The Swiss voice in the world since 1935

رؤى متباينة: البنوك بين تخفيف القيود في واشنطن وتشديدها في برن 

سويسرا والولايات المتحدة
لدى وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر-سوتر وزملائها في البنك الوطني السويسري وهيئة الرقابة المالية ”فينما“ رأي مختلف تمامًا عن رأي دونالد ترامب الذي يعمل على تخفيف القيود. Keystone / Peter Schneider

هذه حكاية رئيسين متباينين تمامًا، وتأثير سياساتهما على البنوك. فعندما فاز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر الماضي، ارتفعت أسهم البنوك العالمية، وتوقع المستثمرون أن يدعم بطل السوق الحرة النمو، ويخفف القيود التنظيمية، مما يبشر بازدهار العمل المصرفي، خاصة لمجموعات وول ستريت الكبرى.

نجح ترامب في غضون شهر واحد، من توليه منصبه، في تحييد الهيئات التنظيمية الرئيسية. ونفذ ذلك، على غرار الرؤساء الآخرين الذين سبقوه، جزئيًا من خلال استبدال إدارتها، عن طريق التغيير السياسي المعتاد، من جانب الحزبين للحرس القديم، بعد الانتخابات. ولكن باستثناء بنك الاحتياطي الفدرالي، فقد استخدم أيضا أسلوبه المميّز في تغيير الأيقونات؛ فسيطر بشكل مباشر على صلاحية وضع القواعد، ثم أغلق بشكل كامل مكتب الحماية المالية للمستهلك. 

المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

المزيد

نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

اشترك.ي في النشرة الإخبارية لدينا، واحصل.ي على بريد إلكتروني كل يوم جمعة يحتوي على أخبار من الدول الناطقة بالعربية تم جمعها بواسطة وسائل الإعلام السويسرية. معلومات من منظور سويسري خصّيصًا من أجلك.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

وكان لهذه الإجراءات تأثير خارج حدود الولايات المتحدة أيضا، مما حفز مبادرات إلغاء القيود التنظيمية في المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف من أن تصبح هذه الأسواق غير قادرة على المنافسة. ولهذا السبب، حظيت أسهم العديد من البنوك الأوروبية جزئيًا بدعم، على قدم المساواة مع منافستها الأمريكية.

محتويات خارجية
FT

وارتفعت أسعار أسهم بنوك باركليز، ودويتشه بنك، على غرار جيه بي مورغان، وغولدمان ساكس، بنسبة 20 إلى 25 %، منذ الانتخابات الأمريكية. 

أما في سويسر، موطن رئيسة أخرى، فلديها أجندة تنظيمية حاسمة، وبنك عالمي عملاق آخر، يو بي إس (UBS). وسنرى خلال الأشهر المقبلة، كيف سيكون لتنفيذ هذه الأجندة تأثير كبير في مستقبل هذا البنك. 

‘سويسرا تشدد القيود’

وفي ظل نظام الحكم السويسري الغريب، الذي يتناوب بموجبه كبار الوزراء والوزيرات على الرئاسة سنويا، تتولّى وزيرة المالية، كارين كيلر- سوتر، الرئاسة السويسرية الدورية الحالية. لكن ترى كيلر سوتر وزملاؤها في المصرف الوطني السويسري، والسلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية (المعروفة اختصاراً باسم  “فينما” FINMA)، رأيا مختلف تمامًا عن ترامب الذي أزال القيود التنظيمية، فيستعدون لإضافة “لمسة نهائية سويسرية” للمعايير العالمية. 

ويبدو هذا الاندفاع مفهوما. فقد مر أقل من عامين منذ أن فقدت سويسرا أحد مصرفيها العالميين. فقد شكّل انهيار بنك كريدي سويس، وإنقاذه المدبر من قبل بنك يو بي إس، الصفقة التي أشرفت أجهزة الدولة على طبخها، وصمة عار كبيرة على سمعة البلاد المعروفة بخدماتها المصرفية النموذجية. كما شكّلت أيضًا صدمة شخصية لكيلر-سوتر، التي دُفعت إلى التعامل مع أزمة نظامية رفيعة المستوى بعد شهرين فقط من توليها منصب وزير المالية. 

