“سلسلة السعادة” تمول مشاريع إنسانية في بلدان ثورات الربيع العربي
أسهمت سلسلة السعادة الخيرية السويسرية في جمع التبرعات لتمويل عدة مشاريع إنسانية أثناء ثورات الربيع العربي، وانفقت لهذا الغرض حوالي 2،1 مليون فرنك، تمحورت بالدرجة الأولى في مجال المساعدات الطارئة، وفي ليبيا تحديدا.
تعتبر سلسلة السعادة السويسرية، التي أسهمت هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسري في إنشائها، من المؤسسات الخيرية غير النفعية، التي تسهم في جمع التبرعات المالية لفائدة ضحايا الكوارث الطبيعية، أو الحروب والمجاعات والأوبئة، سواء ما يحدث منها في سويسرا أو في باقي بلدان العالم.
وقد دأبت منذ إنشائها في عام 1946 على تنظيم حملات تبرع تشرك فيها جميع وسائل الإعلام السويسرية من أجل تعبئة الشعب السويسري لنجدة متضررين من الكوارث المختلفة التي تضرب من حين لآخر هذا البلد او ذاك في شتى أنحاء العالم.
وهي بذلك، لم تتأخر في تعبئة الشعب السويسري من أجل مساعدة المتضررين خلال الثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية، في إطار ما يسمى بثورات الربيع العربي.
أحدات ليبيا كانت المحرك
يقول المسؤول عن البرامج بهذه المؤسسة آلان غايغر “في ثورات الربيع العربي، كان الدافع الذي حفّزنا للتدخل بالدرجة الأولى، هو ما حدث في ليبيا، وبالأخص موجات المرحلين داخل ليبيا والأعداد الكبيرة للعمال المهاجرين، الذين كانوا يحاولون مغادرة البلاد، ويبحثون عن ملجإ في البلدان المجاورة”.
ولتلبية هذا الطلب، قامت سلسلة السعادة بتوجيه نداء للشعب السويسري من أجل تقديم الدعم والمساعدة لتلبية الاحتياجات الانسانية الطارئة. وتمثلت هذه المساعدات حسب السيد غايغر “في المواد الغذائية والخيام والبطانيات والمساعدات الطبية”.
لكن أوضاع العمال المهاجرين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في بعض مناطق الصراع في ليبيا استحوذت على اكبر الإهتمام في المساعدات المقدمة، بحيث يقول السيد آلان غايغر “أسهمت سلسلة السعادة في المساعدة على إعادة هؤلاء العمال الى بلدانهم في إطار المساعدات الطارئة”.
نداء محدود جمع 2،1 مليون فرنك
دائما بالنسبة للأوضاع التي كانت في ليبيا والبلدان المجاورة لها، يقول السيد آلان غايغر، مسؤول البرامج بسلسلة السعادة “رأت منظمتنا بأن هناك عددا محدودا من المنظمات الانسانية السويسرية التي لها علاقة بسلسلة السعادة والتي بإمكانها أن تتدخل هناك، لذلك قرر المسؤولون التدخل، ولكن بنداء محدود لجمع التبرعات حتى لا نجمع اموالا لا نعرف كيف نصرفها بعد ذلك”.
وهكذا فتحت سلسلة السعادة حسابا بنكيا لجمع التبرعات لصالح المتضررين، أطلقت عليه في البداية اسم “حساب شمال افريقيا”، لكن سرعان ما غيرت اسمه لكي يشمل كامل المنطقة العربية، خاصة بعد توسع رقعة الانتفاضات الشعبية. واستطاعت بذلك جمع 2،1 مليون فرنك سويسري، انفقت منها لحد اليوم حوالي 2 مليون فرنك، “في عمليات الإغاثة الطارئة للفترة ما بين مارس وسبتمبر في مرحلة أولى، ومواصلة دعم عودة المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء الى بلدانهم في مرحلة ثانية، ومساعدتهم على نوع من الاندماج الاقتصادي”.، على حد قول مسؤول المشروعات بهذه الهيئة.
