مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نظام استبدادي يرتكِز على توازنات مُعقّدة”

الرئيس السوري بشار الأسد يتوسط الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد (على يمين الصورة) وحسن نصر الله، زعيم حزب الله خلال لقاء ثلاثي في دمشق سنة 2010. Keystone

في كتاب جديد بعنوان "سوريا بشار الأسد: تحليل لنظام استبدادي"، يحاول سهيل بلحاج، المحلل الفرنسي التونسي الأصل، شرح الأسباب الكامنة وراء استمرار نظام بشار الأسد طيلة هذه الفترة ويُسلط الأضواء على الدعائم التي يرتكز عليها.

على عكس الرأي الشائع، يذهب بلحاج في تحليله، إلى أن مردّ استمرارية النظام حتى الآن لا يقتصر على الإنتماء الطائفي العلوي، بل لاشتراك مكوّنات أخرى من السكان، بمن فيها السُـنّية، في تقاسُـم مزايا نظام برع في الحفاظ على التحالفات لفترة طويلة، هذا طبعا بالإضافة إلى الدعم الروسي والإيراني ومن جانب حزب الله اللبناني.

كتاب سهيل بلحاج، يأتي في الوقت المناسب، لشرح الأسباب العميقة لاستمرار النظام السوري الذي راهن كثيرون على انهياره بعد أشهر معدودة من بداية الثورة السورية، التي انطلقت بطريقة سلمية قبل أن تتحوّل إلى حرب أهلية تتخذ المزيد من الأبعاد الطائفية يوما بعد يوم.

في الحوار التالي، الذي خص به swissinfo.ch في جنيف، يستعرض سهيل بلحاج أهَـم ما جاء في كتابه ويشرح الدوافع التي حثّـته على معالجة الموضوع من وجهة نظر تختلف نسبيا عما هو سائد في الساحة الإعلامية.

swissinfo.ch: تحاول في كتابك إعطاء توضيحات عن طبيعة النظام وتحالفاته. ما هي الدعائم التي يقوم عليها سواء في عهد الأب حافظ أو الابن بشار؟

سهيل بلحاج: يرتكز النظام السوري أساسا، كما قال الصحفي والكاتب الفرنسي ميشال سورا في بداية ثمانينات القرن الماضي، على الجيش وأجهزة المخابرات وحزب البعث. وبالإعتماد على هذه المؤسسات الثلاث، التي لها تواجد قوي في قلب الدولة، تمكّـنت الرئاسة من بسْـط سلطتها والإحتفاظ بها في عهد الوالد حافظ الأسد والإبن بشار.

من خلال هذه المؤسسات الثلاث، تمكّنت الرئاسة ليس فقط من ممارسة السياسة، بل أيضا من إيجاد الحلول الوسطى حول طبيعة السياسة التي يجب انتهاجها في سوريا، سواء فيما يتعلق بمصالح الفلاحين أو العمال، أي الطبقات الاجتماعية التي يعتمد عليها النظام في دعمه الرئيسي، إضافة  للدعم التقليدي لطبقة التجار وكبار تجّار أسواق دمشق وحلب، إذ تتولى أجهزة المخابرات مهمة مراقبة الشعب، بينما يحرص الجيش على مراعاة المصالح الإستراتيجية الكبرى للبلد في المنطقة، ويحرص الحزب على إيصال مطالب الشعب للقيادة والعمل على إيجاد  توافق سياسي بين مختلف فئات المجتمع، التي تتباين ما بين مصالح تجّار حلب ومُـزارعي درعا أو سكان الساحل او سكان المناطق القاحلة في دير الزور.

وإذا كان بشار لم يُدخل الكثير من الإصلاحات على النظام الذي أسّسه والده، فإنه واصل على كلٍّ، لعب الدور المحوري للرئاسة في هذا النظام، الذي يشرف مباشرة على أجهزة المخابرات والجيش، رغم وجود وزارة دفاع ووزارة داخلية. كما أن هذا الرئيس هو نفسه رئيس حزب البعث.

swissinfo.ch

عند وصوله للحكم وعد بشار بإدخال “إصلاحات”، وفي الواقع قامت الإنتفاضة ضد نظامه مطالبة بالإصلاح، أين أخفق إذن؟

سهيل بلحاج: في الواقع، ورث بشار الأسد نظاما عن والده حافظ. كما أن القادة الذين عايشوا والده هم الذين حصلوا على توافق في داخل الأجهزة الثلاثة: المخابرات والجيش والحزب، من أجل تمهيد الطريق لاستمرار النظام  كما هو. وكان من بين أولويات بشار، أن يتخلص من إشراف القيادة القديمة وأن يحقق استقلالية في اتخاذ القرارات وأن يطور مؤسسات الدولة ويُدخل عليها لمسات الحداثة وأن يأخذ بعين الإعتبار التحولات الحاصلة في المجتمع منذ ثمانينات القرن الماضي.

