مصر.. عقبات في طريق “التحالف الديمقراطي”!
تبايَـنت آراء خُـبراء ومحللين سياسيين مصريين حول جدوى "التحالف الديمقراطي"، الذي تشكَّـل من الأحزاب الـ 18 المشارِكة في اللقاء الثاني للتحالف، الذي عُـقد بمقر حزب "الحرية والعدالة" (الإخوان المسلمون) وانتهى إلى إقرار "وثيقة التوافق الديمقراطي من أجل مصر"..
بهدف حشْـد جهود وطاقات أعضاء التحالف، لتأسيس الإجماع الوطني لتحقيق أهداف ثورة الشعب وبناء التحول الديمقراطي وتأسيس الدولة القانونية، القائمة على المواطنة والمساواة وسيادة الشعب.
ففيما اعتبره محلِّـل سياسي “فكرة جيدة” و”ظاهرة صحية”، وإن استدرك بأن “الشيطان يكمُـن في التفاصيل”، موضِّـحا أنه “تحالُـف وليس اندماجا”، ويراه آخر “بداية مشجعة”، معتبرا أن “الوثيقة جيدة”، وإن كانت بحاجة إلى أن “تفسّـر نصوصها وتصاغ بطريقة واضحة، لا لُـبْـس فيها ولا غموض”، يُـبدي ثالث تخوُّفه من هذا التحالف وأنه “خرج علينا بمجموعة قِـيم فارغة المضمون” ووثيقة “لا قيمة لها” و”مبادئ هشَّـة”، معتبرا أنه “تحصيل حاصل”.
وفي محاولة لتسليط الضوء على هذا التحالف وآفاقه، التقت swissinfo.ch كلاًّ من: المحلل السياسي ضياء رشوان، رئيس وحدة النظم السياسية المصرية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام والخبير والأكاديمي الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان والعضو المؤسّس لحزب “مصر الحرية” والخبير السياسي الدكتور عمرو هاشم ربيع، رئيس وحدة التحول الديمقراطي بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ورئيس لجنة الانتخاب بمؤتمر الوِفاق القومي..
بداية إخوانية وفْـدية!
يوم الأربعاء 16 مارس 2011، عقدت جماعة الإخوان مؤتمرا تحت شعار “معاً نبدأ بناء مصر”، شاركت فيه أحزاب الوفد والغد والتجمع والناصري والعمل والأحرار والدستوري الحُـر، إضافة إلى الجمعية الوطنية للتغيير، وبعض ممثلي المجتمع المدني، الذين أعلَـنوا موافقتهم على مبادرة الإخوان، التي اشتملت على المبادئ الأساسية للأرضية المشتركة، التي تجمع كل أطياف المجتمع المصري.
وتضمَّـنت المبادرة إصلاحات سياسية، تمثلت في حق تداول السلطة عبْـر الإقتراع العام الحر وحرية تشكيل الأحزاب السياسية بمجرَّد الإخطار، وأن يكون القضاء وحده هو الحَـكَـم فوق الأحزاب، فضلاً عن حرية تكوين الجمعيات المدنية والأهلية، حقّ التظاهر السِّـلمي والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وتحديد سلطات رئيس الجمهورية ومدّة رئاسته وأن لا يرأس حزباً سياسياً، وكذلك إعادة الحياة للنَّـقابات المهنية والعملية.
وفي يوم السبت 11 يونيو الجاري، قام الدكتور السيد بدوي، رئيس حزب الوفد بزيارة للمركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، على رأس وفْـد يضُـم كلا من: المستشار بهاء الدِّين أبو شقة وأحمد عز العرب، نائب رئيس الحزب والمحامي علاء عبد المنعم والدكتور إبراهيم عبد المجيد صالح، مساعد رئيس الحزب، للتهنئة بتأسيس حزب “الحرية والعدالة”، حيث التقى الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان.
وحضر اللقاء من قيادات الجماعة، المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام والدكتور محمد مرسي، رئيس حزب “الحرية والعدالة” والدكتور عصام العريان، نائب رئيس الحزب والدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام للحزب والمهندس سعد الحسيني، عضو مكتب الإرشاد.
