فوز حماس: رؤى من سويسرا
لم يفاجئ الانتصار الكبير لحماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية خبيرين في شؤون الشرق الأوسط مقيمان في سويسرا.
أحمد بناني، مدير المرصد الدولي لشؤون فلسطين يعتقد أنه بإمكان سويسرا الآن عرض مساعيها الحميدة على الفلسطينين. وآلان بيطار، المسؤول عن المكتبة العربية في جنيف يحذر من “شيطنة” الشعب الفلسطيني بعد تصويت غالبيته لفائدة حماس.
أحدث انتصار حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية (التي جرت يوم 25 يناير الجاري) تغييرا جذريا في المشهد السياسي الفلسطيني. فحسب النتائج الرسمية التي أعلنت عنها اللجنة الانتخابية مساء يوم الخميس 26 يناير، فازت حماس بأغلبية مقاعد البرلمان. (76 من أصل 132 مقعدا في المجلس التشريعي).
وبذلك تكون حركة فتح تكبدت هزيمة تاريخية. وأقر رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بهزيمة حزبه وطلب من حماس تشكيل حكومة جديدة.
وقد استقالت الحكومة الفلسطينية بزعامة رئيس الوزراء أحمد قريع بالفعل عقب الإعلان عن الفوز الكاسح لحماس.
وفي حديث مع سويس انفو، أكد السيد أحمد بناني، رئيس المرصد الدولي لشؤون فلسطين في جنيف أن الفلسطينيين اختاروا عبر صناديق الاقتراع معاقبة السلطة الفلسطينية التي نهشها الفساد والحروب الداخلية.
من جهته، أعرب السيد ألان بيطار عن اعتقاده أن الفلسطينيين أظهروا بأنهم قادرون على إجراء انتخابات حرة.
سويس انفو: ما هو رد فعلكم بعد وصول حماس إلى السلطة؟
أحمد بناني: لم أفاجأ. كنت أتوقع انتصار معسكر المحافظين الذي يؤتمن الآن على شكل من الشرعية الشعبية.
بعد اتفاقيات أوسلو والإدارة الكارثية للسلطة الوطنية الفلسطينية – يعني فتح – للملفات الأساسية، كان من المنطقي أن يميل الناس العاديون الذين يتماثلون مع حركة اجتماعية قوية وخيرية ودينية كحماس إلى دفع الحركة إلى قيادة شؤونهم. وقد عبر الشعب السيد عن إرادته بشكل ديمقراطي.
ألان بيطار: إنه فوز قوي جدا لحماس. اليوم، يدفع أهل الفكر السياسي الفلسطيني لحركة فتح ثمن سنوات من الإدارة. ويتحمل الإسرائيليون أيضا مسؤولية جزء مما يحدث اليوم. بالنسبة لهم، لم يكن ياسر عرفات شريكا، ولا محمود عباس. اليوم، يلاءم إسرائيل أن تكون حماس في الموقع المقابل. فإسرائيل ترفض حماس أيضا كشريك (خاصة أن حماس تعتبر “مجموعة إرهابية” من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التحرير).
سويس انفو: ما الذي سيتغير عند استلام حماس مقاليد السلطة؟
أحمد بناني: إذا ما نظرنا إلى المسألة بشكل معمق، يمكن القول إن هنالك نوعا من التراجع على مستوى التواصل (والتبادل) بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ما تبقى اليوم من الصهيونية، التي كانت تستند إلى إيديولوجية اشتراكية وعلمانية، يرتبط بالأحرى بنوع من التأليفية حيث يتلاقى الدين والسياسة. فاليمين الإسرائيلي يواصل الترويج لأسطورة العودة إلى أرض الميعاد.
في المحصلة، تظل الحياة السياسية الإسرائيلية متأثرة بقوة بالطابع الديني، رغم وجود تيار علماني قوي.
كذلك الشأن بالنسبة للمجتمع الفلسطيني الذي شهد في عقد الستينات بروز حركة ذات طابع قومي تقليدي تطورت أحيانا في اتجاه تيارات ماركسية، والذي يسجل اليوم عودة إلى الحظيرة.
