مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“المساعدات الإنسانية في سوريا تُــوزع وفقا لإملاءات سياسية”

أطباء بدون حدود يطالبون المجموعة الدولية بتمرير المساعدات لضحايا الصراع السوري عبر الحدود swissinfo.ch

وجّهت منظمة أطباء بلا حدود نداء من أجل إعادة النظر في تمرير المساعدات الإنسانية الأممية فقط عبر الحكومة السورية، كما طالبت بطرح موضوع تقديم المساعدات عبر الحدود مع الدول المجاورة. وفي حديث خص به swissinfo.ch تساءل لوران سيري، مدير العمليات في المنظمة غير الحكومية عن الأسباب الكامنة وراء "تجنب المنظمات الأممية المطالبة بمرور المساعدات عبر الحدود، وعن إدانة توزيع المساعدة الانسانية في سوريا وفقا لإملاءات سياسية".

منذ بداية الأزمة الانسانية في سوريا، والأصوات تتعالى من فينة لأخرى من أجل التساؤل بخصوص الصمت المطبق من قبل المنظمات الأممية بخصوص حرمان المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في سوريا من المساعدات الواردة لها مباشرة عبر الحدود مع البلدان المجاورة.

من جهة أخرى، تزداد التساؤلات بخصوص تصرف الأمم المتحدة في هذه الأزمة الإنسانية، أحدثها ما تضمنته رسالة وجهتها منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية إلى الدول المجتمعة في جنيف يوم 19 ديسمبر 2013 لبحث الجانب الإنساني في هذه الأزمة.

في الحوار التالي، يوضح لوران سيري من قسم المساعدات الطارئة بمنظمة أطباء بلا حدود أسباب هذا التخاذل في الميدان الإنساني بعد التخاذل المماثل الذي عرفته العملية السياسية منذ مدة.

swissinfo.ch: هل يُوجد أي تفسير لهذا الصمت من قبل المنظمات الانسانية الأممية حول العراقيل الموضوعة في وجه تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة؟

لوران سيري: إن ذلك راجع بالدرجة الأولى لشروط العمل الذي تتبعها منظمة الأمم المتحدة والتي تفرض عليها التعامل مع السلطات السورية وبالتالي تمرير كل مساعدات الأمم المتحدة عبر الحكومة السورية.

فالحكومة السورية هي التي توزع هذه المساعدات وفقا لسياستها. وبالتالي فإن المناطق التي تقع تحت سيطرة مجموعات المعارضة يتم استثناؤها كلية من ذلك.

وقد لاحظنا من خلال تواجدنا هناك، بأن المناطق الشمالية الشرقية لا تصلها أية  مساعدات بالمرة او القليل القليل جدا منها، وفقط عبر المنظمات غير الحكومية العاملة هناك.

وهذا ما دفع منظمة أطباء بدون حدود لتوجيه نداء الى المجموعة الرفيعة المستوى المجتمعة في جنيف يوم 19 ديسمبر 2013، والمكونة من 22 بلدا، للنظر في كيفية إيصال المساعدات الإنسانية لهذه المناطق في سوريا. والمطالبة بالأخص لكي يطرح  على طاولة التفاوض، موضوع تمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود من الدول المجاورة الى سوريا.

swissnfo.ch: هل تجدون مبررات لكون أن هذا الاجتماع ينعقد في الظروف الحالية التي تمر بها الأزمة الانسانية في سوريا ولا يطرح موضوع إدخال المساعدات عبر الحدود على طاولة التفاوض؟

لوران سيري: كان هذا الموضوع قد طرح أثناء بيان رئيس مجلس الأمن في 2 اكتوبر الماضي، لكن الاجتماع الحالي المنعقد في جنيف استبعد من جدول أعماله أية إشارة الى إدخال للمساعدات الانسانية عبر الحدود. وهذا ما يتطلب مساءلة الدول المجتمعة لماذا تم استبعاده.

ما نعرفه هو أن تقديم المساعدات الانسانية عبر الحدود أمر حساس بالنسبة للحكومة السورية ، وبالأخص المساعدات الواردة من تركيا وهو ما يشكل بالنسبة للحكومة السورية خطا أحمر لا يمكن تخطيه، حسب ما وصلنا من موظفي الأمم المتحدة الذين في اتصال مع السلطات السورية.

