في فوائد العودة إلى الأساليب الطبيعية
أكدت نتائج دراسة علمية أنجزها معهد فلاحي سويسري متخصص في بلدة فريك (frick) على مدى واحد وعشرين عاما أن الفوائد الناجمة عن اعتماد الزراعة الطبيعية (أو العضوية) أهم بكثير من بعض السلبيات..
تصاعد إقبال المستهلكين في السنوات الأخيرة في سويسرا وفي عدد من البلدان الغربية على منتجات الزراعات العضوية، وهو أسلوب إنتاج فلاحي يستبعد اللجوء تماما لاستعمال المبيدات الحشرية والأسمدة ذات الطابع الكيماوي.
وقد اتسعت المساحات المخصصة للخضر والغلال المنتجة بالأساليب الطبيعية – العضوية بشكل ملحوظ في كل الأسواق الكبرى كما ارتفع طلب المستهلكين عليها بالرغم من ارتفاع أسعارها مقارنة بالمنتجات الزراعية الأخرى، مما دفع للتساؤل: هل المسألة مجرد ظاهرة عابرة أم أن هناك اقتناعا متزايدا بأن للزراعة العضوية إيجابيات ملموسة بيئيا واقتصاديا؟
في هذا السياق، يبدو أن ما توصل إليه الخبير السويسري بول مادير من معهد الأبحاث حول الزراعة العضوية في بلدة فريك من نتائج مهمة تفيد بأنه على الرغم من أن محاصيل هذا الصنف من الزراعات تقل بنسبة عشرين في المائة عن مثيلاتها المنتجة بالوسائل التقليدية إلا أنها تستهلك في المقبل موارد طبيعية أقل من التربة والمياه، سيعزز من انتشارها وإقبال الجمهور عليها.
نتائج مهمة
وتمثل نتائج الدراسة التي نشرتها يوم الجمعة مجلة ساينس (Science) البريطانية الشهيرة حصيلة مقارنة قام بها السيد مادير وزملاؤه طيلة واحد وعشرين عاما لمزروعات من البطاطس والشعير والقمح واللفت أنتجت وفقا للأساليب التقليدية (أي باستعمال الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية) وأخرى استعملت فيها الأساليب العضوية-الطبيعية (أي دون اللجوء إلى أي مواد كيماوية) مع مراعاة التماثل التام لخصائص التربة والمناخ في جميع المزارع التي تمت فيه التجارب.
ويقول الباحث السويسري إن طول الفترة الزمنية للإختبارات سمح بإجراء مقارنة بين محاصيل متعددة ومن بلورة إحصائيات يمكن الوثوق بها. واتضح أن معدل كمية المحاصيل التي أنتجتها الأراضي التي تمت زراعتها بالأساليب العضوية تقل بعشرين في المائة عن كمية المحاصيل الأخرى.
في المقابل، تبين أن المزروعات التي نمت دون التعرض للأسمدة الكيماوية أو للمبيدات الحشرية الإصطناعية كانت أقدر على استغلال أنجع للمكونات الطبيعية المغذية المتوفرة طبيعيا في التربة.
من جهة أخرى، اتضح بعد مرور بضعة أعوام على انطلاق التجارب، أن الأراضي التي استخدمت فيها التقنيات العضوية أصبحت مأوى لنظام بيئي ثري بالعديد من البكتيريا التي تساهم في تحلّل سريع للحشائش الميتة. وهو ما يؤدي إلى إطلاق كميات معتبرة من الكربون والفوسفور وأملاح النيترات وغيرها من المواد المغذية للتربة والنباتات على حد السواء.
كما كشفت حصيلة التجارب أن الأراضي التي استعملت فيها الأسمدة والمبيدات تتوفر على كميات أكبر من الأملاح المعدنية المتأتية من المواد الكيماوية المستعملة لكن مع تضاؤل شديد في كميات البكتيريا الطبيعية.
أما في المزارع التي استعملت فيها أساليب الفلاحة العضوية، فقد تزايدت بشكل ملفت كميات نوعيات من الفطر تتعايش في انسجام مع جذور النباتات وتساعدها على امتصاص الأملاح المعدنية من التربة مباشرة، في الوقت الذي يندر فيه وجود الفطر في المزارع الأخرى.
تعزيز التنوع البيئي
في نفس السياق، كشفت نتائج الأبحاث عن احتضان الأراضي الزراعية التي طبّقت فيها الأساليب العضوية-الطبيعية لأنواع عديدة من الحشرات التي تتغذى من النباتات الطفيلية والديدان، وهو ما يساهم بدوره في تغذية التربة بالسماد الطبيعي وإثرائها تبعا لذلك.
وتخلص الدراسة إلى أن إنتاجية الزراعات العضوية منخفضة مقارنة بالأساليب التقليدية لكنها أقل إجهادا للتربة وذات فعالية أكبر نظرا لأن الكميات التي تستهلكها من المواد المغذية المتوافرة في الأراضي الزراعية تقل بمعدل ثلاثة وخمسين في المائة مقارنة بالأساليب الأخرى.
لذا يؤكد السيد بول مادير على أن حصيلة الدراسة تشير إلى أنه بإمكان المزارعين “البيولوجيين” أو “العضويين” المساعدة على تعزيز التنوع البيولوجي من خلال زيادة خصوبة الأراضي، ويشير إلى أن التجربة أثبتت أن حجم المردود الزراعي في الأراضي التي لا تستعمل فيها مبيدات حشرية أو أسمدة مصنعة بشكل كيماوي يستقر بمرور الوقت بالإضافة إلى ارتفاع في خصوبتها.
يجدر التنويه إلى أن هذه الدراسة مولت من طرف المكتب الفدرالي للزراعة ومن مؤسسة البحث العلمي الوطنية السويسرية، وبالرغم من أن أغلب النتائج التي أسفرت عنها قد نشرت الآن إلا أنها سوف تستمر أربعة أعوام إضافية على أقل تقدير.
سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.