لبنان.. دقت ساعة الإغـاثــة
بدأت المنظمات الإنسانية الأممية في إيصال مواد الإغاثة للمناطق المعزولة في جنوب لبنان مستفيدة من استمرار وقف القتال وفي تحد للعديد من الصعوبات.
وتتمثل أهم العراقيل في الجسور والطرقات المحطمة، وازدحام ما تبقى منها صالحا للسير بأعداد غفيرة من المرحلين الراغبين في العودة، والذخائر التي لم تنفجر.
في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار في الحرب في لبنان بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله بدأت المنظمات الأممية في الإستعداد لإيصال مواد الإغاثة لسكان المناطق المعزولة في جنوب لبنان متحدية العديد مما خلفه القصف الإسرائيلي للبنى التحتية اللبنانية.
المنظمات الإنسانية الأممية التي حاولت الحصول على ممرات إنسانية منذ أسابيع بدون أن تستجيب لها السلطات الإسرائيلية بشكل مرض، أوضحت في تصريحات صدرت عن متحدثين باسمها في جنيف أنها لم تعد مرغمة على الحصول على ترخيص مسبق من القوات الإسرائيلية لكنها تشعرها – رغم ذلك – بتحركاتها نظرا لاستمرارها فرض حصار جوي وبحري على لبنان.
الماء والغذاء
منذ الدقائق الأولى التي تلت الإعلان عن وقف إطلاق النار، باشرت المنظمات الإنسانية استعداتها لنقل مواد الإغاثة للمناطق المتضررة في لبنان. إذ قالت الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي كريستيان بيرتيوم في جنيف صباح الثلاثاء 15 أغسطس، إن تسعة قوافل استطاعت الوصول الى وجهاتها يوم الثلاثاء، بحيث تم تفريغ أول شحنة من المساعدات في مدينة صور، أغلبها من الدقيق الذي وزع على المخابز.
وأشارت الناطقة باسم برنامج الغذاء العالمي إلى أن قافلة تتكون من 15 شاحنة وصلت يوم الثلاثاء أيضا الى قرية الرميش التي عرفت معارك ضارية، وحيث يعيش أكثر من 5000 ساكن بدون أية مواد إغاثة وبدون كهرباء منذ عدة أيام.
وقد توجهت قافلة أخرى من 19 شاحنة من مدينة حصبايا في اتجاه مرجعيون. ونظرا لازدحام الطرقات السليمة او القابلة للاستخدام من قبل النازحين الراغبين في العودة الى مناطقهم، لجأ برنامج الغذاء العالمي الى تأجير باخرة لنقل مواد الإغاثة من بيروت الى صور بحرا.
وأشارت الناطقة باسم إدارة الأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية اليزابيت بيرس أن هناك ثلاث ممرات تم تأمينها على نهر الليطاني في الوقت الذي بدأت فيه السلطات المحلية بمساعدة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل) في إصلاح الجسور المدمرة.
اما المنظمة العالمية للهجرة فقد قامت بتأجير العديد من الحافلات لنقل النازحين الراغبين في العودة الى الجنوب، كما تستفيد من عودة هذه الحافلات لنقل ما تبقى من الرعايا الأجانب الذين يرغبون في مغادرة لبنان.
من جهتها، شرعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقديم المساعدات الغذائية والماء الصالح للشرب للاجئين اللبنانيين المتواجدين في سوريا والبالغ عددهم حوالي 180 الف لاجئ. وفيما عبر أغلبهم عن رغبته في العودة إلى لبنان منذ الساعات الأولى التي تلت الإعلان عن وقف إطلاق النار، أفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن حوالي 50 الف منهم يرغبون في تأخير موعد العودة.
الوقود مشكلة كبرى
منظمة الصحة العالمية وعلى لسان الناطقة باسمها في جنيف فضيلة الشايب، أوضحت بأنها أرسلت خبراء للمنطقة لتقييم الاحتياجات الصحية وحجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الطبية، وعدد المستشفيات التي أصيبت بالقصف والتعرف على احتياجاتها.
وأمام خطورة افتقار المستشفيات والمرافق الصحية للوقود الضروري لتسييرها وتأمين الكهرباء الضرورية لها، سارعت منظمة الصحة العالمية بمساعدة منظمة اليونيسيف الى “تأمين حوالي ستين الف طن من الوقود التي سيتم شحنها في اتجاه 18 مستشفى في الجنوب اللبناني ابتداء من يوم الثلاثاء 15 أغسطس”، حسبما صرحت به الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية.
اخطار الذخيرة غير المنفجرة
في سياق متصل، اعتبر صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (في أعقاب مقتل شخص يوم الإثنين 14 أغسطس بسبب انفجار قذيفة لم تنفجر أثناء المعارك)، على لسان ديفينا الناطقة باسمه في جنيف أن “الذخيرة التي لم تنفجر تشكل خطرا كبيرا على النازحين العائدين”.
من جهتها أشارت الناطقة باسم اليونيسيف إلى أن المنظمة شرعت منذ صباح الثلاثاء في بث إعلانات تلفزيونية وتوزيع منشورات على العائدين مفادها “أن هذه الحرب خلفت آلاف قطع الذخيرة والقنابل العنقودية التي لم تنفجر. لسلامتكم ولسلامة اطفالكم عليكم معاينة كل المناطق التى تحلون بها إما في الطريق او في مناطق سكناكم او في الحدائق لمعرفة ما إذا كانت هناك قطع غريبة وعدم لمسها او الاقتراب منها وإشعار اقرب نقطة للجيش اللبناني او قوات حفظ السلام الدولية او الاتصال بالمصلحة الدولية لنزع الألغام”.
مشاركة سويسرا في عملية الإعمار
وفى ندوة صحفية عقدت في العاصمة الفدرالية برن، دعت تنسيقية المساعدة الطارئة للمواطنين وأصدقاء لبنان التي أسست منذ بداية الحرب في جنيف وتضم سبع تيارات لبنانية من بينها حزب الله، الحكومة السويسرية الى الإسهام في عملية إعادة إعمار لبنان.
وقال مالك الخوري أحد مؤسسيها: “إن سويسرا لها توجه سياسي مقبول من طرف الجميع، ولذلك بإمكانها أن تسهم في مساعدة لبنان في عملية أعادة إعمار الجنوب وعودة النازحين”.
كما شكرت التنسيقية وزيرة الخارجية السويسرية على موقفها المندد “بعدم التكافؤ” في استعمال القوة وهو ما عمل اجتماع عقدته الحكومة الفدرالية في جلسة طارئة على تلجيمه بالحث “على ضرورة الاكتفاء بالتزام في مجال المساعدة الإنسانية”.
وإلى حد الآن، تمثلت المساعدة الإنسانية الطارئة التي قررت برن تقديمها إلى لبنان في تخصيص حوالي خمسة ملايين من الفرنكات تم تحويل قسم منها إلى السلطات اللبنانية عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلا أن أصواتا دعت الى زيادة حجمها بعد توقف القتال.
ومن بين هذه الأصوات النداء الذي وجهه السيد طوني فريش، مسؤول الإغاثة الطارئة لمطالبة الحكومة الفدرالية بالتفكير في رفع مستوى الدعم الإنساني المقدم إلى لبنان. وهي المسألة التي من المنتظر أن تتطرق لها الحكومة الفدرالية قريبا.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.