قرارات مجلس حقوق الإنسان بين الإجماع والتصويت
باشر مجلس حقوق الإنسان أعمال دورته الثالثة بإنهاء التصويت على مشاريع قرارات الدورة الثانية وهذا باللجوء في بعض الأحيان الى الإجماع وفي أحيان كثيرة الى الفصل عن طريق التصويت.
من المشاريع التي تبنتها سويسرا في هذه الدورة ومررتها بدون تصويت، قرار حول احترام حقوق الإنسان في عمليات محاربة الإرهاب، وآخر بخصوص التطورات الإيجابية في نيبال.
في جلسته الأولى في دورته الحالية، تطرق مجلس حقوق الإنسان للمصادقة على مشاريع القرارات المعلقة منذ الدورة الماضية وهي أكثر من 40 مشروع قرار.
وما يستخلص من الجلسة الأولى أن الدول الأعضاء تلجا في بعض الأحيان إلى اعتماد مبدا المصادقة على مشاريع القرارات بدون تصويت، وهو ما هو محبذ في مثل هذه الحالات وما اعتزم المجلس اعتماده كقاعدة للعمل الجديد منذ تأسيسه في شهر يونيو الماضي. ولكن بعض المواضيع مازالت تكشف عن الهوة الكبيرة القائمة بين المجموعات الجغرافية وبالأخص بين المجموعة الغربية وباقي المجموعات الجغرافية الأخرى.
مواضيع لا توافق بشأنها
المواضيع التي أثارت نقاشا مطولا وتطلب الأمر اللجوء الى تصويت لحسمها، مشروع القرار الذي قدمته الجزائر باسم المجموعة الإفريقية لمطالبة فريق العمل المكلف بمراجعة طريقة عمل الآليات الخاصة بما في ذلك المقررين الخاصين، أن يؤجل تقديم توصياته. وهو المشروع الذي تم اعتماده بأغلبية 30 صوتا أغلبها افريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية بينما عارضته 15 دولة اغلبها غربية او من أوربا الشرقية إضافة الى سويسرا.
أما الموضوع الثاني الذي حسم من خلال التصويت، فهو يطالب إسرائيل بعدم إدخال أية تغييرات على وضع الجولان السوري المحتل ومطالبة الدول الى عدم الاعتراف بأي تغيير يتم إدخاله. وهو المشروع الذي تم تمريره بأغلبية 32 صوتا ومعارضة بلد واحد هو كندا وامتناع 15 آخرين أغلبها غربية من بينها سويسرا.
وهناك مواضيع أثارت جدلا حتى قبل الشروع في معالجتها مثل مشروع قرار تقدمت به كندا ينص على حث مفوضية حقوق الإنسان على مواصلة تشجيع الآليات الوطنية المكلفة بمحاربة الإفلات من العقاب وتقديم تقرير حول ممارسات الدول في هذا المجال، ومشروع القرار الذي تبنته كندا مع عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الحق في حرية التعبير والرأي والذي يطالب المقرر الخاص المكلف بحرية التعبير بتخصيص فقرة في تقريره القادم حول حماية الصحفيين أثناء الصراعات المسلحة، ومشروع قرار خاص بمتابعة مفوضية حقوق الإنسان لمدى تطبيق الدول للمعاهدات الدولية.
فقد اعترضت دول منظمة المؤتمر الإسلامي والمجموعة العربية على معالجة مشاريع القرارات في الجلسة الأولى مطالبة بنقل الكل الى الجلسة الثانية في اليوم الموالي. وأمام معارضة كندا لعدم وجود ما يبرر ذلك وان الوقت الذي كان أمام الدول الأعضاء كاف لتحديد مواقفها تم اللجوء الى التصويت لنقل المواضيع الى يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2006.
عموميات أو تمنيات
اما المواضيع التي هي عبارة عن تمنيات قد لا يكتب لها ان تحقق في الغد القريب او التي لا تلزم الدول بإجراءات يجب اتخاذها بشكل معين وفي حيز زمني محدد فقد سمحت بعودة مجلس حقوق الإنسان الى اتخاذ قراراته بالإجماع وبدون تصويت.
ومن هذه المواضيع مشروع قرار حول الحق في الماء وفي شبكات الصرف الصحية. لكن المشروع يكتفي بمطالبة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإعداد دراسة “في حدود ما هو متاح أمامها” حول ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية من ضمان لهذا الحق. وعلى المفوضية ان تقدم هذه النتائج للمجلس في دورته السادسة.
وفي نفس السياق يمكن ذكر مشروع القرار الذي ينص على ضرورة إبقاء موضوع محاربة الفقر من بين أولويات المجموعة الدولية والترويج لتوصيات المقرر الخاص المكلف بمحاربة الفقر وتعميم ذلك على الحكومات وممثلي المجتمع المدني والفئات الفقيرة لكي تبدي رايها في ذلك عل أن يعرض تقرير بذلك على مجلس حقوق الإنسان في دورته السابعة.
تثمين للموقف السويسري
من المواضيع التي يمكن القول انها لا تخلو من نقاط جدل ومع ذلك استطاعت ان تمرر بدون تصويت، مشاريع القرارات التي تبنتها سويسرا لوحدها مثل موضوع احترام حقوق الإنسان أثناء عملية محاربة الإرهاب، أو مع دول أخرى مثل موضوع دعم التحولات الإيجابية في نيبال بعد التطورات المأسوية الأخيرة.
فمشروع القرار الخاص باحترام حقوق الإنسان أثناء محاربة الإرهاب، يذكر الدول بضرورة ان تراعي عمليات محاربة الإرهاب احترام كل الالتزامات التي وقعت عليها بموجب القانون الدولي وحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وحقوق اللاجئين. بل يذهب مشروع القرار الى حد إلزام كل الدول باتخاذ كل التدابير لكي تضمن بأن الأشخاص المعتقلين لديها يجب ان يستفيدوا من كل الضمانات المخولة من قبل القانون الدولي بما في ذلك ضمان عدم التعرض للتعذيب او المعاملة اللا إنسانية او المخلة وضمان عدم طردهم وفي حال عرضهم على المحاكمة ان تراعي تلك المحاكمة الإجراءات والضمانات الأساسية.
وكون أن هذا المشروع قدم من بلد غربي هو سويسرا، رأت فيه دول مثل كوبا او الجزائر مثالا بناءا يجب إتباعه في عمل المجلس مستقبل.ا
اما المشروع الثاني الذي تبنته سويسرا الى جانب فنلندا ودول الاتحاد الأوربي حول نيبال والذي يشيد بالتطورات الإيجابية في هذا البلد ويشيد بالتعاون القائم بين سلطات نيبال ومفوضية حقوق الإنسان ويشجع على مواصلة ذلك، فقد لقي استحسانا ليس فقط لكونه يشجع على تحسين الأوضاع في بلد من البلدان بل لأنه كما أوضح السفير السويسري بليز جودي “تم في تعاون مع سلطات نيبال”، وهذا ما اعتبره ممثل تنزانيا بمثابة “مثال يجب ان نقتدي به في أعمالنا”.
وسيناقش مجلس حقوق الإنسان في دورته الثانية المخصصة لمشاريع القرارات مشروع قرار حول الأراضي الفلسطينية المحتلة إضافة ال مشروعي قرار خاصين بدارفور الأول من تقديم فنلندا باسم الاتحاد الأوربي والثاني من تقديم الجزائر باسم المجموعة الإفريقية.
ومن النقاط الساخنة المنتظرة في دورة مجلس حقوق الإنسان الثالثة التي قد تستأنف ابتداء من يوم الأربعاء 29 نوفمبر تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان بعد زيارتها الأخيرة إلى إسرائيل والأراضي المحتلة وتقرير لجنة الخبراء المنبثقة عن الدورة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حول الحرب في لبنان.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
“… إذ يعبر المجلس عن قلقه فيما يتعلق بحق الأشخاص الموقوفين في إطار إجراءات محاربة الإرهاب…
ويُذكِر بان على الدول أن تحرص على ان تكون كل الإجراءات المتخذة في مجال محاربة الإرهاب متماشية مع التزاماتها التي ينص عليها القانون الدولي ، وبالأخص المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وقوانين اللجوء والقانون الإنساني الدولي.
يقر بإلزام كل الدول بضرورة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان أن الأشخاص الذين تعتقلهم ، أيا كان مكان إلقاء القبض عليهم او اعتقالهم، يتمتعون بكل الضمانات ، وبالإعترف لهم بما ينص عليه القانون الدولي من حقوق، بما في ذلك ، من بين أشياء أخر، الحق في الحماية ضد التعذيب، والمعاملة العنيفة وغير الإنسانية او المخلة، والحماية ضد الطرد (إلى بلدان اخرى)، والحق في مراجعة ظروف اعتقالهم، وفي حال تقديمهم للمحاكمة، ان تقدم لهم الضمانات القضائية الأساسية..”
حث مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة اسرائيل في قرار صدر بأغلبية ساحقة يوم الاثنين على وقف توسيع المستوطنات في الاراضي المحتلة كخطوة أولى نحو ازالتها.
وأيدت 45 دولة من بينها دول من اعضاء الاتحاد الاوروبي ومن أمريكا اللاتينية واليابان القرار الذي اقترحته مجموعة الدول العربية والاسلامية. ومن بين الدول الاعضاء في المجلس وعددها 47 دولة صوتت كندا وحدها ضد القرار وامتنعت الكاميرون عن التصويت.
ويدعو القرار مثله مثل القرارات السابقة الصادرة عن لجنة حقوق الانسان التي حل المجلس محلها في وقت سابق هذا العام اسرائيل الى اتخاذ “اجراءات جادة” لمنع المستوطنين من مهاجمة الفلسطينيين.
وحث القرار الاطراف في المنطقة على استئناف مساعي احلال السلام والتوصل الى تسوية سياسية شاملة حتى يمكن ايجاد وضع “يسمح لدولتين.. اسرائيل وفلسطين.. بالعيش جنبا الى جنب في سلام وآمن”.
وقال السفير الاسرائيلي اسحق ليفانون في خطاب حث فيه اعضاء المجلس على رفض القرار انه طلب من الوفد الفلسطيني ان يؤيد سحب القرار في ضوء اتفاق وقف اطلاق النار بين الجانبين في مطلع الاسبوع.
واضاف انه كان من شأن هذا ان ينهض “دليلا على نواياهم الايجابية والبناءة”.
وقال ليفانون ان القرار لم يضع في اعتباره قيام اسرائيل بتفكيك المستوطنات في غزة وشمال الضفة الغربية العام الماضي “في خطوات منفردة لم يكن من شأنها سوى زيادة تدهور الوضع الامني للمدنيين الاسرائيليين”.
(المصدر: وكالة رويترز)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.