ودار نقاش بين الجانبيْـن حول مستقبل مصر في المرحلة الراهنة، واتفق الجانبان على تشكيل لجنة من حزبيْ “الحرية والعدالة” و”الوفد”، للتنسيق في جميع القضايا التي تعيشها البلاد، تهتَـم بمناقشة ما يخصُّ بالنظام الانتخابي والانتخابات البرلمانية القادمة والجدل الدائر حول الدستور، كما دار نقاش حول المواقف المشتركة بين الإخوان والوفد، والتي كان لها تأثير لا ينكر في إضعاف النظام السابق وفضحه، وهو ما تمثل في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة (2010)، التي انسحب منها كلٌّ من الإخوان والوفد، وهو ما كان بمثابة بداية لنهاية للنظام المخلوع.
تحالفات سابقة ناجحة!
في البداية، أوضح المحلل السياسي ضياء رشوان أن “فكرة التحالفات السياسية بين الأحزاب، هي فكرة جيدة، من حيث المبدأ، كما أنها ظاهرة صحية في الحياة السياسية، فضلا عن أن المبادئ العامة التي أعلنتها الأحزاب الثمانية عشر المتحالفة، لا بأس بها، من حيث المبدأ أيضا. لكن الشيطان يكمُـن في التفاصيل، ولهذا، فإن هناك أحزابا لم توقِّـع على الوثيقة، رغم حضورها اللقاء، منها على سبيل المثال أحزاب: الوسط والعدل والجبهة الديمقراطية والناصري، بل إنهم قد اتَّـجهوا لإنشاء تحالُـف آخر”، مشيرا إلى أن “ما تمَّ بين الأحزاب، تحالف بين مجموعة أحزاب، وليس اندماجا. والفارق واضح وكبير”.
وقال رشوان، رئيس وحدة النظم السياسية المصرية بمركز الدراسات بالأهرام في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “التحالف بدأ بحوار ثُـنائي بين الوفد والإخوان يوم السبت 11 يونيو الجاري، للتنسيق للانتخابات البرلمانية القادمة، وانتهى إلى أهمية توسيعه ليضُـم أكبر عدد ممكن من الأحزاب، فكان اللقاء الموسع الأول بمقَـر حزب الوفد يوم الثلاثاء 14 يونيو وضم 13 حزبا، ثم كان اللقاء الموسَّـع الثاني في مقر حزب الحرية والعدالة يوم الثلاثاء 21 يونيو، وضم 18 حزبا”.
وكشف رشوان عن أن “هذه ليست المرة الأولى التي يحدُث فيها تحالُـف بين أحزاب مصرية، حيث عقد أول تحالُـف انتخابي حِـزبي في مصر في عام 1984، بين جماعة الإخوان المسلمين (أكبر فصيل سياسي معارض بمصر) وحزب الوفد، وقد نجح التحالُـف في حجز 36 مقعدا في البرلمان، كان من بينهم 6 من رموز جماعة الإخوان، ليكون تحالُـف “الوفد – الإخوان”، هو الحزب المعارض الوحيد الذي نجح في هذه الانتخابات، وحل هذا المجلس عام 1987 لعدم دستورية قانون الانتخابات “قانون القائمة المطلقة”.
وأضاف: “وفي عام 1987، تحالَـفت جماعة الإخوان المسلمين مع حزب العمل (الإشتراكي) وحزب الأحرار (الليبرالي)، وقد نجح هذا التحالف أيضا في حجْـز أكثر من 100 مقعد في برلمان 1987، كان منهم 37 عضوا من جماعة الإخوان، وهي الدورة التي ظهر فيها تكتُّـل الإخوان بصورة واضحة، وأحدثوا نشاطاً برلمانيا ملحوظاً وكان على رأس الكتلة البرلمانية للإخوان، المستشار محمد مأمون الهضيبي (المرشد العام السادس للجماعة”.
“ديمقراطي” وليس “انتخابي”!
