“الوضع في كوسوفو شديد الخصوصية”
هذا هو رأي كارلا ديل بونتي، التي تتلمّـس خطواتها الأولى كسفيرة سويسرية في الأرجنتين، بعد نحو ثمانية أعوام شغلت فيها منصب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا.
في حديث خصّـت به سويس انفو في مقر إقامتها في بيونس آيرس، تراجع القاضية السابقة في كانتون تيتشينو، الصراع بين الصرب وألبان كوسوفو.
سويس انفو: أثار إعلان استقلال كوسوفو مُـجدّدا المخاوف من حدوث مواجهات جديدة بين الصرب وألبان كوسوفو، هل هذه المخاوف مبرّرة؟
كارلا ديل بونتي: لا أعتقد أنه يُـمكن توقّـع نشوب نزاع، فكوسوفو توجد تحت حماية الحلف الأطلسي، وبلغراد عبّـرت عن الرغبة في التخلّـي عن اللجوء إلى أي عُـنف. ومع ذلك، فإن الوضع دقيق جدا.
سويس انفو: استقلال كوسوفو، الذي أعلِـن استنادا إلى مبدإ حق تقرير المصير للشعوب، أثار المخاوف من احتمال أن يتحوّل مثال كوسوفو إلى سابقة. ما هو رأيك؟
كارلا ديل بونتي: هناك قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص كوسوفو، وعندما أعلن الإقليم عن استقلاله، لم يتمّ اتخاذ أي قرار (على مستوى المنظمة الأممية – التحرير)، فيما ذكّـر الأمين العام للأمم المتحدة بالقرار (رقم 1244).
الوضع في كوسوفو شديد الخصوصية، فهو في الواقع، لا يتمتّـع باستقلالية حقيقية، نظرا لأنه وُضِـع تحت إشراف الحلف الأطلسي والأمم المتحدة. هذه الوضعية الخاصة والفريدة أدّت إلى حلّ خاص وفريد، لكنني كقانونية (وهذا رأي شخصي)، لا يبدو لي أن إعلان استقلال كوسوفو مطابق للشروط التقليدية للقانون الدولي.
سويس انفو: هناك قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص كوسوفو، وعندما أعلن الإقليم عن استقلاله، لم يتمّ اتخاذ أي قرار (على مستوى المنظمة الأممية – التحرير)، فيما ذكّـر الأمين العام للأمم المتحدة بالقرار (رقم 1244).
كارلا ديل بونتي: مثلما أوضحت سابقا، يتعلق الأمر بوضعية خاصة. يجب التشديد على أن أكثر من 90% من السكان هم من الألبان وأن عدد الصرب يتراجع باطِّـراد.
إن كوسوفو مشكلة قديمة. فقد سبق لـ (الجنرال) تيتو أن منحه حُـكما ذاتيا ألغِـي بعد ذلك من طرف ميلوزيفيتش في عام 1989. فالمشاكل قائمة منذ عشرات السنين والوضعية الحالية تمثل النتيجة السياسية، التي لا يُـمكن تجنّـبها بسبب الأسلوب الذي أديرت به (هذه المشاكل).
سويس انفو: أعلن رئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان أن سويسرا تعترف بكوسوفو كدولة ذات سيادة وأن برن ستقيم علاقات دبلوماسية مع بريشتينا. هل تعتقدين أن هذا القرار يمكن أن يمثل سابقة يستند إليها “انفصاليون” آخرون؟
كارلا ديل بونتي: لا. ليست سابقة، ولقد كانت الحكومة الفدرالية واضحة جدا بهذا الخصوص. لقد كان قرارا متوقّـعا، بل إن وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري سبق أن أعلنت عنه منذ عام 2005، لكنني أكرر: لا يجب أن ننسى أن الأمر يتعلق بوضعية خاصة لمشكلة خاصة.
سويس انفو: هل تعتقدين أن هذا القرار سيُـؤدي إلى توتير العلاقات الدبلوماسية مع صربيا؟
كارلا ديل بونتي: مثلما سبق أن قال الرئيس كوشبان، سنستمر في الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع صربيا. وعلى الرغم من أن صربيا ردّت الفعل باستدعاء سفيرها إلى بلغراد، فإنني أعتقد أن الصفاء سيعود إلى العلاقات بين البلدين.
لا يجب أن يُـنسى أن سويسرا قامت بالكثير لفائدة صربيا، وخاصة في مجال حقوق الإنسان وما يتعلق بالدعم، لذلك، أعتقد أننا سنتجاوز هذه اللحظة الصعبة.
