كـتـب وسينما وحضور ثقافي جزائري في جنيف
افتتحت يوم الخميس 27 أبريل بجنيف الدورة العشرون للمعرض الدولي للكتاب والصحافة بجنيف بحضور جزائري متميز كضيف شرف.
وبالإضافة الى مشاركتها في معرض الكتاب، نظمت الجزائر عدة تظاهرات ثقافية في مدينة جنيف اشتملت على عرض أشرطة سينمائية وإقامة حفل موسيقى لأبناء الجالية الجزائرية.
افتتحت بعد ظهر الخميس 27 أبريل الجاري بجنيف الدورة العشرون للمعرض الدولي للكتاب والصحافة الذي يضم هذا العام أكثر من 300 عارض والذي من المتوقع أن يستقطب أكثر من 100 الف زائر على مدى أربعة أيام.
معرض جنيف، الذي يعتبر أهم تظاهرة ثقافية في سويسرا الروماندية، اختار كضيف شرف مناسبة ذكراه العشرين الجزائر، التي كانت إحدى البلدان العربية القليلة التي ساهمت في بداية مشواره.
تعددية لغوية وثقافية
وزيرة الثقافة الجزائرية خالدة التومي التي شاركت في افتتاح المعرض الى جانب باسكال كوشبان، وزير الشؤون الداخلية السويسري المكلف بالثقافة حرصت على إبراز التعددية اللغوية والثقافية في الجزائر من خلال تحية الحضور باللغات الثلاث: العربية ثم الأمازيغية وأخيرا الفرنسية، وهو الأمر الذي لم يفت الوزير السويسري الذي سارع الى تقديم الشكر نظرا لأن “السيدة الوزيرة استهلت كلمتها، مثلما كنت أتمنى بالتحية باللغتين الرئيسيتين في الجزائر أي العربية والبربرية قبل مواصلة الحديث باللغة الفرنسية”، على حد تعبير السيد كوشبان.
هذه التعددية اللغوية حاول الجناح الجزائري تجسيدها من خلال حوالي 1500 عنوان معروض في حيز خاص صمم بهندسة شرقية. ويشرح حسن بن ضيف، أحد المسؤولين عن دور النشر المشاركة في الجناح والمدير السابق للمؤسسة الوطنية للكتاب قائلا: “لقد حاولنا أن نعطي من خلال حضورنا سواء بالعربية او الفرنسية أو الأمازيغية صورة قريبة مما هو معاش داخل المجتمع الجزائري”.
لكن الزائر سرعان ما يلحظ هيمنة المؤلفات الفرنسية في الجناح الجزائري مقابل حيز ضئيل خصص للكتاب باللغة العربية او الأمازيغية. وهو الأمر الذي يفسره اسماعين بولبصير، مدير التعاون والتبادل بوزارة الثقافة بقوله: “لقد أعطينا تركيزا أكثر للكتاب باللغة الفرنسية لأن الجمهور في سويسرا ناطق باللغة الفرنسية، ولكن فيه حضور لبعض العناوين باللغة العربية والأمازيغية”.
نخبة من الأدباء
وزيرة الثقافة الجزائرية عبرت في كلمة الافتتاح عن شعورها بـ “الإفتخار” لكونها “ترافق نخبة من الأدباء الشباب الذين يستمدون إلهامهم من عباقرة لم ينقطعوا عن العطاء الأدبي منذ عهد القديس أوغيستان مرورا بإبن خلدون ومولود معمري وكاتب ياسين وغيرهم”.
وعددت خالدة التومي في كلمتها عطاء كل من الطاهر وطار ورشيد بوجدرة، مرورا بآسيا جبار وأحلام مستغانمي، ووصولا الى ياسمينا خضرا او جميلة زنير.
أما الناشر حسن بن ضيف فيرى أن الجناح إذا كان يعكس أعمال أدباء معاصرين لهم شهرة عالمية من أمثال ياسمينا خضرا، فإنه يعرض أيضا أعمال أدباء شبان من أمثال جمال ماتي، نصيرة بللولة، محمد لخضر موغال، مصطفى بن فضيل، على مالك ، أو الصحفي حميدا العياشي.
