فتح وحماس: الإخـوة الأعـداء
عندما خرج أكثر من نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة في الذكرى الثالثة لوفاة الرئيس ياسر عرفات، اعتقد كثيرون أن هذا التجمع الهائل إنما يعكس مدى الاحتجاج الشعبي الكبير ضد حُـكم حركة حماس.
وفي ذات اليوم، سقط قتلى برصاص الشرطة التابعة لحماس وراحت وسائل إعلام عديدة ومحللون ومسؤولون، جُـلهم من فتح، يتكهّـنون بقُـرب سقوط الحركة الإسلامية، أو على الأقل، دفعها لقبول شروط الرئيس محمود عباس للدخول في حوار جديد معها.
يُـطالب عباس الحركة الإسلامية بالعودة عن جميع الإجراءات العسكرية، التي نفّـذتها في أواسط شهر يونيو الماضي، عندما استولت على جميع مقرات السلطة الفلسطينية، الأمنية والمدنية.
وفي غضون ذلك، كان وفد من حركة حماس في الضفة الغربية يقِـف ويقرأ الفاتحة على ضريح الرئيس عرفات، وهو ذات الوفد الذي كان التقى عباس قبل أيام وأكد على شرعية الرئيس وأدان كذلك المواجهات التي وقعت في غزة وأوقعت قتلى.
وبعد ذلك بأيام، أفاد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة محلية في رام الله بالضفة الغربية، أن عباس يتمتع بتأييد 72% من الجمهور الفلسطيني، مقابل 28% فقط لإسماعيل هنية، رئيس الوزراء المقال من حركة حماس، بل أظهر ذات الاستطلاع أن 78% من الفلسطينيين يفضِّـلون “إستراتيجية” حركة فتح لتحقيق المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، مقابل إستراتجية حماس، وأن 83% من سكان قطاع غزة يعتقدون أن الأوضاع زادت سوءً بعد سيطرة حركة حماس.
وقد دعم أكثر من تقرير دولي هذا الأمر، بالتأكيد على أن وضع غزة أصبح “كارثيا” بعد سيطرة حماس، وتشير تقارير يومية أن مرضى يسقطون موتى وهم بانتظار الخروج من غزة لتلقي العلاج.
وحتى اللّـحظة، لا زال نحو مليوني شخص في قطاع غزة يُـرزحَـون تحت وطأة حصار غير مسبوق تقوده إسرائيل، التي تسيطر على جميع معابر ومنافذ القطاع، بل إن الدولة العبرية ماضية في تهديدها بتنفيذ العقوبات الجديدة، المتمثلة في قطع التيار الكهربائي عن غزة.
كل ذلك يحدث ولا زالت حركة حماس تُـسيطر على قطاع غزة بعِـناد وشراسة، بل إن محمود الزهار، القيادي المتنفذ في الحركة الإسلامية توعّـد بـ “الاستيلاء” على الضفة الغربية، حال انسحبت إسرائيل منها.
السر
لا أحد على وجه الخصوص، يملك جوابا شافيا خالصا على هذا السر، الذي يدفع بحماس للبقاء والصمود ويدفعها للطموح. طبعا ثمّـة تقديرات عديدة ومختلفة ومتباينة تُـحاول الإجابة على ذلك.
يقول فرج رمانة، القيادي في حركة حماس بالضفة الغربية وأحد الذين التقوا الرئيس عباس مؤخرا، “إنه لا ينبغي علينا الإصغاء كثيرا إلى لغة استطلاعات الرأي التي تتحدث عن قنوط الناس، ولا كذلك عن التكهّـنات بسيطرة حماس على الضفة”.
وأوضح رمانة في حديث لسويس انفو أن حماس “لم ترغب أبدا في السيطرة بهذه الطريقة على قطاع غزة، وهي التي حصلت على ثقة الشعب بشرعية الانتخابات، لكن الظروف اضطرتها إلى ذلك”.
وأضاف “بالتأكيد، فإن حماس أيضا لا تريد السيطرة على الضفة الغربية وهي تدرك تماما أنها تمثل توجّـهات الشعب الفلسطيني وأنها أثبتت على مدار العشرين عاما الماضية منذ نشأتها، أنها تعكس رأي الشعب وتطلعاته”.
وفي المقابل، فإن قدورة فارس، القيادي في حركة فتح والنائب السابق في المجلس التشريعي، يرى أن الطريقة التي تَـعامل بها الرئيس عباس وأسلوب إدارته للحكم، يلعبان دورا أساسيا في استمرار سيطرة حماس.