المزيد
أولريش كورنر، الرئيس التنفيذي لمصرف كريدي سويس

المزيد

لماذا ارتكب كريدي سويس كل هذه الإخلالات؟

تم نشر هذا المحتوى على خارطة طريق تستعرض الفضائح التي قادت مصرف كريدي سويس إلى تكبّد خسائر فادحة وأدت إلى تسريح آلاف الموظفين خلال عملية إعادة الهيكلة الأخيرة.

طالع المزيدلماذا ارتكب كريدي سويس كل هذه الإخلالات؟

والنتيجة، يجد بنك يو بي أس نفسه الآن في مواجهة قواعد أكثر صرامة، مقارنة بالمنافسين العالميين. ورغم أنّ سعر سهم البنك قد انتعش أيضًا بعد انتخاب ترامب، إلا أنه عانى من انخفاض حاد في بداية شهر فبراير، عندما حذرت المجموعة من تأثير مسودة القواعد المحتمل.  

ولا تعد بعض الإصلاحات المخطط لها مثيرة للجدل. لكن يتعين على السلطة الفدرالية لمراقبة الأسواق المالية، التي كانت تاريخيا معتدلة وتحترم مثيلتيها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أن تصبح أكثر تشددا. ويجب أن يكون هناك نظام لكبار المديرين، على غرار نظام المملكة المتحدة المعتمَد بعد أزمة عام 2008، لمحاسبة كبار المديرين التنفيذيين في البنوك بشكل أوضح. 

ولكن في ما يتعلق بمسألة رأس المال المصرفي، لا تزال الأمور عالقة. إذ تريد السلطات السويسرية من بنك يو بي إس، الذي أصبح الآن أكبر بكثير ويشكل خطراً على البلاد أكبر من أن يفشل، أن يعزز ما يسمى بنسبة الشق الأول من رأس المال الأساسي، مقياس قوّة رأس المال الرئيسي. والهدف من ذلك هو زيادة هذه النسبة من مستواها الحالي البالغ حوالي 14% من الأصول المرجحة بالمخاطر (بما يتماشى مع العديد من نظرائها العالميين)، إلى ما يقدر بنحو 17 إلى 19% بتكلفة تصل إلى 25 مليار دولار. 

+ هل يُمكن أن يكون مصرفٌ بضخامة “يو بي أس” أمراً سيئاً بالنسبة لسويسرا؟

أشهر من المشاحنات

وليس لدى UBS مجال كبير للرد. ويمكنه أن يعلن أن بإمكانه تغيير مقره (وهو أمر معقد للغاية)، أو أن يندمج مع منافس أوروبي (معظمها أقل ربحية أو غير متوافقة)، أو أن يكون عرضة للاستحواذ من قبل عملاق من وول ستريت (وهو أمر غير معقول، نظراً لقلق منظمي صفقات البنوك الكبيرة ومنظماتها في العالم، واحتمال عدم قبول السلطات السويسرية في أي حال من الأحوال خسارة البنك المتبقي من الدرجة الأولى في البلاد).  

وربما تكون استراتيجية التنازلات البديلة، أكثر إقناعا. وقد يوافق البنك، على سبيل المثال، على مرسوم حكومي يحد من المخاطر، من خلال تحديد سقف لحجم بنكه الاستثماري بنسبة 25 % من أصول المخاطر المحسوبة. كما يمكن للسلطات أن تعترف بالمزيد من جوانب قصورها، فيشير المصرفيون والمصرفيات إلى أن سويسرا هي الاقتصاد الكبير الوحيد، الذي ليس لديه دعم للسيولة العامة في أوقات الأزمات. 

وتُتوقّع شهور من الجدل، قبل صدور المجموعة النهائية من مقترحات الإصلاح، في شهر مايو. وفي نهاية المطاف، ورغم الصدمة التي شهدتها سويسرا بعد انهيار بنك كريدي سويس، تبقى التسوية والتوافق في الآراء من سمات النظام السويسري الرئيسية. وعلى أقل تقدير، قد يعطي هذا بنك يو بي إس ومستثمريه، سبباً للأمل في أن البلاد لن تبتعد كثيراً عن بقية العالم. 

حقوق الطبع والنشر محفوظة لصحيفة فايننشال تايمز المحدودة، 2025 

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية