ليلـيان وحقها في المساعدة على الانتحار…
أصبح اسم ليليـان على ألسنة جميع الناس في الأنحاء السويسرية الرومندية الناطقة بالفرنسية، على إثر قرارها مفارقة الحياة في اللحظة التي شاءت وبمساعدة الجهات المختصة. لقد قررت ليليان الانتحار في الثانية والثمانين من العمر للتخلص من الآلام التي لا تطاق التي رافقتها خلال السنوات الماضية في أحد ملاجئ المعوّقين والعُجز بدويلة أو كانتون فـو.
لكن الأطباء والممرضين المسؤولين عن الملجأ حيث قضت ليليان السنوات الست عشرة الماضية، بذلوا قصارى الجهد لردعها على ممارسة حقها في الانتحار ورفضوا تقديم أية مساعدة لها.
وكي تمارس حقها في المساعدة على الانتحار، غادرت ليليان الملجأ لتتناول تلك الجرعة القاتلة بمساعدة أحد الأطباء وبعد وداع ذويها، في عربة جُهزت خصيصا لهذه الغاية في موقف للسيارات قريبا من إحدى القرى في دويلة فـو بالذات.
فجرت هذه الحادثة جدلا واسع النطاق في سويسرا الرومندية حول قضايا قتل الرحمة والمساعدة على الانتحار، وهي قضايا أصبحت تدريجيا مألوفة في الأنحاء السويسرية الناطقة بالألمانية.
ففي الفاتح من ينايرـ كانون الثاني لهذا العام، دخل مرسوم حيّز التنفيذ في زوريخ، يسمح لمؤسسات رعاية العجزة والعُجز بتقديم المساعدة لبعضهم على الانتحار إذا كان يرغب في ذلك فعلا وشريطة أن يتم ذلك في ظل الوعي والكرامة.
تبنّت عدة بلديات في الأنحاء السويسرية الناطقة بالألمانية هذا المرسوم القانوني الذي قرره مجلس بلدية زوريخ في أواخر العام الماضي، ولكنه بقي من الإجراءات الغريبة التي لم تُثر الجدل في سويسرا الرومندية حتى انتحار ليليان الأسبوع الماضي.
قتل الرحمة على مذاهب، منها الممنوع ومنها المتبوع
إن الحق في الحصول على المساعدة للانتحار ليس حقا مفروغا منه، كما قد يبدو للوهلة الأولى، خاصة وأن القوانين السويسرية تميّز حاليا بين المساعدة على الانتحار من جهة وبين ثلاثة مذاهب لقتل الرحمة من جهة أخرى.
إن المساعدة التي يبيحها القانون للمريض الراغب في الانتحار تعني تقديم السُم الناقع والمعلومات الضرورية له كي يضع حدا لحياته، شريطة أن تكون رغبتة في مفارقة الحياة عن وعي تام ولا تتضمن أية أهداف أنانية أو مادية على الإطلاق.
وفيما يتعلق بقتل الرحمة، فان القانون السويسري يحرّم بعضه تحريما صريحا مباشرا، ويبيح بعضه إباحة ضمنية لعدم وجود التشريعات التي تمنعه، ويبيح ثالثه بكل صراحة.
إن القانون يمنع منعا باتا قتل الرحمة المباشر، أي اتخاذ القرار بوضع حد لحياة أحد المرضى دون استشارته أو استشارة أولياء أمره للتخفيف من آلامه وعذابه على سبيل المثال. ويعتبر هذه الفعلة قتلا متعمدا وليس قتلا، رفقا ورحمة بالمريض.
لكن القانون لا يُحدد موقفا معينا مما يوصف بقتل الرحمة غير المباشر الماثل في تقديم المستحضرات لأحد المرضى سعيا للتقليل من آلامه وعذابه، علما بأن تلك المركبات الطبية أو الكيميائية قد تؤدي لوفاته.
وهنالك ثالثا وأخيرا قتل الرحمة المجازي تسليما بالأمر الواقع. ويتمثل في عدم اتخاذ أية إجراءات لتمديد عمر المريض، لا بل وقد يتمثل في وقف تلك الإجراءات الطبية الجارية لإنقاذه من الموت الأكيد.
جورج انضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.