شركة تأمين صحي واحدة بدل مائة..
هل ستتخلى سويسرا عن نظام التأمين الصحي الذي تنفرد به في أوروبا؟ الأحزاب السياسية المؤيدة لهذا المُقترح تطالب بتعديل القانون الفدرالي الخاص بالتأمين الصحي وبتغير جذري للنظام الصحي الباهظ التكاليف في الكنفدرالية..
اتسع الجدُل في سويسرا حول عشرات المُقترحات الرامية إلى تعديل القانون الخاص بالتأمين الصحي الذي وافق عليه الناخبون السويسريون عام 1994. فقد قدَّم حزبُ العُمال الشعبي (POP) في كانتون فو (Vaud) يوم الثلاثاء السابع من مايو مُبادرة شعبية تدعو إلى انخراط كافة القاطنين في سويسرا في شركة تأمين صحي واحدة وعُمومية كما هو الحال في الدُّول الأوربية.
ويُذكر أن المُواطنين الأوربيين مجبرون قانونيا على المشاركة في صندوق تأمين صحي واحد تُموله المساهمات الاجتماعية أو الدولة. وان كانت أنظمة الحماية الاجتماعية تختلف من بلد إلى آخر فإن جميعها يرتكز على مبدأ أساسي ألا وهو التضامن. وتُغطي أنظمة الحماية الاجتماعية الأوربية أربعة أخطار كُبرى هي المرض والمسنون والبطالة والأسرة.
لكن النظام الاجتماعي السويسري لا يجمع المرض والمسنين في صندوق تأمين واحد، الشيء الذي يضطر المواطن إلى المساهمة في شركة تأمين صحي من جهة وصندوق المعاشات من جهة أخرى. هذا فضلا عن الارتفاع المُستمر للأقساط الشهرية أو السنوية التي يدفعها المواطنون أو القاطنون في سويسرا لصناديق التأمين الصحي.
نظام صحي مُعقد
فكرة إنشاء مؤسسة تأمين صحي واحدة وعمومية في سويسرا ليست وليدة اليوم. فقد اقترحها على المُستوى الفدرالي عضو البرلمان جوزيف زيسياديس الذي ينتمي أيضا إلى حزب العمل السويسري (الشيوعي) في كانتون فو. وتحظى مطالب هذا الحزب بتأييد حزبي الخضر والاشتراكيين بينما تُقابل برفض التيار اليميني واتحاد شركات التأمين الصحي السويسرية (Santésuisse). ويشدد الاتحاد استنادا إلى دراسات متعلقة بنظام التأمين الصحي السويسري على ضرورة الحفاظ على المُنافسة في هذا القطاع الذي يشمل أكثر من تسعين شركة.
ولا يعني رفض الأحزاب اليمينية لإنشاء صندوق تامين صحي واحد تجاهلا للجدل الواسع الذي يشهده حاليا نظام التأمين الصحي في سويسرا، حيث يقترح بعض السياسيين اليمينيين تغييرا جذريا لهذا النظام. وفي هذا الصدد، يعد حزب الشعب السويسري مبادرة لاجراء استفتاء حول خفض إسهامات المواطنين في شركات التأمين الصحي. ويقول المتحدث باسم الحزب ايف بيشسيل “ان الوضع خطير ويتطلب اتخاذ إجراءات أساسية تشمل النظام بأكمله.”
ويدعو نص المبادرة غير النهائية لحزب الشعب ذي الاتجاه اليميني إلى إلغاء الالتزام بالتعاقد مع شركة تأمين صحي وتخفيف قائمة الإعانات الأساسية التي تقدمها شركات التأمين الصحي.
من جهته، يبرز البرلماني ستفيان روسيني من الحزب الاشتراكي والمتخصص في ملف التأمينات الصحية، عجزا آخر في نظام التأمين الصحي الحالي والمُتلخص في “فدرالية” هذا القطاع. ويشرح السيد روسيني أن قطاع الصحة يعد من صلاحيات الكانتونات وانه يجب تبسيط هذا النظام المعقد الذي يتدخل في تسييره 26 كانتونا وحوالي 100 شركة تأمين صحي.
أكثر من ثمانين مقترحا للخروج من المأزق
وان كانت المقترحات الداعية إلى إحداث تغيير جذري في نظام التأمين الصحي في الكنفدرالية تنبعث من الأحزاب اليمينية واليسارية مع اختلاف في وجهات النظر وأساليب التغير، فإنها تدل بلا شك على الخلل الذي يعاني منه هذا النظام في سويسرا. وكان آخر دليل على هذه الصعوبات إعلان شركة التأمين الصحي “سوبرا” الأسبوع الماضي عن رفع استثنائي لإسهامات المنخرطين في الشركة خلال العام الجاري.
أما صحيفة « Blick » الواسعة الانتشار، فقد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي عن ارتفاع أسعار الاشتراكات الصحية بنسبة 12% العام القادم. وان كان اتحاد شركات التأمين السويسرية لم تعلن بعد عن تقديراته بهذا الشأن، يبقى من المؤكد أن التكاليف الصحية ستزداد ارتفاعا العام المقبل.
وأمام هذا الوضع الصعب، لم يجد السياسيون مفرا من تقديم عشرات المقترحات للخروج من هذا المأزق، بعضها جذري يطالب بتغيير النظام كاملا والبعض الآخر يقترح تحديد مبلغ الاشتراك حسب دخل المواطنين.
في المجموع، أكثر من ثمانين اقتراحا سيُطرح في شهر يونيو القادم على طاولة نقاش اللجنة البرلمانية السويسرية. لكن قبل ذلك سيتناول البرلمان الفدرالي هذا الملف يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من مايو في جلسة خاصة ستعقد بعيدا عن العاصمة برن.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.