤكّد الرئيس المُنتخب الدكتور محمد مرسي على دعمه الكامل للمُنظمات والمؤسسات العاملة في هذا المجال، يشدّد الدكتور هشام قنديل – رئيس الحكومة، على أهمية مؤسسات المجتمع المدني ودورها المُنتظر في مساعدة الحكومة على تقديم الخدمات لكافة المواطنين.
تبدي العديد من الأحزاب والقِوى السياسية والجمعيات العاملة في المجال الاجتماعي مخاوفها من هذا المشروع، مُعتبرة أنه خطّة مُحكَمة من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي، حزب الحرية والعدالة، لإتْمام السيطرة على مفاصل المجتمع، لاستكمال عملية الأخونة التي تجري على قدم وساق.
بدورها رصدت swissinfo.ch رؤية مؤسسة الرئاسة لمشروع القانون وموقف المجلس القومي لحقوق الإنسان، كما اطلعت على موقف الاتحاد العام للجمعيات الأهلية وجبهة الإنقاذ الوطني، التي تضم العديد من الأحزاب والقِوى السياسية، فضلاً عن تحذيرات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
– إنشاء الجمعيات ومنحها الشخصية الاعتبارية بمجرد الأخطار.
– تسهيل جميع الإجراءات الخاصة بالتسجيل والقيد والمتابعة.
– الحد من سلطة الجهات الإدارية والتنفيذية في التدخل في نشاط الجمعيات.
– تقوية دور الاتحاد الإقليمي والاتحاد العام كخطوة أولى في الاعتماد على الرقابة الذاتية للمجتمع المدني.
– الاعتراف بالأشكال المتنوعة للجمعيات وطبيعة عملها ومنحها الصفة الاعتبارية.
– السماح بالتمويل الداخلي وجمع التبرعات من المصريين في الداخل والخارج بمجرد الإخطار.
– إعفاء الجمعيات الأهلية من الضرائب.
– توحيد جهات المتابعة.
– تحديد إطار زمني للبت في التقاضي عند الخلاف.
0- إرساء مبدأ الشفافية بإتاحة التقارير السنوية للجمعيات الأهلية.
1- أن يكون رفض النشاط أو التمويل بسبب مقبول قانونا.
2- عدم جواز تدخل الجهات الإدارية في عضوية مجالس إدارة الجمعيات الأهلية وقراراتهم.
الضلع الثالث في مثلث التنمية
أعلنت الدكتورة باكينام الشرقاوي، مساعدة الرئيس للشؤون السياسية، أن مؤسسة الرئاسة ستقدِّم مشروع قانون حول تنظيم منظمات المجتمع الأهلي إلى مجلس الشورى يوم الأربعاء 29 مايو، بما يعكِس تفعيل الرئاسة للدستور المصري الجديد، بما تضمنه من النصّ، على ضرورة إطلاق حرية العمل للمنظمات الأهلية.
وأشارت الشرقاوي في مؤتمر صحفي في قصر الاتحادية يوم الثلاثاء 28 مايو، إلى أن هذا “يعكِس روح الثورة المُنادية بإنهاء سيْطرة الثورة على المجتمع”، مُضيفة أن هناك “تدشينا لشراكة بين الدولة والمجتمع وأن يتم تفعيل الضّلع الثالث في مثلث التنمية، وهو المجتمع المدني (إضافة إلى الدولة والقطاع الخاص)”.
وقالت مساعدة الرئيس: “إن القانون يُحاول المُوازنة بين إطلاق حرية العمل لتلك المنظمات، مع الحفاظ على روح المسؤولية أيضا”، مشيرة إلى أن الرئاسة لاحظت وجود أكثر من مشروع قانون لتنظيم القِطاع الأهلي، وأن الرئيس أكّد ضرورة أن تتِم الاستفادة من جميع الإسهامات في هذا الصّدد وأنه اجتمع مع ممثلي الجمعيات الأهلية واستمع لملاحظاتهم حول مشروع القانون وعمل على مُراعاتها.
وأضافت أن القانون “يعكِس روح الدستور في إطلاق حرية تكوين منظمات المجتمع الأهلي وإصدارها، بمجرّد الإخطار”، وأنه “سيتم نشْر مشروع القانون على الموقع الخاص بالرئاسة، بمجرد إحالته إلى مجلس الشورى”. وأكّدت أن مشروع القانون سيظهَـر للمرة الأولى للنور يوم الأربعاء 29 مايو، وبالتالي، فإنه ليس من المَنطِقي مُهاجمته قبل رُؤيته، موضّحة أن هناك حوارا سيتم فتحه حول القانون، من خلال مجلس الشورى ومن خارجه، من أجل التوصّل إلى التوافق حول بنوده.
من جهته، قال الدكتور وائل الزغبي، عُضو لجنة صياغة مشروع قانون الجمعيات الأهلية: إن القوانين السابقة كانت تُكبِّـل العمل الأهلي وإن مشروع القانون الجديد يعطي الحرية في تشكيل منظمات العمل الأهلي. ونفى بعض الاتهامات التي تتردّد بأن مُسودّة القانون تحدّ من نشاط المنظمات الأجنبية، مشيرا إلى أن هناك لجنة حكومية ستشرف على هذا الأمر تسمّى “اللجنة التنسيقية”، تحت إشراف رئيس الوزراء.
وكان مجلس الشورى قد وافق في جلسة 24 مارس الماضي من حيث المبدأ، على مشروع قانون تنظيم العمل الأهلي، الذي أعدّته اللجنة المشتركة من: لجنة تنمية القوى البشرية والإدارة المحلية ومكتب لجنة الشؤون التشريعية والدستورية.
مبادرة “القومي لحقوق الإنسان”
ومن جانبه، اتّفق المجلس القومي لحقوق الإنسان، برئاسة المستشار حسام الغريانى، رئيس المجلس و14 منظمة من منظمات المجتمع المدني، الحقوقية والأهلية، على بدء عهْد جديد بينهم من التعاون وتعزيز قضايا حقوق الإنسان ودعوة بقية المنظمات للدخول في هذا التعاون الجديد بين المجلس، باعتباره مرجِعية وطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الأهلية بكل طوائفها.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقد بمقر المجلس القومي، وتضمن الاتفاق عددا من القضايا، أهمّها: ضرورة الاطّلاع على نسخة من مشروع قانون الجمعيات الأهلية بحسب صيغته المقدمة من الرئاسة والجهات الأخرى، ودراسته في اجتماع عاجل والخروج برأي مشترك فيه، وتشكيل لجنة تنسيقية لبحث أوجه التعاون ودراسة مجموعة من القضايا الهامة والمُلِحة ذات الصِّلة بحالة حقوق الإنسان.
كما تم الاتفاق على دورية انعقاد اللجنة التنسيقية بشكل شهري، وأن تضطلع بمراقبة الأداء المتبادل فيما بين المجلس والمنظمات الحقوقية وبحث أوجه التعاون والتنسيق المتبادل.
وذكر بيان المجلس والمنظمات أنهم اتّفقوا على أن يكون اليوم بداية عهْد جديد من التعاون المُثمر بين المجلس القومي لحقوق الإنسان وبين المجتمع المدني، بما يعود بالنّفع على حالة حقوق الإنسان بمصر بشكل عام، والتأكيد على ضرورة تعزيز حالة حقوق الإنسان وإيجاد آليات فاعلة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
ووجّه الحضور رسالة إلى كل المنظمات والمؤسسات ذات المرجعية الحقوقية، الذين تعذّر حضورهم اليوم، على ضرورة المشاركة الفاعلة والتواصُل مع اللجنة التنسيقية، لأهمية دورهم كشركاء فاعلين في العمل على الارتقاء بحالة حقوق الإنسان.
شارك في الاجتماع ممثلو 14 منظمة حقوقية هي: المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، مركز السلام الدولي لحقوق الإنسان، رابطة المرأة العربية، جمعية أبناء الصعيد، الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، مركز دعم الإعلام والتنمية، الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، جمعية شموع لرعاية حقوق الإنسان، المركز الوطني لحقوق الإنسان، المركز العربي لحقوق الإنسان، البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، الجمعية الديمقراطية لحقوق الحريات، الجمعية المصرية لحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية.