ومن جهته، اعتبر الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن “التحالف الذي تمَّ بين الأحزاب، بداية مشجعة، لأنها حوَّلت لقاء الأحباب من تفكير في تحالف انتخابي إلى تحالُـف ديمقراطي، من أجل مصر”، مشيرا إلى أن “الوثيقة التي تمَّ التوافق عليها جيدة، وأهم ما يميِّـزها أنها عبَّـرت عن التئام مختلَـف أطياف القوى السياسية المصرية، من الإسلامية إلى اليسارية إلى العروبية إلى القومية.. إلخ، لكنها بحاجة إلى أن تفسّـر نصوصها وتصاغ بطريقة واضحة، لا تحمل لُـبسا ولا غموضًا”.
وقال حمزاوي، العضو المؤسّس في حزب “مصر الحريّة” في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “المشكلة التي تواجِـه هذا التحالف، أنه يضُـم مجموعة من الأحزاب القديمة، التي تُـوصف بالكرتونية والتي كانت تُـعرف في مرحلة ما قبل الثورة، بأنها (أحزاب أمن دولة)، أسَّـسها النظام وصنعها على عيْـنه، وهذه الأحزاب في تقديري، تـُضعِـف التحالُـف ولا تقويه”، مطالبا بوضع “عدد من المعايير الواضحة للأحزاب، التي ستوجِّـه لها الدعوة للانضمام للتحالف، وتلك التي سيتم استبعادها من التحالف، على أن يكون في مقدِّمتها: التورُّط مع النظام السابق والمساهمة في إفساد الحياة السياسية بمصر”.
وحول الوثيقة التي طرحها المشاركون في اللقاء الثاني، قال حمزاوي، عضو المجلس القومي لحقوق الانسان: “الوثيقة جيِّـدة، لكنها بحاجة إلى التحديد والاتفاق حول القِـيم الحاكمة والمبادئ فوق الدستورية، وقد صدرت الوثيقة تحت عنوان (وثيقة التحالُـف الديمقراطي من أجل مصر)، لتحدّد المبادئ الحاكمة للدستور الجديد بصورة أولية، على أن يستمر التداوُل بين الأحزاب المشاركة حول إمكانية التنسيق الانتخابي فيما بينها، وصولاً إلى برلمان مُـتوازن يعبِّـر عن كافة أطياف وفِـئات المجتمع المصري”.
واختتم قائلا: “وقد تمّ الاتفاق على استمرار اللقاءات، على أن يُـعقَـد اللقاء الثالث للتحالف، الأسبوع القادم، كما توافق الحضور على تشكيل لجنة لإعداد مقترح لقانون مجلس الشعب، يمنح الأحزاب والقوائم الحزبية مساحة أوسع للمشاركة في البرلمان الجديد من تلك المنصوص عليها في المقترح الذي قدَّمه المجلس الأعلى للقوات المسلحة”.
لقاءات تحصيل حاصل!
مختلفا مع حمزاوي ورشوان، أعرب الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، عن خيبة أمله فيما انتهى إليه اللقاء الثاني لتحالُـف الأحزاب الـ 18، التي التقت في مقرّ حزب الحرية والعدالة، موضحا أنه “كان يُظَـنُ أن مثل هذا التحالف، سيُـؤتي ثماره، لكون الإخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة)، سيلعب على ملعب الأحزاب والقوى السياسية المدنية، لكن – للأسف – حدث العكس، حيث استطاعت جماعة الإخوان أن تستدرج القوى والأحزاب السياسية المدنية إلى ملعبها هي وتفرض رُؤيتها!”
وفي تصريح خاص لـ swissinfo.ch، قال ربيع، رئيس لجنة الانتخاب بمؤتمر الوفاق القومي (الذي يُـشرف عليه الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء والذي قاطعته قوى كثيرة، على رأسها جماعة الإخوان): “كُـنا نعتقد أنهم سيضعون قواعِـد وخطوات إجرائية لإقرار “الدستور أولا”، إضافة إلى المبادئ العامة فوق الدستورية، فإذا بالتحالف يخرُج علينا بمجموعة قِـيم ومثل عامة، لا علاقة لها بالمبادئ فوق الدستورية، خلت تماما من التأكيد على تأسيس دولة مدنية ومن تحديد نظام الحُـكم الذي ستسير عليه البلاد، وهل هو نظام برلماني أم رئاسي أم خليط من البرلماني والرئاسي؟”!.
