“الأطفال في سوريا يدفعون الثمن غالـــيا”
تشدد السيدة ليلى زروقي، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال في الصراعات المسلحة على ضرورة زيارة سوريا للتحقق من المعلومات الخاصة بارتكاب كل من السلطات والمعارضة لانتهاكات في حق الأطفال.
وفيما تحدث التقرير الأول الذي أعدته زروقي عن ارتكاب قوات الجيش النظامي وعناصر المخابرات والشبيحة لمثل هذه الإنتهاكات، تشير أخبار غير مؤكدة توصلت بها إلى “احتمال ارتكاب المعارضة أيضا لانتهاكات مماثلة”.
في حديث خصت به swissinfo.ch أجري عبر الهاتف من نيويورك، تطرقت السيدة ليلى زروقي إلى وضع الأطفال في سوريا قائلة: “مع الأسف الشديد يدفع الأطفال في سوريا الثمن غاليا، فهم يتعرضون للإنتهاكات المباشرة مثل القتل والتشويه، وبوصفهم جزءا من المدنيين أثناء القصف الجوي والقصف بالأسلحة الثقيلة في المناطق المدنية وأثناء المعارك. كما يتعرضون للنزوح من بيوتهم أو التهجير واللجوء إلى خارج البلاد، إضافة الى التأثيرات التي يتعرضون لها من جراء مقتل الأب أو اعتقاله”.
ورغم الإلحاح، أحجمت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، المعنية بالأطفال في الصراعات المسلحة، عن تقديم أرقام نظرا لصعوبة تكوين فكرة عامة وتوفير إحصائيات تكون الأمم المتحدة قد تأكدت من صحتها، لكنها اكتفت بالقول “إنهم مئات لأننا نتحدث عن مقتل أكثر من 30 ألف مدني في بلد تقل أعمار أكبر نسبة من سكانه عن 18 عاما”.
“قائمة العار” تشمل.. الجيش والمخابرات والشبيحة!
في التقرير الذي أعدته الممثلة السابقة السيدة كومراسوامي، وقدمته السيدة ليلى زروقي إلى مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للمنتظم الأممي، والذي يغطي الفترة الممتدة من بداية عام 2011 حتى مايو 2012، اتضح بأن الإنتهاكات المُوثقة التي ارتكبتها قوات النظام، والتي وردت ذكرها في “قائمة العار” شملت: القتل والتشويه والإعتداء على المدارس والمستشفيات.
وفي معرض الشرح، تقول السيدة زروقي: “إن التقرير السابق أوضح بأنه تم توقيف أطفال وتعذيبهم. كما تم استخدام مدارس كأماكن احتجاز. وتم اختطاف أطفال واستخدامهم كدروع” بشرية، مضيفة أن “التقرير حدّد الجهات المرتكبة لتلك الإنتهاكات بذكر القوات السورية، والمخابرات، والشبيحة”.
في انتظار رد السلطات
السيدة ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بوضع الأطفال في الصراعات المسلحة تعتبر بأن هذه المعلومات تحتاج إلى تحقيق ميداني وتقول: “إن هذه المعلومات التي وصلتنا نقلناها الى الحكومة السورية، التي لم تعترف بها، ورفضها السفير السوري في نيويورك. لذلك طلبنا زيارة البلاد والتحقق بأنفسنا”.
زروقي أوضحت أيضا، أنها – وبمجرد تسلمها لهذه المهمة – “قابلت السفير السوري لدى الأمم المتحدة في نيويورك وعبرت عن الرغبة في التوجه في زيارة للبلاد للتحقق بنفسها من كل هذه المعلومات. ولا زالت تنتظر جوابا من الحكومة السورية”، حتى الآن.
الممثلة الخاصة للأمين العام شددت على أنها لا زالت “على استعداد لزيارة سوريا”، وفي حال عدم تمكنها من ذلك فإنها “ستكتفي بزيارة مخيمات اللاجئين والحصول على المعلومات منهم، والتشاور مع مختلف الأطراف في المنطقة مثل الجامعة العربية، ولجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وفي نيويورك مع هيئات مثل بعثة الأمم المتحدة بقيادة الأخضر الإبراهيمي”.
استخدام محتمل في التفجيرات من قبل المعارضة!
لدى سؤالها عن كيفية تصرف أطراف المعارضة في هذا المجال، تجيب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بوضع الأطفال في الصراعات المسلحة بأنه “وصلتنا معلومات، ونحن بصدد التحقيق فيها، مفادها أن المعارضة المسلحة هي أيضا تستخدم الأطفال في صراعها، وعند اختلاطهم (أي الأطفال) بالعسكريين فإنهم يتحولون إلى هدف عسكري”. كما أفادت بأنها توصلت بشريط فيديو يُوضّح مشاركة الأطفال في العمليات العسكرية يجري حاليا التحقق من صحته.
ومن بين الإنتهاكات المنسوبة للمعارضة، تحدثت السيدة زروقي عن “استخدام الأطفال في العمليات العسكرية، واستهدافهم من خلال التفجيرات التي تطال المدنيين”، أما “الأخطر من ذلك فهو استخدام الأطفال في التفجيرات”، على حد قولها.
إضافة إلى ذلك، شدّدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة على أن ذلك يمثل “جريمة حرب”، وبعد أن ذكّـرت مجموعات المعارضة بأن “قادتها يتحملون مسؤولية مباشرة في ذلك” انتهت إلى القول بأن “من يبني سوريا الغد يجب أن يبني على أساس عدم استهداف المدنيين وعدم استهداف الأطفال بالدرجة الأولى”.
مناشدة إلى جميع الأطراف
في الختام، وجهت ممثلة الأمين العام المعنية بالأطفال في الصراعات المسلحة نداء إلى كافة الأطراف حثتها فيه على أن “لا تستهدف المدنيين عموما والأطفال بالخصوص، وأن تتجنب ارتكاب جرائم حرب وتتفادى استهداف العُزّل، ومَن وضَع السلاح من المقاتلين”.
كما شددت السيدة ليلى زروقي على رغبتها في “زيارة المنطقة لاستيقاء معلومات دقيقة وصحيحة، وعدم التورط في أشياء غير مطابقة لما يجري في الميدان”، وانتهت إلى القول “نريد أن نكون صوتا لفض النزاع ولإعادة الأمن لسوريا وللسوريين جميعا”.
هل يُشكل ما يتعرض له الأطفال في سوريا من عنف مباشر وغير مباشر ظاهرة جديدة على العالم العربي أم أنها تفاقمت مع اندلاع ثورات الربيع العربي؟
في معرض الإجابة عن هذا السؤال، تقول السيدة ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال في الصراعات المسلحة: “كانت المنطقة العربية تعرف استهدافا للأطفال في الصراعات المسلحة قبل ظهور ثورات الربيع العربي، مثلما حدث ومازال مستمرا في الصومال وفي السودان، كما استخدمت الجماعات المسلحة الأطفال في اليمن. لكن الأوضاع في ليبيا وسوريا أضافت حالة جديدة خصوصا عندما نتحدث عن تجنيد الجماعات المسلحة للأطفال حيث لم يكن أحد يتوقع حدوث ذلك. وهناك بالطبع الأطفال الفلسطينيون الذين هم أيضا من المستهدفين في صراع مزمن، كما كانوا ولا يزالون مستهدفين في العراق من خلال الحرب ومن خلال التفجيرات. فإذن هي مع الأسف الشديد ظاهرة جديدة وقديمة في نفس الوقت في المنطقة العربية. فثورات الربيع العربي أضافت دولتين إلى هذه القائمة ونتمنى ألا تضيف أكثر”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.