الاستقلالية لا تتعارض مع الرقابة!
وفي السياق ذاته، قال الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء: “إن الحكومة لا تستطيع تلبِية جميع خدمات المجتمع وحدها بمعزل عن مشاركة المجتمع المدني ودعم الجمعيات الأهلية لها”، مُبدِيا رغبته في الاستفادة من القطاع الأهلي، الذي يتميز بقدر من المرونة والحركة أكبر من الحكومة، لمساعدتها في الرعاية والتخلّص من ظاهرة أطفال الشوارع، وتطوير منظومة النظافة، والمساهمة في حلّ وتطوير منظومة التعليم والصحة.
وخلال فعاليات ورشة عمل تحت عنوان “نحو تحقيق التمكين القانوني للجمعيات الأهلية في مصر”، والتي ينظِّمها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمجلس، أكّد رئيس الوزراء على أهمية الإطار التشريعي، الذي يُنظم عمل الجمعيات الأهلية لما لها من دوْر كبير في نهضة المجتمع بشكل يضمن محاسبتها، وقال: إن “استقلالية الجمعيات الأهلية، لا تتعارض مع خضوعها للرّقابة”، مُعربا عن أمله أن يضبط قانون الجمعيات الأهلية الجديد المشكلات القائمة ويحقِّق العمل والشفافية والحرية، باعتباره الأساس في نهضة المجتمع المصري.
وقد ناقشت الورشة، التي افتتحها الدكتور ياسر علي، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وأدارها السفير جمال بيومي، رئيس اتحاد المستثمرين العرب، أهَـم ما جاء في الخبرات والتجارب الدولية من دول العالم فيما يخص تنظيم عمل المنظمات الأهلية، فضلاً عن تبادل الآراء حول مقترحات تطوير مشروع قانون تنظيم العمل الأهلي في مصر بشكل يخلق توافقا مجتمعيا.
وشارك فيها كلٌ من: الدكتور محمد الدمرداش، المستشار القانوني لوزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية، والدكتور عبد العظيم محمود، رئيس لجنة تنمية القوى البشرية بمجلس الشورى، وحاتم خاطر، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، والدكتورة منى مكرم عبيد، عضو مجلس الشورى والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وحضرتها مجموعة من ممثلي الجمعيات الأهلية في مصر وممثلي الجهات المانحة العاملة.
“اتحاد الجمعيات الأهلية” يتحفظ!
ومن جهته، أعلن حاتم خاطر، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، تحفُّظه على عدد من بنود قانون الجمعيات الأهلية، ولفت إلى أن المجتمع الأهلي إذا لم يتِم تنظيمه واحترامه من خلال الاتحاد العام، سيتم تهميشه، موضحا أن مصر بها 45 ألف جمعية، والمُسجَّل بالاتحاد ألف جمعية فقط.
وقال خاطر إنه طالب رئيس الجمهورية بإعانة اتحاد الجمعيات بمبلغ 10 ملايين جنيه سنويا لدعم دورهم، وأن الرئيس وافق على ذلك، مُنوِّها إلى أن مشروع تنمية المجتمع المدني كان ضمن أجندة الرئيس الانتخابية، وهو الآن بدأ في هذا المشروع.
وأعلن الاتحاد عن منح جائزة كبرى بالمؤتمر، المُزمع عقده نهاية الشهر الجاري، قيمتها مليون جنيه، توزع على أربع جمعيات شبابية بقيمة 50 ألف جنيه لكل منها، و8 جمعيات تحصل على 8 جوائز قيمة كل منها 100 ألف جنيه من الجمعيات المهتمة بشؤون المرأة والطفل والفئات الخاصة والجمعيات الحدودية.
– تمكين المجتمع الأهلي من ممارسة نشاطه وحماية حقوقه وتشجيعه ودعمه.
