لبنان يدعو لاستئناف وساطة واشنطن حول الحدود البحرية بعد تحرك إسرائيل لاستخراج الغاز من حقل كاريش
دعت السلطات اللبنانية الإثنين الوسيط الأميركي آموس هوكستين للمجيء الى بيروت للبحث في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك غداة إرسال إسرائيل سفينة إنتاج وتخزين ستعمل على استخراج الغاز من حقل كاريش الذي تعتبر بيروت أنه يقع في منطقة متنازع عليها.
واعتبر مسؤولون لبنانيون الأحد أن أي نشاط إسرائيلي في المناطق البحرية المتنازع عليها يشكل “استفزازا” وعمل عدوانيا” بالنسبة للبنان. بينما قالت إسرائيل إن حقل “كاريش” غير متنازع عليه، وإن “أعمال التنقيب فيه انتهت منذ أشهر”، ووصول السفينة هو تمهيد لبدء عمليات استخراج الغاز.
وتوقفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين العام 2020 بوساطة أميركية في أيار/مايو من العام الماضي جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وأعلنت شركة “إنرجيان” ومقرها لندن في بيان الأحد وصول سفينة وحدة إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي الى حقل كاريش. وقالت إنها تعتزم بدء تشغيلها في الربع الثالث من العام.
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي في بيان أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون، تقرّر دعوة هوكستين “للحضور الى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد”.
كما تقرر، وفق البيان، إجراء “سلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان… واعتبار أن أي اعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازاً وعملاً عدوانياً”.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها، على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومتراً مربعة، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش”.
في المقابل، تعتبر إسرائيل أن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها وليس في المنطقة المتنازع عليها.
وتقول الخبيرة في شؤون النفط والغاز في لبنان والمنطقة لوري هايتيان لوكالة فرانس برس “اذا كان المسؤولون اللبنانيون يعتقدون أن دعوة هوكستين الى بيروت ستوقف العمل في كاريش فهذه ليست إلا مضيعة للوقت”.
وتشدّد على أن ما يوقف العمل في كاريش ويحرّك طاولة المفاوضات هو صدور موقف رسمي لبناني عبر توقيع رئيس الجمهورية مرسوما يقضي بتعديل الحدود البحرية بما يضمن المساحة الإضافية التي يطالب بها لبنان.
في إسرائيل، أكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنه تمّ الانتهاء من الحفر الفعلي قبل أشهر عدة وأن عملية الاستخراج ستكون التالية، معتبرة أن وصول السفينة هو خطوة في هذا الاتجاه.
وقالت متحدثة باسم وزارة الطاقة الإسرائيلية لفرانس برس الإثنين “ما يعملون عليه اليوم هو ربط الحقل عبر أنابيب بالمنصة التي وصلت أمس” على أن “تنقل أنابيب أخرى الغاز من المنصة إلى السواحل الإسرائيلية”، متوقعة بدء “تدفق الغاز من كاريش في أيلول/سبتمبر” المقبل”.
وشدّد مسؤول إسرائيلي رافضاً الكشف عن اسمه لفرانس برس، على أن “كاريش هو خزان للغاز الطبيعي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل المعترف بها من الأمم المتحدة”. وانتقد “الأكاذيب الصادرة من لبنان الزاعمة بشكل مفاجئ أن هذه منطقة متنازع عليها”، مؤكداً أنه “يمكن دحضها من الأمم المتحدة وهي تتعارض مع موقف لبنان في الماضي، عندما اعترف بنفسه بهذه المنطقة على أنها مياه إسرائيلية”.
ولم يعلّق حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل، بعد مباشرة على وصول السفينة. لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أكد في كلمة في التاسع من أيار/مايو أن حزبه قادر على منع إسرائيل من التنقيب واستخراج النفط من المنطقة المتنازع عليها.
وقال “لن تجرؤ شركة في العالم أن تأتي الى كاريش او إلى أي مكان في المنطقة المتنازع عليها إذا أصدر حزب الله تهديداً واضحاً جدياً في هذه المسألة”.
ولبنان وإسرائيل في حالة حرب رسميا. وخاض حزب الله في 2006 حربا دامية ضد إسرائيل استمرت 33 يوما.