وما استطاع تحقيقه بالدرجة الأولى، هو الحصول على الإستقلالية في اتخاذ القرارات والتخلص من القيادات القديمة، وهذا تحت شعار “العصرنة”، مما سمح لأجهزة الدولة بالتخلص من رقابة الحزب التي كانت على نمط أنظمة أوروبا الشرقية. وقد عمل على إدخال عناصر شابة في أجهزة المخابرات والجيش، بحيث تصبح القيادات القديمة الموروثة عن عهد أبيه في موقع أقلية.

كما عمل على إدخال تحديث على النظام الاقتصادي وتحريره، بالحصول من حزب البعث على تزكية تحت شعار الإقتصاد الاجتماعي للسوق. وعمل على تجديد المسؤولين على رأس المقاطعات، وكل قيادات حزب البعث، بوضع رجال مُوالين له في كل هذه المناصب، منذ عام 2005.

لكن فيما يتعلق بالإصلاحات التي تراعي تطلّعات المجتمع، لم يتم ذلك إلا بشكل جزئي وببطء شديد، بل يمكن القول أنه فيما يتعلق بالوعود الكثيرة التي أطلقها النظام مثل إشراك فئات المجتمع في الأمور السياسية، فإنه لم يتم الإلتزام بها على الإطلاق. وحتى الإصلاحات الإقتصادية، فإنها لم تتم بالسرعة المطلوبة وبقيت تحت رقابة الدولة، وبالأخص تحت رقابة وإشراف المقربين من عائلة الأسد، للحفاظ على مصالح الجيش والحزب والمخابرات والعائلة.

وقد كان بإمكان بشار الأسد أن يعود الى تقليد عَـرفته سوريا من قبل، وهو تعزيز دور البرلمان الذي كان في وقت من الأوقات قادرا على اختيار الجهاز التنفيذي ومراقبته. كما استمر نظام بشار في تهميش المعارضة.

حصل سهيل بلحاج، وهو فرنسي من أصل تونسي، على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس.

ظهرت له فكرة تأليف الكتاب، لدى شروعه في إجراء دراسة مقارنة بين النظام السوري ونظام بن علي في تونس، ثم انتهى إلى إفراد الكتاب بالوضع السوري بكل ما يشتمل عليه من فسيفساء عرقية ودينية.

لهذا الغرض قام بلحاج بدراسة ميدانية، تردد فيها على سوريا ما بين عامي 2003 و2011. وقد خصصها ليس فقط لمن يعارضون النظام ويحتجّون ضده من الخارج، بل أيضا لمن يشكِّـلون النظام ويسهرون على استمراريته في الداخل.

يقول سهيل بلحاج: “إن ما شجّعني على المُضي في هذا المشروع، هو عدم اقتناعي بما كان متوفرا من تحاليل عن هذا النظام، خصوصا فيما يتعلق بالأجوبة على أسئلة رئيسية مثل: كيفية عمله ومَـن يتّـخذ فيه القرارات وبأية طريقة وما سِـر استمراريته طوال هذه العقود. ولم أكن مقتنعا بفكرة أن أقلية تتولى الحُـكم وتستطيع الإستمرار في توليه كل هذه الفترة. وقد حاول الكتاب الإجابة على ذلك في العديد من الفقرات”.

الدراسة ليست نظرية، بل هي ميدانية بالدرجة الأولى، حاول من خلالها الكاتب شرح الأسباب الكامنة وراء استمرارية نظام استبدادي.