المزيد

المزيد

الأزمة الإنسانية في سوريا تصل أوروبا

تم نشر هذا المحتوى على أول ما تدخل من بوابة معسكر هارمنلي، وهو عبارة عن ثكنة عسكرية مهجورة تقع على بعد بضعة عشرات الكيلومترات من الحدود مع تركيا وتحولت إلى مخيم كبير للاجئين، يجابهك أمران: دخان الحطب المحترق الذي يخرق فتحتي أنفك وتعلق رائحته بملابسك، وأشخاص من جميع الأعمار والمشارب كلهم يطلب منك شيئا. يوجد رجال من القرن الأفريقي يطلبون طعاما…

طالع المزيدالأزمة الإنسانية في سوريا تصل أوروبا

swissinfo.ch: احترام الخط الأحمر للسلطات السورية، في الوقت الذي لا تحترم فيه السلطات السورية حق المتضررين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في الحصول على المساعدات اليس بالعمل الذي يجب إدانته؟

لوران سيري: هذا ما نقوم به ونعمل على إدانته رغم تواجدنا غير المرخص في سوريا. بالطبع يجب التذكير بواقع السكان السوريين في هذه المناطق من نازحين ومحاصرين وبالأخص في منطقة حلب والذين إذا لم يُسمح بإيصال المساعدات لهم عبر الحدود فسيكون مصيرهم مثل مصير حوالي 250 الف من المحاصرين في ضواحي دمشق وحمص.

swissinfo.ch: إذا كنتم أنتم كمنظمة غير حكومية تدينون هذا التصرف، فهل تجدون أنه من الطبيعي سكوت منظمات الأمم المتحدة على ذلك؟

لوران سيري: لا نجد على الإطلاق بأن ذلك طبيعيا. لذلك نحاول قرع جرس الانذار ودفع الأمم المتحدة الى بذل المزيد. ولكن منظمة الأمم المتحدة تخضع لمتطلبات سياسية، إذ نجد أنها استطاعت  في الأزمة الليبية تجاوز مشكلة احترام سيادة الدول  بالاعتماد على قرار من مجلس الأمن ملزم بالنسبة للسلطات الليبية  ولباقي الدول المشاركة في الصراع الليبي، وهو ما لا يتوفر اليوم في الأزمة السورية.

وما نطالب الأمم المتحدة  بالقيام به، وما هو في متناولها، هو قيام المنظمات الأممية الكبرى بوضع المساعدات الانسانية الغذائية وغير الغذائية على حدود الدول المجاورة وبالأخص تركيا، وتمريرها لتحسين ظروف معيشة سكان المناطق الشمالية من سوريا.

swissinfo.ch: من وجهة نظر القانون الانساني الدولي، هل بالإمكان تجاهل التعامل مع آليات العمل الانساني التابعة للمعارضة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في سوريا، وهو أمر تصر منظمة الأمم المتحدة على احترامه في حين أنها لم تحترمه في صراعات أخرى؟

لوران سيري: هذا بالفعل ما نردده كل مرة. وقد لا حظنا بأن تقديم المساعدة للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة لم يعد مطروحا على جدول أعمال مجموعة ال 22 المهتمة بالأزمة الانسانية في سوريا.

وحتى ولو أنني لست خبيرا في القانون الانساني الدولي، فإنني كعضو في منظمة تعمل في حالات الطوارئ أجد انه من الطبيعي أن يكون لنا تواجد هناك لتقديم المساعدة للمتضررين وهذا حتى بدون ترخيص. فالناس المحاصرون في حمص ودمشق وحلب يجب أن يحصلوا على مساعدات هم الذين يتعرضون للعنف والحرمان منذ أكثر من عامين في بلد تم تحطيمه بالكامل وتم تحطيم منشئاته الطبية  ولم يعد قادرا على تقديم المساعدات الأولية لسكانه.

swissinfo.ch: في هذه الظروف والتعقيدات وعدم الترخيص لكم، كيف تستطيعون كمنظمة أطباء بدون حدود مواصلة نشاطاتكم في سوريا؟

لوران سيري: إننا نقوم بما اعتدنا على القيام به في مناطق الصراعات المسلحة، أي التفاوض مع كافة الأطراف والسلط والجماعات المسلحة المتواجدة في تلك المناطق حول ما نأتي للقيام به. وهذا ما نقوم به يوميا وليس بالأمر السهل. ولكن من الممكن القيام بهذه النشاطات في المناطق الشمالية من سوريا أي المناطق الواقعة تحت سيطرة مجموعات المعارضة.

