طريق التنمية يبدأ بشطب الديون
طالبت العديد من المنظمات غير الحكومية السويسرية والدولية بشطب ديون الدول الأكثر فقرا في العالم.
هذه المناشدة جاءت في إطار الحملة التي انطلقت عشية التئام الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي في 3 أكتوبر بالولايات المتحدة، الذي تشارك فيه سويسرا بوفد يضم وزيري الإقتصاد والمالية.
يترأس وزير المالية هانز رودلف ميرتس الوفد السويسري المشارك في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي الذي سينعقد نهاية هذا الأسبوع في بريتون وودز بولاية نيوهامبشاير الأمريكية، يضم الوفد السويسري وزير الاقتصاد جوزيف دايس، ومحافظ البنك المركزي جان بيير روت.
وقد رافقت الوفد السويسري المتوجه إلى الاجتماع، مجموعة من المطالب التي تنادي بها المنظمات غير الحكومية، فقالت كريستينا ايبرلاين المسؤولة في جمعية “اعلان برن” بأنه لابد لسويسرا أن تستكمل دورها في ممارسة الضغوط لشطب ديون الدول الفقيرة، ودعم المقترحات المقدمة من بريطانيا في هذا الصدد، وذلك في تصريح لها لوكالة الأنباء السويسرية نشرته مساء الخميس 30 سبتمبر.
كما انضمت مؤسسات خيرية سويسرية مختلفة إلى هذا النداء، من بينها جمعية العون السويسرية “سويس آيد”، والخبز للجميع، وهيلفيتاس وكاريتاس، وهيكس، وفاستن اوبفر، وذلك في بيان جماعي، طالبت فيه الحكومة الفدرالية باتباع المقترح البريطاني الرامي إلى شطب نسبة ملموسة من فوائد الديون المستحقة على البلدان الأكثر فقرا في العالم.
فوائد الديون هي المشكلة
وكانت بريطانيا قد حثت الدول الصناعية الكبرى على لسان وزير خزانتها غوردون براون، بضرورة تحمل جزء من فوائد الديون المستحقة على الدول الأكثر فقرا في العالم، على أن تتوزع على الدول الصناعية الكبرى بنسب متفاوتة، حسب إجمالي الناتج القومي المتعلق بها.
ولا تتوقع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية السويسرية أن تحقيق هذا المطلب سيكون صعبا، فالحكومة الفدرالية كانت قد قررت من قبل زيادة المساعدات المالية في المجالات الإنسانية والتنموية، بما يعادل 0.4% من الناتج القومي العام، وذلك حتى عام 2010، وهو ما يمكن أن يصل إلى حوالي 50 مليون فرنك سنويا.
وقد أعرب ممثلو تلك الجمعيات في بيانهم الجماعي إلى الحكومة الفدرالية، بأن مشروعات التنمية في الدول الفقيرة بحاجة إلى خطوات داعمة، لا سيما في مجال شطب الديون أو التقليص منها قدر المستطاع، فلا تزال العديد من الدول النامية تدفع في فوائد الديون، أكثر مما تستثمر في مجالات التعليم أو الصحة على سبيل المثال.
ديون أضخم من ميزانيات التعليم والصحة
وفي أول رد فعل سويسري رسمي على مطالب الجمعيات والمنظمات غير الإنسانية، قال مارتين لانتس الخبير في شؤون صندوق النقد الدولي في وزارة الاقتصاد في حديث مع سويس انفو، بأن الكونفدرالية ترحب بها، ويجب أن تكون في إطار اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ولا يجب أن تكون مقدمة من الخارج، مثل المقترح الأمريكي الذي يدعم أيضا شطب ديون الدول الأكثر فقرا في العالم، ولكنه اقتراح لا يستند إلى إطار عملي فعال.
وكان صندوق النقد الدولي والبنك العالمي قد وضعا في عام 1996 خطة، لإعفاء 40 دولة أغلبها إفريقية، من حوالي 100 مليار فرنك ما بين ديون وفوائد متراكمة، وهي الخطة التي تبنها مجموعة الدول الصناعية السبعة الكبرى في عام 1999 ودعمتها بشكل كامل السنة الحالية، إلا أن الخبراء سيطالبون باستمرارها لمدة عامين آخرين، أملا في أن يتم تحقيق بعض التقدم في هذا المجال أو يتضح تأثير هذا البرنامج على معدلات التنمية في الدول الأكثر فقرا في العالم.
ويعترف الخبير الاقتصادي السويسري مارتين لانتس ، بأن بعض الدول النامية كانت تدفع 30% من ميزانياتها لسداد فوائد الديون، قبل تطبيق تلك الخطة، انخفضت الآن إلى 11% فقط، مذكرا في الوقت نفسه بأن سويسرا كانت من أوائل الدول التي طالبت ومنذ عام 1991 بمساعدة الدول الأكثر فقرا على التخلص من ديونها.
حذار من المزيد من التفاؤل
إلا أن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروفة اختصارا باسم UNCTAD ليست على درجة كبيرة من التفاؤل بأن مثل تلك البرامج يمكن أن تؤتي أؤكلها بشكل صحيح، فآخر تقارير المنظمة حول نفس الموضوع يوضح بأن الدول النامية حصلت في الفترة ما بين عامي 1970 و 2002 على قروض وصلت إلى 540 مليار دولار، وفي نفس الوقت بلغت ديونها خلال نفس الفترة 550 مليارا.
ويتفق معهد “باولين بلاغنا” المتخصص في مشاكل التنمية في جنيف مع هذه الرؤية المتشائمة، حيث يصف المتخصصون في المعهد الوضع قائلين، بأن الدول الفقيرة لن تتمكن من سداد ديونها إلا بأخذ قروض جديدة، لذا يرى البعض أن البرامج السويسرية للتنمية أكثر نفعا من منح القروض، لأنها مساعدات خارج نطاق الدين، والمنتفعون منها غير مطالبين برد ما أخذوه.
ولهذا، يطالب برونو غورتنر من مجموعة عمل الجمعيات غير الحكومية السويسرية ( وهي تحالف من 6 منظمات تعمل في مجال التنمية) بضرورة الحفاظ على الميزانية المخصصة لدعم تلك الجمعيات، لأن أعمالها تصل مباشرة إلى المتضررين على شكل معونة وليست قروضا، في الوقت نفسه يجب أن يتزامن هذا مع مكافحة تهريب الأموال من تلك الدول، للحفاظ على الأموال داخل حدودها، حيث يمكن الاستفادة منها في مشروعات مجدية، تساهم مع ما تقوم به المنظمات غير الحكومة والإنسانية في سد احتياجات الفقراء الذين يرتفع عددهم من يوم إلى آخر.
سويس انفو
تأسس البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في عام 1944 في بريتون وودز الأمريكية.
وبدأتا في ممارسة نشاطهما في العام الموالي، وحصل صندوق النقد الدولي على صفة هيئة تابعة للأمم المتحدة ولكن لها “عهدة خاصة”.
تتهمهما المنظمات غير الحكومية السويسرية بأنهما لا تمثلان مصلحة الشعوب النامية بل مصالح الدول الرأسمالية وتطالبهما بشطب فوائد ديون الدول الفقيرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.