إعطاء صورة مشرفة
مشاركة الجزائر في معرض الكتاب بجنيف يراد بها من الجانب الجزائري أن تكون حسب أقوال الوزيرة “انعكاسا للروابط التقليدية والتاريخية القائمة بين الجزائر والكنفدرالية السويسرية” في إشارة الى الدور الذي لعبته سويسرا في مفاوضات إيفيان التي أدت الى وقف إطلاق النار ثم الى استقلال الجزائر عن فرنسا. وهو ما وصفه اسماعين بولبصير، مدير قسم التعاون والتبادل بوزارة الثقافة بـ “امتناننا للعديد من أصدقاء الجزائر الذين تعود علاقتهم الى الحرب التحريرية”.
أما الجانب السويسري فيرى في حضور الجزائر كضيف شرف في معرض جنيف “اهتماما بما يجري في الضفة الغربية لحوض البحر الأبيض المتوسط، وهو امر لا يمكننا تجاهله”، على حد تعبير الوزير الفدرالي باسكال كوشبان.
ويبدو أن هذه هي النظرة السائدة لدى اغلب زوار الجناح الجزائري الذين يأتون للوقوف على صورة قد تطمئن بعد ما تناقلته وسائل الإعلام عن العشرية الدموية التي مر بها البلد. وهو ما يؤكده أحد المسئولين عن الجناح السيد حسن بن ضيف بقوله: “هدف مشاركتنا يتمثل أيضا في إعطاء صورة مشرفة عن الجزائر لأن الناس كانوا يفكرون منذ سنوات بأن الجزائر عبارة عن قتل وعنف دموي”.
قطاع خاص يفرض بصماته
إذا كان ميدان النشر في الجزائر قد تميز ولعقود باحتكار الدولة لهذا القطاع من خلال مؤسسات وطنية مثل المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، وديوان المنشورات الجامعية، والوكالة الوطنية للنشر والإشهار، فإن رياح الليبرالية التي تعرفها الجزائر قد مست أيضا قطاع النشر بحيث يقول الناشر حسن بن ضيف ” إن 90% من دور النشر اليوم في الجزائر بين أيدي القطاع الخاص”.
وعما إذا كان لعملية التخصيص تأثير إيجابي على حركة النشر وعلى الحركة الأدبية عموما في الجزائر يرى السيد حسن بن ضيف” أن تخصيص هذا القطاع أدى الى تطوير الفنون المطبعية بحيث أدى الى تجديد وتزويد هذه المؤسسات بتكنولوجيا حديثة تصل لدى بعض دور النشر الى مستوى ما هو متوفر في أوربا”.
وعن تأثير ذلك على عملية الرقابة في مجال النشر يقول السيد ضيف ” الرقابة لم يعد لها وزن ، بحكم توفر حرية التعبير او على الأقل من خلال ما عشته أنا كناشر لحد الآن”.
تجسيد للتنوع الفني والسينمائي
إذا كانت محاولة تجسيد التنوع الثقافي في الجزائر، من خلال الكتاب محط تحديدات تمليها معطيات الجمهور الزائر، فإن النشاطات الفنية والسينمائية التي تم تنظيمها على هامش المشاركة في معرض الكتاب تجاوزت تلك التحديدات وقدمت نماذج تعكس بحق هذا التنوع الثقافي واللغوي والفني في الجزائر.
إذا استضاف مهرجان الفيلم الشرقي في قاعة ” كاك فولتير” بقلب جنيف، أسبوع الفيلم الجزائري الذي شرع في عرض أكثر من عشرة افلام تعكس الانتاج السينمائي الجزائري منذ الاستقلال. وحتى في مجال السينما تم التركيز على واقع الجزائر ومحنتها أثناء العشرية السوداء. ولا شك أن فيلم ” المنارة ” للمخرج بلقاسم حجاج يعد أحسن عمل بيداغوجي متوازن ومحايد لشرح الأزمة الجزائرية لمن يرغب في معرفة أسباب الانحراف التي قادت الى ما عرفته الجزائر من اعمال عنف دموية.
ولإشراك الجالية الجزائرية في هذا الحضور المتميز للجزائر في معرض الكتاب يتم تنظيم حفل فني شعبي ساهر في إحدى أرقى القاعات بجنيف ، “فيكتوريا هول” مساء الجمعة 28 ابريل2006 بالوان موسيقية تقليدية اندلسية وقبائلية وانتهاء بجملة من مطربي موسيقى “الراي”.
محمد شريف – سويس انفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.