شركة وحيدة للتأمين الصحي.. في انتظار قرار الناخبين
يصوت الشعب السويسري يوم 11 مارس على مبادرة تدعو لإنشاء شركة تأمين وحيدة واشتراكات تأمين متناسبة مع الدخل الفردي لكل مواطن.
المقترح الذي تقدم به اليسار يرمي إلى وضع حد للإرتفاع المستمر في قيمة الإشتراكات المدفوعة من طرف المؤمّنين، لكن اليمين يدعو الناخبين إلى رفض الطبخة.
منذ عام 1996، يخضع هذا القطاع الحيوي في سويسرا للقانون الفدرالي حول التأمين الصحي (المعروف اختصارا بـ LAMal) الذي يضع قاعدتين أساسيتين.
تتمثل الأولى في إجبارية التأمين لكل المتساكنين فوق أراضي الكنفدرالية. وتبعا لذلك يضمن أن تتوفر لكل شخص يصاب بمرض أو يتعرض لحادث الموارد الضرورية للحصول على العلاج المطلوب.
أما الثانية فهي مبدأ التضامن، حيث ينص القانون على أن تكون قيمة الإشتراكات – في إطار نفس شركة التأمين وفي نفس المنطقة – هي نفسها بالنسبة للشبان وللمسنين وللمرضى وللأصحاء، أي أن لا يتعرض أحد للتمييز أمام الصحة والعلاج.
ارتفاع لولبي للإشتراكات
عندما تم اعتماد هذا القانون، نُظر إليه على اعتبار أنه خطوة متقدمة. وبالفعل، يمكن القول أن واقع الأمور يبعث على الإرتياح حيث يُتاح للسويسريين – بفضل التأمين الأساسي على المرض – الحصول على مروحة واسعة من الخدمات الصحية الجيدة المستوى.
لكن هناك الوجه الآخر للصورة المتمثل في الإرتفاع المستمر للتكاليف الصحية وتبعا لذلك إشتراكات المؤمّنين التي ارتفعت قيمتها بحوالي .. 70% مقارنة بما كانت عليه عام 1996.
هذا الوضع أصبح يمثل بالنسبة لعدد متزايد من العائلات مشكلة حقيقية خصوصا وأنه لا يتم احتساب قيمة التأمينات بناء على الدخل الفردي نظرا لأن القانون ينص على أن تكون ثابتة وموحدة.
صحيح أن السلطات تقدم مساعدات ملموسة للمشتركين من ذوي الدخول المتواضعة، لكن هذا لا يلغي أن رسوم التأمينات على المرض أصبحت تمثل عبءا لا يستهان به تنوء به ميزانيات العديد من العائلات، بل إن الطبقة الوسطى – المحرومة من تلقي أي مساعدة حكومية – تعاني من هذا الوضع بشكل خاص.
شركة حكومية
يقدم أصحاب المبادرة التي تحمل عنوان “من أجل شركة تأمين وحيدة واجتماعية” في الأغلب من صفوف اليسار وهم يريدون تأسيس شركة تأمين وحيدة تدير شؤون جميع المشتركين وتعوض شركات التأمين الخاصة التي يزيد عددها حاليا عن 85 شركة.
ويذهب أصحاب المبادرة إلى أن أهم إيجابيات شركة وحيدة تتمثل بالخصوص في تخفيض التكاليف الإدارية وإتاحة قدر أكبر من الشفافية في قطاع يُنظر إليه عادة على أنه غامض، وهما عنصران يمكن أن يساعدا على وضع حد للإرتفاع المتواصل في قيمة اشتراكات التأمين الصحي.
الحكومة الفدرالية والأغلبية اليمينية في البرلمان ترفضان إنشاء شركة وحيدة – تابعة للدولة بالنتيجة – للتأمين الصحي في سويسرا. وتظهر بعض التجارب في الخارج (في مقاطعة كيباك بكندا وفي بريطانيا) أن هذا الحل ليس الأمثل إذ أن جودة العلاج ليست مضمونة في كل الحالات، كما يضطر المرضى في بعض الأحيان إلى التوجه إلى القطاع الخاص للحصول على علاج جيد.
أصحاب المبادرة يرفضون هذه المبررات ويردون بأن نظام شركة التأمين الصحي الوحيدة يعمل بشكل جيد في الخارج مثلما هو الحال في فرنسا التي تتوفر في الوقت نفسه على شركة وحيدة وعلى نظام طبي من أحسن ما هو موجود في العالم. وفي سويسرا نفسها، فإن أداء شركة التأمين على الحوادث المهنية (SUVA) مرضي رغم أنها تابعة للدولة.
من جهة أخرى، يذكر اليمين بأن وجود عدد كبير من الشركات يُؤدي إلى حدوث منافسة في سوق الصحة وهو ما يساعد على الضغط على معلوم الإشتراكات، لكن بالنسبة لليسار يُظهر الإرتفاع المستمر للإشتراكات على مدى السنوات العشر الماضية أن حججا من هذا القبيل “ليست إلا من قبيل السفسطائية”.
اشتراكات حسب المداخيل
بالإضافة إلى إنشاء شركة تأمين صحي وحيدة، تتضمن المبادرة نقطة مهمة أخرى. إذ ورد في نصها أن القانون “يضبط قيمة الإشتراكات تبعا للقدرة الإقتصادية للمُؤمنين”، وهو ما سيعني نهاية نظام الإشتراكات الفردية التي يدفع فيها كل شخص نفس المبلغ.
ويرى مؤيدو المبادرة أن هذا النظام غير عادل بالمرة ويقولون إنه ليس صحيحا أن يدفع رئيس مصرف كبير مثلا نفس قيمة الإشتراك الذي يدفعه الفراش العامل في نفس المصرف.
على العكس من ذلك، لا يرى اليمين أن هذا النظام يفتقر إلى العدالة نظرا لأن الإشتراك لا يمثل حسب رأيه سوى جزء محدود من التمويلات الموجهة للقطاع الصحي. وبالفعل، يُتأتى الجزء الأكبر منها عن طريق الضرائب التي تتناسب قيمتها مع حجم الدخل الفردي.
يجدر التذكير بأن الشعب السويسري سبق أن أدلى برأيه في عام 2003 بخصوص مبادرة طرحها اليسار للمطالبة باحتساب قيمة اشتراكات التأمين بشكل متناسب مع الدخل الفردي لكل مواطن، لكنها رفضت من طرف أغلبية عريضة (72،9%) من الناخبين.
سويس إنفو- ألان بوشار
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)
تختلف معاليم الإشتراكات بالنسبة للتأمين الصحي الأساسي من كانتون لآخر ومن شركة لأخرى.
جنيف هو الكانتون الذي توجد فيه أغلى الإشتراكات في سويسرا حيث تتراوح قيمتها (بالنسبة لشخص كهل) ما بين 322 فرنك و 540 فرنك شهريا حسب الشركات.
أما أرخص الإشتراكات فهي توجد في كانتون أبنزل – رودس الداخلية، حيث تتراوح قيمة الإشتراك الشهري ما بين 148 و 223 فرنك.
من المفروض على كل ساكن في سويسرا أن يقوم بالتأمين لدى إحدى الشركات المعترف بها من طرف السلطات. في المقابل، يفرض القانون على الشركات القبول بالأشخاص الذين يرغبون في التأمين لديها.
هذا التأمين الإجباري يغطي العلاج الأساسي ومن هنا جاءت تسميته بـ “التأمين الأساسي” التي لا تعني علاجا منخفض التكلفة أو من الدرجة الثانية. فالمكتب الفدرالي للصحة العمومية يضبط دليلا للخدمات الصحية التي تسترد تكاليفها من خلال التأمين الأساسي وهو واسع جدا ويتيح الحصول على علاج جيد لكل شخص.
يمكن للأشخاص الراغبين في الحصول على المزيد من الخدمات الصحية إبرام عقد تأمين تكميلي من أجل استرداد مصاريف أنواع العلاج غير المشمولة بالتأمين الأساسي مثل الوخز بالإبر أو الحق في الإقامة في غرفة فردية بالمستشفى.
على عكس التأمين الصحي الأساسي، يظل التأمين التكميلي اختياريا. إضافة إلى ذلك، يمكن لشركات التأمين في هذه الحالة رفض تأمين الأشخاص الذين تقدر أن لديهم “مخاطر كبيرة جدا”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.