غياب للابداع وحضور للإنتهاكات
اغلق معرض الكتاب الدولي بجنيف أبوابه مساء الثلاثاء بعد أن سجل رقما قياسيا في عدد الزوار الذين تجاوزوا المائة وعشرين ألف شخص ومشاركة عارضين من خمسين دولة لكن الحضور العربي فيه كان مثيرا للإستغراب والأسف
ففي حين استمر غياب الانتاج الثقافي العربي والإسلامي عن أكبر تظاهرة فكرية وثقافية في سويسرا، تولت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان أو تيارات معارضة لبعض الأنظمة العربية او طوائف دينية منشقة إبراز جوانب سلبية عن الأوضاع العربية والإسلامية عموما.
المعرض الدولي للكتاب والصحافة أغلق أبوابه مساء الثلاثاء بتحقيق رقم قياسي جديد في عدد الزوار، تعدى المائة وعشرين ألف زائر، قدم قسم منهم من خارج سويسرا. وقد سجلت زيادة في عدد الدول المشاركة بحيث فاقت الخمسين بلدا. وعلى الرغم من أن المعرض يختص أساسا بالكتاب الناطق بالفرنسية إلا ان بلدانا بعينها حرصت منذ انطلاقته قبل خمسة عشر عاما، على الاحتفاظ بمشاركة رمزية حتى في ظل غياب فائدة تجارية مجزية.
من هذه البلدان يمكن ذكر إسرائيل التي تشارك سنويا بجناح رسمي وبأجنحة لدور نشر عبرية، بالإضافة إلى مشاركة متواصلة من طرف بعض دول أوربا الشرقية مثل رومانيا والمجر وتشيكيا وغيرها.
في مقابل ذلك نلاحظ أن المشاركة العربية والإسلامية التي كانت في البداية محتشمة ومقتصرة على مشاركة جزائرية وتونسية وإيرانية، تواصلت خلال السنوات الماضية بمشاركة ليبية “لمركز دراسات الكتاب الأخضر” وجناحين للملكة العربية السعودية أحدهما لوزارة المعارف والثاني لوزارة الأوقاف، إلا أن هذه السنة شهدت انحسار هذا الحضور واقتصاره على جناح تابع ل”مركز دراسات الكتاب الأخضر”.
وقد حاولت بعض الجمعيات العربية والإسلامية تغطية هذا النقص بحسب قدراتها وتوجهاتها السياسية والطائفية. نذكر منها على سبيل المثال منظمة ” هجرة ” غير الحكومية المقربة من الأوساط الإسلامية، والتي تدعم طالبي اللجوء القادمين من بلدان المغرب العربي، إضافة إلى الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا، والجمعيات السويسرية الداعمة للشعب الفلسطيني.
وقد لوحظ في الأعوام القليلة الماضية حضور متنام ومتعدد اللغات لتيارات أو طوائف دينية مثل “الأحمدية ” و”البهائية” في أجنحة فخمة وجذابة مما يثير تساؤلا مشروعا يردده البعض في مثل هذه المناسبة من كل عام: “ألم تعد الدول العربية والإسلامية غيورة على ثقافتها وراغبة في إبرازها خارج حدودها؟
وبالتالي أليست الدول العربية والإسلامية، التي تشكو عادة من “تشويه الإعلام الغربي للصورة المنقولة عنها” مسؤولة عن تفويت فرصة عرض بعض من الجوانب الإيجابية القليلة المتوفرة لديها إلى نفس هذا الإعلام؟ ثم ألا تشعر هذه الدول بالمسئولية عن توفير فرصة للمواطن العربي والمسلم المقيم في سويسرا للتواصل مع ثقافته، علما أن عدد العرب والمسلمين يفوق بكثير عدد رعايا بعض دول أوروبا الشرقية التي لا تتخلف عن هذا الموعد الثقافي الهام؟
حضور عربي في مجال انتهاك حقوق الإنسان
إذا كانت الدول العربية والإسلامية غائبة عن الابداع في الميدان الثقافي في معرض الكتاب بجنيف فإن العديد من زواره أتيحت لهم فرصة الإطلاع على جانب لا يستهان به من انتهاكات حقوق الإنسان في هذه الدول، من خلال ندوات وشهادات احتضنها جناح منظمة العفو الدولية التي كانت ضيف الشرف في دورة هذا العام إلى جانب البرتغال.
الجمهور السويسري استمع خلال أيام المعرض إلى شهادة المناضلة اللبنانية سهى بشارة عما تعرضت إليه في معتقل الخيام وإلى شهادة المحامي الجزائري رشيد مسلي المعروف بنشاطه في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في بلاده قبل أن يتعرض للمضايقات والتهديد بالقتل ويستقر في سويسرا كطالب لجوء سياسي.
كما استعرض الطالبان التونسيان إيمان درويش ونور الدين بن نتيشة ما تعرضا له من تعذيب على أيدي أجهزة الأمن التونسية لكونهما من النقابيين المدافعين عن حقوق الطلبة.
أما المواطن الصحراوي محمد بنّو الذي ذاق مرارة الاعتقال لمشاركته في المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الصحراويين، فقد استعرض في شهادته ما مورس عليه من تعذيب في السجون المغربية وماعاينه شخصيا من انتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تيندوف غرب الجزائر، قبل أن يستقر هو الآخر كلاجئ في سويسرا.
وبإمكانكم الاستماع إلى أهم ما جاء في هذه الشهادات من خلال التسجيل الصوتي المصاحب لهذا التقرير.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.