– توفير المناخ الملائم الذي يسمح للمجتمع الأهلي بالعمل في إطار من الشفافية والمسؤولية.
– احترام الدستور والقانون المصري، بحيث يمثلان الإطار الحاكم والمرجعية التي يقوم عليها تنظيم العلاقة بين كيانات العمل الأهلي وبين المجتمع والدولة.
– تحقيق التوازن المطلوب بين سياسة مصر ما بعد الثورة في الانفتاح على العالم وبين تحقيق السيادة الوطنية واستقلالية القرار المصري.
– إتاحة دور فاعل للمصريين في الخارج في الاشتراك في العمل الأهلي.
– دعم دور المجتمع الأهلي باعتباره أحد أدوات القوة الناعمة لمصر.
“الإنقاذ” ترفض مشروع القانون
ومن ناحيتها، أعلنت جبهة “الإنقاذ الوطني” رفضها القاطع لمقترح مشروع قانون الجمعيات الأهلية المعروض حاليا على مجلس الشورى، وقالت إنه “يؤسّس لقمْع وتحجيم العمل الأهلي، ويتعارض مع المبادئ التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير، والمعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات”.
وألقى الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار، في مؤتمر صحفي بيان الجبهة بخصوص القانون، والذي اتّهم النظام الحاكم ومجلس الشورى بمحاولة “إسكات المجتمع وتطويعه وإخراس أي صوت حُر معارض لسياساتهم”، التي تهدف إلى “إفقار المجتمع وحِرمانه من حقوقه التي طالب بها في ثورته، ودفع ثمنها من دمه”.
وأشار سعيد إلى أن مشروع القانون يهدف إلى “السيطرة على نشاط المنظمات الحقوقية وإخضاعها لتوجّهات الأجهزة الأمنية، هي التي ناضلت بشجاعة في عهد الرئيس المخلوع، لاحتوائه على مواد قانونية تُعتبر أشدّ قمعا من تلك التي وردت في قانون الجمعيات الحالي رقم 84 لسنة 2002”.
وأوضح البيان أن مشروع القانون يُتيح حق الاعتراض، دون قيد على مصادر تنمية موارد الجمعية المالية، داخلياً وخارجياً، مما يسمح لتلك الجهات برفض تمويلات المنظمات الحقوقية التي تُراقب الانتخابات أو تعمل على مكافحة التعذيب، ويمنع تلك المنظمات من القيام بمهامها.
مفوضية الأمم المتحدة تحذر
من جهتها، أصدرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بيانا عبّرت فيه عن قلقها الشديد إزاء تدهْوُر حالة حقوق الإنسان في مصر، موضِّحة أن 22 منظمة حقوقية مصرية، بعثت رسالة مشتركة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في 13 أبريل الماضي، تحذِّر فيها من التدهوُر المتسارع لحالة حقوق الإنسان في مصر، ومن مشروعات تكبيل العمل الأهلي المطروحة أمام مجلس الشورى، والاعتداء على استقلال القضاء وحرية الإعلام.
وحثت المفوضة السامية نافي بيلاي، الحكومة المصرية على وضع المُسودّة الحالية من مشروع القانون أمام خبراء حقوق الإنسان المصريين والدوليين، لدراستها، وأن تقوم الحكومة استنادا إلى مشورتهم، بملاءمة نص القانون مع المعايير الدولية قبل إقراره من قِبل مجلس الشورى.
وقالت بيلاي في البيان: “إنه إذا ما تمّ إقرار مسودة هذا القانون الذي يقيِّد بشدّة من أنشطة منظمات المجتمع المدني، والتي تُعتبر مساهماتها حاسِمة في تحديد مستقبل البلاد كدولة ديمقراطية بنّاءة، فإن ذلك سيُمثل ضربة أخرى للآمال والتطلّعات التي برزت خلال “الثورة المصرية” في عام 2011″، مُشيرة إلى أن هذا القانون من شأنه أن يفرض سلسلة من القيود الصّارمة على منظمات المجتمع المدني، وبخاصة تلك التي تركِّز في عملها على حقوق الإنسان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.