يرجع السيد آلان غايغر السبب في الاقتصار على نداء محدود، إلى تجربتهم الطويلة في هذا المجال، ولسببين: “أولا، لكون عدد المنظمات الخيرية السويسرية العاملة في المنطقة محدود. وثانيا، لكون النداءات من أجل الصراعات المسلحة لا تجلب التعاطف الكبير، مثلما هو الحال في الكوارث الطبيعية، لأن هناك تشكيكا في صحة الدوافع التي قادت الى الصراع “.
لكن مع ذلك، تمكن النداء من جمع 2،1 مليون فرنك، وهذا يعود في نظر السيد غايغر “لكون الجمهور السويسري كان واعيا بشكل من الأشكال بمعاناة الشعب الليبي ومعاناة العمال المهاجرين هناك، من خلال متابعة قضية الرهينتين السويسريين. (اللذين احتجزا في ليبيا بعد وقف نجل القذافي هانيبال في جنيف في صيف 2008) .
صعوبة العثور على منظمات سويسرية عاملة في المنطقة
طريقة عمل سلسلة السعادة، هي أنها تلجأ بالدرجة الأولى الى تمويل مشاريع المنظمات الإنسانية والخيرية السويسرية، التي لها مشاريع في المنطقة التي يُراد مساعدتها. ومن المشاكل التي تظهر في بعض الحالات، هي كون هذه المنظمات غير متواجدة في المكان او أن الوصول الى المناطق المتضررة صعب ومتعذر او أن حكومة البلد المعني لا ترغب في مساعدات خارجية، وهذه كلها عوامل يتم أخذها بعين الاعتبار من قبل المسؤولين في سلسلة السعادة، قبل الشروع في تنظيم حملة جمع التبرعات لصالح الضحايا.
أما بالنسبة للوضع في اليمن، يقول السيد آلان غايغر “ليست لنا نشاطات هناك، نظرا لعدم وجود شركاء نتعامل معهم. أما في سوريا، نعرف أن هناك احتياجات بالنسبة للاجئين، ولكن آخر المعلومات التي وصلتنا عن اللاجئين في الأردن، هو أن المساعدات المقدمة من قبل الأمم المتحدة كافية. أما بالنسبة لللاجئين في لبنان، فهناك مشكلة، لكون لبنان لا تعترف بكونهم لاجئين، ولكن في حال توصلنا بطلبات من شركاء يعربون عن استعدادهم للتدخل، فإننا على استعداد لمراجعة الموقف”.
ويرجع المسؤولون حرصهم على الإعتماد في سلسلة السعادة بالدرجة الأولى على المنظمات الخيرية السويسرية، “لكون هذه المنظمات تم اختبار طريقة عملها ومعرفة نقاط القوة والضعف لديها”.
ولكن هذا لا يمنع من إشراك المنظمات الخيرية المحلية في البلد المعني، إما عبر شراكة بينها وبين الجمعيات الخيرية السويسرية. في حالة تونس، كان عبر جمعية الهلال الأحمر التونسي، وفي حالة مصر عبر منظمة كاريتاس، الفرع المصري. ولكن في حالة ليبيا، يقول مسؤول البرامج بسلسلة السعادة “كان الوضع أكثر صعوبة، نظرا لعدم وجود نظام معزز للجمعيات الأهلية”.
لكن المسؤول أشار الى أن منظمة “هانديكاب أنترناسيونال” اعتمدت في توعيتها لمخاطر الأسلحة والذخيرة والألغام على مساهمة الجمعية الليبية للكشافة، وهي مؤسسات منتشرة في مختلف أنحاء البلاد ولها التزام مدني ويمكن تعبئتها بسهولة، بعد تكوين بسيط لكي تقوم بمهمة الوسيط الذي يعرف جيدا المعلومات الضرورية واحتياجات السكان”.
المهاجرون والصحة والذخيرة
عدد المسؤول عن البرامج بسلسلة السعادة الخيرية السويسرية جملة من المشاريع التي أسهمت مؤسسته في تمويلها في البلدان العربية التي عرفت انتفاضات شعبية منها: مشروع الفرع السويسري لمنظمة أطباء بدون حدود في جنوب ليبيا وعلى الجانب التونسي من الحدود، من أجل إسعاف اللاجئين. وتمثلت العملية في تقديم الدعم لمستوصفات طبية نفذ لها الاحتياطي من الأدوية وتعاني من نقص في الطواقم الطبية.
كما ساهمت سلسلة السعادة في تمويل برامج لإخلاء بعض الجرحى عبر نقل بحري من مصراتة نحو المستشفيات التونسية. وبما أن أفواج اللاجئين والعمال المهاجرين توافدت على كل من تونس ومصر، دعمت سلسلة السعادة نشاطات جمعية الصليب الأحمر السويسرية، التي كانت تعمل الى جانب جمعية الهلال الأحمر التونسي على جانب الحدود التونسية. وبالنسبة للحدود المصرية، أسهمت سلسلة السعادة في تمويل نشاطات جمعية كاريتاس الخيرية السويسرية، التي لها تواجد في مصر.
ودائما بخصوص اللاجئين والمهاجرين، ولكن الذين تم نقلهم بحرا الى مالطا، أسهمت سلسلة السعادة في تمويل الخدمات المقدمة لهم من قبل جمعية الصليب الأحمر المالطية وجمعية الكشافة الياسوعيين في مالطا. وبخصوص هذه الفئة، يقول آلان غايغر “الغالبية كانت من العمال الأفارقة في ليبيا، الذين عانوا من الاشتباه في كونهم من المرتزقة والذين تمكنوا من الحصول على وسيلة نقل بحرية بعد أن تعذر نقلهم برا الى بلدانهم”.
وبالنظر الى انتشار الأسلحة والذخيرة في ليبيا اثناء الانتفاضة الليبية ضد نظام العقيد القذافي، ساهمت سلسلة السعادة في تمويل برامج لمنظمة “هانديكاب انترناسيونال” الفرع السويسري، تتعلق بتوعية الجمهور لأخطار الذخيرة التي لم تنفجر والألغام وانتشار الأسلحة. وليس بمقدور سلسلة السعادة تقديم ارقام عن عدد الأشخاص الذين استفادوا من هذه المساعدات السويسرية، نظرا لكون المشاريع في طور الانتهاء وأن التقارير النهائية سيتم إعدادها لاحقا.
وقد اقتصرت سلسلة السعادة على المساعدات الطارئة في وضع ليبيا والمنطقة لحد اليوم، وليست لها مشاريع في مرحلة إعادة البناء، مثلما كان الحال في زلزال هايتي او في فيضانات باكستان.
227 مليون فرنك سويسري، هو الرقم القياسي في عمليات جمع التبرعات في سويسرا منذ إنشاء سلسلة السعادة في عام 1946، و كان ذلك أثناء كارثة المد البحري “تسونامي” في بلدان جنوب شرق آسيا في ديسمبر 2004.
يرى مسؤول البرامج في سلسلة السعادة أن كارثة تسونامي اجتمعت فيها عدة معطيات ساهمت في تحقيق هذا الرقم القياسي: مأساة غطتها وسائل الإعلام بشكل جدي، والتي مست تايلند، التي يتوافد عليها العدد الكبير من السياح السويسريين، وأن من بين الضحايا كان هناك سويسريون، وأخيرا أن الكارثة تزامنت مع أعياد الميلاد، وهي الفترة المناسبة في تقافتنا وتقاليدنا للتعبير عن التضامن وتقديم التبرعات.
74 مليون فرنك، هو الرقم الثاني في سجل جمع التبرعات من خلال سلسلة السعادة ويتعلق بجمع تبرعات لصالح ضحايا الفيضانات في سويسرا في عام 2000.
66 مليون فرنك سويسري، هو الرقم الثالث في تاريخ سلسلة السعادة، ويتعلق بتبرعات السويسريين لصالح ضحايا زلزال هايتي في عام 2008.
وتعتبر سلسلة السعادة، ان كبريات الحملات لجمع التبرعات في سويسرا، هي تلك التي تفوق 30 مليون فرنك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.