فرنسا ترفع العلم فوق سفارتها بدمشق مع تواصل سلطات سوريا الجديدة بالغرب
دمشق (رويترز) – رفعت فرنسا علمها فوق سفارتها في دمشق يوم الثلاثاء للمرة الأولى منذ 12 عاما، واستعد مسؤولون من الاتحاد الأوروبي للتواصل مع القيادة السورية الجديدة، في إشارة إلى الاتصالات المتزايدة بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وتفتح الدول الغربية تدريجيا قنوات للتواصل مع السلطات الجديدة في دمشق بقيادة هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع، لكنها ما زالت تصنف الجماعة منظمة إرهابية.
وبالإضافة إلى فرنسا وبريطانيا اللتين أرسلتا فريقا للقاء الشرع يوم الاثنين، تعتزم ألمانيا أيضا عقد اجتماعات مع الإدارة الجديدة، وقال الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء إنه سيقيم اتصالات أيضا.
وبعد تسعة أيام من الإطاحة بالأسد، قال رئيس الحكومة السورية المؤقتة محمد البشير إن الحكومة تعاني من احتياطيات منخفضة جدا من العملة، ودعا إلى رفع العقوبات التي فُرضت على الحكومة المخلوعة.
وكانت الجماعة التي يقودها الشرع جزءا من تنظيم القاعدة حتى قطعت علاقاتها بالتنظيم في عام 2016. وظل وجود الجماعة مقتصرا على شمال غرب سوريا لسنوات حتى هذا الشهر حين اختفت قوات الجيش أمام اجتياح الجماعة لدمشق.
وقالت فرنسا إن رفع العلم لا يعني تلقائيا أنها ستعيد فتح سفارتها.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن الشرع قائد الإدارة الجديدة لسوريا دعا في اجتماعه مع المسؤولين البريطانيين الدول إلى استعادة العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا لمساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم.
ونشرت الوكالة صورا للشرع وهو يرتدي بدلة وقميصا مفتوحا خلال اللقاء مع البريطانيين. وذكرت سانا في تقرير أن الشرع “شدد على ضرورة بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء الأمن، كما تحدث عن دور بريطانيا الهام دوليا وضرورة عودة العلاقات”.
وقد يفتح سقوط الأسد الذي يشكل ضربة قوية لحلفاء سوريا منذ فترة طويلة روسيا وإيران، الطريق أمام الدول الغربية لاستعادة الاتصالات مع دمشق. لكن هذا يتطلب حاليا على الأقل التحايل على تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية حينما كانت تابعة لتنظيم القاعدة وكذلك العقوبات المالية المفروضة على دمشق في عهد الأسد.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن دبلوماسيين ألمان يعتزمون أيضا إجراء محادثات مع ممثلين عن هيئة تحرير الشام في دمشق يوم الثلاثاء. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن المحادثات ستركز على العملية الانتقالية في سوريا وحماية الأقليات.
وأضاف المتحدث في بيان “يتم أيضا استكشاف إمكانية وجود دبلوماسي في دمشق”، وأكد على أن برلين تراقب هيئة تحرير الشام عن كثب في ضوء جذورها في أيدلوجية القاعدة.
وأضاف المتحدث “يمكننا القول إنهم يتصرفون بحكمة حتى الآن”.
* “حقيقة الإسلام وسماحته وعدالته”
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كانت بلاده أكبر داعم للمعارضة السورية أثناء الحرب الأهلية إن هناك حاجة الآن إلى إدارة تحتوي الجميع في دمشق، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى دعم عودة اللاجئين.
وفي حديث لقناة الجزيرة مباشر، قال محمد البشير إنه سيتم إعادة هيكلة وزارة الدفاع السورية بالاستعانة بفصائل المعارضة السابقة والضباط الذين انشقوا عن جيش الأسد.
ويوجد في سوريا أقليات عرقية وطائفية كثيرة ويشعر بعضها بالقلق من الطريقة التي قد يتعاملون بها في ظل حكم جماعات مثل هيئة تحرير الشام التي لها جذور في التشدد الإسلامي السني.
وحين سئل عما يود أن يقوله للذين يشعرون بالقلق من سيطرة جماعة دينية أو سياسة واحدة على سوريا، قال البشير “من يتخوف من تيار ديني لا يفهم حقيقة الإسلام وسماحته وعدالته، من يعلم ذلك لا يتخوف من أي شيء، سوريا هي لجميع السوريين”
وقال البشير الذي قاد في السابق حكومة تابعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب إنه سيبقى في منصبه حتى مارس آذار المقبل.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس يوم الاثنين إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مستعدا لتخفيف العقوبات على سوريا إذا اتخذت القيادة الجديدة في البلاد “خطوات إيجابية” لتشكيل حكومة شمولية واحترام حقوق المرأة والأقليات.
وقال توم فليتشر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه التقى أيضا بالشرع، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي “لدينا أساس لزيادة طموح للدعم الإنساني الحيوي” لسوريا.
ودفع الصراع السوري الذي اندلع في أعقاب انتفاضة عام 2011 ضد حكم الأسد القمعي، ملايين السوريين إلى النزوح إلى الخارج كلاجئين، من بينهم نحو مليون شخص ذهبوا إلى ألمانيا.