وأضاف ربيع: “وبالنظر في القواعد التي اتَّـفقوا عليها والتي أطلقوا عليها (وثيقة التحالف)، نجد أنها عبارة عن مجموعة قواعد تتعلَّـق بحرية العقيدة والعِـبادة، إضافة إلى قِـيم أخرى فارغة المضمون!”، معتبرا أن “ما تم الاتفاق عليه، هي مجموعة قِـيم لا قيمة لها!! وهي مبادئ هشَّـة، يمكن أن نجِـدها في أي دولة شمولية، والطريف في الأمر، أن كل واحد منهم عاد بعد الاجتماع إلى ما يعتقده ويُـؤمن به. فهي إذن، لقاءات تحصيل حاصل!”.
حزب الحرية والعدالة
حزب الوفد
حزب التجمع
حزب الناصري
حزب الجبهة الديمقراطية
حزب الكرامة
حزب الجيل
حزب مصر الحرية
حزب النور
حزب الغد
حزب العمل
حزب مصر العربي
حزب الحضارة والتكنولوجيا
حزب الحضارة
حزب جبهة ائتلاف أحزاب الثورة
حزب التوحيد العربي
حزب العدل
حزب التكافل
أقرت الأحزاب المشاركة في اللقاء الثاني للتحالف الانتخابي، الذي تحوّل إلى “التحالف الديمقراطي”، “وثيقة التوافق الديمقراطي من أجل مصر”، بهدف حشد جهود وطاقات أعضاء التحالف لتأسيس الإجماع الوطني لتحقيق أهداف ثورة الشعب وبناء التحول الديمقراطي وتأسيس الدولة القانونية القائمة على المواطنة والمساواة وسيادة الشعب.
ووافقت الأحزاب في ختام اللقاء، الذي انعقد في مقرِّ حزب “الحرية والعدالة” على إقرار مشروع قانون مجلس الشعب، بما يضمن تمثيلاً أوسع للأحزاب والقوى السياسية جميعا ويمنع اختراق المال والعصبيات وفلول النظام السابق، وذلك لتقديمه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وقرر المشاركون استمرار التداول حول آليات عمل التحالف في المرحلة المقبلة، بما يضمن استمرار التنسيق في المواقف السياسية والبرامج الانتخابية، وصولاً إلى قوائم انتخابية مشتركة من كلِّ ممثلي أعضاء التحالف، قادرة على نيل ثقة الجماهير المصرية من أجل تشكيل برلمان معبِّـر عن جميع مكوِّنات الوطن وقادر على القيام بمسؤولياته وأعبائه، وفي مقدمتها تشكيل لجنة وضع دستور جديد.
وأكد التحالف تبنِّـيه لمجموعة من المبادئ لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وهي:
أولاً: القيم الأساسية للمجتمع ومن أهمها:
حرية العقيدة والعبادة.
المواطنة أساس المجتمع
التعليم والتنمية البشرية والبحث العلمي أساس نهضة المجتمع.
ثانيا: النظام السياسي والحريات العامة وأهمها:
تداول السلطة عبْـر الاقتراع العام الحر والنزيه.
حق التجمع السلمي في الأحزاب السياسة والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية.
حرية الرأي والتعبير والإعلام وتداول المعلومات والتظاهر السلمي والاعتصام.
ثالثا: استقلال القضاء.
رابعا: النظام الاقتصادي الذي يقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية.
خامسا: تأكيد دور الدولة في الرعاية والحماية الاجتماعية.
سادسا: تدعيم العمل العربي المشترك، رسميّا وشعبيّا، وبناء علاقات مصر الإقليمية والدولية على أساس التعاون والمصالح المشتركة والاهتمام بدُول حوض النيل بشكلٍ خاصٍ، وإجراء حوار إستراتيجي مع إيران وتركيا حول مستقبل المنطقة ومراجعة عملية التسوية مع “إسرائيل”، على أساس أنه لا سلام حقيقيّ في ظل العدوان والإجحاف وانتهاك الحق الفلسطيني في تقرير المصير.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.