سويس انفو: سبق أن صرّحت أنك غادرت منصبك في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا بشيء من المرارة، لعدم تمكّـنك من النجاح في إحالة راتكو ملاديتش ورادوفان كارادزيتش أمام العدالة، ما الذي يجب أن يحدُث للتوصل إلى اعتقالهما؟
كارلا ديل بونتي: لقد كُـلِّـفنا بهذه المهمة في عام 1995، لكن المجموعة الدولية وصربيا لم تُـبديا في تلك الفترة الإرادة السياسية لإيقاف ملاديتش وكارادزيتش. وفي عام 2000، عندما غيّـرت المجموعة الدولية رأيها، كان الوقت متأخرا جدا. فملاديتش مخفي في صربيا ولا تتوفر الحكومة على الإرادة السياسية لتسليمه إلى العدالة، فالقوميون (وجميعنا مُـطلع على الوضعية) يمارسون ضغوطا شديدة.
في المقابل، يحظى كارادزيتش بحماية الكنسية الأورثودوكسية (حيث يتخفّـى في إحدى الأديرة) ومع أنه من غير المعروف أين يوجد على وجه الدقة، إلا أنه من المعلوم أنه يتواجد في المنطقة.
صحيح أن المجموعة الدولية تريد اليوم أن تتم محاكمة الاثنين، لكنه من العسير جدا أن يحدُث هذا، لأنهما محميان من طرف الحكومة والكنيسة، كما أن جزءً من المجتمع يعتبرهما بطلين، والأبطال لا يجري اعتقالهم.
الاتحاد الأوروبي يواصل ممارسة ضغوط على بلغراد، إلا أن عقبة سياسية حالت دون اعتقال ملاديتش وكارادزيتش.
سويس انفو: حسب رأيك، ما هي النتيجة الأهم التي حققتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا، وما هي الهزيمة الأشد مرارة التي مُـنيت بها؟
كارلا ديل بونتي: لقد أضفى مرور الزمن، الشرعية على أهمية المحكمة. ففي البداية، كان من شبه المستحيل أن يفكّـر المرء في إمكانية الوصول إلى إصدار أحكام بخصوص يوغسلافيا سابقا.
وبالنسبة لي، تمثل النجاح الأكبر في إقامة الدليل على إمكانية القيام بذلك، وفي أن وجود المحكمة له ما يبرره.
في الوقت الحاضر، لا يمكن الحديث بعدُ عن هزائم، لكن إذا ما لم يتم اعتقال ملاديتش وكارادزيتش ومحاكمتهما، فإن ذلك سيكون هزيمة بالفعل.
سويس انفو – نورما دومنغيز – بوينس آيرس
(ترجمه من الإيطالية وعالجه كمال الضيف)
ولدت في عام 1947 في بينياسكو في كانتون تيتشينو، جنوب سويسرا.
تابعت دراسات عليا في القانون الدولي في برن وجنيف وبريطانيا.
1981: عُـيِّـنت مدعية عامة لكانتون تيتشينو، حيث لفتت الأنظار إليها بكفاحها ضد عمليات تبييض الأموال والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع في الأسلحة.
1994 إلى 1999: تقلدت منصب المدعية العامة للكنفدرالية، حيث تفاوتت التقييمات حول عملها، الذي تعرّض للانتقاد في بعض الأحيان.
1999: عُـيِّـنت مدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا سابقا من طرف كوفي أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وهو المنصب الذي ستغادره في نهاية 2007.
يوم 4 فبراير 2008، وصلت كارلا ديل بونتي إلى بيونس آيرس بصفتها سفيرة للكنفدرالية لدى الأرجنتين.
يوم 17 فبراير 2008، نزلت الجالية الألبانية من كوسوفو، المقيمة في سويسرا، إلى الشارع للاحتفال بالإعلان عن الاستقلال عن صربيا.
في عام 1965، بدأت سويسرا في جلب اليد العاملة من إقليم كوسوفو، واليوم، يعيش ما بين 170 و190 ألف مغترب من أبناء الإقليم في الكنفدرالية، أي ما يناهز 10% من إجمالي عدد السكان في كوسوفو، وهم يمثلون أضخم جالية من أبناء كوسوفو في العالم بعد ألمانيا.
تشارك سويسرا منذ عام 1999 في مهمة السلام التي تنفِّـذها القوات الدولية، المعروفة باسم KAFOR والخاضعة لقيادة الحلف الأطلسي، ويناهز عدد الجنود السويسريين العاملين ضمن فرقة سويس كوي، الموجودة في كوسوفو، 200 شخص.
تعتبر سويسرا من أهم الدول المانحة لكوسوفو، وتخطط الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية وكتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية، لضخّ 13،9 مليون فرنك لفائدة المشاريع التي ستُـنجزها خلال عام 2008 في كوسوفو.
تعتزم وزارة الخارجية السويسرية وضع 20 خبيرا على ذمة المهمة المدنية للاتحاد الأوروبي (EULEX)، التي تعمل على جمع 200 خبير ومتخصص، للمساهمة في بناء دولة القانون في كوسوفو.
(ترجمه من الإيطالية وعالجه: إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.