swissinfo.ch: يفهم من كلامكم أن العراقيل والتعقيدات آتية من كافة الأطراف، ما طبيعة العراقيل التي تواجهكم في الوصول الى الضحايا في تلك المناطق الشمالية؟

لوران سيري: المشكلة الكبرى اليوم، و في غياب امكانية المرور عبر الحدود، تكمن في عدم القدرة على تمرير المعدات الطبية، وهو ما نحتاجه للقيام بعملياتنا الطبية. فالمناطق التي نعمل بها، فيها الكثير من المرحلين بعضهم يعيش في ظروف كارثية للغاية.

swissinfo.ch: من الناحية المالية، هل تعانون مثلما تعاني منه المنظمات الأممية التي وجهت مؤخرا نداء جديدا لتمويل عملياتها في سوريا بعدة مليارات؟

لوران سيري: من الناحية المالية لا مشاكل تعترضنا نظرا لكوننا نعتمد على تمويلات من الخواص. وقد استطعنا لحد الآن القيام بعمليات انسانية حسب ما تسمح به الظروف الأمنية والجغرافية، لكن ناسف لكوننا لم نتمكن من القيام بأكثر مما قمنا به.

ولسنا وحدنا إذ هناك بعض المنظمات غير الحكومية العاملة في شمال سوريا. ويجب التذكير بأن المساعدات الانسانية الأولى تم تقديمها من قبل منظمات غير حكومية سورية وأطباء سوريين وجمعيات مغتربة.

swissinfo.ch: في الوقت الذي تتم فيه الاستعدادات لعقد مؤتمر جنيف لمحاولة إيجاد تسوية سياسية للصراع السوري، هناك شبه تهميش للحديث عن الأزمة الانسانية او على الأقل الحديث عنها علانية، الا ترون أن مشكلة وصول المساعدات الإنسانية لكل المناطق السورية، وفتح ممرات إنسانية يجب حلها قبل الدخول في المفاوضات السياسية؟

لوران سيري: السياسة شيء، والعمل الانساني شيء آخر. لكن ما نعرفه اليوم ومن وجهة نظر إنسانية هو أن هناك حالة طارئة لتقديم المساعدة لما بين 5 و 7 مليون شخص نازح يعيشون في المناطق الشمالية من سوريا تحت البرد، وفي المناطق المحاصرة في دمشق وحمص. وأن المساعدات التي تصل الى سوريا، يجب أن يتم توزيعها حسب الحاجة وليس حسب املاءات  سياسية.

swissinfo.ch: على ذكر الإملاءات السياسية، هناك منظمات إنسانية سورية وصفت المساعدات المقدمة عبر الأمم المتحدة للحكومة السورية على أنها مساعدات لتقوية جيش وميليشيات النظام ومن له ولاء لهذا النظام؟

لوران سيري: يمكن النظر الى الأمور من هذه الناحية. فالواقع الذي نعيشه اليوم هو أننا كمنظمة إنسانية نواصل مطالبة الحكومة السورية بتقديم المساعدة الانسانية حسب الحاجة وليس حسب الاملاءات السياسية. لكن واقع المساعدات الانسانية الدولية التي تدخل اليوم الى سوريا، تُوزع بالطبع وفقا لأجندة سياسية.

swissinfo.ch: وكيف ترون مستقبل الأزمة الانسانية في سوريا. هناك من يتحدث عن إمكانية التحاقها بالأزمة الصومالية ، ازمة مزمنة يتجاهلها الجميع وتفتقر للدعم والتمويل وتهجرها المنظمات الانسانية؟

لوران سيري:كنا قبل ستة أشهر قد نشرنا بيانا نقول فيه بأن السوريين يشعرون بأن العالم يتناساهم وأن أزمتهم أصبحت في تعداد الأزمات المنسية رغم كثافة  العنف الذي  يتعرض له المدنيون. وهذا ما يدفعنا لحث الأمم المتحدة على تغيير نظرتها وتعزيز الدعم المقدم للشعب السوري  بالنظر الى تقديم المساعدات عبر الحدود كأحسن وسيلة لوصول الى كل المتضررين المحتاجين للمساعدة في سوريا  من كل الأطراف وأيا كانت انتماءاتهم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية