وصول أول فريق من موظفي مفوضية اللاجئين إلى شمال سوريا
في جنيف، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين يوم الجمعة 1 فبراير 2013 عن وصول أول فريق من موظفيها الى مخيم إعزاز للاجئين في شمال سوريا منذ بداية الصراع.
وفي حديث خاص إلى swissinfo.ch، أوضح السيد يعقوب الحلو، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية سبب إيصال المساعدات الانسانية انطلاقا من اللاذقية وليس عبر الحدود التركية المتاخمة.
كثيرا ما رددت المنظمات الإنسانية الأممية ، منذ بداية الصراع السوري قبل عامين تقريبا، بأنها تقدم مساعدات إنسانية للشعب السوري في ظروف صعبة للغاية. وفي مناسبات عدة، ردد مسؤولون أمميون بأن لهم تعاونا وثيقا مع الحكومة السورية، وأنهم يُقدمون المساعدات عن طريق جمعية الهلال الأحمر السوري، لكن عدة أصوات لمنظمات إنسانية غير حكومية شككت مرارا في وصول تلك المساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة داخل التراب السوري، بل اعتبر بعضها أن جمعية الهلال الأحمر تحولت إلى “أداة بين ايدي النظام السوري”.
وكان آخر تصريح في هذا الشأن لمنظمة أطباء بدون حدود، العامل الذي أدى بالمنظمات الأممية إلى توضيح موقفها، حيث تم الإعلان عن وصول أول فريق لمفوضية شؤون اللاجئين إلى مخيم إعزاز بشمال سوريا منذ بداية الصراع.
swissinfo.ch التقت في جنيف بالسيد يعقوب الحلو، مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين العائد من زيارة لسوريا وأجرت معه الحوار التالي:
swissinfo.ch: تعرف الأزمة الانسانية في سوريا تأزما لم يسبق له مثيل، من خلال تقيميكم الميداني كيف هي الأوضاع حاليا؟
يعقوب الحلو: يمكن القول بكل اختصار، أنه وضع مأساوي. لقد كنتُ في سوريا في الأسبوع الماضي في زيارة قمنا بها ضمن مجموعة من المسئولين لمنظمات إنسانية أممية. وقد كانت المفوضية السامية لشئون اللاجئين، العنصر الفاعل في هذه الزيارة نظرا للتواجد المهم للمفوضية في سوريا عبر سنين، لكون سوريا كانت ومازالت من أكبر الدول المضيفة للاجئين. إذ بالإضافة للاجئين الفلسطينيين الذين يقعون تحت ولاية الأونروا، هناك عشرات الالاف من اللاجئين العراقيين، والسودانيين، والأفغان، والصوماليين، الذين لجأوا الى سوريا ووجدوا كل الحماية والعون والترحاب.
المؤسف اليوم في سوريا، أن هؤلاء الكرام الذين فتحوا ابوابهم وحدودهم وقلوبهم واستضافوا من كان في حاجة للحماية، يجدون أنفسهم اليوم في وضع صعب ومأساوي لا يمكن وصفه. فهو وضع مأساوي بالنسبة لكل ما يختص بسبل الحياة، وسيئ جدا فيما يتعلق بالخدمات الأساسية من مياه شرب، الى مأوى وغذاء ومدارس، الى مستشفيات، خصوصا في مناطق المعارك التي اصبحت واقعا في سوريا اليوم والتي نتمنى من الله تعالى أن تزول في اسرع وقت.
ونتيجة لهذه الأوضاع أصبح اليوم 20 % من الشعب السوري متأثرا تأثرا مباشرا، و10% أصبحوا نازحين داخل سوريا. أضف الى ذلك ما يقارب 720 الف لاجئ موجودين الآن بلبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر وفي شمال افريقيا، والأعداد تتزايد بشكل يومي. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الوضع الإنساني اصبح معقدا وسيئا للغاية، وهذا رغم كل الجهود المبذولة لتقديم المساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من عملنا الجاد لتقديم المساعدة الانسانية ، فإن ذلك سوف لن يحل المشكلة، لأن الحل لا بد أن يكون حلا سياسيا.
في 29 يناير 2013 أصدرت منظمة أطباء بدون حدود بيانا تشير فيه الى الاختلال في توزيع المساعدات الإنسانية في سوريا.
وقالت مديرة منظمة أطباء بدون حدود ، وفابريز وايزمان، مدير مركز التحليل بخصوص المساعدات الانسانية بالمنظمة في مقال نشر باسم المنظمة “إن المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة تحصل على كل المساعدات الانسانية تقريبا بينما لا تحصل المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار سوى على جزء ضئيل”.
وترى المنظمة الانسانية أنه “في غياب تطوير قنوات تمرير المساعدات الانسانية عبر الحدود في اتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار، فإن ملايين السوريين سيبقون محرومين من المساعدة الإنسانية”.
عادة ما تخفف المساعدات الإنسانية من وطأة تأثيرات الحروب والكوارث الطبيعية على المتضررين، ولكن في الوضع السوري يبدو لنا أن هناك تأخرا في إيصال تلك المساعدات وعرقلة لوصولها؟
يعقوب الحلو: المساعدات الانسانية يتم تقديمها والحمد لله، ولكن هل نستطيع أن نصل الى كل المحتاجين بصورة سريعة ، لا . والأسباب لذلك كثيرة ومن ضمنها الوضع الأمني في المناطق التي بها قتال والتي بها كثير من المدنيين المتضررين.
لكن والحمد لله ، نحن جهودنا متواصلة. وكما ذكرت، فإن المفوضية السامية لشئون اللاجئين، وبالتضامن مع جمعية الهلال الأحمر العربي السوري، وبتسهيل شديد جدا وبموافقة الحكومة السورية ومن الائتلاف الوطني السوري ، تمكنت والحمد لله من الوصول الى المناطق الشمالية ، شمال حلب، وبالقرب من الحدود السورية التركية. وأوصلنا دفعة أولى من المساعدات ذات الأولوية خصوصا في فصل الشتاء.
وأهمية هذه العملية، أنها أول مرة تستطيع فيها مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين توصيل هذه المساعدات مباشرة وبنفسها عن طريق موظفي المفوضية الدوليين والسوريين. فقد قاموا بنقل تلك المساعدات من اللاذقية الى طرطوس وحمص وحماه وحلب ثم منطقة عزاز التي تقع على الحدود السورية التركية. فقد استطعنا والحمد لله الوصول الى هذه العوائل المتأثرة جدا والتي تعيش في ظروف فعلا قاسية للأسف الشديد.
لكن هذا المشوار سيستمر بحول الله من قبلنا كمفوضية لشئون اللاجئين وبالاشتراك مع باقي المنظمات الأممية، وبدعم من المنظمات غير الحكومية. وهذا يعتمد على التسهيل الذي تبديه كل الأطراف لأن الوضع الأمني فعلا معقد.
أعلنت سويسرا أن مساهمتها المالية لفائدة المساعدات الإنسانية الطارئة في سوريا ستصل في عام 2013 الى حدود 10 ملايين فرنك سويسري. وكانت قد أعلنت في نفس الفترة من العام الماضي عن تعهد بحوالي 5،9 مليون فرنكن لكنها رفعت من قيمة مساهمتها مع مر الزمن لتصل في العام 2012 الى 12 مليون فرنك.
تعتزم سويسرا تخصيص 6 ملايين فرنك من مساعدات هذا العام لفائدة اللاجئين السوريين في كل من تركيا والأردن ولبنان. أما الملايين الأربعة المتبقية فستنفق لعم العديد من البرامج والمنظمات والمؤسسات العاملة لفائدة ضحايا الصراع السوري.
في إطار مؤتمر لجمع التبرعات لفائدة مساعدة ضحايا الصراع السوري نظمت يوم 30 يناير 2013 في الكويت، أعلنت الدول المشاركة عن جمع حوالي 1،5 مليار دولار لصالح حوالي 5 مليون من المتضررين من الصراع السوري. وسبق لكل من الكويت والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد تعهدت بتقديم مبلغ 300 مليون دولار لكل منها.
هل حصلتم على ضمانات بفتح هذا المجال أكثر لإيصال المساعدات الانسانية الى تلك المناطق التي كانت محرومة منها، إما عن طريق الداخل السوري او عبر الحدود مع تركيا والأردن؟
يعقوب الحلو: نحن كمنظمة أممية لا بد أن نعمل باتفاق تام مع سوريا البلد والدولة. فسوريا دولة عضو في الأمم المتحدة . والموقف السوري واضح جدا ويتمثل في أن أي دعم او مساعدات إنسانية لأهلهم السوريين لا بد أن تصل الى أي شخص أينما كان موجودا، ولكن إيصال تلك المساعدات لا بد أن يكون عن طريق الأراضي السورية. وهذا ما نتبعه في الوقت الحاضر، احتراما لوضع سوريا كدولة مهمة جدا، وعضو في الأمم المتحدة. وتواجد كمية كبيرة من هذه المساعدات داخل سوريا ، سيمكننا من الوصول الى أكبر عدد من السوريين.
هل هناك ضمانات لوصول تلك المساعدات لمن يستحقها، لأن هناك انتقادات من قبل جماعات معارضة ومنظمات انسانية غير حكومية. وهل لديكم من بإمكانه الإشراف على توزيعه على مستحقيها؟
يعقوب الحلو: هذه الرحلة التي قمنا بها، ووصولنا الى هذه المناطق الشمالية قبل ايام، يُظهر جليا وجود الضمانات. وقد قمنا توزيع المواد بنفسنا ومباشرة للمحتاجين في مخيم الكرامة ، وفي منطقة عزاز التي بها مجموعة من المخيمات. وهذا مشوار سيستمر بحول الله.
بالفعل كنا في الفترة السابقة نعتمد في وصولنا الى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، على شركائنا غير الحكوميين . ولكن من الآن فصاعدا سنواصل هذه الشراكة ولكن سنقوم ايضا بتوزيع هذه المساعدات مباشرة من قبل موظفي المفوضية بإذن الله تعالى.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.