يقول بلحاج إنه استطاع الوصول إلى قيادات الحزب والحكومة والعديد من المؤسسات، لأن الإنطلاقة كانت تتمثل في شرح طريقة عمل هذا النظام، بكل ثقله البيروقراطي وبمحاولة الإجابة على بعض التساؤلات، من قبيل: هل يُراقب حزب البعث كل شيء في البلاد؟ وما هو الحيِّـز المتوفر أمام المعارضة؟ وكيف ان نظاما يعرف كل هذه البيروقراطية القاتلة، يستمر في الوجود طوال هذه الفترة؟ وأي دور لبرلمان وحكومة في بلد تُتخذ فيه القرارات كلية من قبل الرئيس وجهاز المخابرات؟

يضيف سهيل بلحاج: “لقد اخترت عن قصد، ورغم إيماني بأنه نظام استبدادي، الشروع في التحقيق، وكأنني أحلل نظاما ديمقراطيا، لمعرفة كيفية عمله وتركيبة آلياته. وتوصلت إلى قناعة أن التغيير من الداخل غير مُمكن ولن يسمح للمعارضة بالتطور للوصول إلى مقاليد السلطة، ولن يسمح بتنظيم انتخابات حرّة ومستقلة بمعنى الكلمة، ولكنه نظام استبدادي يرتكِز على توازنات معقّدة، تسمح لبعض المؤسسات باتخاذ القرارات الثنائية التي تمس عامة الشعب”.

كتاب “سوريا بشار الأسد: تحليل نظام استبدادي”، صدر عن دار Belin الفرنسية للنشر في شهر أبريل 2013، ومن المتوقع صدور ترجمة عربية له في موفى العام

النقطتان اللتان أشرت إليهما: “تهميش الإنفتاح السياسي وإدخال إصلاحات اقتصادية” استفادت منها الفئات المقربة من عائلة الأسد، وكانتا من بين مطالب الانتفاضة السورية عند قيامها بشكل سلمي في البداية. ألم يكن بشار الأسد قادرا على فهم الرسالة والإستجابة لها لتفادي كل ما حصل من دمار وقتل؟

سهيل بلحاج: لقد كان بإمكان النظام أن يدرك ذلك جليا، حتى قبل بداية الإنتفاضة في مارس 2011 في درعا بالجنوب، لأن ربيع دمشق في عام 2001 شهد تقديم مجموعة من المطالب من قبل عدد من المثقفين للرئيس الشاب الجديد والطبيب الحاصل على تكوين في الخارج.

كما كان بإمكان بشار الأسد إدراك ذلك جليا في عام 2005، عندما رفع له حزب البعث في مؤتمره عددا من المطالب التي عبرت عنها القاعدة الحزبية والمطالبة بمزيد من الإنفتاح وإشراك فئات أكثر في الحياة السياسية.

وقد كان بإمكان بشار الأسد أن يدرك ذلك جليا في عامي 2007 و2008 التي عرفت فيهما مناطق كثيرة من إفريقيا أزمة غذاء حادة، بينما استطاعت سوريا أن تخرج منها بأقل ضرر، مقارنة مع باقي الدول العربية.

وقد تزامن ذلك مع تطبيع وانفتاح من قبل العواصم الغربية، وبالأخص باريس على دمشق، وبهذا لم يعد أمام بشار الأسد أي مبرر لمواصلة الإنغلاق، لا معارضة الحزب ولا المبرر الإقتصادي أو الضغوط الدولية. وقد كان بإمكانه الشروع في تنظيم انتخابات حرة والسماح للأحزاب بالإستقلال عن حزب البعث، وهو ما لم يحدث، بل تم الإستمرار في إدارة البلد بنفس الطريقة القديمة.

لكن العنصر الجديد في المعادلة، هو أن هناك حوالي 200 الف شاب ومن خرِّيجي الجامعات يُضافون الى سوق العمل سنويا، بدون توفير فُـرص عمل لهم. وهذه الفئة كانت متعطِّـشة للمشاركة في الحياة السياسية للبلد، بدل أن يبقى ذلك حِكرا على القيادات المُعيّنة في الحزب وأجهزة الدولة.

كيف يمكن تفسير اختيار بشار الأسد منذ البداية الرد أمنيا على المطالب الديمقراطية للإنتفاضة الشعبية والسلمية؟

سهيل بلحاج: لقد كان هناك رد أمني وقمعي بالدرجة الأولى، ولكن كان هناك أيضا تفاوض موازٍ، قامت فيه قيادات الحزب بمقابلة أعيان درعا لمحاولة إيجاد حل سلمي. ولكن النظام قدم نفس الحلول المعهودة: أي الإنتظار لإدخال الإصلاحات، إما في  الشهر المقبل أو السنة المقبلة وما إلى ذلك. لكن الشعب سئم من كثرة الوعود التي لم تتحقق. ولم يُفلح الرد الأمني هذه المرة في إسكات الأصوات المطالبة بالإصلاح والتي رأت في انتفاضات تونس ومصر وليبيا واليمن مشجعا لها. لقد كان ذلك بمثابة خطإ فادح.

هل هذا الهروب الى الأمام ونحو الحل الأمني، بدل الإستماع لمطالب غالبية الشعب، مردّه الى الشعور بالإنتماء الى الأقلية بالدرجة الأولى. يبدو لي أنك تقلل من أهمية هذا العنصر على عكس ما هو متداول؟

سهيل بلحاج: لا أستبعد عنصر الإنتماء الطائفي والإنتماء الى الأقلية. المجتمع السوري فيه العديد من الطوائف، كما أنه يعرف صراعا اجتماعيا، لم يتمكن حزب البعث من تسويته منذ خمسينات القرن الماضي. لكن ما أقوله هو أن لبَّ النظام لا يقوم على أساس الطائفية. أكيد أن النظام السوري يرتكز على الطائفة العلوية، ولكنها لا تشكل الغالبية في أجهزة الدولة على النقيض مما يزعمه الكثير من المحللين، بل إنه يرتكز في نخبه السياسية والعسكرية على عناصر من الطائفتين، العلوية والسُّـنية. وقد تمكن هذا النظام من خدمة هاتين الطائفتين، السنُية والعلوية، عبر مؤسسات الدولة، التي هي حزب البعث والمخابرات والجيش.

وأرى أن حِـرص هذه المؤسسات: حزب البعث والمخابرات والجيش على الإستمرارية، هو الذي عزز هذا التضامن بين مكوناتها، وليس الإنتماء للطائفة العلوية بالدرجة الأولى، لأن هذه المؤسسات تشعر بأنها ستفقد الكثير من الإمتيازات في حال إدخال لمسات ديمقراطية على النظام.

في الكتاب أشير إلى أنه في أزمة عام 1995 عندما حاول (رفعت) شقيق الرئيس حافظ الأسد عزل أخيه المريض بانقلاب داخل البلاط، قام السُـنة المقرّبون من حافظ الأسد، بمعارضة ذلك إلى درجة الوقوف في  وجهه.

كما أن تولي بشار الأسد السلطة مكان والده، لم يتم إلا بفضل تدخّل شخصيتين سُنيتين، وهما عبد الحليم خدام الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس، ومصطفى طلاس، الذي شغل منصب وزير الدفاع لأكثر من 32 عاما.

وبعد إدخال إصلاحات في عام 2005 على رأس قيادات حزب البعث، تم تسليم مناصب القيادات الأمنية في معظمها لشخصيات سُنية. وحتى بالنسبة لمن يقول بأن العلويين الذين يمثلون 10% من سكان البلاد، يشغلون أهم المناصب في المخابرات، يجب التصحيح بأنهم متواجدون بكثرة، ولكن لا يشكلون الغالبية.  

فقد قام النظام على أساس خلق توازن بين تواجُـد عناصر الطائفتين في الأجهزة الأمنية، بشكل لا يسمح لأحدهما بالتفوق على الثاني. لكن بعض المسؤولين العلويين يستفيدون من انتمائهم الطائفي والعائلي، للوصول بسهولة الى الرئيس. ويكفي أن نشير إلى أن الرجل القوي الذي يُـشرف حاليا على الأجهزة الأمنية بعد بشار الأسد، هو السيد مملوك وهو سُـنيّ.

إذا كان عامل التلاحم بين أركان النظام ليس الطائفة وإنما الحفاظ على المصالح، فهل كان لدى هؤلاء تخوف من أي تغيير يحدث في البلاد ومن إمكانية وصول تيارات إلى السلطة قد تحاسبهم في يوم من الأيام؟

سهيل بلحاج: هناك بالفعل تخوف لدى هذه النخبة الحزبية والأمنية والعسكرية من فقدان امتيازاتها المالية والمادية، وهي عديدة. والتخوف من فقدان المكانة في المجتمع التي تجعل البعض يعتقد بأنه لا يمكن الإستغناء عنه.

لكن بالعودة إلى التاريخ، يمكن إثارة نقطة أخرى، وهي قدرة سوريا على التأقلم مع المُعطيات الإقليمية والدولية وخلق تحالفات استراتيجية، تارة مع الإتحاد السوفييتي وتارة أخرى مع الغرب، والإختيار بين تقارب من المملكة العربية السعودية أو من العراق. وقد عرفت سوريا صراعات كثيرة في تاريخها، بسبب هذه التحالُفات. ويكمُن التخوّف الكبير لدى غالبية قيادات الحزب، في ظهور قوى سياسية قد تختار توجّها غير التوجه القومي العربي، مثلما يردد الحزب في دعايته. والتساؤل لدى هؤلاء حول مستقبل الموقف من إسرائيل ومن استعادة الجولان، في حالة اختيار تحالف استراتيجي مع الغرب.

هناك أيضا مصالح كبرى للقوى الإقليمية، فأي تغيير في التحالفات الإستراتيجية، قد يعمل على لخبطة الأوراق في المنطقة. وكانت المعارضة السورية قد أعلنت في بداية الثورة على لسان رئيس المجلس الوطني بأنها “ستغير علاقاتها كلية مع حزب الله ومع إيران” في حال وصولها الى السلطة.

وإلى أي حد كان لهذا التدخل الاقليمي والدولي دور، برأيك، في إطالة وإذكاء الصراع في سوريا؟

سهيل بلحاج: هذا الموضوع استحوذ على مكانة بارزة في كتابي، فبالنسبة لغالبية السوريين الذين لديهم إحساس قومي ووطني، تكتسي السياسة الخارجية مكانة بارزة. وجانب من سمعة الرئيس مرتكزة على ما يروِّجه من مواقف تجاه إسرائيل وبخصوص مكانة سوريا الإستراتيجية في المنطقة، سواء كان ذلك حقيقيا أم لا.

وبالنسبة للمعارضة، تتمثل إطالة أمد الصراع في تدخل القوى الدولية، تدخل من تركيا وقطر والسعودية، المدعومة من قبل الدول الغربية. كما أن هناك من الطرف الآخر، إيران وروسيا اللتان ترغبان في الدفاع عن مصالحهما، والموقف الغامض لإسرائيل وموقف حزب الله، الذي تحول في الآونة الأخيرة وبشكل علني إلى عنصر هام في الصراع.

وما أخلص له في خاتمة الكتاب، هو أن إطالة أمد الصراع تعود بالدرجة الأولى إلى اختيار الحل الأمني، ولكن أيضا لتدخل القوى الخارجية الإقليمية والدولية، التي لها مصالح متضاربة، وهذا ما يفسر الجمود الحالي في غياب حسم عسكري.

اتفاق الولايات المتحدة وروسيا حول عقد اجتماع “جنيف 2″، هل يمكن أن يسفر عن حل سياسي ما؟

سهيل ببلحاج: قد يرى البعض في اجتماع جنيف 2 مجرد تمرين لا فائدة منه، وقد يسمح لبشار الأسد باستعادة انفاسه. لا أشاطر ذلك، لأن الصراع بلغ مرحلة من التعقيد لحدّ أن أحد المحللين قال: “إنه قد يجد حلا على طريقة أيام الحرب الباردة عبر (حل وسط) بين الأمريكيين والروس”.  

هذا الحل الوسط، قد يقود إلى الإتفاق حول تشكيل قيادة لمرحلة انتقالية. لكن كل المشكلة تكمن في كيفية اختيار هذه القيادة للمرحلة الإنتقالية، وأي قيادة لمرحلة انتقالية تكون قادرة على تحقيق المصالحة الوطنية، لا يمكن أن تتجاهل بعض العناصر التي كان يقوم عليها النظام السابق، وبالأخص المخابرات  والجيش. بمعنى آخر، تجنيب سوريا أخطاء العراق المتمثلة في “اجتثاث البعث”.

التحييد التدريجي لتدخل المخابرات والجيش في اتخاذ القرار، قد يتم عبر تقوية دور البرلمان المنتخب والعودة الى تقليد سياسي سوري سابق. أما بخصوص مصير الأسد ومآل نظام قائم على حزب البعث، فلا أعتقد أن الأجيال الصاعدة قد ترغب في الإستمرار في التعلق بنظام من هذا القبيل.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية