قمةُ الأرض..الثانية
عشية انعقاد مُؤتمر القمة العالمي للتنمية المُستديمة في جوهانسبورغ، أكَّد الوفدُ الذي سيُمثل سويسرا أنه لا ينوي الحضورَ لمُجرد تكملة الصورة بل يعتزمُ طرح أهداف ملموسة مُرفقة بآجالِ تنفيذٍ دقيقة.
وسيُدافع الوفدُ الذي يرأسه وزير الخارجية جوزيف دايس عن ستة ملفات يعتبرها جوهرية لا سيما ما يتعلق بالموارد المائية والتنمية المُستديمة.
“سوفَ نتحرَّكُ بأسلوب مُقاتل”. بهذه الرُّوح “النضالية” خاطب وزيرُ الخارجية جوزيف دايس الصحافة السويسرية يوم الخميس 22 أغسطس في العاصمة الفدرالية برن وهو يتحدثُ عن الأفكار التي ستطرحها برن خلال قمة جوهانسبورغ التي ستتواصل من 26 أغسطس إلى 4 سبتمبر القادم.
السيد دايس الذي عُين متحدثا باسم المنطقة الأوربية وأمريكا الشمالية في قمة جوهانسبورغ أوضح أن الوفد السويسري سيتقدم بمواقف واضحة ولا ينوي التراجع بخطوة واحدة عما أنجِز خلال قمة “ريو” التي انعقدت قبل عشرة أعوام في البرازيل وكانت أول قمة حول الأرض والتنمية المستديمة.
وقد سمحت قمةُ “ريو” للمرّة الأولى بالتوقيع على اتفاقيات لحماية البيئة على المُستوى العالمي تتضمن آلاف التوصيات الرامية إلى التنسيق بين النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والظروف البيئية. كما نصًَّ “إعلان ريو” على الالتزام بـ27 مبدأ لاستغلال الموارد الطبيعية بطُرق تراعي التوازن البيئي لكوكبنا الأزرق. وكان من أبرز هذه المبادئ “مبدأ الوقاية”.
حصيلةٌ مخيبة للآمال
لكن بين نصوص اتفاقيات حماية كوكبنا وآليات تطبيقها هوة بحجم المحيطات! فبعد مضي عشر سنوات على انعقاد قمة الأرض الأولى، تبدو حصيلة “ريو” مُخيبة للآمال. وفي هذا السياق، يُشدد فريق البرلمانيين السويسريين المُشارك في قمة جوهانسبورغ على أن “الموارد الطبيعية مازالت تُنهب والأمراضَ المُعدية لا تكفُّ عن إثقال كاهل مُستقبل البشرية المُتكاثرة.”
ويعتقدُ البرلمانيون السويسريون المُمَثلون داخل “الاتحاد البرلماني” (UIP)-وهو مُنظمة تضم مندوبين عن العالم بأسره في قمة جوهانسبورغ- أن هدف قمة الأرض الثانية يجب أن يتمثل في الحد من الأعراض المُخلة بالتوازن الطبيعي والبشري عن طريق تبني معايير مُشتركة في مجال الاستعمال الدائم للثروات الطبيعية.
لكن تصور الوفد السويسري يظل مُجرد أمل يهيم في بحر من التشاؤم. فالمراقبون والمنظمات النشيطة في مجال المحافظة على البيئية لا ينتظرون تحقيق الشيء الكبير خلال قمة جوهانسبورغ خاصة بعد قرار الولايات المتحدة، أهم الدول المستهلكة للطاقة والثروات الطبيعية، عدم الالتزام باتفاقيات كيُوتو حول التغييرات المناخية، وبعد فشل المؤتمر التحضيري لقمة جوهانسبورغ الذي عقد في بالي بإندونيسيا في بداية شهر يونيو الماضي.
ست نقاط جوهرية
وعلى الرغم من أجواء التشاؤم التي تستبق قمة جوهانسبورغ وعدم توقع حدوث أي معجزة خلالها، فان سويسرا تحرص على المُشاركة البناءة والفعلية في قمة الأرض. وستكون “التنمية المُستديمة” شعار المقترحات التي سيُدافع عنها الوفد الذي يقوده السيد دايس في جنوب إفريقيا.
تشمل هذه المقترحات ست نقاط جوهرية هي التنميةُ المستديمة في المناطق الجبلية، وحسنُ استغلال الموارد من الماء العذب، والتنميةُ الاجتماعية، ومناقشةُ الملفات المرتبطة بالنشاطات التجارية، والملفات البيئية مثل المناخ والتنوع البيولوجي والغابات. وقد أكد وزيرُ الخارجية السويسري في هذا الصدد بأن التنمية المُستديمة جسم مُتكاملٌ أطرافُه البيئةُ والإنسان والاقتصاد.
وتسعى سويسرا إلى انتهاز فُرصة انعقاد قمة جوهانسبورغ لاطلاق مُبادرة حول التنمية المستديمة في المناطق الجبلية. وتعدُّ الكنفدرالية من بين الدول المعنية بصفة خاصة برعاية المناطق الجبلية خاصة وأن ثلاثة أرباع مساحتها تمتدُّ على جبال الألب أو الجورا وربُع سُكانها يقيمون في المرتفعات. وقد ساهمت عشرة بلدان في تطوير هذه المبادرة التي تتزامن مع احتفال العالم بالعام الدولي للجبال وسكان المُرتفعات.
كيوتو لن يكون غائبا تماما
وقد أعرب وزير الخارجية السويسري خلال لقاءه الصحفي يوم الخميس في العاصمة برن عن أمله في الحديث في جوهانسبورغ عن تطبيق المعاهدات المُبرمة في مجال البيئة وعلى رأسها بروتوكول كيوتو الهادف إلى تقليص انبعاث الغازات المُتسببة في ظاهرة الدفيئة. وأشار السيد دايس إلى أنه من المُفترض أن يُصادق البرلمان الفدرالي عن نص هذا البروتوكول في بداية العام القادم.
وعن الولايات المُتحدة، أكبر البُلدان المُتسببة في تلوث الكرة الأرضية، أشار السيد دايس أنه سيثير مع ممثلي الرئيس الأمريكي إلى جنوب إفريقيا مسألة معارضة واشنطن التصديق على بروتوكول كيوتو. ويُذكر أن الرئيس الأمريكي جورج بوش أعلن قبل أسبوع عن انعقاد قمة الأرض الثانية أنه لن يحضر الاجتماع الذي يهدف حسبه إلى “تطوير تصور جديد للتنمية”.
لكن مع ذلك يظلُّ الوفد السويسري يتّسم بالواقعية حيث صرح فيليب روش مدير المكتب الفدرالي للبيئة والغابات والمناظر الطبيعية أن “موقف الرئيس بوش عنيد جدا…لن تحدث أية مُعجزة في جوهانسبورغ”.
على هامش القمة
ولم يفت وزير الخارجية السويسري التنويه إلى أن لقاء جوهانسبورغ لن يكون قمة لرؤساء الدول فحسب بل سيُمثل أيضا فضاء لجملة من اللقاءات بين العديد من المُنظمات. وفي هذا الإطار، ستُقيم سويسرا، على غرار دول أخرى، رواقا في جوهانسبورغ على هامش القمة للتعريف بمختلف مبادراتها في مجال التنمية المُستديمة.
ويهدف هذا الرواق الذي يحمل اسم “سويسرا مُستديمة” إلى تبادل المعلومات والخبرات حسب السيد فالتر فوشت، مدير دائرة التعاون والتنمية السويسرية التابعة لوزارة الخارجية. ولم يُكلف تجهيز هذا الرواق أقل من 1,3مليون فرنك.
تبقى الإشارة إلى أن حوالي 100 رئيس دولة وحكومة سيحضرون قمة جوهانسبورغ بالإضافة إلى آلاف ممثلي المُجتمع المدني. وسيكون جدول أعمال قادة العالم فياضا بالالتزامات التي لم يتم الإيفاء بها بعد مضي عشرة أعوام عن انعقاد قمة الأرض الأولى. ويتصدر قائمة هذه الالتزامات خفض نسبة الفقراء إلى النصف بحلول عام 2015 وضمان حصولهم على الماء والطاقة وتحقيق تنمية مُستديمة تتماشى مع التطور الاجتماعي والتوازن البيئي.
اصلاح بخات – سويس انفو
عددُ المشاركين في قمة جوهانسبورغ 50000 شخص من 189 دولة.
زهاء 100 رئيس دولة وحكومة سيحضرون أعمال المؤتمر.
المنظمات غير الحكومية ستُمثل من خلال 40000 عضو.
يتصدر أهداف القمة الإيفاء بالتزامات قمة “ريو” التي انعقدت عام 1992 بالبرازيل.
كان لقاء “ريو” أول قمة حول الأرض سمحت بابرام اتفاقيات لحماية البيئة على المستوى العالمي.
أهم تعهدات “ريو” خفض نسبة الفقراء في العالم بـ50% بحلول عام 2015
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.