إن إشكاليتيْ القدس وعودة اللاجئين تساهم بقوة في توجه الفلسطينيين نحو الديني كمصدر لشرعية جديدة للكفاح من أجل الاستقلال. ومع عودة الديني إلى الحقل السياسي، سيحدث بلا شك تشدد في مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
ألان بيطار: سيكون لذلك انعكاس مباشر على مجالي التعليم والتشريع. لكن حماس أظهرت انها قادرة على إدارة مستقبلها وطموحاتها السياسية. وبالتالي فإنها ستحاول فيما يخص عددا من الملفات، أن تظهر فعاليتها، دون قلب كافة الموازين.
سيتعين على حماس أيضا أن تظهر انه يمكن العمل والتفاوض معها. هي لن تهرول إلى جبهات المفاوضات الدولية وإلى التفاوض مع الإسرائيليين. ربما ستستثمر جهودها بشكل ملموس في إدارة المجتمع الفلسطيني.
سويس انفو: ماذا تنتظرون من سويسرا ومن المجتمع الدولي؟
أحمد بناني: لدي أمل كبير لأن السياسة التي سادت لحد الآن في الشرق الأدنى والشرق الأوسط عموما كان السياسة الأمريكية. الولايات المتحدة أرادت تصدير نموذجها للديمقراطية، والسلام، …، إلخ. واليوم، تظهر صناديق الاقتراع فشل ذلك التسلط.
وهذا يترك مكانا هاما جدا لتدخل الاتحاد الأوروبي، وحرية تصرف لسويسرا التي لم تكف، منذ اطلاق مبادرة جنيف، عن الاهتمام بالسلام في المنطقة وخاصة في فلسطين.
سويسرا، التي تمول نشاطات عديدة في فلسطين، لها طموحات ترمي إلى إقناع الطرفين بالعودة إلى التفاوض. والآفاق التي تنفتح للدبلوماسية السويسرية، بفضل حيادها، ستسمح لها بالقيام بدور نشط. وقد يمكنها اقتراح “مساعيها الحميدة” في منطقة تحظى فيها بقدر من الاحترام.
ألان بيطار: لا يجب الدخول في منطق شيطنة المجتمع الفلسطيني لأن غالبيته صوتت لحماس. اليوم، يجب على سويسرا ان تظل مُصغية إلى الفلسطينيين وأن تواصل مساعدتهم.
هنالك شيء مهم. الفلسطينيون أظهروا انهم كانوا قادرين على اجراء انتخابات حرة تماما. وما أنتظره من بلدان أوروبية وسويسرا بالذات، هو مرافقة الفلسطينيين وتأطيرهم ونصحهم.
ماتياس فروادفو – سويس انفو
(ترجمته من الفرنسية وعالجته: إصلاح بخات)
عشية الانتخابات التشريعية الفلسطينية، أوضحت وزارة الخارجية السويسرية أن حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تُُمنع أبدا في أراضي الكنفدرالية، لكنها أشارت في المقابل إلى أن سويسرا تراقب الأفراد الذين ينتهكون القانون أو المتورطين في نشاطات إرهابية.
وأضافت في تصريحات لسويس انفو انه يتعين على حماس، فور التحاقها بالحكومة، الموافقة على المبادئ الأساسية التي تم تحديدها في إطار اتفاقيات أوسلو.
وقد رحبت سويسرا بتصريحات الرئيس الفسلطيني محمود عباس التي شددت على أن أعضاء حماس الذين سيطبقون اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل هم فقط الذين سيُسمح لهم بالانضمام إلى الحكومة.
حسب نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الرسمية، فازت حماس بأغلبية واسعة في البرلمان، إذ فازت بـ76 مقعدا من أصل 132 في المجلس التشريعي الفلسطيني.
تأسست حركة المقاومة الإسلامية حماس، في 14 ديسمبر عام 1987 في بداية الانتفاضة الأولى.
تعتبر حماس الفرع الفلسطيني لتيار الإخوان المسلمين. وتعتقد بعض الجهات أن إسرائيل غضت عنعهم الطرف في الأراضي المحتلة خلال السبعينات والثمانينات بدعوى أن الدولة العبرية كانت تريد آنذاك ظهور قوة مضادة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
أما حركة فتح، وهي الفصيل السياسي الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية، فتأسست قبل 40 عاما على يد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وكان الرئيس الحالي محمود عباس من مؤسسي فتح أيضا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.