وقال فارس في حديث لسويس انفو “نريد من الرئيس أن يطلق مبادرات تسعى إلى تفعيل منظمة التحرير والمؤسسات الفلسطينية في وجه حركة حماس، كنا نتمنى لو أنه طار إلى غزة عندما تجمّـع أكثر من نصف مليون شخص في ذكرى الرئيس الراحل عرفات وخَـطب فيهم، وقتها، كان يمكن للأمور أن تأخذ منحى آخر”.
ويأخذ كثيرون على عباس “تفرّده” في إدارة الأمور وعدم إفساح المجال أمام القيادات الثانوية لتولي زمام الأمور في وجه حماس، لكن مسؤولا أمنيا سابقا من فتح في غزة، فضّـل عدم الكشف عن هويته، قال “ليس هناك قيادات في غزة لتقود مثل هذا التجمع الكبير ضد حماس”.
مصير مجهول
لكن مستقبل الساحة الفلسطينية يظل رهنا بتطورات متناقضة، أولها، الموقف الإسرائيلي، وهو العنصر الحاسم في الملف الأمني المحلي وفي المسألة السياسية التي ترتبط بها مختلف الأمور الفلسطينية.
ويؤكِّـد مصدر أمني مُـطلع، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لديها معلومات مؤكدة، أن حركة حماس تخطط للاستيلاء على الضفة الغربية، وهو الأمر الذي كان تحدّث عنه جهارا الرئيس عباس، ثم لم يعد أحد إليه مؤخرا.
وأكدت ذات المصادر، أنه جرى اعتقال مجموعة تابعة لحركة حماس، كانت تخطط لتنفيذ تفجيرات في أماكن عامة في إحدى مدن الضفة الغربية وأن قرار المستوى السياسي قال “بعدم الإعلان عن ذلك علنا لأسباب خاصة”.
وتعتقد هذه المصادر أن إسرائيل، وعلى خلاف التوقعات السائدة، لن تتدخّـل في منع حماس من القيام بانقلاب آخر في الضفة الغربية، لاسيما وأن من شأن ذلك أن يُـعفي الدولة العبرية من استحقاقات عملية السلام لأجل غير مسمى.
بيد أن ذلك يظل رهنا بصدق هذا السيناريو، وكذلك بالنتائج المترتبة على ما يُـمكن أن يفضي إليه مؤتمر انابوليس للسلام في الولايات المتحدة يوم 27 نوفمبر الجاري، لما يعنيه من تأثير على مستقبل الرئيس عباس وسياسته.
هشام عبدالله – رام الله
بيروت (رويترز) – قال رئيس الوزراء اللبناني يوم الاثنين 26 نوفمبر إن حكومته لن تقدم على أي خطوة “استفزازية” في مؤشر على أنه سيحاول احتواء أزمة سياسية في البلاد التي أصابها الانقسام.
وتسلمت حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة السلطات من الرئيس اميل لحود الذي انتهت فترة ولايته من دون الاتفاق على من يخلفه.
وتشكك المعارضة المدعومة من سوريا بقيادة حزب الله في شرعية الحكومة المناهضة لسوريا وتقول انها لا تملك الحق في تولي صلاحيات الرئيس.
وقال السنيورة للقيادات الدينية إن الحكومة ستعمل بحيث تكون قراراتها مدروسة وغير مستفزة وتركز على الوفاق السياسي.
ودعا السنيورة القيادات الدينية للعمل من أجل الهدوء لان التوتر والتصعيد لن يساعدا ولكن سيفاقمان الازمة الحالية. وقال ان الهدف المنشود هو انتخاب رئيس جديد.
ومن المقرر أن يجتمع البرلمان يوم الجمعة في محاولة أخرى لانتخاب الرئيس. وكان التصويت قد تأجل خمس مرات بسبب فشل القيادات الرئيسية في الوصول الى مرشح متفق عليه.
وعلى الرغم من عدم الاتفاق على من يخلف لحود فان الطرفين لم يوجها أي تهديدات باتخاذ خطوات من جانب واحد. وبدلا من ذلك فضلا احتواء أسوأ أزمة تلحق بالبلاد منذ الحرب الاهلية التي وقعت بين عامي 1975 و1990.
وظل مقعد الرئاسة شاغرا في عامي 1988 و1989. وأدت تلك الازمة لواحدة من أكثر المراحل الدامية في الحرب الاهلية.
وقالت حركة أمل وجماعة حزب الله الشيعيتان انه لا يتعين ترك الموقع شاغرا لوقت طويل.
وأضافت الجماعتان اللتان تشككان في شرعية السنيورة بسبب استقالة جميع الوزراء الشيعة من الحكومة قبل عام ان الاجماع وحده هو الطريق لحل الازمة وتبديد غمام الفوضى المطبق على لبنان.
وأشارتا في بيان الى أن استمرار الفراغ في الموقع سيقود الى اضعاف التعايش الوطني.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.