عام الانضمام للأمم المتحدة
كان عام 2002 حافلا بالأحداث الهامة لعل أهمها انضمام سويسرا للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
كما احتل ملف علاقات الكنفدرالية مع الاتحاد الأوروبي حيّـزا هاما من نشاط الدبلوماسية السويسرية.
واجه السويسريون ملفات فرضت عليهم تحديد موقفهم من الالتحاق بالامم المتحدة، ومن تجديد قوانين التعامل مع طالبي اللجوء، إلى جانب المفاوضات الثنائية مع الاتحاد الاوروبي، وتغيير تشكيلة الحكومة الفدرالية.
وشهدت الساحة السياسية في سويسرا هذا العام معارك بين مختلف التيارات، انتصرت فيها الحكومة الفدرالية بشكل غير كامل، حيث لم تتجاوز نسبة المؤيدين لطروحاتها سوى أغلبية هشة. أما الفائدة الكبرى من هذا المعترك السياسي، فقد تمثلت في التطبيق الفعلي للديمرقراطية على اوسع مساحة، واحترام المؤيدين والمعارضين لقواعد اللعبة.
مد وجزر حول ملف الأمم المتحدة
ومن أهم الملفات التي شغلت الرأي العام منذ مطلع هذه السنة بشكل لم يسبق له مثيل، ملف الانضمام إلى الأمم المتحدة، الذي شكل تحديا كبيرا للحكومة، التي بذلت قصارى جهدها لإقناع الناخبين بأهمية الموافقة على الالتحاق بالمنظمة الدولية.
في المقابل، رأى المعارضون وعلى رأسهم حزب الشعب اليميني أن الأمم المتحدة منظمة تخضع قراراتها لرغبة القوى العظمى، لا سيما الولايات المتحدة. وأشاروا إلى أن سويسرا عمليا عضوة في العديد من المنظمات الأممية المختصة.
وتمثل الاعتراض في انضمام سويسرا إلى الذراع السياسي للأمم المتحدة، أي إلى مجلس الأمن. فهذه العضوية بالذات لن تعّرض الكنفدرالية فقط إلى ضغوط القوى الكبرى في المجلس وأولوياتها الإستراتيجية، بل سيكون لها تأثير بشكل أو بآخر على الحياد السويسري.
نجاح للسياسة الخارجية
أما الحكومة، فكانت واضحة بأنه “ليس هناك بديلا لانضمام سويسرا إلى المنظمة الأممية”، وهو ما أعلنه رئيس الكنفدرالية كاسبار فيلليغر ووزير الخارجية جوزيف دايس ووزير الدفاع صامويل شميد، في بداية الحملة المؤيدة للالتحاق بالامم المتحدة في الأسبوع الأول من شهر يناير 2002، وقال الرئيس كاسبار فيلليغير: “لا يوجد مبرر واحد يمنع برن من التحاقها بركب الأمم المتحدة”.
واعتبر الرئيس السويسري أن التصويت بـ”لا” على عضوية سويسرا في الأمم المتحدة لن يكون له أثر سلبي على المنظمة، بل سيكون بالأحرى على سويسرا نفسها. فهي – حسب رأيه – في حاجة لإسماع صوتها إلى بقية أعضاء الأسرة الدولية من خلال هذه العضوية.
وأكدت الحكومة أن توجهات السياسة الخارجية السويسرية تفرض عليها أن تكون عضوا كاملا في الاسرة الدولية، مع التأكيد على الحفاظ على حيادها، حتى أن وزير الخارجية جوزيف دايس أكد ذلك في خطاب رسمي إلى الامين العام للأمم المتحدة.
وشهدت وسائل الاعلام مواجهات حيوية بين الطرفين، عرضا خلالهما وجهات النظر المختلفة، تاركة الكلمة الأخيرة للشعب، الذي وافق في استفتاء تاريخي في الثالث من مارس بأغلبية لم تتجاوز 54.6% على التحول من مقعد المراقب إلى مقعد الأعضاء في قاعات الأمم المتحدة، ليكون يوم 10 سبتمبر 2002 نقطة تحول في تاريخ سويسرا الحديث.
جولة جديدة مع الاتحاد الاوروبي
وفي ملف العلاقات السويسرية الخارجية، دخلت المرحلة الأولى من الاتفاقيات الثنائية بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ يوم 1 يونيو 2002، بعد مفاوضات مضنية بين الطرفين، حرصت سويسرا من خلالها الحفاظ على خصوصياتها مع نوع من التعايش المتفاهم مع دول الجوار.
وتأتي هذه الاتفاقيات كنوع من الحل الوسط قبل به السويسريون عوضا عن الموافقة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وأعتبرها مؤيدو الالتحاق بالحافلة الاوروبية مرحلة تجريبية للعلاقة بين الطرفين، فإن كانت ثمارها ايجابية، فقد تؤدي مستقبلا إلى انضمام سويسرا إلى البيت الأوروبي.
ويشمل الجزء الأول من الاتفاقيات الثنائية سبعة ملفات تتعلق بالنقل البري وحركة الطيران، وحرية تنقل الافراد بين الجانبين والتعاون في البحث العلمي والتبادل التجاري والزراعي والحق في المشاركة في المشرعات بين الجانبين.
إلا أن المفاوضات بين الطرفين بدأت مع الربع الأخير من العام تأخذ منحى جديدا بعد فتح ملف سرية الحسابات المصرفية والتعاون الضريبي، الذي يرغب الاتحاد الاوروبي في فرضه على سويسرا، وهو الملف الذي تدافع عنه سويسرا بقوة وترفض تقديم أي تنازلات بشأنه.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.